كتاب "المنهج الفقهيّ عند السيّد محمَّد حسين فضل الله". هو دراسة للسيّد محمَّد طاهر الحسيني، من إصدار المركز الإسلامي الثقافي في مجمع الإمامين الحسنين(ع)، في طبعته الأولى العام 2013. وفي تمهيد الكتاب، إطلالة على الأبحاث الفقهيّة المتنوّعة لسماحته(رض)، ولكن هذه الدّراسة لا تكشف عن فتاوى السيّد(رض) بقدر ما تعنى بطريقة تفكيره ومنهجه الفقهيّ، كما أغفلت بحثه الأصولي الَّذي يحتاج إلى بحث تفصيلي في دراسة أخرى.
وتوزعت الدراسة على ثلاثة فصول هي:
أ ـ تكوين الشخصيّة الفقهيّة والمؤثرات العامّة وخصائصها.
ب ـ مصادر السيّد في الدرس الفقهيّ.
ج ـ ملامح المنهج الفقهيّ عند السيّد.
في الفصل الأوّل من الكتاب، جاء حديث عن العناصر المكوّنة للشخصيّة الفقهيّة، والمؤثّرات العامّة فيها، فسماحته(رض) ينتمي إلى مدرسة النّجف الأشرف العلميّة، وتتملذ على يد أبرز علمائها، أمثال السيد أبو القاسم الخوئي، والشّيخ حسين الحلي، والسيّد محمّد الروحاني، والشيخ عباس الرميثي، وآخرين.
كما أنه انفتح بأفقه الواسع على الحياة العلميّة والمعرفيّة، وهو ما ترك أثره الواضح في رؤيته الفقهيّة والاجتهاديّة العامّة، والّتي كان لها أبعاد مهمّة، من أبرزها البعد الواقعي في النظر إلى المسائل الفقهيّة، بعيداً عن كلّ لغة جافة ونظرة تجريديّة في عرضها، بل اتَّسمت فتاواه بالحيويّة المستمدّة من صميم حياة النّاس. وقد ضرب الحسيني العديد من الأمثلة على ذلك، منها: " أكل الحاج شيئاً من الهَدْي وإهداء ثلثه إلى بعض الناس والتصدق بثلثه على الفقراء"، ومسألة " تزويج الصغيرة من الولي لغرض رفع الكلفة وتحليل النظر إلى أمّها"، ومسألة "البنك الربوي".
ويتابع الحسيني قائلاً إنَّ رؤية السيد فضل الله(رض) الفقهية تمتاز بالبعد العلمي في إجاباته على المسائل الفقهية المستجدة، من قبيل التلقيح الصناعي، وأطفال الأنابيب، وتنظيم الأسرة، والتشريح، وثبوت الهلال بالوسائل الفلكية، وغير ذلك، ثم إنها تمتاز أيضاً بالبُعد المجتمعي، حيث ينظر سماحته(رض) إلى الفقه الإسلامي كإطار تشريعي منظّم للفرد والمجتمع ومترابط وشمولي.
وقد اتّصف السيّد المرجع(رض) بشخصية فقهية ناقدة وجريئة ومعاصرة، لا تكاد تنفك عن التفكير والبحث في متطلبات الناس ومشاكلهم اليومية وما يواجهونه في هذه الحياة. وما يميّزه أنه دائم التفكير في قضايا الناس وشؤونهم للوفاء بمتطلبات العصر الذي يعيشونه.
ويتطرق الباحث الحسيني إلى مصادر السيد(رض) في الدرس الفقهي، وهويته الأصيلة في انتمائه إلى مدرسة النجف الأشرف العريقة، وما يتّسم به منهجه الفقهي الخاص، حيث كان اعتماده الأول والأخير على القرآن الكريم في ممارسته الاجتهادية والاستنباطية، حيث لاحظ سماحته(رض) أنّ الأسلوب الاجتهادي متأخّر كثيراً عن مواكبة الكتاب العزيز في الجانب التّشريعي، كما لاحظ من جهة أخرى على المنهج الفقهي، تفويت السمو القرآني ـ إن جاز التعبير ـ لحساب الروايات، وهو منهج لا يرى السيد صحته وانسجامه مع اعتبار القرآن المرجع الأول للتشريع.
كما وتميّز سماحته(رض) بأنه صاحب نظرة كلية للسنّة الشريفة، على اعتبار أنها كلٌّ لا يتجزّأ وناظرة بعضها إلى البعض الآخر.
ويتناول الباحث أيضاً ما لاحظه سماحته(رض) على تطبيقات فقهية لقواعد أصوليّة ألّفها الفقهاء، ومنها حملهم المطلق على المقيّد وغير ذلك، مما أبدى رأيه فيه في تقريرات أبحاثه الفقهيّة.
ويتعرّض الباحث أيضاً إلى ملامح المنهج الفقهي لسماحته(رض)، الذي انتقد طريقة الفقهاء العقلية المحضة وأسلوبهم الفلسفي والصناعي الفني في عملهم الاستدلالي الفقهي، فهو يؤكد ـ أي السيّد(رض) ـ أن فهم "النصوص" يجب أن يتم بعيداً عن الطريقة العقلية، بل إنّ الاستغراق فيها قد يورط الفقيه بنتائج بعيدة تماماً عن الفقه والشريعة.. ويضرب أمثالاً لتعليقات لسماحته(رض) على هذه النقطة.
ويتابع أنّ هذا المنهج الفقهي ليس مبنياً على الأسس المذهبيّة، لأنَّ الإسلام أوسع من الدّوائر المذهبيّة، وهو يحكّم القرآن الكريم في فهم الأخبار والروايات.
كتاب مؤلف من 139 صفحة من الحجم العادي، غني بما عالجه من نقاط تتصل بالمنهج الفقهي لدى سماحة المرجع السيد فضل الله(رض)، حيث أوضح ما تميّز به هذا المنهج بشكل مبسّط ووافٍ، وهذا البحث يؤسَّس عليه لمتابعة الجهود العلميّة والبحثيّة في التوسّع في دراسة ما تركه سماحته(رض) من نتاج فقهي وفكري عام...
تحميل الكتاب
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .