الأسرة.. وحالها اليوم

الأسرة.. وحالها اليوم

كنّا نسمع قديماً بعائلات تنجب أولاداً كُثُراً مؤلّفة من عشرة أولاد أو أكثر، ويرجع السّبب، كما يُذكر، إلى أسباب اقتصاديّة بالدّرجة الأولى، فالأولاد يساعدون أهلهم في العمل، أو لأنّ الأحوال الماديّة للأهل كانت مريحة، لذا لم يكونوا يعبأون كثيراً بكثيرة الإنجاب. أمّا اليوم، فقد تغيَّر الوضع، فالعائلة الكبيرة لم تعد موجودة، وهي في طور الاندثار، والأزواج الجدد يفضّلون أطفالاً أقلّ.

إنّ شباب اليوم يتأخّر سنّ زواجهم بسبب الظّروف الماديّة الصّعبة، وحتّى لو تيسّر لهم ذلك، فإنَّهم لا ينجبون إلا طفلاً أو طفلين، وذلك لأنّ متطلّبات الحياة اليوم باتت أكثر إلحاحاً وتعقيداً، والمأساة الكبرى بالنّسبة إلى الأزواج الجدد، هي أن يرزقوا بأولاد أكثر من اثنين، فالعائلة الصّغيرة المستورة، في نظرهم، أفضل من عائلة كبيرة تغرق بالدّيون، وما أكثرها اليوم! فالديون ترهق النّاس، وقلّما تجد إنساناً خالياً من ويلها.

فمتطلّبات الأولاد اليوم باتت كثيرة، أهمّها تأمين كلفة المعيشة، والدّخول إلى المدارس ثمّ الجامعات، والزّوج لم يعد قادراً على تأمين كلّ هذه المتطلّبات في ظلّ ازدياد هذه الكلف والأعباء، وغالباً ما يقوم بعمليْن لتأمين معيشة مرضية، وهو ما ينعكس سلباً على العلاقات الأسريّة اليوم.. أمّا في السّابق، فكان المجتمع زراعياً أكثر، وكلّما زاد الأولاد زاد الإنتاج، وكانت الأمّ الّتي تنجب أكثر لها مكانة اجتماعيّة مميّزة.

ويرى باحثون اجتماعيّون، أنَّ هناك اتجاهاً عالميّاً جديداً وتحوّلاً في الظّروف الموضوعيّة المحيطة بالأزواج الجدد، بات ينعكس على سلوكهم النّفسيّ، ولا سيّما في ظلّ التّغيير الّذي طرأ اليوم، من جهة سرعة نمط الحياة الّذي يستهلك الكثير من الوقت، إضافةً إلى الأعباء الاقتصاديّة كلّها الّتي توصل إلى الحدّ من الإنجاب.

ويتابع هؤلاء، بأنّه يجب فهم هذا التّغيير الاجتماعيّ، وأنّ الأسرة الصّغيرة تفسح في المجال أمام أفرادها للتّواصل أكثر من الكبيرة، وأنّ المجتمعات العربيّة تتميّز بوجود شريحة واسعة من فئة الشّباب بعكس المجتمعات الغربيّة، وأنّ على الدّولة أن تولي اهتماماً أكبر بوضع خطط تنمويّة تهتمّ بالأسرة وتولي عنايةً أكثر للأمّ والطّفل.

ولكن أمام هذا المشهد، أين خطط الدّولة وسياساتها التّنموية والتوعويّة تجاه الأسرة؟

أمّا النّساء اليوم، فيفضّلن إنجاب ولديْن لا أكثر، فهذا ما يريحهنّ ويجعلهنّ يحقّقن نجاحاتهنّ المهنيّة، لأنّ العائلة الكبيرة تمنعهنّ من ذلك، إضافةً إلى أنّهن يرين أنّ الأطفال لن يأخذوا حقّهم من الأهل على الصّعد كافّةً.

تبقى الظّروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة وأنماط الحياة الجديدة، تلقي بظلالها على حجم الأسرة وبنائها، ناهيك بالأوضاع الأمنيّة والسياسيّة الضّاغطة، وكلّه يفرز واقعاً اجتماعيّاً جديداً ومختلفاً عمّا قبل، في ظلّ غياب الدّور الرّسمي والمدني الفاعل لجهة التّوعية والتّثقيف والتّركيز على تصحيح وتوجيه العلاقات الأسريّة التي ينتابها الضّياع والقلق والتشتّت، وهو ما يزيد الواقع تأزّماً...

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

كنّا نسمع قديماً بعائلات تنجب أولاداً كُثُراً مؤلّفة من عشرة أولاد أو أكثر، ويرجع السّبب، كما يُذكر، إلى أسباب اقتصاديّة بالدّرجة الأولى، فالأولاد يساعدون أهلهم في العمل، أو لأنّ الأحوال الماديّة للأهل كانت مريحة، لذا لم يكونوا يعبأون كثيراً بكثيرة الإنجاب. أمّا اليوم، فقد تغيَّر الوضع، فالعائلة الكبيرة لم تعد موجودة، وهي في طور الاندثار، والأزواج الجدد يفضّلون أطفالاً أقلّ.

إنّ شباب اليوم يتأخّر سنّ زواجهم بسبب الظّروف الماديّة الصّعبة، وحتّى لو تيسّر لهم ذلك، فإنَّهم لا ينجبون إلا طفلاً أو طفلين، وذلك لأنّ متطلّبات الحياة اليوم باتت أكثر إلحاحاً وتعقيداً، والمأساة الكبرى بالنّسبة إلى الأزواج الجدد، هي أن يرزقوا بأولاد أكثر من اثنين، فالعائلة الصّغيرة المستورة، في نظرهم، أفضل من عائلة كبيرة تغرق بالدّيون، وما أكثرها اليوم! فالديون ترهق النّاس، وقلّما تجد إنساناً خالياً من ويلها.

فمتطلّبات الأولاد اليوم باتت كثيرة، أهمّها تأمين كلفة المعيشة، والدّخول إلى المدارس ثمّ الجامعات، والزّوج لم يعد قادراً على تأمين كلّ هذه المتطلّبات في ظلّ ازدياد هذه الكلف والأعباء، وغالباً ما يقوم بعمليْن لتأمين معيشة مرضية، وهو ما ينعكس سلباً على العلاقات الأسريّة اليوم.. أمّا في السّابق، فكان المجتمع زراعياً أكثر، وكلّما زاد الأولاد زاد الإنتاج، وكانت الأمّ الّتي تنجب أكثر لها مكانة اجتماعيّة مميّزة.

ويرى باحثون اجتماعيّون، أنَّ هناك اتجاهاً عالميّاً جديداً وتحوّلاً في الظّروف الموضوعيّة المحيطة بالأزواج الجدد، بات ينعكس على سلوكهم النّفسيّ، ولا سيّما في ظلّ التّغيير الّذي طرأ اليوم، من جهة سرعة نمط الحياة الّذي يستهلك الكثير من الوقت، إضافةً إلى الأعباء الاقتصاديّة كلّها الّتي توصل إلى الحدّ من الإنجاب.

ويتابع هؤلاء، بأنّه يجب فهم هذا التّغيير الاجتماعيّ، وأنّ الأسرة الصّغيرة تفسح في المجال أمام أفرادها للتّواصل أكثر من الكبيرة، وأنّ المجتمعات العربيّة تتميّز بوجود شريحة واسعة من فئة الشّباب بعكس المجتمعات الغربيّة، وأنّ على الدّولة أن تولي اهتماماً أكبر بوضع خطط تنمويّة تهتمّ بالأسرة وتولي عنايةً أكثر للأمّ والطّفل.

ولكن أمام هذا المشهد، أين خطط الدّولة وسياساتها التّنموية والتوعويّة تجاه الأسرة؟

أمّا النّساء اليوم، فيفضّلن إنجاب ولديْن لا أكثر، فهذا ما يريحهنّ ويجعلهنّ يحقّقن نجاحاتهنّ المهنيّة، لأنّ العائلة الكبيرة تمنعهنّ من ذلك، إضافةً إلى أنّهن يرين أنّ الأطفال لن يأخذوا حقّهم من الأهل على الصّعد كافّةً.

تبقى الظّروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة وأنماط الحياة الجديدة، تلقي بظلالها على حجم الأسرة وبنائها، ناهيك بالأوضاع الأمنيّة والسياسيّة الضّاغطة، وكلّه يفرز واقعاً اجتماعيّاً جديداً ومختلفاً عمّا قبل، في ظلّ غياب الدّور الرّسمي والمدني الفاعل لجهة التّوعية والتّثقيف والتّركيز على تصحيح وتوجيه العلاقات الأسريّة التي ينتابها الضّياع والقلق والتشتّت، وهو ما يزيد الواقع تأزّماً...

إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية