نصحُ المسلمين:
من قواعد التّربية الإسلاميّة في الجانب الأخلاقيّ من حياة الإنسان المسلم، أنَّ الله أراد له أن يعيش الإسلام في روحه وعقله، بحيث يكون الإسلام الرّابطة الّتي تربطه بالمسلمين، فيرى أنَّ أخوّة الإيمان أعظم من أخوَّة النّسب.. كيف يعيش الإنسان أحاسيسه ومشاعره وسلوكه مع أخيه في النّسب؟ كيف يكون همُّه همّه، ومصلحته مصلحته؟ كيف يفتح قلبه له؟ فعليه أن يفكّر في أخيه المؤمن كما يفكّر في علاقته مع أخيه في النّسب.
وقد أكَّدت الأحاديث الّتي وردت عن النبيّ(ص)، وعن الأئمَّة المعصومين(ع)، جانب النّصح للمسلم، لا بل للمسلمين جميعاً، فعن الرَّسول(ص): "أنْسَكُ النّاس نسُكاً، أنصحهم جيباً، وأصلحهم قلباً لجميع المسلمين".. فأشدّ النّاس عبادةً وطاعةً لله، هو من يكون قلبه وصدره القلبَ والصّدر النّاصح والمنفتح على جميع المسلمين، فالإنسان لا يعيش التَّفكير الذّاتيّ لينصح ويرشد ذاته فقط، ولكن أن يعيش في يومه وليلته أمام كلّ الأحداث والمشاكل والمآسي الّتي تعرض للمسلمين في العالم، ليكون صاحب القلب المسؤول والصّدر الواعي.
وهو ما يحقّق التفاعل بين المسلمين، حين يتحسّس الإنسان المسلم المجتمع الإسلاميّ كلّه كما لو كان أسرته، أو كما لو كان جسده وهو جزءٌ من هذا الجسد، وهذا ما يربط بين المسلمين ويقوّي مواقعهم، لأنَّ مما يضعِف المسلمين، هو هذا التّنافر والتّقاطع والتّدابر والتّناحر، وذهنيّة الغشّ التي يغشّ بها المسلم أخاه المسلم، سواء على مستوى الدّول أو العلاقات الاقتصاديّة التجاريّة، أو العلاقات السياسيّة المتقابلة، أو على مستوى الأفراد والأشخاص.
فالواقع الإسلاميّ العام في أكثر من جانب من جوانبه، يفقِدُ الإحساس بالحاجة إلى نُصح المسلمين، فنلاحظ أنّ التنوّعات المذهبيّة تدفعنا إلى نبذ النّصيحة فيما بيننا ـ بما لا نشهدُهُ في تنوّعاتٍ أخرى ـ بل إنّ المذاهب الإسلاميّة تزداد تعصّباً، حتّى صارت المسألة أنّ المذهب الواحد في تنوّعاته الداخليّة، يزداد تعصّباً يوماً بعد يوم ضدّ المذهب الآخر.
وهذا ما نعيشُه من قتال المسلمين لبعضهم البعض تحت عناوين مختلفة، كجماعة التّكفير والهجرة، والجماعة السلفيّة الّتي تُكفِّرُ الإنسان لمجرّد اختلافه معها في بعض الفروع، تُكفِّره وتجعله مشركاً، فتستحلُّ دمه وماله وعرضه كأن لم يكن مسلماً في وقت من الأوقات.
فكيف يمكن أن نفسِّر قتل المسلمين لبعضهم البعض ؟ وحتى داخل المذهب الواحد، والحزب الواحد، والتيّار الواحد؟
وتنوّعتِ المسألة إلى الصّراع بين النّاس نتيجة العصبيّات بالنّسبة إلى التّقليد، فوصلت الأمور بالمسلمين إلى الغيبة والنّميمة والبهتان. ولعلّ هذا الواقع هو الّذي دمَّر المسلمين، وأفقدهم قضاياهم المحليّة والإقليميّة والعالميّة، وهم الّذين يعيشون تحت رحمةِ الاستكبار العالميّ، فلا سياسة لهم، ولا أمن ولا اقتصاد، فكلّ مسلم عدّ نفسه هو الإسلام ومخالِفَهُ هو الكفر، وهو الحقّ وغيره الباطل، فمن منّا يعمل على قاعدة المبدأ الإلهيّ:
{فإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}[النّساء: 59]، وليس على قاعدة السُّباب والشّتائم والتّناحر والتمزُّق، لأنّ القاعدة للحكم بين المسلمين هي الكتاب والسنّة:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[الحشر: 7]..
فتفاهموا على ما يقوله الله ويسنُّه رسوله انطلاقاً من مبدأ الحوار واللّقاء والعقلانيّة.
مصلحة الإسلام:
إنَّ مصالح المسلمين مصالح أساسيّة، وهي عُرضة لاستغلال المستكبرين الّذين يعملون على إضعاف المسلمين وإفقادهم قوّتهم عبر تكريس الخلافات بينهم.. والحديث النبويّ يقول: "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدّ بعضهُ بعضاً"، و"مثل المسلمين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الأعضاء بالحمّى والسّهر".
إنّنا نقوِّي مواقعنا حين نعيش الأخوّة في الدّين والإيمان والإنسانيّة، لأنَّ الآخرين يعملون على التّخطيط القائم على التّفكير فيما يُضعفنا سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً، والجميع متّفقون على ذلك، فمع تمزُّق الآخرين فرقاً ومذاهب، إلا أنهم صفٌ واحد في مواجهة العرب والمسلمين، فمسؤوليّتنا أن نعيَ الواقع الّذي نعيشه، وأن يعمل كلٌّ منّا تجاه هذا الواقع، فالإسلام يحتاج إلى الوقوف ضدّ كلّ من يريد أن يصنع فتنة، ويزرع الحقد في المجتمع الإسلاميّ، ويبغِّض النّاس بالنّاس، ويثير الحقد في المجتمع والكيان والأمّة...
[كتاب: تقوى الصّوم].
نصحُ المسلمين:
من قواعد التّربية الإسلاميّة في الجانب الأخلاقيّ من حياة الإنسان المسلم، أنَّ الله أراد له أن يعيش الإسلام في روحه وعقله، بحيث يكون الإسلام الرّابطة الّتي تربطه بالمسلمين، فيرى أنَّ أخوّة الإيمان أعظم من أخوَّة النّسب.. كيف يعيش الإنسان أحاسيسه ومشاعره وسلوكه مع أخيه في النّسب؟ كيف يكون همُّه همّه، ومصلحته مصلحته؟ كيف يفتح قلبه له؟ فعليه أن يفكّر في أخيه المؤمن كما يفكّر في علاقته مع أخيه في النّسب.
وقد أكَّدت الأحاديث الّتي وردت عن النبيّ(ص)، وعن الأئمَّة المعصومين(ع)، جانب النّصح للمسلم، لا بل للمسلمين جميعاً، فعن الرَّسول(ص): "أنْسَكُ النّاس نسُكاً، أنصحهم جيباً، وأصلحهم قلباً لجميع المسلمين".. فأشدّ النّاس عبادةً وطاعةً لله، هو من يكون قلبه وصدره القلبَ والصّدر النّاصح والمنفتح على جميع المسلمين، فالإنسان لا يعيش التَّفكير الذّاتيّ لينصح ويرشد ذاته فقط، ولكن أن يعيش في يومه وليلته أمام كلّ الأحداث والمشاكل والمآسي الّتي تعرض للمسلمين في العالم، ليكون صاحب القلب المسؤول والصّدر الواعي.
وهو ما يحقّق التفاعل بين المسلمين، حين يتحسّس الإنسان المسلم المجتمع الإسلاميّ كلّه كما لو كان أسرته، أو كما لو كان جسده وهو جزءٌ من هذا الجسد، وهذا ما يربط بين المسلمين ويقوّي مواقعهم، لأنَّ مما يضعِف المسلمين، هو هذا التّنافر والتّقاطع والتّدابر والتّناحر، وذهنيّة الغشّ التي يغشّ بها المسلم أخاه المسلم، سواء على مستوى الدّول أو العلاقات الاقتصاديّة التجاريّة، أو العلاقات السياسيّة المتقابلة، أو على مستوى الأفراد والأشخاص.
فالواقع الإسلاميّ العام في أكثر من جانب من جوانبه، يفقِدُ الإحساس بالحاجة إلى نُصح المسلمين، فنلاحظ أنّ التنوّعات المذهبيّة تدفعنا إلى نبذ النّصيحة فيما بيننا ـ بما لا نشهدُهُ في تنوّعاتٍ أخرى ـ بل إنّ المذاهب الإسلاميّة تزداد تعصّباً، حتّى صارت المسألة أنّ المذهب الواحد في تنوّعاته الداخليّة، يزداد تعصّباً يوماً بعد يوم ضدّ المذهب الآخر.
وهذا ما نعيشُه من قتال المسلمين لبعضهم البعض تحت عناوين مختلفة، كجماعة التّكفير والهجرة، والجماعة السلفيّة الّتي تُكفِّرُ الإنسان لمجرّد اختلافه معها في بعض الفروع، تُكفِّره وتجعله مشركاً، فتستحلُّ دمه وماله وعرضه كأن لم يكن مسلماً في وقت من الأوقات.
فكيف يمكن أن نفسِّر قتل المسلمين لبعضهم البعض ؟ وحتى داخل المذهب الواحد، والحزب الواحد، والتيّار الواحد؟
وتنوّعتِ المسألة إلى الصّراع بين النّاس نتيجة العصبيّات بالنّسبة إلى التّقليد، فوصلت الأمور بالمسلمين إلى الغيبة والنّميمة والبهتان. ولعلّ هذا الواقع هو الّذي دمَّر المسلمين، وأفقدهم قضاياهم المحليّة والإقليميّة والعالميّة، وهم الّذين يعيشون تحت رحمةِ الاستكبار العالميّ، فلا سياسة لهم، ولا أمن ولا اقتصاد، فكلّ مسلم عدّ نفسه هو الإسلام ومخالِفَهُ هو الكفر، وهو الحقّ وغيره الباطل، فمن منّا يعمل على قاعدة المبدأ الإلهيّ:
{فإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ}[النّساء: 59]، وليس على قاعدة السُّباب والشّتائم والتّناحر والتمزُّق، لأنّ القاعدة للحكم بين المسلمين هي الكتاب والسنّة:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[الحشر: 7]..
فتفاهموا على ما يقوله الله ويسنُّه رسوله انطلاقاً من مبدأ الحوار واللّقاء والعقلانيّة.
مصلحة الإسلام:
إنَّ مصالح المسلمين مصالح أساسيّة، وهي عُرضة لاستغلال المستكبرين الّذين يعملون على إضعاف المسلمين وإفقادهم قوّتهم عبر تكريس الخلافات بينهم.. والحديث النبويّ يقول: "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدّ بعضهُ بعضاً"، و"مثل المسلمين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الأعضاء بالحمّى والسّهر".
إنّنا نقوِّي مواقعنا حين نعيش الأخوّة في الدّين والإيمان والإنسانيّة، لأنَّ الآخرين يعملون على التّخطيط القائم على التّفكير فيما يُضعفنا سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً، والجميع متّفقون على ذلك، فمع تمزُّق الآخرين فرقاً ومذاهب، إلا أنهم صفٌ واحد في مواجهة العرب والمسلمين، فمسؤوليّتنا أن نعيَ الواقع الّذي نعيشه، وأن يعمل كلٌّ منّا تجاه هذا الواقع، فالإسلام يحتاج إلى الوقوف ضدّ كلّ من يريد أن يصنع فتنة، ويزرع الحقد في المجتمع الإسلاميّ، ويبغِّض النّاس بالنّاس، ويثير الحقد في المجتمع والكيان والأمّة...
[كتاب: تقوى الصّوم].