المراهقة حالة طبيعيَّة

المراهقة حالة طبيعيَّة

تعتبر مرحلة المراهقة من أعقد المراحل العمريَّة الّتي يمرّ بها الإنسان، وهي تؤثّر في شخصيَّته، إذ يعيش المراهق نقلة نوعيَّة على مستوى شعوره ونضج جسده وتعاطيه مع محيطه، وهي حالة طبيعيَّة إذا ما تمَّ التَّعامل معها بالأسلوب المناسب، وتمَّ استيعابها بالشَّكل المتوازن الَّذي يحفظها من الانحرافات الجارفة. ويظلّ العقل ـ ومعه الإرادة ـ هو الضَّابط لحركة المراهق الّذي تتفجَّر غريزته في هذه المرحلة وتبدأ بالإلحاح عليه.

وعن المراهقة من وجهة النَّظر الإسلاميَّة، يقول العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض)، إنَّ الإسلام تعرَّض لهذه المرحلة وواجهها، وإنَّ المراهقة تشكِّل حالةً طبيعيّةً يتعرّض لها كلّ إنسان، ويؤكِّد أهميّة دور التربية في حماية الإنسان من الضَّياع، كما يشير إلى مسألة الرّعاية الإسلاميَّة الّتي تأخذ بأيدي المراهقين إلى برّ الأمان.

يقول سماحته(رض): "إنَّ الإسلام عندما يواجه الإنسان، فإنَّه يواجه حركيَّة وجوده، مؤكِّداً عناصر (القلق العملي) في داخل شخصيَّته، فعندما يحدِّثنا الله تعالى عن آدم كنموذجٍ للإنسان، يقول: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}[طه: 115]، فالحديث هو عن آدم النَّموذج، من خلال آدم الشَّخص الّذي لا يملك الإرادة القويَّة، لقوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}[الأنبياء: 37].

...هكذا نلاحظ في أكثر من آية التّركيز على أنَّ الإنسان عندما خلق، لم يخلق من خلال الجانب الواحد في حركة القوَّة، بل إنَّ هناك عناصر ضعفٍ تعيش في داخل شخصيَّته، وعندما ندرس عناصر الضّعف، نلاحظ أنّها تعيش في داخل شخصيَّة الإنسان، كما نلاحظ حركة الغرائز الإيجابيَّة في شخصيَّته بما تؤدِّي إليه من استمرار الحياة، من خلال الشّروط الضّروريّة الّتي تدفع إليها الحركة الغريزيّة.

وهناك كذلك العنصر السَّلبيّ في تحرّك الغريزة باتجاه منحرف لتطغى على حياة الإنسان، فيفقد معها التّوازن.. فالإنسان في الحقيقة يقف في هذين الخطَّين: الإيجابيّ والسَّلبيّ للغريزة، فيما يؤكِّد الله سبحانه وتعالى على العقل كعنصرٍ من عناصر الخطِّ الحركيّ الدّاخليّ الّذي يؤكِّد التّوازن بمعونة الإرادة".

إنَّ الشَّباب في مرحلة المراهقة يعيشون النّقلة النوعيَّة على مستوى نضجهم الشّعوريّ والجسديّ، وهو ما يتطلَّب من الأهل تفهُّم مواصفات هذه المرحلة، وعدم الإثقال أو الضَّغط عليهم وخنقهم عبر قيودٍ لا حصر لها، بل عليهم أن يكونوا العنصر المطمئنَّ لهم، وأن يكونوا مصدر أمانٍ وثقةٍ لهم، فيصادقوهم، ويتحركوا معهم ويوجِّهوهم من موقع المسؤوليَّة والصّداقة بما يحفظ شخصيَّتهم، فالمراهقون يشعرون في هذه المرحلة باستقلالهم وبكيانهم الحرِّ والمستقلّ، لذا لا بدَّ للأهل من أن يعوا حساسيَّة هذه المرحلة ودقّتها، ويتعاطوا معها بكلِّ حكمةٍ ووعيٍ وعقلانيَّة وبرودة أعصاب وبُعد نظر.

وعن المراهقة كحالةٍ طبيعيَّة، يقول العلامة المرجع فضل الله(رض): "وعندما ندرس كلَّ ذلك، فإنَّنا نعتبر مسألة المراهقة حالة طبيعيَّة في الإنسان، لأنَّها الحالة الّتي ينطلق فيها هذا المخلوق الّذي تحركت فيه عمليَّة النموّ الجسديّ بطريقة هيّأت له في البداية إيحاءات غائمة، ثم أدخلته في الجوِّ الثّائر المتمرّد الّذي ينقله من حالة الاستسلام والخضوع للآخر، إلى حالة الشّعور بوجوده واستقلاله، ولكن من دون أن تكون هناك خطوط مستقيمة واضحة وهادئة تؤكِّد له ذلك.

إنَّ مرحلة المراهقة تماماً كما هي مرحلة توازن موج البحر، فكأنَّ الإنسان الّذي يدخل في المرحلة الثّانية من حركة الإنسان فيه، يستعدّ لوجود جديد ينطلق في تجربة إنتاج إنسان آخر، أو إيجاد قاعدة لمرحلة أخرى، ولكن دور التربية هو أن تحمي الإنسان من الضياع، ذلك لأنَّ جنون الغريزة يعني استيقاظ حركة التمرّد في الإنسان والتطلع نحو آفاق غير واضحة قد تجعل الإنسان يفقد توازنه، لأنّه لم يختزن تجربةً سابقةً يستعين بها على إيجاد التّوازن".

انطلاقاً مما تقدَّم، على الأهل والمحيط أن يعرفوا كيف يستوعبون حركة التمرّد لدى المراهقين، وألا يبادلوا تصرفاتهم بالعصبيّة والانفعالات الّتي تؤثّر سلباً في نفسيّاتهم، وتترك بصماتها السّلبيَّة على شخصيّاتهم، فالتربية لها الدّور الكبير والفاعل في زرع العناصر الطيِّبة والحسنة والخيِّرة في نفوس المراهقين، ويجب أن يستعملوا معهم أسلوب التّثقيف الهادئ والواعي تجاه كلّ استفساراتهم وتساؤلاتهم، وأن يمنحوهم الثِّقة والرّعاية والاهتمام لما يحتاجونه من نصحٍ وإرشاد وتوجيه يزيدهم وعياً وخبرةً في الحياة.

وحول الرّعاية الإسلاميّة للمراهقة، يقول السيّد فضل الله(رض): "من هنا، فإنَّ الإسلام يؤكِّد رعاية الطفل من خلال الأحاديث التي تقول: "اتركه سبعاً، وأدّبه سبعاً، واصحبه سبعاً"، فعمليّة التّأديب في المرحلة بين سنِّ (7 ـ 14)، تمثّل توجيه الإنسان نحو الخطوط المستقيمة الهادئة، بأن تركِّز في داخل شخصيّته البذور الطيِّبة الّتي تركّز عناصر شخصيّته، حتى إذا جاءت مرحلة المراهقة في الرّابعة عشرة أو قبلها أو بعدها، فإنَّها تكون خاضعةً لضوابط معيَّنة.

وهكذا الصّحبة إلى الحادية والعشرين، فإنها تعني الرّقابة على حركة المراهقة في شخصيَّة الإنسان، حتى يستقيم له الجوّ الهادئ الّذي يستطيع أن ينطلق فيه بشكلٍ طبيعيٍّ في حركة حياته المستقبليَّة..

إنَّني لا أريد هنا أن أخفِّف من خطورة مرحلة المراهقة في شخصيَّة الشّابّ، ولكنّني لا أتصوَّر المسألة بهذا المستوى من الخطورة الّتي يتحدَّث عنها البعض، إلا أنّه ينبغي رعاية هذه المرحلة بالشَّكل الّذي لا يرهق الشابّ بالمزيد من القيود الّتي تجعله يختنق في داخل ذاته، فيتعقَّد ويصبح إنساناً مريضاً من النّاحية النفسيّة، كما لا ينبغي أن نمنحه الحريّة الكاملة الّتي يشعر فيها بالانفلات، فيبتعد عن الخطوط المتوازنة في حركة الإنسان، إذ لا بدَّ من أن تكون الرّعاية بين بين، بحيث يكون هناك عنفٌ في غير قسوة، ولينٌ في غير ضعف".["دنيا الشّباب"، ص 90 ـ 92].

علينا أن ننتج جيلاً شابّاً خالياً من الأمراض والعقد، وجديراً بالمسؤوليَّة والحياة، يغنيها من طاقاته وإبداعاته، ويكون عنصراً فاعلاً في الواقع لا عنصراً منفعلاً.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

تعتبر مرحلة المراهقة من أعقد المراحل العمريَّة الّتي يمرّ بها الإنسان، وهي تؤثّر في شخصيَّته، إذ يعيش المراهق نقلة نوعيَّة على مستوى شعوره ونضج جسده وتعاطيه مع محيطه، وهي حالة طبيعيَّة إذا ما تمَّ التَّعامل معها بالأسلوب المناسب، وتمَّ استيعابها بالشَّكل المتوازن الَّذي يحفظها من الانحرافات الجارفة. ويظلّ العقل ـ ومعه الإرادة ـ هو الضَّابط لحركة المراهق الّذي تتفجَّر غريزته في هذه المرحلة وتبدأ بالإلحاح عليه.

وعن المراهقة من وجهة النَّظر الإسلاميَّة، يقول العلامة المرجع السيِّد محمد حسين فضل الله(رض)، إنَّ الإسلام تعرَّض لهذه المرحلة وواجهها، وإنَّ المراهقة تشكِّل حالةً طبيعيّةً يتعرّض لها كلّ إنسان، ويؤكِّد أهميّة دور التربية في حماية الإنسان من الضَّياع، كما يشير إلى مسألة الرّعاية الإسلاميَّة الّتي تأخذ بأيدي المراهقين إلى برّ الأمان.

يقول سماحته(رض): "إنَّ الإسلام عندما يواجه الإنسان، فإنَّه يواجه حركيَّة وجوده، مؤكِّداً عناصر (القلق العملي) في داخل شخصيَّته، فعندما يحدِّثنا الله تعالى عن آدم كنموذجٍ للإنسان، يقول: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}[طه: 115]، فالحديث هو عن آدم النَّموذج، من خلال آدم الشَّخص الّذي لا يملك الإرادة القويَّة، لقوله تعالى: {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}[الأنبياء: 37].

...هكذا نلاحظ في أكثر من آية التّركيز على أنَّ الإنسان عندما خلق، لم يخلق من خلال الجانب الواحد في حركة القوَّة، بل إنَّ هناك عناصر ضعفٍ تعيش في داخل شخصيَّته، وعندما ندرس عناصر الضّعف، نلاحظ أنّها تعيش في داخل شخصيَّة الإنسان، كما نلاحظ حركة الغرائز الإيجابيَّة في شخصيَّته بما تؤدِّي إليه من استمرار الحياة، من خلال الشّروط الضّروريّة الّتي تدفع إليها الحركة الغريزيّة.

وهناك كذلك العنصر السَّلبيّ في تحرّك الغريزة باتجاه منحرف لتطغى على حياة الإنسان، فيفقد معها التّوازن.. فالإنسان في الحقيقة يقف في هذين الخطَّين: الإيجابيّ والسَّلبيّ للغريزة، فيما يؤكِّد الله سبحانه وتعالى على العقل كعنصرٍ من عناصر الخطِّ الحركيّ الدّاخليّ الّذي يؤكِّد التّوازن بمعونة الإرادة".

إنَّ الشَّباب في مرحلة المراهقة يعيشون النّقلة النوعيَّة على مستوى نضجهم الشّعوريّ والجسديّ، وهو ما يتطلَّب من الأهل تفهُّم مواصفات هذه المرحلة، وعدم الإثقال أو الضَّغط عليهم وخنقهم عبر قيودٍ لا حصر لها، بل عليهم أن يكونوا العنصر المطمئنَّ لهم، وأن يكونوا مصدر أمانٍ وثقةٍ لهم، فيصادقوهم، ويتحركوا معهم ويوجِّهوهم من موقع المسؤوليَّة والصّداقة بما يحفظ شخصيَّتهم، فالمراهقون يشعرون في هذه المرحلة باستقلالهم وبكيانهم الحرِّ والمستقلّ، لذا لا بدَّ للأهل من أن يعوا حساسيَّة هذه المرحلة ودقّتها، ويتعاطوا معها بكلِّ حكمةٍ ووعيٍ وعقلانيَّة وبرودة أعصاب وبُعد نظر.

وعن المراهقة كحالةٍ طبيعيَّة، يقول العلامة المرجع فضل الله(رض): "وعندما ندرس كلَّ ذلك، فإنَّنا نعتبر مسألة المراهقة حالة طبيعيَّة في الإنسان، لأنَّها الحالة الّتي ينطلق فيها هذا المخلوق الّذي تحركت فيه عمليَّة النموّ الجسديّ بطريقة هيّأت له في البداية إيحاءات غائمة، ثم أدخلته في الجوِّ الثّائر المتمرّد الّذي ينقله من حالة الاستسلام والخضوع للآخر، إلى حالة الشّعور بوجوده واستقلاله، ولكن من دون أن تكون هناك خطوط مستقيمة واضحة وهادئة تؤكِّد له ذلك.

إنَّ مرحلة المراهقة تماماً كما هي مرحلة توازن موج البحر، فكأنَّ الإنسان الّذي يدخل في المرحلة الثّانية من حركة الإنسان فيه، يستعدّ لوجود جديد ينطلق في تجربة إنتاج إنسان آخر، أو إيجاد قاعدة لمرحلة أخرى، ولكن دور التربية هو أن تحمي الإنسان من الضياع، ذلك لأنَّ جنون الغريزة يعني استيقاظ حركة التمرّد في الإنسان والتطلع نحو آفاق غير واضحة قد تجعل الإنسان يفقد توازنه، لأنّه لم يختزن تجربةً سابقةً يستعين بها على إيجاد التّوازن".

انطلاقاً مما تقدَّم، على الأهل والمحيط أن يعرفوا كيف يستوعبون حركة التمرّد لدى المراهقين، وألا يبادلوا تصرفاتهم بالعصبيّة والانفعالات الّتي تؤثّر سلباً في نفسيّاتهم، وتترك بصماتها السّلبيَّة على شخصيّاتهم، فالتربية لها الدّور الكبير والفاعل في زرع العناصر الطيِّبة والحسنة والخيِّرة في نفوس المراهقين، ويجب أن يستعملوا معهم أسلوب التّثقيف الهادئ والواعي تجاه كلّ استفساراتهم وتساؤلاتهم، وأن يمنحوهم الثِّقة والرّعاية والاهتمام لما يحتاجونه من نصحٍ وإرشاد وتوجيه يزيدهم وعياً وخبرةً في الحياة.

وحول الرّعاية الإسلاميّة للمراهقة، يقول السيّد فضل الله(رض): "من هنا، فإنَّ الإسلام يؤكِّد رعاية الطفل من خلال الأحاديث التي تقول: "اتركه سبعاً، وأدّبه سبعاً، واصحبه سبعاً"، فعمليّة التّأديب في المرحلة بين سنِّ (7 ـ 14)، تمثّل توجيه الإنسان نحو الخطوط المستقيمة الهادئة، بأن تركِّز في داخل شخصيّته البذور الطيِّبة الّتي تركّز عناصر شخصيّته، حتى إذا جاءت مرحلة المراهقة في الرّابعة عشرة أو قبلها أو بعدها، فإنَّها تكون خاضعةً لضوابط معيَّنة.

وهكذا الصّحبة إلى الحادية والعشرين، فإنها تعني الرّقابة على حركة المراهقة في شخصيَّة الإنسان، حتى يستقيم له الجوّ الهادئ الّذي يستطيع أن ينطلق فيه بشكلٍ طبيعيٍّ في حركة حياته المستقبليَّة..

إنَّني لا أريد هنا أن أخفِّف من خطورة مرحلة المراهقة في شخصيَّة الشّابّ، ولكنّني لا أتصوَّر المسألة بهذا المستوى من الخطورة الّتي يتحدَّث عنها البعض، إلا أنّه ينبغي رعاية هذه المرحلة بالشَّكل الّذي لا يرهق الشابّ بالمزيد من القيود الّتي تجعله يختنق في داخل ذاته، فيتعقَّد ويصبح إنساناً مريضاً من النّاحية النفسيّة، كما لا ينبغي أن نمنحه الحريّة الكاملة الّتي يشعر فيها بالانفلات، فيبتعد عن الخطوط المتوازنة في حركة الإنسان، إذ لا بدَّ من أن تكون الرّعاية بين بين، بحيث يكون هناك عنفٌ في غير قسوة، ولينٌ في غير ضعف".["دنيا الشّباب"، ص 90 ـ 92].

علينا أن ننتج جيلاً شابّاً خالياً من الأمراض والعقد، وجديراً بالمسؤوليَّة والحياة، يغنيها من طاقاته وإبداعاته، ويكون عنصراً فاعلاً في الواقع لا عنصراً منفعلاً.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية