المؤمن المتوكّل على ربّه، الواثق برحمته الواسعة، لا يمكن أن يصيبه القنوط، لأنّ إيمانه متجذِّر في قلبه ووجدانه وعقله، وهو منفتحٌ بكليّته على الله، بما يعنيه ذلك من كمالٍ وتحقيق للوجود وتأثير في الحياة، وصدق الله تعالى القول إذ قال: {
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، والرّحمة أعمّ من المغفرة، حيث يشمل الله تعالى برحمته حتى المذنبين، ويستر بها على العاصين والمستنكفين عن عبادته.
والمؤمن دوماً حاضر الذّهن، فطِنٌ حذِقٌ، يعرف جيّداً أنّ الدنيا سريعة الذهاب والفناء، وأنها مساحة للعمل للآخرة، وأنّ أهلها سريعو السفر إلى عالم الآخرة والبقاء، فهو ليس ممّن يغترّ بها، ولا من الّذين يستغرقون في حبّ الدّنيا، بحيث يصرف ذلك بصيرتهم وأعماهم عن النّظر إلى الحقائق، بل إنّه يسلك في الدّنيا السّبيل الصّحيح الّذي ينجيه، فيستبق إلى كلّ عمل خير وصلاح يبقى ويثمر عند الله، ليربح بذلك رحمته ورضوانه، ويكتفي من دنياه بسدّ حاجاته من خلال كسب الحلال، ولا يسعى إلى الترف والتّبذير.
في المقابل، هناك من اشترى الدّنيا وعاش الضّلالة، وسعى في خراب النّفوس والعقول، من خلال تكبّره واستعلائه، وما قام به من فتن بين الناس، وما صادر به من خلال قوّته المادّية ووجاهته عقول النّاس وكراماتهم، هؤلاء آثروا الدّنيا على الآخرة، ولم ينتفعوا بمواعظ الواعظين، ولا بالتجارب والأحداث التي مرّت في الحياة.
فلنعمل كي نكون من أهل الآخرة وطلابها، الّذين يؤثرون الآخرة على مظاهر الدنيا الفانية، فيترجمون ذلك في سلوكياتهم عملاً صالحاً يترك الأثر الطيّب في الحياة، وقولاً نافعاً صادقاً ينتفع الآخرون به ويشعرون به بالرّاحة، ومشاعر طيّبة تجمع ولا تفرِّق، تنزع الأحقاد والضّغائن وتزيل التوتر، وتقوِّي الرّوابط بين الناس جميعاً على قاعدة التعاون على البرّ والتقوى.
إنّ المسؤولية كبيرة جداً، فإمّا أن نختار بين الاستغراق في مظاهر الدّنيا ونتّبع أهواءنا، وإمّا أن نختار الدنيا كساحة ومزرعة للآخرة، نحياها كما أراد الله تعالى بكلّ خير ومحبّة وفضيلة ترفع من مستوى الإنسان والحياة، وتدفع بهما نحو كلّ رقيّ وكمال، فالخير، كلّ الخير، أن نكون من المهتدين المستحقّين لرحمة الله ورضوانه.
وإلى ما تقدّم، يشير أمير المؤمنين عليّ(ع) بقوله: "اَلْحَمْدُ للهِ غَيْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلاَ مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ، وَلاَ مَأْيُوسٍ مِنْ مَغْفِرَتِهِ، وَلاَ مُسْتَنْكَفٍ عَنْ عِبَادَتِهِ، اَلَّذِي لاَ تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ، وَلاَ تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ، وَاَلدُّنْيَا دَارٌ مُنِيَ لَهَا اَلْفَنَاءُ، وَلِأَهْلِهَا مِنْهَا اَلْجَلاَءُ، وَهِيَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَقَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ، وَاِلْتَبَسَتْ بِقَلْبِ اَلنَّاظِرِ، فَارْتَحِلُوا عَنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ اَلزَّادِ، وَلاَ تَسْأَلُوا فِيهَا فَوْقَ اَلْكَفَافِ، وَلاَ تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ اَلْبَلاَغِ".
وتبقى الحياة ساحةً مفتوحةً أمامنا للتّسابق، إمّا إلى فعل الخيرات، أو اتّباع الأهواء والتعلّق بحبّ الدّنيا ومتاعها.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

المؤمن المتوكّل على ربّه، الواثق برحمته الواسعة، لا يمكن أن يصيبه القنوط، لأنّ إيمانه متجذِّر في قلبه ووجدانه وعقله، وهو منفتحٌ بكليّته على الله، بما يعنيه ذلك من كمالٍ وتحقيق للوجود وتأثير في الحياة، وصدق الله تعالى القول إذ قال: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، والرّحمة أعمّ من المغفرة، حيث يشمل الله تعالى برحمته حتى المذنبين، ويستر بها على العاصين والمستنكفين عن عبادته.
والمؤمن دوماً حاضر الذّهن، فطِنٌ حذِقٌ، يعرف جيّداً أنّ الدنيا سريعة الذهاب والفناء، وأنها مساحة للعمل للآخرة، وأنّ أهلها سريعو السفر إلى عالم الآخرة والبقاء، فهو ليس ممّن يغترّ بها، ولا من الّذين يستغرقون في حبّ الدّنيا، بحيث يصرف ذلك بصيرتهم وأعماهم عن النّظر إلى الحقائق، بل إنّه يسلك في الدّنيا السّبيل الصّحيح الّذي ينجيه، فيستبق إلى كلّ عمل خير وصلاح يبقى ويثمر عند الله، ليربح بذلك رحمته ورضوانه، ويكتفي من دنياه بسدّ حاجاته من خلال كسب الحلال، ولا يسعى إلى الترف والتّبذير.
في المقابل، هناك من اشترى الدّنيا وعاش الضّلالة، وسعى في خراب النّفوس والعقول، من خلال تكبّره واستعلائه، وما قام به من فتن بين الناس، وما صادر به من خلال قوّته المادّية ووجاهته عقول النّاس وكراماتهم، هؤلاء آثروا الدّنيا على الآخرة، ولم ينتفعوا بمواعظ الواعظين، ولا بالتجارب والأحداث التي مرّت في الحياة.
فلنعمل كي نكون من أهل الآخرة وطلابها، الّذين يؤثرون الآخرة على مظاهر الدنيا الفانية، فيترجمون ذلك في سلوكياتهم عملاً صالحاً يترك الأثر الطيّب في الحياة، وقولاً نافعاً صادقاً ينتفع الآخرون به ويشعرون به بالرّاحة، ومشاعر طيّبة تجمع ولا تفرِّق، تنزع الأحقاد والضّغائن وتزيل التوتر، وتقوِّي الرّوابط بين الناس جميعاً على قاعدة التعاون على البرّ والتقوى.
إنّ المسؤولية كبيرة جداً، فإمّا أن نختار بين الاستغراق في مظاهر الدّنيا ونتّبع أهواءنا، وإمّا أن نختار الدنيا كساحة ومزرعة للآخرة، نحياها كما أراد الله تعالى بكلّ خير ومحبّة وفضيلة ترفع من مستوى الإنسان والحياة، وتدفع بهما نحو كلّ رقيّ وكمال، فالخير، كلّ الخير، أن نكون من المهتدين المستحقّين لرحمة الله ورضوانه.
وإلى ما تقدّم، يشير أمير المؤمنين عليّ(ع) بقوله: "اَلْحَمْدُ للهِ غَيْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلاَ مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ، وَلاَ مَأْيُوسٍ مِنْ مَغْفِرَتِهِ، وَلاَ مُسْتَنْكَفٍ عَنْ عِبَادَتِهِ، اَلَّذِي لاَ تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ، وَلاَ تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ، وَاَلدُّنْيَا دَارٌ مُنِيَ لَهَا اَلْفَنَاءُ، وَلِأَهْلِهَا مِنْهَا اَلْجَلاَءُ، وَهِيَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَقَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ، وَاِلْتَبَسَتْ بِقَلْبِ اَلنَّاظِرِ، فَارْتَحِلُوا عَنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ اَلزَّادِ، وَلاَ تَسْأَلُوا فِيهَا فَوْقَ اَلْكَفَافِ، وَلاَ تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ اَلْبَلاَغِ".
وتبقى الحياة ساحةً مفتوحةً أمامنا للتّسابق، إمّا إلى فعل الخيرات، أو اتّباع الأهواء والتعلّق بحبّ الدّنيا ومتاعها.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.