حقوق الجيران

حقوق الجيران

لرابطة الجوار دور كبير في حركة المجتمع التكاملية، فهي تأتي في المرتبة الثانية من بعد رابطة الأرحام، إذ للجوار تأثير متبادل على سير الأسرة، فهو المحيط الاجتماعي المصغّر الذي تعيش فيه الأسرة وتنعكس عليها مظاهره وممارساته التربوية والسلوكية، ولهذا نجد أنّ المنهج الإسلامي أبدى فيه عناية خاصة، فقد قرن القرآن الكريم عبادة الله تعالى والإحسان إلى الوالدين والأرحام بالإحسان إلى الجار، كما في قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ}[النساء: 36].

فقد رسم القرآن الكريم منهجاً موضوعيّاً في العلاقات الاجتماعية يجمعه الإحسان إلى أفراد المجتمع، وخصوصاً المرتبطين برابطة الجوار.

وحقّ الجوار لا ينظر فيه إلى الانتماء العقائدي والمذهبي، بل هو شامل لمطلق الإنسان، مسلماً كان أو غير مسلم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "الجيران ثلاثة: فمنهم من له ثلاثة حقوق: حقّ الجوار، وحقّ الإسلام، وحقّ القرابة، ومنهم من له حقّان: حقّ الإسلام، وحقّ الجوار، ومنهم من له حقّ واحد: الكافر له حقّ الجوار"(1).

ـ الوصايا الشريفة :

أوصى رسول الله وأهل بيته (عليهم السلام) بمراعاة حقّ الجوار، والسعي إلى تحقيقه في الواقع، وركّز على ذلك باعتباره من وصايا الله تعالى له، قال: "مازال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورثه"(2).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "والله الله في جيرانكم، فإنّهم وصيّة نبيكم، مازال يوصي بهم حتى ظننّا أنه سيورّثهم"(3).

وقد كتب رسول الله كتاباً بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل المدينة: "إنّ الجار كالنفس غير مضارّ ولا آثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أُمّه"(4).

وقد جعل رسول الله إكرام الجار من علامات الايمان، فقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"(5).

واستعاذ من جار السوء الذي أطبقت الأنانية على مشاعره ومواقفه، فقال: "أعوذ بالله من جار السّوء في دار إقامة، تراك عيناه ويرعاك قلبه، إن رآك بخير ساءه، وإن رآك بشرّ سرّه" (6).

ـ حسن الجوار: إنَّ حسن الجوار من الأوامر الإلهيّة، كما قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "عليكم بحسن الجوار، فإنّ الله عزَّ وجلَّ أمر بذلك" (7).

وحسن الجوار ليس كفّ الأذى فحسب، وإنّما هو الصبر على الأذى من أجل إدامة العلاقات، وعدم حدوث القطيعة، قال الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): "ليس حسن الجوار كفّ الأذى، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى"(8).

ودعا إلى تفقّد أحوال الجيران وتفقّد حاجاتهم، فقال: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع"(9).

وحثّ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) على حسن الجوار، لما فيه من تأثيرات إيجابية واقعيّة تعود بالنفع على المحسن لجاره، فقال: "حسن الجوار يعمّر الديار، ويزيد في الأعمار"(10).

وقد أمر عليّاً وسلمان وأبا ذر والمقداد أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم بأنّه "لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه"، فنادوا بها ثلاثاً، ثم أومأ بيده إلى كلّ أربعين داراً من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. (11).

والاعتداء على الجار موجب للحرمان من الجنّة، كما ورد عن رسول الله أنّه قال: "من كان مؤذياً لجاره من غير حقّ، حرمه الله ريح الجنّة، ومأواه النار، ألا وإنّ الله عزَّ وجلَّ يسأل الرّجل عن حقّ جاره، ومن ضيّع حقّ جاره فليس منّا"(12).

ومن يطّلع على بيت جاره ويتطلَّب عوراته، يحشر مع المنافقين يوم القيامة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ومن اطّلع في بيت جاره، فنظر إلى عورة رجل، أو شعر امرأة أو شيء من جسدها، كان حقّاً على الله أن يدخله النّار مع المنافقين الذين كانوا يتبعون عورات النّاس في الدنيا، ولا يخرج من الدّنيا حتى يفضحه الله ويبدي عورته للنّاس في الآخرة"(13).

ويحرم الاعتداء على ممتلكات الجار، ومن اعتدى فالنّار مصيره، قال: "ومن خان جاره شبراً من الأرض، طوّقه الله يوم القيامة إلى سبع أرضين ناراً حتى يدخله نار جهنّم" (14).

وأمر بالتكافل الاجتماعي، والنظر إلى حوائج الجار والعمل على إشباعها، فقال: "ومن منع الماعون من جاره إذا احتاج إليه، منعه الله فضله يوم القيامة، ووكله إلى نفسه، ومن وكله الله إلى نفسه هلك، ولا يقبل الله عزَّ وجلَّ له عذراً"(15).

ـ حقّ الجار في رسالة الحقوق :

وضع الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام) في رسالة الحقوق منهجاً شاملاً للتعامل مع الجيران، متكاملاً في أُسسه وقواعده، مؤكداً فيه على تعميق أواصر الأخوّة، مجسداً فيه السير طبقاً لمكارم الأخلاق التي بعث رسول الله من أجل إتمامها، فقال: "وأمّا حق الجار، فحفظه غائباً، وكرامته شاهداً، ونصرته ومعونته في الحالين معاً، لا تتبع له عورة، ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها، فإن عرفتها منه عن غير إرادة منك ولا تكلّف، كنت لما علمت حصناً حصيناً، وستراً ستيراً، لو بحثت الأسنّة عنه ضميراً لم تتصل إليه لانطوائه عليه.

لا تستمع عليه من حيث لا يعلم، لا تسلّمه عند شديدة ولا تحسده عند نعمة.

تقيل عثرته، وتغفر زلته، ولا تدّخر حلمك عنه إذا جهل عليك، ولا تخرج أن تكون سلماً له ترد عنه لسان الشتّيمة، وتبطل فيه كيد حامل النّميمة، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوّة إلاّ بالله"(16).

*المراجع والمصادر:

1ـ جامع السعادات / النراقي 2: 267.

2ـ بحار الانوار 74: 94.

3ـ نهج البلاغة: 422، كتاب : 47.

4ـ الكافي 2: 666.

5ـ المحجة البيضاء 3 : 422.

6ـ الكافي 2 : 669.

7ـ بحار الانوار 74: 150.

8ـ تحف العقول: 306.

9ـ جامع السعادات 2: 268.

10ـ الكافي 2: 667.

11ـ الكافي 2: 666.

12ـ بحار الانوار 76: 362.

13ـ بحار الأنوار 76: 361.

14ـ بحار الأنوار 76: 361.

15ـ بحار الأنوار 76: 363.

16ـ تحف العقول: 191.

لرابطة الجوار دور كبير في حركة المجتمع التكاملية، فهي تأتي في المرتبة الثانية من بعد رابطة الأرحام، إذ للجوار تأثير متبادل على سير الأسرة، فهو المحيط الاجتماعي المصغّر الذي تعيش فيه الأسرة وتنعكس عليها مظاهره وممارساته التربوية والسلوكية، ولهذا نجد أنّ المنهج الإسلامي أبدى فيه عناية خاصة، فقد قرن القرآن الكريم عبادة الله تعالى والإحسان إلى الوالدين والأرحام بالإحسان إلى الجار، كما في قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ}[النساء: 36].

فقد رسم القرآن الكريم منهجاً موضوعيّاً في العلاقات الاجتماعية يجمعه الإحسان إلى أفراد المجتمع، وخصوصاً المرتبطين برابطة الجوار.

وحقّ الجوار لا ينظر فيه إلى الانتماء العقائدي والمذهبي، بل هو شامل لمطلق الإنسان، مسلماً كان أو غير مسلم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "الجيران ثلاثة: فمنهم من له ثلاثة حقوق: حقّ الجوار، وحقّ الإسلام، وحقّ القرابة، ومنهم من له حقّان: حقّ الإسلام، وحقّ الجوار، ومنهم من له حقّ واحد: الكافر له حقّ الجوار"(1).

ـ الوصايا الشريفة :

أوصى رسول الله وأهل بيته (عليهم السلام) بمراعاة حقّ الجوار، والسعي إلى تحقيقه في الواقع، وركّز على ذلك باعتباره من وصايا الله تعالى له، قال: "مازال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورثه"(2).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "والله الله في جيرانكم، فإنّهم وصيّة نبيكم، مازال يوصي بهم حتى ظننّا أنه سيورّثهم"(3).

وقد كتب رسول الله كتاباً بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل المدينة: "إنّ الجار كالنفس غير مضارّ ولا آثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أُمّه"(4).

وقد جعل رسول الله إكرام الجار من علامات الايمان، فقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"(5).

واستعاذ من جار السوء الذي أطبقت الأنانية على مشاعره ومواقفه، فقال: "أعوذ بالله من جار السّوء في دار إقامة، تراك عيناه ويرعاك قلبه، إن رآك بخير ساءه، وإن رآك بشرّ سرّه" (6).

ـ حسن الجوار: إنَّ حسن الجوار من الأوامر الإلهيّة، كما قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "عليكم بحسن الجوار، فإنّ الله عزَّ وجلَّ أمر بذلك" (7).

وحسن الجوار ليس كفّ الأذى فحسب، وإنّما هو الصبر على الأذى من أجل إدامة العلاقات، وعدم حدوث القطيعة، قال الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): "ليس حسن الجوار كفّ الأذى، ولكن حسن الجوار الصبر على الأذى"(8).

ودعا إلى تفقّد أحوال الجيران وتفقّد حاجاتهم، فقال: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع"(9).

وحثّ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) على حسن الجوار، لما فيه من تأثيرات إيجابية واقعيّة تعود بالنفع على المحسن لجاره، فقال: "حسن الجوار يعمّر الديار، ويزيد في الأعمار"(10).

وقد أمر عليّاً وسلمان وأبا ذر والمقداد أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم بأنّه "لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه"، فنادوا بها ثلاثاً، ثم أومأ بيده إلى كلّ أربعين داراً من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله. (11).

والاعتداء على الجار موجب للحرمان من الجنّة، كما ورد عن رسول الله أنّه قال: "من كان مؤذياً لجاره من غير حقّ، حرمه الله ريح الجنّة، ومأواه النار، ألا وإنّ الله عزَّ وجلَّ يسأل الرّجل عن حقّ جاره، ومن ضيّع حقّ جاره فليس منّا"(12).

ومن يطّلع على بيت جاره ويتطلَّب عوراته، يحشر مع المنافقين يوم القيامة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ومن اطّلع في بيت جاره، فنظر إلى عورة رجل، أو شعر امرأة أو شيء من جسدها، كان حقّاً على الله أن يدخله النّار مع المنافقين الذين كانوا يتبعون عورات النّاس في الدنيا، ولا يخرج من الدّنيا حتى يفضحه الله ويبدي عورته للنّاس في الآخرة"(13).

ويحرم الاعتداء على ممتلكات الجار، ومن اعتدى فالنّار مصيره، قال: "ومن خان جاره شبراً من الأرض، طوّقه الله يوم القيامة إلى سبع أرضين ناراً حتى يدخله نار جهنّم" (14).

وأمر بالتكافل الاجتماعي، والنظر إلى حوائج الجار والعمل على إشباعها، فقال: "ومن منع الماعون من جاره إذا احتاج إليه، منعه الله فضله يوم القيامة، ووكله إلى نفسه، ومن وكله الله إلى نفسه هلك، ولا يقبل الله عزَّ وجلَّ له عذراً"(15).

ـ حقّ الجار في رسالة الحقوق :

وضع الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام) في رسالة الحقوق منهجاً شاملاً للتعامل مع الجيران، متكاملاً في أُسسه وقواعده، مؤكداً فيه على تعميق أواصر الأخوّة، مجسداً فيه السير طبقاً لمكارم الأخلاق التي بعث رسول الله من أجل إتمامها، فقال: "وأمّا حق الجار، فحفظه غائباً، وكرامته شاهداً، ونصرته ومعونته في الحالين معاً، لا تتبع له عورة، ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها، فإن عرفتها منه عن غير إرادة منك ولا تكلّف، كنت لما علمت حصناً حصيناً، وستراً ستيراً، لو بحثت الأسنّة عنه ضميراً لم تتصل إليه لانطوائه عليه.

لا تستمع عليه من حيث لا يعلم، لا تسلّمه عند شديدة ولا تحسده عند نعمة.

تقيل عثرته، وتغفر زلته، ولا تدّخر حلمك عنه إذا جهل عليك، ولا تخرج أن تكون سلماً له ترد عنه لسان الشتّيمة، وتبطل فيه كيد حامل النّميمة، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوّة إلاّ بالله"(16).

*المراجع والمصادر:

1ـ جامع السعادات / النراقي 2: 267.

2ـ بحار الانوار 74: 94.

3ـ نهج البلاغة: 422، كتاب : 47.

4ـ الكافي 2: 666.

5ـ المحجة البيضاء 3 : 422.

6ـ الكافي 2 : 669.

7ـ بحار الانوار 74: 150.

8ـ تحف العقول: 306.

9ـ جامع السعادات 2: 268.

10ـ الكافي 2: 667.

11ـ الكافي 2: 666.

12ـ بحار الانوار 76: 362.

13ـ بحار الأنوار 76: 361.

14ـ بحار الأنوار 76: 361.

15ـ بحار الأنوار 76: 363.

16ـ تحف العقول: 191.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية