الخوف عند الأطفال وعوامله‏

الخوف عند الأطفال وعوامله‏

قد تظهر آثار الخوف عند الطفل لأسباب عديدة ومختلفة، منها: عوامل تكوينية قبل الولادة، وعوامل بيئيّة بعد الولادة، ينتج منها عقد مكتسبة تصيب الطفل أثناء نموّه وتطوّره، وهذه العوامل هي :

1- العامل الصحي :

فالرعاية الصحية للأم أثناء الحمل، والتغذية الجيّدة لها، وعدم إصابتها بالأمراض والعقد النفسيّة والهياج العصبي والتوتر النفسي، أو الجهد الزائد الذي تتعرّض له الأم خلال تلك الفترة، أو بسبب المضاعفات الجراحية والمرضية أثناء الولادة وبعدها، كما أنّ رعاية المولود وتوفير البيئة الصحيّة له حتى ينمو ويتعلّم العادات الصحية الصحيحة بشكل علمي مدروس، وفق أحدث الأساليب، يجعل عقل الطّفل وفكره ينمو بصورة اعتياديّة وسليمة، ويترك أثراً كبيراً على سلوك الطفل مستقبلاً، ويجعله يعيش حياة لا تعكّرها الشّوائب والشّكوك وعقد الخوف.

2- العامل التربوي :

يبدأ الطفل بالنمو جسمياً وفكرياً، ويأخذ تفكيره طابعاً مختلفاً في هذه الفترة، حيث يبدأ نظره إلى الامور المستجدّة بشكل أعمق من السابق، مع ما يرافق تلك الفترة من تأثير تربويّ في البيت والشّارع والمدرسة، وانعكاس تلك الظروف على نفسية الطفل سلباً أو إيجاباً، وبأشكال متفاوتة، قد يكون تأثيرها بسيطاً بعض الأحيان، أو ذات تأثير متوسط، وقد تأخذ طابعاً حاداً يؤدي إلى إصابة الطفل بعقد مختلفة، أبرزها: الخوف وظلام المستقبل.

والتربية الصحيحة لها آثار كبيرة لمنع الطفل من السقوط في هاوية الخوف والجمود والنظر إلى المستقبل بمنظار الرّيبة والشّكّ والحيرة.

3 - العامل الاجتماعي والبيئي:

العصر الحديث، وما يمثّله من سرعة في الحركة والتطوّر، حيث سهولة السفر وسرعته، وانتشار وسائل الإعلام كالراديو والتلفزيون في جميع البيوت، وكثرة دور السّينما التي تعرض الأفلام غير الهادفة، إضافةً إلى التطور التكنولوجي السريع، وظهور الأحياء والمدن ذات الكثافة السكانية العالية، جعلت من فكر الطفل- الذي لايزال يعيش مرحلة النموّ، ويفتقر للقدرة التي تؤهّله لتحمّل المصاعب - فكراً مضطرباً مشوَّشاً بعض الأحيان، لا ينظر إلى المستقبل إلّا بمنظار الشّكّ والرّيبة والخوف للأزمة النّاتجة من اضطراب دائم في السلوك والأفكار.

وهذه المضاعفات تشاهَد بوضوح في الأحياء السكنية المكتظّة بالسكان، والمحرومة من الخدمات الصحية والبيئية والاجتماعية، حيث يؤثّر هذا المناخ في الطفل، ويجعله يكتسب الكثير من العادات السيئة التي لها الأثر البالغ على مستقبله ومستقبل أسرته، ويكون بسببها في حاجة ماسّة إلى جهود متواصلة وحثيثة كي يتخلّص من آثار ورواسب ذلك المجتمع وتلك البيئة الفاسدة. إضافةً إلى أنّ النظم الاجتماعية السائدة في العالم تفتقر إلى تطبيق العدالة الاجتماعية، ما أدّى إلى نقص واضح لهذه الشريحة الغضّة من المجتمع، وما يعكسه هذا النقص من انعكاسات تركت أسوأ الآثار على سلوك ذلك الطفل النامي ونفسيّته، ويمكن ملاحظة تلك المظاهر بأسوأ حالاتها داخل الطبقات الفقيرة المحرومة من هذه الرعاية.

4- العامل المالي :

يدخل العامل المالي كأحد الأطراف المؤثّرة في خلق بعض العقد النفسيّة وتبلورها لدى الأطفال في مراحل نموهم، حيث إنّ وجود المال الكافي عند العائلة يجعلها توفر الوسائل الكفيلة والمتطلّبات الأساسية، الأمر الذي يجعل من تربية الطفل تأخذ مسارها الصحيح، لأنَّ المال يعتبر عاملاً مؤثّراً ومساعداً في حلّ المشاكل التي قد تحدث للعائلة.

وبالعكس من ذلك، فانّ الفقر يزيد الطين بللاً، ويضاعف المشاكل العائليّة أكثر فأكثر، من جراء عدم توفر المال الكافي لديهم.

5- العامل الغذائي :

التغذية الجيدة والعلمية للأم أثناء الحمل وبعده، وللطفل أثناء نموّه، لها الأثر الكبير في فعالية الجسم وزيادة مقاومته للأمراض، ما يجعله أقلّ عرضة للأمراض التي قد تصيبه، وتؤدّي في حينه إلى ضعف مقاومته البدنيّة والفكريّة.

أمّا إذا كان الغذاء المتناول قليل الكميّة، وذا نوعيّة غير متوازنة، لا تفي بالمتطلبات الجسمية والروحية، نتج منه هزال في الجسم، وتغيّر في السّلوك الطبيعي للطفل، قد يصل في بعض مراحله إلى متغيّرات نفسيّة وعاطفيّة عديدة، لها ارتباط وثيق بطول الفترة التي تعرّض فيها الطفل لعوامل سوء التغذية المختلفة خلال مراحل نموّه المتعاقبة.

6- العامل الثقافي :

وهو من العوامل المهمة التي تجعل تربية الطفل تأخذ المسار العلمي الكفيل بالحدّ من المشاكل والمتاعب اليومية والغذائية والنفسية للطفل، فبدلاً من أن يكون الجهل عاملاً إضافياً ثقيلاً، تكون الثقافة عاملاً مساعداً للحدّ من تزايد مخاوف الطفل واضطرابه وانحرافه، زخصوصاً إذا علمنا أنّ الثقافة التي يتلقّاها الأطفال في الوقت الحاضر، أغلبها ثقافة غير إسلاميّة، لا تستند إلى روح الإسلام العظيم، التي تغرس في الأطفال القدرة وروح المقاومة والصمود، وتزرع الإيمان الكفيل بإزالة عوامل القلق والخوف- المادي والروحي- وتحطيمها، خلافاً لما نراه اليوم من ثقافة ماديّة حاقدة يتغذّى بها أطفالنا الأعزاء خلال مراحل دراساتهم المختلفة، وهي بلا شكّ بعيدة عن واقع الإسلام العظيم، وما يمثّله من مصدر مهمّ للثقافة الإسلاميّة والإنسانيّة.

إذ إنّ الثقافة الإسلامية تستند إلى ركائز قويّة، كالقرآن الحكيم، والسنَّة النبويّة الشريفة، وسيرة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، والتي برهن التّاريخ القديم والحاضر على أنها الثقافة الوحيدة القادرة على خلق الإنسان المؤمن المقاوم والمبدع، الذي يملك العزيمة الكاملة التي تؤهّله لأن يكون عضواً صالحاً في مجتمع خال من الوساوس والأفكار الهدّامة والخرافات.

7- العامل الديني :

وهو من العوامل المهمّة والمؤثّرة جداً في حياة الأطفال، لأنّ نشوء الطفل وترعرعه وسط مجتمع محافظ وملتزم بالمعتقدات الدينية السماوية، سيولّد بلا شكّ طفلاً مؤمناً صالحاً مستقيم السيرة، قويّ العقيدة، لا تؤثّر فيه الصدمات النفسية، أو التيارات الفكرية.

وطبعاً، فإنّ مجتمعاً كهذا سيكون مجتمعاً فاضلاً تسوده المحبّة والإخاء والصداقة والوفاء، وتتجلّى فيه السعادة الاجتماعية بأبهى صورها وأحلاها، وتجري فيه الحياة بلا تكلّف ولا عقد نفسية أو اضطرابات عقليّة.

كيف لا؟ والأخلاق الدينية الإسلامية منحته من روحها وحلاوتها أحلى القيم الرّشيدة، وفق المسار الصحيح والطريق القويم، والنضج الفكري المثالي الّذي يبلور روح الفضيلة لدى الفرد والأسرة والمجتمع.

مجتمع بهذا البناء الرّوحيّ القويّ، يخلق - حتماً - جيلاً من الأطفال ذا قوّة جسديّة وروحية عالية، تجعله في مناعة من المؤثرات الخارجية، أو تمنع هذه المؤثّرات من أن تكون ذات أثر حادّ يعجل في سقوط الطفل في خضمّ المشاكل العاطفية والنفسية والخوف المنتظر.

وقد تجعل من ذلك الأثر الموجود عند الأطفال شيئاً مؤقتاً، وليس حالة دائمة. وهذا ما يحدو بالأطفال إلى أن ينظروا إلى المستقبل نظرة أمل واشراق واستبشار وتفاؤل، على العكس من زملائهم الذين ينشأون في مجتمعات وأسر غير ملتزمة دينيّاً، لا تعرف الجانب التربوي والأخلاقي العظيم الذي جاء به الدين الحنيف.

فمثل أولئك الأطفال تكثر فيهم وتنمو عندهم عقد الخوف والقلق والتشاؤم من المجهول، وتظهر عليهم الاضطرابات النفسية بصورة مبكرة، ما يحول حياتهم إلى بؤس ومرارة تتخلّلها الهزات العنيفة بأعلى مراحلها وحدودها. وأخيراً تهيئء لهم عوامل السقوط والانحدار نحو جحيم الحياة المضطربة.

8- العامل الأسروي :

يعتبر من العوامل المؤثّرة في تغيّر سلوك الأطفال وأخلاقهم ونوازعهم، وهو ذو أثر مصيريّ في تقرير مستقبلهم النفسي، وخصوصاً في الأعوام الأولى خلال مراحل النموّ. فعندما يبدأ الطفل يعي ويدرك ما حوله، ويشاهد بأمّ عينيه وقلبه الصّغير المشاحنات العائليّة المستمرّة، والصراع العائلي الدّائم يمزّق شمل الأسرة وهناءها، يدبّ الألم والخوف فيه، وتستحكم في داخل كيانه الطريّ والبري‏ء العقد النفسية، التي قد تزداد مع استمرار الحوادث وديمومتها وتتابعها.

فمثلاً، الطلاق الواقع بين الأبوين، يجعل الطفل ممزَّق الشّعور والعواطف والآراء، وعرضة لدخول عالم الخوف القاتل.

كذلك نرى أنَّ روح اللامبالاة من قبل الآباء تجاه أطفالهم، أو إعطاءهم الحرية اللامحدودة، يعطي نتائج معكوسة في سلوك الأطفال، أمّا التّهديد المستمرّ أو التضييق بقسوة، وعدم تلبية حاجات الأطفال الضرورية ورغباتهم ومتطلّباتهم، مع التمييز في التعامل بينهم، يؤدّي إلى خلق حالة تناقض في سلوكهم قد تدفعهم إلى السّقوط في مهالك التناقضات والصراعات ذات التأثير الواضح في مجمل سلوك الأطفال.

*من كتاب "القرآن والطب الحديث".

قد تظهر آثار الخوف عند الطفل لأسباب عديدة ومختلفة، منها: عوامل تكوينية قبل الولادة، وعوامل بيئيّة بعد الولادة، ينتج منها عقد مكتسبة تصيب الطفل أثناء نموّه وتطوّره، وهذه العوامل هي :

1- العامل الصحي :

فالرعاية الصحية للأم أثناء الحمل، والتغذية الجيّدة لها، وعدم إصابتها بالأمراض والعقد النفسيّة والهياج العصبي والتوتر النفسي، أو الجهد الزائد الذي تتعرّض له الأم خلال تلك الفترة، أو بسبب المضاعفات الجراحية والمرضية أثناء الولادة وبعدها، كما أنّ رعاية المولود وتوفير البيئة الصحيّة له حتى ينمو ويتعلّم العادات الصحية الصحيحة بشكل علمي مدروس، وفق أحدث الأساليب، يجعل عقل الطّفل وفكره ينمو بصورة اعتياديّة وسليمة، ويترك أثراً كبيراً على سلوك الطفل مستقبلاً، ويجعله يعيش حياة لا تعكّرها الشّوائب والشّكوك وعقد الخوف.

2- العامل التربوي :

يبدأ الطفل بالنمو جسمياً وفكرياً، ويأخذ تفكيره طابعاً مختلفاً في هذه الفترة، حيث يبدأ نظره إلى الامور المستجدّة بشكل أعمق من السابق، مع ما يرافق تلك الفترة من تأثير تربويّ في البيت والشّارع والمدرسة، وانعكاس تلك الظروف على نفسية الطفل سلباً أو إيجاباً، وبأشكال متفاوتة، قد يكون تأثيرها بسيطاً بعض الأحيان، أو ذات تأثير متوسط، وقد تأخذ طابعاً حاداً يؤدي إلى إصابة الطفل بعقد مختلفة، أبرزها: الخوف وظلام المستقبل.

والتربية الصحيحة لها آثار كبيرة لمنع الطفل من السقوط في هاوية الخوف والجمود والنظر إلى المستقبل بمنظار الرّيبة والشّكّ والحيرة.

3 - العامل الاجتماعي والبيئي:

العصر الحديث، وما يمثّله من سرعة في الحركة والتطوّر، حيث سهولة السفر وسرعته، وانتشار وسائل الإعلام كالراديو والتلفزيون في جميع البيوت، وكثرة دور السّينما التي تعرض الأفلام غير الهادفة، إضافةً إلى التطور التكنولوجي السريع، وظهور الأحياء والمدن ذات الكثافة السكانية العالية، جعلت من فكر الطفل- الذي لايزال يعيش مرحلة النموّ، ويفتقر للقدرة التي تؤهّله لتحمّل المصاعب - فكراً مضطرباً مشوَّشاً بعض الأحيان، لا ينظر إلى المستقبل إلّا بمنظار الشّكّ والرّيبة والخوف للأزمة النّاتجة من اضطراب دائم في السلوك والأفكار.

وهذه المضاعفات تشاهَد بوضوح في الأحياء السكنية المكتظّة بالسكان، والمحرومة من الخدمات الصحية والبيئية والاجتماعية، حيث يؤثّر هذا المناخ في الطفل، ويجعله يكتسب الكثير من العادات السيئة التي لها الأثر البالغ على مستقبله ومستقبل أسرته، ويكون بسببها في حاجة ماسّة إلى جهود متواصلة وحثيثة كي يتخلّص من آثار ورواسب ذلك المجتمع وتلك البيئة الفاسدة. إضافةً إلى أنّ النظم الاجتماعية السائدة في العالم تفتقر إلى تطبيق العدالة الاجتماعية، ما أدّى إلى نقص واضح لهذه الشريحة الغضّة من المجتمع، وما يعكسه هذا النقص من انعكاسات تركت أسوأ الآثار على سلوك ذلك الطفل النامي ونفسيّته، ويمكن ملاحظة تلك المظاهر بأسوأ حالاتها داخل الطبقات الفقيرة المحرومة من هذه الرعاية.

4- العامل المالي :

يدخل العامل المالي كأحد الأطراف المؤثّرة في خلق بعض العقد النفسيّة وتبلورها لدى الأطفال في مراحل نموهم، حيث إنّ وجود المال الكافي عند العائلة يجعلها توفر الوسائل الكفيلة والمتطلّبات الأساسية، الأمر الذي يجعل من تربية الطفل تأخذ مسارها الصحيح، لأنَّ المال يعتبر عاملاً مؤثّراً ومساعداً في حلّ المشاكل التي قد تحدث للعائلة.

وبالعكس من ذلك، فانّ الفقر يزيد الطين بللاً، ويضاعف المشاكل العائليّة أكثر فأكثر، من جراء عدم توفر المال الكافي لديهم.

5- العامل الغذائي :

التغذية الجيدة والعلمية للأم أثناء الحمل وبعده، وللطفل أثناء نموّه، لها الأثر الكبير في فعالية الجسم وزيادة مقاومته للأمراض، ما يجعله أقلّ عرضة للأمراض التي قد تصيبه، وتؤدّي في حينه إلى ضعف مقاومته البدنيّة والفكريّة.

أمّا إذا كان الغذاء المتناول قليل الكميّة، وذا نوعيّة غير متوازنة، لا تفي بالمتطلبات الجسمية والروحية، نتج منه هزال في الجسم، وتغيّر في السّلوك الطبيعي للطفل، قد يصل في بعض مراحله إلى متغيّرات نفسيّة وعاطفيّة عديدة، لها ارتباط وثيق بطول الفترة التي تعرّض فيها الطفل لعوامل سوء التغذية المختلفة خلال مراحل نموّه المتعاقبة.

6- العامل الثقافي :

وهو من العوامل المهمة التي تجعل تربية الطفل تأخذ المسار العلمي الكفيل بالحدّ من المشاكل والمتاعب اليومية والغذائية والنفسية للطفل، فبدلاً من أن يكون الجهل عاملاً إضافياً ثقيلاً، تكون الثقافة عاملاً مساعداً للحدّ من تزايد مخاوف الطفل واضطرابه وانحرافه، زخصوصاً إذا علمنا أنّ الثقافة التي يتلقّاها الأطفال في الوقت الحاضر، أغلبها ثقافة غير إسلاميّة، لا تستند إلى روح الإسلام العظيم، التي تغرس في الأطفال القدرة وروح المقاومة والصمود، وتزرع الإيمان الكفيل بإزالة عوامل القلق والخوف- المادي والروحي- وتحطيمها، خلافاً لما نراه اليوم من ثقافة ماديّة حاقدة يتغذّى بها أطفالنا الأعزاء خلال مراحل دراساتهم المختلفة، وهي بلا شكّ بعيدة عن واقع الإسلام العظيم، وما يمثّله من مصدر مهمّ للثقافة الإسلاميّة والإنسانيّة.

إذ إنّ الثقافة الإسلامية تستند إلى ركائز قويّة، كالقرآن الحكيم، والسنَّة النبويّة الشريفة، وسيرة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، والتي برهن التّاريخ القديم والحاضر على أنها الثقافة الوحيدة القادرة على خلق الإنسان المؤمن المقاوم والمبدع، الذي يملك العزيمة الكاملة التي تؤهّله لأن يكون عضواً صالحاً في مجتمع خال من الوساوس والأفكار الهدّامة والخرافات.

7- العامل الديني :

وهو من العوامل المهمّة والمؤثّرة جداً في حياة الأطفال، لأنّ نشوء الطفل وترعرعه وسط مجتمع محافظ وملتزم بالمعتقدات الدينية السماوية، سيولّد بلا شكّ طفلاً مؤمناً صالحاً مستقيم السيرة، قويّ العقيدة، لا تؤثّر فيه الصدمات النفسية، أو التيارات الفكرية.

وطبعاً، فإنّ مجتمعاً كهذا سيكون مجتمعاً فاضلاً تسوده المحبّة والإخاء والصداقة والوفاء، وتتجلّى فيه السعادة الاجتماعية بأبهى صورها وأحلاها، وتجري فيه الحياة بلا تكلّف ولا عقد نفسية أو اضطرابات عقليّة.

كيف لا؟ والأخلاق الدينية الإسلامية منحته من روحها وحلاوتها أحلى القيم الرّشيدة، وفق المسار الصحيح والطريق القويم، والنضج الفكري المثالي الّذي يبلور روح الفضيلة لدى الفرد والأسرة والمجتمع.

مجتمع بهذا البناء الرّوحيّ القويّ، يخلق - حتماً - جيلاً من الأطفال ذا قوّة جسديّة وروحية عالية، تجعله في مناعة من المؤثرات الخارجية، أو تمنع هذه المؤثّرات من أن تكون ذات أثر حادّ يعجل في سقوط الطفل في خضمّ المشاكل العاطفية والنفسية والخوف المنتظر.

وقد تجعل من ذلك الأثر الموجود عند الأطفال شيئاً مؤقتاً، وليس حالة دائمة. وهذا ما يحدو بالأطفال إلى أن ينظروا إلى المستقبل نظرة أمل واشراق واستبشار وتفاؤل، على العكس من زملائهم الذين ينشأون في مجتمعات وأسر غير ملتزمة دينيّاً، لا تعرف الجانب التربوي والأخلاقي العظيم الذي جاء به الدين الحنيف.

فمثل أولئك الأطفال تكثر فيهم وتنمو عندهم عقد الخوف والقلق والتشاؤم من المجهول، وتظهر عليهم الاضطرابات النفسية بصورة مبكرة، ما يحول حياتهم إلى بؤس ومرارة تتخلّلها الهزات العنيفة بأعلى مراحلها وحدودها. وأخيراً تهيئء لهم عوامل السقوط والانحدار نحو جحيم الحياة المضطربة.

8- العامل الأسروي :

يعتبر من العوامل المؤثّرة في تغيّر سلوك الأطفال وأخلاقهم ونوازعهم، وهو ذو أثر مصيريّ في تقرير مستقبلهم النفسي، وخصوصاً في الأعوام الأولى خلال مراحل النموّ. فعندما يبدأ الطفل يعي ويدرك ما حوله، ويشاهد بأمّ عينيه وقلبه الصّغير المشاحنات العائليّة المستمرّة، والصراع العائلي الدّائم يمزّق شمل الأسرة وهناءها، يدبّ الألم والخوف فيه، وتستحكم في داخل كيانه الطريّ والبري‏ء العقد النفسية، التي قد تزداد مع استمرار الحوادث وديمومتها وتتابعها.

فمثلاً، الطلاق الواقع بين الأبوين، يجعل الطفل ممزَّق الشّعور والعواطف والآراء، وعرضة لدخول عالم الخوف القاتل.

كذلك نرى أنَّ روح اللامبالاة من قبل الآباء تجاه أطفالهم، أو إعطاءهم الحرية اللامحدودة، يعطي نتائج معكوسة في سلوك الأطفال، أمّا التّهديد المستمرّ أو التضييق بقسوة، وعدم تلبية حاجات الأطفال الضرورية ورغباتهم ومتطلّباتهم، مع التمييز في التعامل بينهم، يؤدّي إلى خلق حالة تناقض في سلوكهم قد تدفعهم إلى السّقوط في مهالك التناقضات والصراعات ذات التأثير الواضح في مجمل سلوك الأطفال.

*من كتاب "القرآن والطب الحديث".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية