الزواج المختلط في السويد والغرب

الزواج المختلط في السويد والغرب

يلجأ الكثير من العرب والمسلمين إلى الزَّواج من فتيات سويديَّات أو غربيَّات للحصول على الإقامة الدّائمة وتأكيد البقاء في الغرب، والحصول بعد ذلك على الامتيازات الاجتماعيّة التي توفّرها المؤسسات السويدية والغربيّة للمواطنين والمقيمين بطريقة شرعيّة.

وقد حدث أن طلَّق بعض العرب والمسلمين زوجاتهم، وارتبطوا بغربيّات، بعد أن أغراهم الجمال السويدي أو الغربي، وكانت النتائج فظيعة فيما بعد. وتحت السقف الواحد، تبدأ التناقضات تتصادم، والخلفيات الثقافية والاجتماعيّة تتضارب، وقد تفضي في أغلب الأحيان إلى الطلاق، وعندها، قد تطلب المرأة السويدية أو الغربيّة من دوائر الهجرة طرد هذا الأجنبي الذي اتخذ من الزواج مطيّة للحصول على الإقامة.

وفي حال استمرار الزواج وتواصله، فإنّ الإحصاءات أكّدت أنّ معظم أولاد المرأة الغربيّة ينشأون وهم لا يتقنون اللّغة العربية أو اللغة الفارسية أو التركيّة – لغات الآباء -، كما أنّ المسلكيّة الأخلاقيّة والاجتماعيّة والثقافية للأبناء تكون غربيّة خالصة، فربّ فتاة من أب فلسطيني وأمّ سويدية تعيش كما تعيش أيّ فتاة سويدية، ترتبط بأيّ عشيق، وتتصرّف بحريّة مطلقة دون قيود، ولا يملك الأب أيّ سلطة على ابنته، ويكفي اتصال هاتفي واحد بالدّوائر الاجتماعيّة، ليصبح الأب مطروداً من البيت، وإذا كان الآباء المسلمون لا يملكون توجيه بناتهم أو أولادهم من أمهات عربيّات ومسلمات، فما بال القارئ بالأولاد من أمهات سويديات أو غربيّات؟!

وبعض الزيجات التي صمدت إلى حدٍّ ما، هي زواج بعض العرب من سويديّات مسلمات، واللائي اعتنقن الإسلام، ومع ذلك، تنشب بعض الخلافات، وخصوصاً أنّ السويدية المسلمة على سبيل المثال، تحتفظ في لا شعورها بثقافتها الخاصّة، والعربي أو المسلم قد تصدر عنه بعض التصرّفات التي لا تنسجم مع روح الحضارة العربيّة والإسلاميّة.

وفي مجال الزّواج المختلط، فانّ الذي يدفع الضريبة بشكل كبير هم الأولاد، الذين يتأرجحون بين ثقافتين متغايرتين، وبين مسلكيّتين في الحياة لا تلتقيان. وعلى سبيل المثال، فانّ الأطفال المتبنّين الصغار الذين استقدمتهم عوائل سويديّة متمكّنة ماديًّا من سريلانكا والفيتنام والبلدان الفقيرة، ورغم أنّهم تربّوا في كنف ثقافة سويديّة خالصة، إلّا أنّ هؤلاء الأطفال، وبعد أن كبروا، باتوا يتساءلون عن هويتهم وثقافتهم وجذورهم وحقيقة الحضارة التي ينتمون إليها، فما بالك بأطفال تتولّى توجيههم ثقافتان، منهجان في الحيّاة؟!

وحسب معلومات دقيقة، تبينّ أنّ المنهج الذي يؤثّر في الأبناء أكثر من غيره، هو منهج الأمّ، باعتبار أنّ ثقافة الأمّ لها مستند في الواقع السويدي أو الغربي، ويلعب الأقرباء والأهل دوراً كبيراً في تعميق الانتماء الفكري إلى المجتمع الغربي، فيما الأب يكون غريباً، ويقضي معظم أوقاته في العمل، بينما الأطفال يعيشون تفاصيل الواقع والثقافة السويدية والغربيّة في المدرسة والبيت وبقيّة الأمكنة، وقد تسنَّى لي أن ألتقي بأطفال لا تربطهم بالحضارة العربيّة والإسلاميّة غير الاسم، فيما مضامينهم ومسلكيّتهم وثقافتهم سويدية وغربيّة قحّة .

وغالباً ما ينتهي الزواج المختلط بالطلاق، وها هنا يتعلق الأبناء بوطن أمّهم، باعتبار أنّهم لا يعرفون شيئاً عن وطن أبيهم، لأنّ هذا الأب العربي والمسلم حدّث بنيه عن وطن ديكتاتور، عن وطن فوضويّ، عن وطن سجّان، عن وطن بوليسيّ، باعتبار أنّ العديد من الآباء العرب والمسلمين، إنّما هاجروا إلى الغرب لدوافع سياسية أو اقتصادية، وكلّ ناقم على وضعه العربي والإسلامي، وفي الوقت الذي يتحدّث الأب عن وطن مرعب، فإنّهم يرون بأمّ أعينهم وطناً يوفّر لهم الأمن والطمأنينة والسلام، ويوفّر لهم راتباً من الصّغر يتيح لهم شراء حاجياتهم. وفي هذا المجال، يصبح الوطن الحقيقيّ لهؤلاء الأبناء هو السويد وبقيّة العواصم الغربيّة، فيما يعيش الأب على أمل الرجوع إلى وطنه لصقل شخصيّة أولاده، لكن الزمن يغالبه، فيجد أمامه أبناء من صلبه بيولوجيّاً، وثقافيّاً من صلب الحضارة الغربيّة.

وحتى إذا حاول هذا الأب العربي والمسلم أن يهرب بأبنائه إلى العالم العربي والإسلامي، فانّ العواصم الغربيّة وضعت من القوانين ما به تسترجع حتى القطّة الغربيّة المهرّبة إلى العالم العربي والإسلامي، وخصوصاً في ظلّ الضعف الرسمي العربي، وغياب مؤسسات عربية وإسلاميّة جادة تحصّن الأسرة العربيّة والإسلاميّة في الغرب .

*من منشورات د. يحي أبوزكريّا.

يلجأ الكثير من العرب والمسلمين إلى الزَّواج من فتيات سويديَّات أو غربيَّات للحصول على الإقامة الدّائمة وتأكيد البقاء في الغرب، والحصول بعد ذلك على الامتيازات الاجتماعيّة التي توفّرها المؤسسات السويدية والغربيّة للمواطنين والمقيمين بطريقة شرعيّة.

وقد حدث أن طلَّق بعض العرب والمسلمين زوجاتهم، وارتبطوا بغربيّات، بعد أن أغراهم الجمال السويدي أو الغربي، وكانت النتائج فظيعة فيما بعد. وتحت السقف الواحد، تبدأ التناقضات تتصادم، والخلفيات الثقافية والاجتماعيّة تتضارب، وقد تفضي في أغلب الأحيان إلى الطلاق، وعندها، قد تطلب المرأة السويدية أو الغربيّة من دوائر الهجرة طرد هذا الأجنبي الذي اتخذ من الزواج مطيّة للحصول على الإقامة.

وفي حال استمرار الزواج وتواصله، فإنّ الإحصاءات أكّدت أنّ معظم أولاد المرأة الغربيّة ينشأون وهم لا يتقنون اللّغة العربية أو اللغة الفارسية أو التركيّة – لغات الآباء -، كما أنّ المسلكيّة الأخلاقيّة والاجتماعيّة والثقافية للأبناء تكون غربيّة خالصة، فربّ فتاة من أب فلسطيني وأمّ سويدية تعيش كما تعيش أيّ فتاة سويدية، ترتبط بأيّ عشيق، وتتصرّف بحريّة مطلقة دون قيود، ولا يملك الأب أيّ سلطة على ابنته، ويكفي اتصال هاتفي واحد بالدّوائر الاجتماعيّة، ليصبح الأب مطروداً من البيت، وإذا كان الآباء المسلمون لا يملكون توجيه بناتهم أو أولادهم من أمهات عربيّات ومسلمات، فما بال القارئ بالأولاد من أمهات سويديات أو غربيّات؟!

وبعض الزيجات التي صمدت إلى حدٍّ ما، هي زواج بعض العرب من سويديّات مسلمات، واللائي اعتنقن الإسلام، ومع ذلك، تنشب بعض الخلافات، وخصوصاً أنّ السويدية المسلمة على سبيل المثال، تحتفظ في لا شعورها بثقافتها الخاصّة، والعربي أو المسلم قد تصدر عنه بعض التصرّفات التي لا تنسجم مع روح الحضارة العربيّة والإسلاميّة.

وفي مجال الزّواج المختلط، فانّ الذي يدفع الضريبة بشكل كبير هم الأولاد، الذين يتأرجحون بين ثقافتين متغايرتين، وبين مسلكيّتين في الحياة لا تلتقيان. وعلى سبيل المثال، فانّ الأطفال المتبنّين الصغار الذين استقدمتهم عوائل سويديّة متمكّنة ماديًّا من سريلانكا والفيتنام والبلدان الفقيرة، ورغم أنّهم تربّوا في كنف ثقافة سويديّة خالصة، إلّا أنّ هؤلاء الأطفال، وبعد أن كبروا، باتوا يتساءلون عن هويتهم وثقافتهم وجذورهم وحقيقة الحضارة التي ينتمون إليها، فما بالك بأطفال تتولّى توجيههم ثقافتان، منهجان في الحيّاة؟!

وحسب معلومات دقيقة، تبينّ أنّ المنهج الذي يؤثّر في الأبناء أكثر من غيره، هو منهج الأمّ، باعتبار أنّ ثقافة الأمّ لها مستند في الواقع السويدي أو الغربي، ويلعب الأقرباء والأهل دوراً كبيراً في تعميق الانتماء الفكري إلى المجتمع الغربي، فيما الأب يكون غريباً، ويقضي معظم أوقاته في العمل، بينما الأطفال يعيشون تفاصيل الواقع والثقافة السويدية والغربيّة في المدرسة والبيت وبقيّة الأمكنة، وقد تسنَّى لي أن ألتقي بأطفال لا تربطهم بالحضارة العربيّة والإسلاميّة غير الاسم، فيما مضامينهم ومسلكيّتهم وثقافتهم سويدية وغربيّة قحّة .

وغالباً ما ينتهي الزواج المختلط بالطلاق، وها هنا يتعلق الأبناء بوطن أمّهم، باعتبار أنّهم لا يعرفون شيئاً عن وطن أبيهم، لأنّ هذا الأب العربي والمسلم حدّث بنيه عن وطن ديكتاتور، عن وطن فوضويّ، عن وطن سجّان، عن وطن بوليسيّ، باعتبار أنّ العديد من الآباء العرب والمسلمين، إنّما هاجروا إلى الغرب لدوافع سياسية أو اقتصادية، وكلّ ناقم على وضعه العربي والإسلامي، وفي الوقت الذي يتحدّث الأب عن وطن مرعب، فإنّهم يرون بأمّ أعينهم وطناً يوفّر لهم الأمن والطمأنينة والسلام، ويوفّر لهم راتباً من الصّغر يتيح لهم شراء حاجياتهم. وفي هذا المجال، يصبح الوطن الحقيقيّ لهؤلاء الأبناء هو السويد وبقيّة العواصم الغربيّة، فيما يعيش الأب على أمل الرجوع إلى وطنه لصقل شخصيّة أولاده، لكن الزمن يغالبه، فيجد أمامه أبناء من صلبه بيولوجيّاً، وثقافيّاً من صلب الحضارة الغربيّة.

وحتى إذا حاول هذا الأب العربي والمسلم أن يهرب بأبنائه إلى العالم العربي والإسلامي، فانّ العواصم الغربيّة وضعت من القوانين ما به تسترجع حتى القطّة الغربيّة المهرّبة إلى العالم العربي والإسلامي، وخصوصاً في ظلّ الضعف الرسمي العربي، وغياب مؤسسات عربية وإسلاميّة جادة تحصّن الأسرة العربيّة والإسلاميّة في الغرب .

*من منشورات د. يحي أبوزكريّا.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية