قد يناقش البعض في أنّ "نشر كتب إسرائيليّة ينبثق من حقّ أيّ دار نشر في أن تطبع ما تريد، كما أنّ من حقِّ القارئ أن يطالع ما يريد، وأن يقبل المحتوى أو يرفضه، فالحديث عن الخوف على وعي القارئ وحمايته، منطق وصائيّ، وهو أمر مرفوض، وهو كذلك منطق تشترك فيه التيّارات الدينيّة المتطرّفة، وسلفيّو القوميّة العربيّة".
ويناقش أصحاب هذا الرّأي في أنَّ قيامهم بنشر هذه الكتب، يهدف إلى معرفة العقل الإسرائيلي، فـ"بعد نكسة 1967، أطلق الرئيس جمال عبد الناصر مشروعاً بعنوان (اعرف عدوّك)، ومن بين مهام هذا المشروع، ترجمة النتاج الأدبي والفكري والسياسي الإسرائيلي. وكان من حيثيّات ذلك المشروع، أنّ الجهل بإسرائيل، هو من الأسباب الرئيسة للهزيمة آنذاك، ولم يصف أحد هذا الفعل بالتّطبيع".
ولكن على هؤلاء الّذين يلجأون إلى مثل هذا التّبرير، أن يدركوا الفرق بين معرفة كيف يفكّر الصّهيونيّ، والتحوّل إلى مروّجين لأفكاره، واعتبار الكتّاب الإسرائيليّين كغيرهم من الكتَّاب الآخرين، وكأنهم يقولون إنَّ رفض التّطبيع موضة قديمة، يجب أن نقلع عنها، فها هم الإسرائيليّون يسرحون ويمرحون على الفضائيّات!
وقد يفرّق البعض بين الكتّاب "المتطرّفين" والكتّاب "المعتدلين"، وكأنهم جميعاً لم يغتصبوا فلسطين، ولم يهجّروا أهلها!
فالتّرويج للسياسة الصهيونيّة يبرز واضحاً في كتاب "المملكة العربيّة السعوديّة والمشهد الاستراتيجي الجديد"، الذي نشرته دار مدارك السعودية، حيث يسعى مؤلّفه الإسرائيلي جاشوا تيتلبام من خلاله، إلى التّرويج للسياسة الإسرائيليّة في المنطقة...
وينقل المؤلّف عن اللّواء في الاحتياط الإسرائيلي، مدير مكتب الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، ادّعاءه في أغسطس (آب) 2013، "بأن الكتلة السنيّة من الدّول العربيّة لا تنظر إلى إسرائيل على أنها عدوّ لدود".
ويختتم الكتاب بالحديث عن التهديدات الإيرانيّة، وفشل الولايات المتحدة الأميركيّة في "فهم المشهد الاستراتيجي الجديد"، بما يضمن أمن حلفائها في الخليج، وهو يجنح إلى توظيف القلق من الصّعود الإيراني، من أجل أن يصوّر إسرائيل عاملاً مهمّاً للتوازن الإقليمي.
وفي نيسان/أبريل من العام 2010، ظهرت في معرض الرّياض الدّولي للكتاب، رواية سوّقتها دار نشر عربيّة، هي دار (الجمل)، تحمل اسم "أسطورة عن الحبّ والظّلام"، للمؤلف الإسرائيلي عاموس عوز. فكيف نفهم ضرورة فائدة ترجمة مثل هذه الكتب!؟
وأبرز الكتب التي تسوَّق في الدّول العربيّة، هي كتب لزعماء الحرب الإسرائيليّين، الّذين أصبحوا قادة الدّولة العبريّة، من قبيل كتاب "سلام بيغن: قصّة الأرغون"، لمؤلفه رئيس الوزراء الأسبق مناحيم بيغن، وهو من ترجمة صلاح طوقان، والنّاشر دار الشّجرة للنشر والتوزيع. وكتاب "الإرهاب" لبيغن نفسه، وهو من ترجمة وتحقيق معين محمود، والنّاشر دار المسيرة للصّحافة والطباعة، وكلا الكتابين يسوّقهما موقع مكتبة النّيل والفرات.
كذلك، صدر لرئيس دولة الكيان الصهيوني، شمعون بيريز، بالعربية، كتابان، هما: "معركة السلام، يوميات شمعون بيريز"، وكتاب "الشرق الأوسط الجديد".
وهناك كتاب لوزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشي دايان: (قصة حياتي: قيام دولة إسرائيل وحروبها ضد العرب)، ونشرته مكتبة النافذة، والكتاب يسوَّق عبر (النيل والفرات)، وكذلك كتاب "مكان بين الأمم: إسرائيل والعالم"، لرئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو.
وكتاب آخر هو "مذكرات إسحق شامير"، الصادر ضمن سلسلة شخصيات إسرائيلية، عن دار الكتاب العربي، في العام 1995. وكتاب "مذكرات إسحق رابين"، عن دار الجليل للطباعة والنشر 1993. وكذلك، هناك عدد من مؤلفات لوزير الخارجية الأسبق، ييجال آلون.
ومن بين عشرات الكتب لمؤلفين إسرائيليين، كانت ترجمتها في فلسطين، ومن قبل مراكز دراسات فلسطينية، وواحد من هذه المراكز، هو المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، "مدار"، الذي تأسس ربيع العام 2000، بمبادرة مجموعة من المثقفين والأكاديميين الفلسطينيين، والذي أصدر عشرات الأبحاث والدراسات والترجمات والمنشورات المتخصّصة في الشأن الإسرائيلي، ولديه دائرة ترجمة، تنفّذ برنامجاً لترجمة كتب موضوعة باللغة العبرية أو الإنجليزية. وتم إصدار 32 كتاباً مترجماً حتى نهاية 2011، (بحسب موقع مدار).
إن الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضرورة عن رأي الموقع ، وإنما عن رأي صاحبه .