شخصيّة الأولاد والحوافز المادّيّة

شخصيّة الأولاد والحوافز المادّيّة

من المسائل الّتي قد تسيء إلى شخصيّة الأولاد، وتعوّدهم على عادة تضرّ بهم حاضراً ومستقبلاً، هي إغراؤهم بالمال حتّى يأتمروا بشيء أو ينتهوا عنه مهما كان نوعه، فكثير من الآباء والأمّهات يقومون بإعطاء أولادهم أو يعدونهم بالمال أو بهديّة معيّنة إن قاموا بفعلٍ ما أو اجتنبوا عن آخر، ما يجعل الأهل والأولاد معاً ضحيّة الابتزاز السّلبي المتبادل، فهذه الطّريقة تسيء إلى شخصيّة الأولاد عندما يتعلّقون بالمال أو بأشياء ماديّة لقاء واجبات أو فرائض ينبغي أن يقوموا بها بدافع معنويّ ينمِّي روحهم وأخلاقهم، وهذا ما على الأهل القيام به، كحثِّهم على الصّلاة أو أداء الفروض المدرسيّة.

فالدّعم المعنويّ والتّشجيع من الأهل هو بغاية الأهميّة لإنضاج شخصيّة الطّفل وتعويده على الأمور المعنويّة الّتي تنمّيه وتجعله بعيداً عن أجواء المادّة، وما أكثرها هذه الأيّام! وعلى الأهل التنبّه أيضاً إلى أنَّ الأولاد قد يلجأون إلى التَّحايل كي يحصلوا على الحوافز الماديَّة، والتّحايل قد يضرّ بالأولاد إذا استمرّ مصاحباً لهم في المستقبل، وسيُخْضِع بلاوعيه كلّ أمر عليه القيام به لحساباته الماديّة المغرية.

وتربية الأولاد من الأمور الحسّاسة والدّقيقة الّتي ينبغي للأهل الالتفات إليها وتقدير آثارها ونتائجها، مع ذلك، وبناءً على ما تقدّم، لا مانع من تشجيع الأولاد بإعطائهم هدايا مثلاً عند مناسبة معيّنة، ولكن ليس إلى درجة تؤثّر في الطّفل، فيصبح همّه الحصول على أمور ماديّة.

كما أنّه لا ينبغي أن ينحصر دور الأهل بأن يكونوا بالنّسبة إلى الطّفل مصدراً للحصول على ما يتطلّبه من مال أو هدايا، فذلك يحجّم دورهم الأساسيّ والمؤثّر في توجيهه وإغناء شخصيّته وتثقيفه وتعليمه...

وفي سياقٍ متّصل، وعن أسلوب الثّواب والعقاب في تربية الطّفل، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): أمّا بالنّسبة إلى الطّفل، فإنّ هدف استخدام الثّواب والعقاب ما هو إلا تنمية شخصيّته وإنسانيّته وعقله، ما يفرض علينا أن نحاول اكتشاف أقرب الطّرق للوصول إلى عقله.. بعبارة أخرى، إنّ عمليّة التّربية بأغلبها تتّصل بداخل الإنسان، باعتبار أنّنا نريد من خلالها جعل الطّفل يختزن أفكاراً معيّنة في عقله، ومشاعر معيّنة في قلبه، وحمله على التحرّك نحو أهداف معيّنة عبر طرق محدّدة، وبما أنّ التّعامل مع الطّفل يتطلّب النفاذ إلى الدّاخل، وبما أنّ هذا الدّاخل يحتوي دائماً على مناطق مغلقة أمام الآخر، فإنّنا بحاجة إلى تجريب الكثير من الأساليب قبل أن نعثر على المفتاح الملائم.

لذا، فإنّ عمليّة الثّواب والعقاب في التّربية هي عمليّة متحرّكة دائماً، وعلى هذا الأساس، أقول إنّه لا بدّ من دراسة الثّواب والعقاب قبل استخدامه، فلعلّنا إذا ما عوّدنا الطّفل على الثّواب مكافأةً على الدّرس، حملناه على أن لا يدرس إلا مقابل عوض ماليّ يأخذه، بحيث نبتعد به عن الاهتمام الفعليّ بالدّرس أو بأيّ قضيّة أو فكرة.

لكنَّ ذلك لا ينفي أنَّنا قد نحتاج إلى الثّواب في الحالات الّتي يعيش فيها الطّفل التمرّد، والّتي تنفّره من الدّرس أو القراءة أو من أيّ شيء آخر، ليلتقي بما نريد أن نوجّهه إليه ويعيش في داخله ليختاره بنفسه، وهذا ما نلاحظه عند بعض الأطفال الّذين يمتنعون عن الدّرس، فإذا ما أعطاهم الأب أو الأمّ بعض المال أو الألعاب، أو حتّى وعدوهم بنزهة أو بأيّ شيء يحبّونه، اجتهدوا طمعاً بالمكافأة، واندمجوا في الدّرس إلى درجة الإحساس باللذّة، حتّى ينالوا علامات مرتفعة جرّاء ذلك، فلو فرضنا أنّ الأب والأمّ حجبا عنهم الهديّة أو منعاهم من الدّراسة، فإنّهم يتمرّدون عليهما.

إنّ عمليّة الثّواب والعقاب تشبه الدّواء، فهي تحتاج إلى التّدقيق في كميّة الجرعة الّتي نهبها للطّفل في هذا المجال أو ذاك، كما أنّ الثّواب والعقاب مبدأ قرآنيّ، ويتناسب مع الطّبيعة الإنسانيّة... [دنيا الطّفل، ص49].

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

من المسائل الّتي قد تسيء إلى شخصيّة الأولاد، وتعوّدهم على عادة تضرّ بهم حاضراً ومستقبلاً، هي إغراؤهم بالمال حتّى يأتمروا بشيء أو ينتهوا عنه مهما كان نوعه، فكثير من الآباء والأمّهات يقومون بإعطاء أولادهم أو يعدونهم بالمال أو بهديّة معيّنة إن قاموا بفعلٍ ما أو اجتنبوا عن آخر، ما يجعل الأهل والأولاد معاً ضحيّة الابتزاز السّلبي المتبادل، فهذه الطّريقة تسيء إلى شخصيّة الأولاد عندما يتعلّقون بالمال أو بأشياء ماديّة لقاء واجبات أو فرائض ينبغي أن يقوموا بها بدافع معنويّ ينمِّي روحهم وأخلاقهم، وهذا ما على الأهل القيام به، كحثِّهم على الصّلاة أو أداء الفروض المدرسيّة.

فالدّعم المعنويّ والتّشجيع من الأهل هو بغاية الأهميّة لإنضاج شخصيّة الطّفل وتعويده على الأمور المعنويّة الّتي تنمّيه وتجعله بعيداً عن أجواء المادّة، وما أكثرها هذه الأيّام! وعلى الأهل التنبّه أيضاً إلى أنَّ الأولاد قد يلجأون إلى التَّحايل كي يحصلوا على الحوافز الماديَّة، والتّحايل قد يضرّ بالأولاد إذا استمرّ مصاحباً لهم في المستقبل، وسيُخْضِع بلاوعيه كلّ أمر عليه القيام به لحساباته الماديّة المغرية.

وتربية الأولاد من الأمور الحسّاسة والدّقيقة الّتي ينبغي للأهل الالتفات إليها وتقدير آثارها ونتائجها، مع ذلك، وبناءً على ما تقدّم، لا مانع من تشجيع الأولاد بإعطائهم هدايا مثلاً عند مناسبة معيّنة، ولكن ليس إلى درجة تؤثّر في الطّفل، فيصبح همّه الحصول على أمور ماديّة.

كما أنّه لا ينبغي أن ينحصر دور الأهل بأن يكونوا بالنّسبة إلى الطّفل مصدراً للحصول على ما يتطلّبه من مال أو هدايا، فذلك يحجّم دورهم الأساسيّ والمؤثّر في توجيهه وإغناء شخصيّته وتثقيفه وتعليمه...

وفي سياقٍ متّصل، وعن أسلوب الثّواب والعقاب في تربية الطّفل، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): أمّا بالنّسبة إلى الطّفل، فإنّ هدف استخدام الثّواب والعقاب ما هو إلا تنمية شخصيّته وإنسانيّته وعقله، ما يفرض علينا أن نحاول اكتشاف أقرب الطّرق للوصول إلى عقله.. بعبارة أخرى، إنّ عمليّة التّربية بأغلبها تتّصل بداخل الإنسان، باعتبار أنّنا نريد من خلالها جعل الطّفل يختزن أفكاراً معيّنة في عقله، ومشاعر معيّنة في قلبه، وحمله على التحرّك نحو أهداف معيّنة عبر طرق محدّدة، وبما أنّ التّعامل مع الطّفل يتطلّب النفاذ إلى الدّاخل، وبما أنّ هذا الدّاخل يحتوي دائماً على مناطق مغلقة أمام الآخر، فإنّنا بحاجة إلى تجريب الكثير من الأساليب قبل أن نعثر على المفتاح الملائم.

لذا، فإنّ عمليّة الثّواب والعقاب في التّربية هي عمليّة متحرّكة دائماً، وعلى هذا الأساس، أقول إنّه لا بدّ من دراسة الثّواب والعقاب قبل استخدامه، فلعلّنا إذا ما عوّدنا الطّفل على الثّواب مكافأةً على الدّرس، حملناه على أن لا يدرس إلا مقابل عوض ماليّ يأخذه، بحيث نبتعد به عن الاهتمام الفعليّ بالدّرس أو بأيّ قضيّة أو فكرة.

لكنَّ ذلك لا ينفي أنَّنا قد نحتاج إلى الثّواب في الحالات الّتي يعيش فيها الطّفل التمرّد، والّتي تنفّره من الدّرس أو القراءة أو من أيّ شيء آخر، ليلتقي بما نريد أن نوجّهه إليه ويعيش في داخله ليختاره بنفسه، وهذا ما نلاحظه عند بعض الأطفال الّذين يمتنعون عن الدّرس، فإذا ما أعطاهم الأب أو الأمّ بعض المال أو الألعاب، أو حتّى وعدوهم بنزهة أو بأيّ شيء يحبّونه، اجتهدوا طمعاً بالمكافأة، واندمجوا في الدّرس إلى درجة الإحساس باللذّة، حتّى ينالوا علامات مرتفعة جرّاء ذلك، فلو فرضنا أنّ الأب والأمّ حجبا عنهم الهديّة أو منعاهم من الدّراسة، فإنّهم يتمرّدون عليهما.

إنّ عمليّة الثّواب والعقاب تشبه الدّواء، فهي تحتاج إلى التّدقيق في كميّة الجرعة الّتي نهبها للطّفل في هذا المجال أو ذاك، كما أنّ الثّواب والعقاب مبدأ قرآنيّ، ويتناسب مع الطّبيعة الإنسانيّة... [دنيا الطّفل، ص49].

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية