الحزن الانتقاميّ

الحزن الانتقاميّ

من المفترض أن يكون حزن الإنسان النَّاتج مما يتعرَّض له من كوارث طبيعيَّة، أو بسبب ما يمارَس عليه من العنف والإرهاب، حزناً مشتركاً بين جميع النَّاس، باعتباره أمراً يثير المشاعر الإنسانيَّة، ولكنَّ الواقع لا ينبئ دوماً بذلك، بل ما نراه في كثيرٍ من الأحيان على العكس من ذلك، حيث صار التّعاطف الإنسانيّ خاضعاً لمزاجيَّةٍ وانتقائيَّة، فهناك من يتضامنون معه، وهناك من يمتنعون عن التَّضامن معه، حتّى لو استحقَّ ذلك بجدارة.

مثلاً، مرَّت ضاحية بيروت الجنوبيَّة بأعمالٍ إرهابيَّةٍ حصدت أرواح الكثيرين من الأبرياء، ومع ذلك، لم ترقَ هذه المأساة عند الكثير من المجتمعات إلى مستوى التَّعبير عن التَّضامن والمشاركة في مشاعر الحزن والمواساة، وخصوصاً عبر الفضاء الإعلاميّ العريض والمتنوّع..

وفي المقابل، سقط أبرياء في العاصمة الفرنسيَّة باريس، ورأينا البعض يمتنع عن التَّضامن مع مأساتهم، محتجّاً بأنّهم يدفعون الثَّمن جرّاء لعبة السياسيّين، وأن لا دخل لنا بمواساتهم، فهم لم يواسونا.

ولكنَّ هذا منطقٌ لا إنسانيّ، إذ إنَّ علينا أن نتحسَّس إنسانيَّتنا في إنسانيَّة الآخر، كما قالها يوماً المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، فالحزن ليس انتقائيّاً، كما الفرح ليس انتقائيّاً، فنبضات الحزن والفرح لا بدَّ من أن تكون منطلقةً في تفاعلٍ وعقلانيَّة تحتضن مشاعر الآخر وتنفتح عليه، فلم يعد الكثيرون في هذا العالم يمتلكون سوى المشاعر والأحاسيس التي لا بدَّ من أن نحافظ عليها في وجه سياسة تسطيح الإنسان وتجهيله وجعله سجيناً لأنانيّاته وعصبيّاته التي تفقده دوره وحسّه الإنساني المتفاعل مع الآخر.

من هنا، لا بدَّ من أن نتعاطف، وأن نحزن بعقلانيَّة لا انتقائيَّة، فذلك ما يساعدنا على تصحيح مسار علاقاتنا، وتصويب نظرتنا إلى الأمور، وحفظ شخصيَّتنا كبشرٍ لهم مشاعر يفرحون ويحزنون بالشّكل الواعي والمدروس، {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى}[الأعلى: 9].

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

من المفترض أن يكون حزن الإنسان النَّاتج مما يتعرَّض له من كوارث طبيعيَّة، أو بسبب ما يمارَس عليه من العنف والإرهاب، حزناً مشتركاً بين جميع النَّاس، باعتباره أمراً يثير المشاعر الإنسانيَّة، ولكنَّ الواقع لا ينبئ دوماً بذلك، بل ما نراه في كثيرٍ من الأحيان على العكس من ذلك، حيث صار التّعاطف الإنسانيّ خاضعاً لمزاجيَّةٍ وانتقائيَّة، فهناك من يتضامنون معه، وهناك من يمتنعون عن التَّضامن معه، حتّى لو استحقَّ ذلك بجدارة.

مثلاً، مرَّت ضاحية بيروت الجنوبيَّة بأعمالٍ إرهابيَّةٍ حصدت أرواح الكثيرين من الأبرياء، ومع ذلك، لم ترقَ هذه المأساة عند الكثير من المجتمعات إلى مستوى التَّعبير عن التَّضامن والمشاركة في مشاعر الحزن والمواساة، وخصوصاً عبر الفضاء الإعلاميّ العريض والمتنوّع..

وفي المقابل، سقط أبرياء في العاصمة الفرنسيَّة باريس، ورأينا البعض يمتنع عن التَّضامن مع مأساتهم، محتجّاً بأنّهم يدفعون الثَّمن جرّاء لعبة السياسيّين، وأن لا دخل لنا بمواساتهم، فهم لم يواسونا.

ولكنَّ هذا منطقٌ لا إنسانيّ، إذ إنَّ علينا أن نتحسَّس إنسانيَّتنا في إنسانيَّة الآخر، كما قالها يوماً المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض)، فالحزن ليس انتقائيّاً، كما الفرح ليس انتقائيّاً، فنبضات الحزن والفرح لا بدَّ من أن تكون منطلقةً في تفاعلٍ وعقلانيَّة تحتضن مشاعر الآخر وتنفتح عليه، فلم يعد الكثيرون في هذا العالم يمتلكون سوى المشاعر والأحاسيس التي لا بدَّ من أن نحافظ عليها في وجه سياسة تسطيح الإنسان وتجهيله وجعله سجيناً لأنانيّاته وعصبيّاته التي تفقده دوره وحسّه الإنساني المتفاعل مع الآخر.

من هنا، لا بدَّ من أن نتعاطف، وأن نحزن بعقلانيَّة لا انتقائيَّة، فذلك ما يساعدنا على تصحيح مسار علاقاتنا، وتصويب نظرتنا إلى الأمور، وحفظ شخصيَّتنا كبشرٍ لهم مشاعر يفرحون ويحزنون بالشّكل الواعي والمدروس، {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى}[الأعلى: 9].

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية