ظهر "الموبايل" كفكرةٍ مع المهندس الأميركي "مارتن كوبر" ذي الأصول الأوكرانيَّة، ثم أبصر النّور خلال مسابقة تصميم تحت رعايته في العام 1973، حين قرَّر إجراء مكالمة هاتفيَّة مستخدماً الجهاز.
وشكّل هذا الجهاز منذ ذلك الزمن إلى اليوم حاجةً ملحّة لكثير من النّاس، حتى باتت حاجته تعمّ الجميع كباراً وصغاراً، في أماكن العمل، كما في أماكن التّسلية، وفي الشوارع والمنازل، وبات يلاحقنا حتى في غرف نومنا وأثناء أكلنا. فهل فعلاً تشكِّل هذه الآلة حاجةً فعليّةً إلى هذا المستوى؟!
فمع تعقيدات الحياة وكثرة متطلّباتها، يعدّ الهاتف المحمول ضروريّاً وحاجةً للنّاس لقضاء حوائجهم، ولكن لا يجوز أن نحوِّله إلى سيّدٍ يستعبدنا ويأسرنا في كلّ شيء، ويلهينا عن التّفاعل كما ينبغي، فالمشكلة أن يتحوَّل البعض إلى عبيدٍ لهذه الآلة، فينسوا أو يتناسوا ما عليهم من واجباتٍ تجاه أنفسهم وعائلاتهم وأرحامهم!
لذا علينا أن نكون المتنبّهين إلى مخاطر الانسحاق أمامها، وأن نستعملها بالشّكل العاديّ والطّبيعيّ الّذي يعيننا في قضاء الحوائج فقط، لا أن تتسلَّل هذه الآلة إلى نفوسنا فتتحكَّم بنا كيفما تشاء، دون التفاتةٍ منّا ووعيٍ لتداعيات ذلك على أوضاعنا وعلاقاتنا.
لقد اختصرت هذه الآلة العلاقات الإنسانيَّة برمَّتها، ففي الأفراح، نرسل التّهاني والصّور وعبارات السّرور والأفراح، وفي الأحزان، صار البعض يكتفي بإرسال عبارات التّعزية والمواساة من خلاله.
وكأنَّ هذه الآلة الصمَّاء النَّاطقة في آن، باتت قدراً على الإنسان لا يستطيع العيش بدونه، ولكنَّها ليست كذلك إذا ما استعملناها في قضاء حوائجنا بالشَّكل الطّبيعيّ والمتوازن، دون أن نستغرق فيها إلى درجة التّأثير في علاقاتنا الاجتماعيَّة والإنسانيَّة، فعلينا أن نحترم تلك العلاقات بما يليق بها، فلا نجعل من هذه الآلة سبباً للانشغال والتّباعد والتّنافر، فنحن كبشر نحتاج إلى لحظات من القرب الشّعوريّ والإنسانيّ المباشر من دون واسطة، كي تتآلف هذه النّفوس أكثر، وتتفاعل مع بعضها البعض كما ينبغي.
فالمصيبة أن يتحوَّل البعض إلى عبيدٍ لهذه الآلة، ويصرفوا أوقاتهم وجهودهم في أشياء فارغة تستهلك الإنسان، وتبعده عن بناء ذاته وعلاقاته كما يجب.
فلنحذر من هذه الآلة الَّتي بتنا نعتمد عليها في أدقّ التّفاصيل الخاصَّة والعامَّة، ولنستعِن بها على قضاء الحوائج الضروريَّة، ولنعد ترميم علاقاتنا وتنظيم أمورنا كآدميّين ينفتحون على إنسانيّتهم.
*إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

ظهر "الموبايل" كفكرةٍ مع المهندس الأميركي "مارتن كوبر" ذي الأصول الأوكرانيَّة، ثم أبصر النّور خلال مسابقة تصميم تحت رعايته في العام 1973، حين قرَّر إجراء مكالمة هاتفيَّة مستخدماً الجهاز.
وشكّل هذا الجهاز منذ ذلك الزمن إلى اليوم حاجةً ملحّة لكثير من النّاس، حتى باتت حاجته تعمّ الجميع كباراً وصغاراً، في أماكن العمل، كما في أماكن التّسلية، وفي الشوارع والمنازل، وبات يلاحقنا حتى في غرف نومنا وأثناء أكلنا. فهل فعلاً تشكِّل هذه الآلة حاجةً فعليّةً إلى هذا المستوى؟!
فمع تعقيدات الحياة وكثرة متطلّباتها، يعدّ الهاتف المحمول ضروريّاً وحاجةً للنّاس لقضاء حوائجهم، ولكن لا يجوز أن نحوِّله إلى سيّدٍ يستعبدنا ويأسرنا في كلّ شيء، ويلهينا عن التّفاعل كما ينبغي، فالمشكلة أن يتحوَّل البعض إلى عبيدٍ لهذه الآلة، فينسوا أو يتناسوا ما عليهم من واجباتٍ تجاه أنفسهم وعائلاتهم وأرحامهم!
لذا علينا أن نكون المتنبّهين إلى مخاطر الانسحاق أمامها، وأن نستعملها بالشّكل العاديّ والطّبيعيّ الّذي يعيننا في قضاء الحوائج فقط، لا أن تتسلَّل هذه الآلة إلى نفوسنا فتتحكَّم بنا كيفما تشاء، دون التفاتةٍ منّا ووعيٍ لتداعيات ذلك على أوضاعنا وعلاقاتنا.
لقد اختصرت هذه الآلة العلاقات الإنسانيَّة برمَّتها، ففي الأفراح، نرسل التّهاني والصّور وعبارات السّرور والأفراح، وفي الأحزان، صار البعض يكتفي بإرسال عبارات التّعزية والمواساة من خلاله.
وكأنَّ هذه الآلة الصمَّاء النَّاطقة في آن، باتت قدراً على الإنسان لا يستطيع العيش بدونه، ولكنَّها ليست كذلك إذا ما استعملناها في قضاء حوائجنا بالشَّكل الطّبيعيّ والمتوازن، دون أن نستغرق فيها إلى درجة التّأثير في علاقاتنا الاجتماعيَّة والإنسانيَّة، فعلينا أن نحترم تلك العلاقات بما يليق بها، فلا نجعل من هذه الآلة سبباً للانشغال والتّباعد والتّنافر، فنحن كبشر نحتاج إلى لحظات من القرب الشّعوريّ والإنسانيّ المباشر من دون واسطة، كي تتآلف هذه النّفوس أكثر، وتتفاعل مع بعضها البعض كما ينبغي.
فالمصيبة أن يتحوَّل البعض إلى عبيدٍ لهذه الآلة، ويصرفوا أوقاتهم وجهودهم في أشياء فارغة تستهلك الإنسان، وتبعده عن بناء ذاته وعلاقاته كما يجب.
فلنحذر من هذه الآلة الَّتي بتنا نعتمد عليها في أدقّ التّفاصيل الخاصَّة والعامَّة، ولنستعِن بها على قضاء الحوائج الضروريَّة، ولنعد ترميم علاقاتنا وتنظيم أمورنا كآدميّين ينفتحون على إنسانيّتهم.
*إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.