الصّوم يعلّمنا عدم حبّ الدّنيا

الصّوم يعلّمنا عدم حبّ الدّنيا

ونحن في زمن الصوم المبارك، نتعلم كيف لا نحرص على الدنيا، وكيف نأمن من غضب الله، ونسعى لنيل عفوه ورحمته، ونفكّر كيف نبني آخرتنا بشكل جيِّد، وكيف نضبط تصرفاتنا وانفعالاتنا وفق إرادته تعالى.

وهناك قصص عديدة من الجميل ذكرها، تثير في نفس الإنسان كلّ عبرة، وخصوصاً إذا وعى ما فيها من دروس، وعمل على مراجعة حاله، ومعالجة عيوبه، وتربية نفسه على التّفكير والعمل من أجل بناء آخرته.

من هذه القصص، ما ورد من أنّ نبيّ الله عِيسَى (عليه السلام)، مرّ بِقَرْيَةٍ، فَإِذَا أَهْلُهَا مَوْتَى فِي الْأَفْنِيَةِ وَالطُّرُقِ، فَقَالَ لَهُمْ: "يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ، إِنَّ هَؤُلَاءِ مَاتُوا عَنْ سَخْطَةٍ، وَلَوْ مَاتُوا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ، لَتَدَافَنُوا"، فَقَالُوا: "يَا رُوحَ اللهِ، وَدِدْنَا لَوْ عَلِمْنَا خَبَرَهُمْ؟! فَسَأَلَ رَبَّهُ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: "إِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَنَادِهِمْ يُجِيبُوكَ".

فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ، أَشْرَفَ عَلَى نَشَزٍ، ثُمَّ نَادَى: "يَا أَهْلَ الْقَرْيَةِ!".

فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ: لَبَّيْكَ يَا رُوحَ اللهِ. فَقَالَ: "مَا حَالُكُمْ وَمَا قِصَّتُكُمْ"؟! قَالَ: بِتْنَا فِي عَافِيَةٍ وَأَصْبَحْنَا فِي الْهَاوِيَةِ.

قَالَ: "وَكَيْفَ ذَلِكَ؟".

قَالَ: لِحُبِّنَا الدُّنْيَا وَطَاعَتِنَا أَهْلَ الْمَعَاصِي.

قَالَ: "وَكَيْفَ كَانَ حُبُّكُمُ الدُّنْيَا؟"

قَالَ: حُبُّ الصَّبِيِّ لِأُمِّهِ، إِذَا أَقْبَلَتْ فَرِحْنَا، وَإِذَا أَدْبَرَتْ حَزِنَّا وَبَكَيْنَا.

قَالَ: "فَمَا بَالُ أَصْحَابِكَ لَمْ يُجِيبُونِي؟".

قَالَ: لِأَنَّهُمْ مُلْجَمُونَ‏ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ بِأَيْدِي مَلَائِكَةٍ غِلَاظٍ شِدَادٍ.

قَالَ: "كَيْفَ أَجَبْتَنِي مِنْ بَيْنِهِمْ؟".

قَالَ: لِأَنِّي كُنْتُ فِيهِمْ وَلَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَ الْعَذَابُ أَصَابَنِي مَعَهُمْ، فَأَنَا مُعَلَّقٌ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، لَا أَدْرِي أَنْجُو مِنْهَا أَمْ أُكَبْكَبُ فِيهَا.

فَقَالَ الْمَسِيحُ (عليه السلام) لِلْحَوَارِيِّينَ: "أَكْلُ خُبْزِ الشَّعِيرِ بِالْمِلْحِ الْجَرِيشِ، وَلُبْسُ الْمُسُوحِ‏، وَالنَّوْمُ عَلَى الْمَزَابِلِ، خَيْرٌ كَثِيرٌ مَعَ عَافِيَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ‏".

في هذه القصة، نموذج الناس المقبلين على حبّ الدنيا، المنغمسين في مظاهرها إلى درجة تناسي ما عليهم من واجبات تجاه خالقهم، وتجاه آخرتهم التي تحتاج منهم إلى عمل صالح، ومشاعر طيّبة، وانفتاح على الله، وتحمّلٍ للأمانة والمسؤوليّة، وعدم الإساءة إلى الحياة، واستغلال القدرات في سبيل إحيائها بما يصلحها، فكانت عاقبتهم أن أفناهم الله تعالى بغتةً، وجعلهم آيةً لمن بعدهم، حتى يتنبهوا إلى مساوئ التعلق المنحرف بالدنيا ونسيان الآخرة؛ هذا التعلق الذي يجعل الإنسان صريع شهواته ونزواته وأهوائه، إذ يفقد توازنه، ويدخل في كلّ فساد وانحراف، وشيئاً فشيئاً، يتحوّل إلى فاسد مضلّ بعيد عن هدى الله ورحمته.

إنّ الأساس أن نربح آخرتنا ونفوز برضا الله تعالى، ونكون بمأمن من العقاب يوم الحساب من سخط الله تعالى، وليس المهمّ ماذا شربنا وأكلنا وتنعّمنا به من شهوات، بل المهمّ ماذا نساوي عند الله تعالى من قيمة ودرجة، وهذا ما ينبغي علينا الالتفات إليه ونحن نقوم بعبادة الصّوم.

ماذا ينفع الإنسان كلّ ما عنده من نعم وثروات وطاقات، إن لم يسخّرها في تربية نفسه، وجعلها تحيا دوماً في هدي الله تعالى والتزام سبيله. فلننظر إلى ما نحن عليه في هذه الأوقات الفضيلة، ولنجعل همنا وتركيزنا على تصحيح علاقاتنا بربنا، وأن نعكس هذه العلاقة مزيداً من الإحساس بالمسؤولية، فنعمد إلى تصويب أخلاقياتنا، والدّفع بها إلى السموّ، حتى نكون بحقّ من عباد الله الصالحين الذين لا تغريهم الدّنيا، بل يعيشون في عافية وخير وسلامة في دنياهم وآخرتهم، بما يتمنّونه من ثواب ورضا، وهذا ما تهدف إليه حقيقة الصّيام، أن يصنع إنساناً يحسن التصرف والتعامل مع أمور دنياه وآخرته، كما أراد تعالى منه

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

ونحن في زمن الصوم المبارك، نتعلم كيف لا نحرص على الدنيا، وكيف نأمن من غضب الله، ونسعى لنيل عفوه ورحمته، ونفكّر كيف نبني آخرتنا بشكل جيِّد، وكيف نضبط تصرفاتنا وانفعالاتنا وفق إرادته تعالى.

وهناك قصص عديدة من الجميل ذكرها، تثير في نفس الإنسان كلّ عبرة، وخصوصاً إذا وعى ما فيها من دروس، وعمل على مراجعة حاله، ومعالجة عيوبه، وتربية نفسه على التّفكير والعمل من أجل بناء آخرته.

من هذه القصص، ما ورد من أنّ نبيّ الله عِيسَى (عليه السلام)، مرّ بِقَرْيَةٍ، فَإِذَا أَهْلُهَا مَوْتَى فِي الْأَفْنِيَةِ وَالطُّرُقِ، فَقَالَ لَهُمْ: "يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ، إِنَّ هَؤُلَاءِ مَاتُوا عَنْ سَخْطَةٍ، وَلَوْ مَاتُوا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ، لَتَدَافَنُوا"، فَقَالُوا: "يَا رُوحَ اللهِ، وَدِدْنَا لَوْ عَلِمْنَا خَبَرَهُمْ؟! فَسَأَلَ رَبَّهُ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: "إِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَنَادِهِمْ يُجِيبُوكَ".

فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ، أَشْرَفَ عَلَى نَشَزٍ، ثُمَّ نَادَى: "يَا أَهْلَ الْقَرْيَةِ!".

فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ: لَبَّيْكَ يَا رُوحَ اللهِ. فَقَالَ: "مَا حَالُكُمْ وَمَا قِصَّتُكُمْ"؟! قَالَ: بِتْنَا فِي عَافِيَةٍ وَأَصْبَحْنَا فِي الْهَاوِيَةِ.

قَالَ: "وَكَيْفَ ذَلِكَ؟".

قَالَ: لِحُبِّنَا الدُّنْيَا وَطَاعَتِنَا أَهْلَ الْمَعَاصِي.

قَالَ: "وَكَيْفَ كَانَ حُبُّكُمُ الدُّنْيَا؟"

قَالَ: حُبُّ الصَّبِيِّ لِأُمِّهِ، إِذَا أَقْبَلَتْ فَرِحْنَا، وَإِذَا أَدْبَرَتْ حَزِنَّا وَبَكَيْنَا.

قَالَ: "فَمَا بَالُ أَصْحَابِكَ لَمْ يُجِيبُونِي؟".

قَالَ: لِأَنَّهُمْ مُلْجَمُونَ‏ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ بِأَيْدِي مَلَائِكَةٍ غِلَاظٍ شِدَادٍ.

قَالَ: "كَيْفَ أَجَبْتَنِي مِنْ بَيْنِهِمْ؟".

قَالَ: لِأَنِّي كُنْتُ فِيهِمْ وَلَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَ الْعَذَابُ أَصَابَنِي مَعَهُمْ، فَأَنَا مُعَلَّقٌ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، لَا أَدْرِي أَنْجُو مِنْهَا أَمْ أُكَبْكَبُ فِيهَا.

فَقَالَ الْمَسِيحُ (عليه السلام) لِلْحَوَارِيِّينَ: "أَكْلُ خُبْزِ الشَّعِيرِ بِالْمِلْحِ الْجَرِيشِ، وَلُبْسُ الْمُسُوحِ‏، وَالنَّوْمُ عَلَى الْمَزَابِلِ، خَيْرٌ كَثِيرٌ مَعَ عَافِيَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ‏".

في هذه القصة، نموذج الناس المقبلين على حبّ الدنيا، المنغمسين في مظاهرها إلى درجة تناسي ما عليهم من واجبات تجاه خالقهم، وتجاه آخرتهم التي تحتاج منهم إلى عمل صالح، ومشاعر طيّبة، وانفتاح على الله، وتحمّلٍ للأمانة والمسؤوليّة، وعدم الإساءة إلى الحياة، واستغلال القدرات في سبيل إحيائها بما يصلحها، فكانت عاقبتهم أن أفناهم الله تعالى بغتةً، وجعلهم آيةً لمن بعدهم، حتى يتنبهوا إلى مساوئ التعلق المنحرف بالدنيا ونسيان الآخرة؛ هذا التعلق الذي يجعل الإنسان صريع شهواته ونزواته وأهوائه، إذ يفقد توازنه، ويدخل في كلّ فساد وانحراف، وشيئاً فشيئاً، يتحوّل إلى فاسد مضلّ بعيد عن هدى الله ورحمته.

إنّ الأساس أن نربح آخرتنا ونفوز برضا الله تعالى، ونكون بمأمن من العقاب يوم الحساب من سخط الله تعالى، وليس المهمّ ماذا شربنا وأكلنا وتنعّمنا به من شهوات، بل المهمّ ماذا نساوي عند الله تعالى من قيمة ودرجة، وهذا ما ينبغي علينا الالتفات إليه ونحن نقوم بعبادة الصّوم.

ماذا ينفع الإنسان كلّ ما عنده من نعم وثروات وطاقات، إن لم يسخّرها في تربية نفسه، وجعلها تحيا دوماً في هدي الله تعالى والتزام سبيله. فلننظر إلى ما نحن عليه في هذه الأوقات الفضيلة، ولنجعل همنا وتركيزنا على تصحيح علاقاتنا بربنا، وأن نعكس هذه العلاقة مزيداً من الإحساس بالمسؤولية، فنعمد إلى تصويب أخلاقياتنا، والدّفع بها إلى السموّ، حتى نكون بحقّ من عباد الله الصالحين الذين لا تغريهم الدّنيا، بل يعيشون في عافية وخير وسلامة في دنياهم وآخرتهم، بما يتمنّونه من ثواب ورضا، وهذا ما تهدف إليه حقيقة الصّيام، أن يصنع إنساناً يحسن التصرف والتعامل مع أمور دنياه وآخرته، كما أراد تعالى منه

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية