كتابات
28/05/2014

مشكلة الفراغ العقائديّ: الأسباب والنّتائج

مشكلة الفراغ العقائديّ: الأسباب والنّتائج

من مشاكلنا الرّئيسة الّتي نعيشها بمرارة وألم، ونعانيها في وعي ويقظة، مشكلة الفراغ العقائدي. ونعني بهذا الفراغ الّذي يشيع في حياتنا العامّة كمسلمين، فراغ الإنسان المسلم من الإيمان بإسلامه، كعقيدة تملأ جوانب نفسه، وتسيطر على وجوده، ونظامٍ يدفعه إلى العمل والكفاح في سبيل احتلال مركزه القيادي في حياتنا العملية بشتّى مراحلها وألوانها.

إنه لا يعي إسلامه إلا على شكل صور مبهمة مطموسة الألوان، وكليات لا يعرف كيف تطبّق، وأين تطبّق، وأين تنطبق، الأمر الذي سهَّل مهمّة أعداء الإسلام في الوصول إلى هدفهم في عزل الإسلام عن المركز القيادي في حياة العالم الإنساني، فتمّ لهم ما أرادوا بسبب هذا الفراغ والضّياع اللّذين عانتهما الشّخصيّة الإسلاميّة مدّة غير قليلة من الزّمن.

تجلّيات ومظاهر

بدأت الدّعوة إلى فصل الدِّين عن الدّولة تأخذ مكانها من تفكيرنا الحديث، كدعوة إصلاحيّة تقدّميّة، وبدأ الكثيرون من شبابنا يعارضون وقوف علماء الدِّين أمام بعض التيّارات الحديثة المادّيّة، بدعوى أنهم لا يفهمون وجه معارضتها للدِّين، بعد أن كانت تفسح في المجال لحريّة العبادة، ولا تمنع الإنسان من أن يعتقد بما يريد، في ما بينه وبين نفسه، ما دامت تلك العقيدة لا تمنعه من أن يكون مواطناً صالحاً.

ويضيفون بعد ذلك قولهم: وماذا تريدون غير هذا؟ وهل الدِّين إلا الصّلة الروحيّة بين الإنسان وربّه؟ وأيّ صلة له بالأنظمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة الحديثة؟

ثُمَّ تطوّرت المسألة، فبدأنا نسمع الكثيرين ـ ممن استهوتهم التيارات الحديثة، فاندفعوا وراءها بدون وعي ـ يقولون إنَّ الإسلام مثّل دوره التطويريّ لحياة الإنسان ـ مشكوراً ـ في مرحلة من مراحل التاريخ، وانتهى بانتهاء تلك المرحلة، ليفسح في المجال أمام الدّعوات الأخرى الّتي تخضع لمتطلّبات التطوّر أكثر منه، بسبب أنها عاشت في صميم واقع المرحلة التاريخية التي عاشها الإنسان بعد ظهور الإسلام، والّتي لم يعد الإسلام يستجيب لها، ويقدّم الحلول لمشاكلها الكثيرة، نظراً إلى اتساع تلك المشاكل واختلافها عمّا كانت عليه في الدور الذي حكم فيه الإسلام.

هذا هو بعض ما يعتبره الكثيرون من شبابنا من "القضايا المسلّمة"، أو "القضايا الّتي قياساتها معها" ـ حسب التعبير المنطقي ـ بوحي ما درسوه وقرأوه من الدّروس والقراءات، الّتي أراد لهم المستعمر الكافر أن يدرسوها ويقرأوها، على أساس أنها تمثّل الفكر التقدّمي المتحرّر، الّذي يهدم الواقع الفكريّ المتأخّر الّذي نعيشه في خمول واستكانة، كما يقول.

وليس ذلك إلا لأنهم لم يكونوا قد عاشوا إسلامهم بوعي، ولا انفتحوا على الحياة التي يحاول الإسلام أن يبنيها ويشيدها للإنسان في هذه الدّنيا، وعلى الحلول الّتي وضعها الإسلام لمشاكل الإنسان الآنيّة والمستقبلة، ومدى ما تحمله هذه الحلول من مرونة وواقعية وأصالة.

أسباب ومسؤوليّات

أمّا السؤال الّذي يدور في أذهاننا، ويلحُّ علينا، فهو من هو المسؤول عن هذا الفراغ، وما الّذي نستطيع صنعه لمجابهته ومجابهة الغزو الفكريّ أو العقائديّ الّذي وجد في هذا الفراغ مجالاً رحباً لبثّ سمومه وأفكاره، فبدأ يدفع كثيراً من شبابنا الطّالع إلى أحضانه، ليعتنقوا مبادئه، وليسيروا في حياتهم في ضوء تفكيره؟!

إنَّنا نعتقد أنَّ المسؤوليّة في تكوين هذا الفراغ، لا تقع على عاتق فرد أو هيئة خاصّة، بل إنَّ هناك عوامل وظروفاً وملابسات كثيرة شاركت في تكوينه، وغذّاها أعداء الإسلام.

1 ـ أسباب سياسيّة

وفي مقدّم هذه العوامل، الشّكل الّذي عاشه الحكم الإسلاميّ في بعض مراحله التاريخيّة، والّذي لم يكن يمثّل طبيعة الروح الإسلاميّ النقيّ في خطواته وأعماله، الأمر الذي جعل الكثيرين يتصوّرون أنَّ معنى عودة الإسلام إلى الحكم، هو عودة "السلطنة" والطغيان والتأخّر والانحطاط، إلى حياتنا الحاضرة.

ولم يلتفتوا ـ أو لم يحاولوا ذلك ـ إلى أنَّ الإسلام لا يتحمّل مسؤوليّة الأعمال التي يقوم بها بعض المنتسبين إليه، ممن لا يلتزم بحدوده وأهدافه.

2 ـ أسباب تربويّة

ومن العوامل الّتي شاركت في تكوين هذا الفراغ، فقدان التربية الدّينيّة بالشّكل الواقعي للدِّين.

أمّا في البيت، فإذا كان الأبوان يشعران بالمسؤوليّة تجاه ولدهما، فلن يلقّناه غالباً ـ بحكم جهلهما بحقيقة الإسلام ـ إلا الأمور العباديّة فحسب، وهذا ما يركّز في نفس الطّفل ـ بطريقة لا شعوريّة ـ اقتصار الدِّين على النواحي العباديّة.

وإلى جانب ذلك، نجد الأساليب الخاطئة الّتي يتبعها كثير من الآباء تجاه أبنائهم في طريقة تعليمهم الدِّين، ما يخلق في نفوس هؤلاء الأبناء عقدة نفسيّة تجاه الدِّين، ربما تترك في المستقبل أثرها في حسّهم الدّيني.

أمّا في المدرسة، فإنَّ نظرة واحدة إلى كتب الدّروس الدّينيّة، تكفينا لنعرف كيف يلقَّن الطلاب الدِّين في دور العلم؛ فليس هو إلا عبارة عن طقوس معيّنة وأخلاق مثاليّة، وهذا كلّ ما في الأمر.

وإلى جانب ذلك، فإنَّ المدرسة تشعر الطّالب ـ بوحي الطريقة الّتي تتبعها في دروس الدِّين ـ بأنَّ هذه الدّروس لا تملك من الأهميّة ما لبقيّة الدّروس، الأمر الذي يبعث في نفسه فقدان الاهتمام بالدِّين، ويضعف الحسّ الدّيني في أعماقه، ويبعده تماماً عن المطالعات الدّينيّة، وعن الكتب الّتي تتحدّث عن الدِّين، وعن نظامه، وأسلوبه العملي في الحياة.

3 ـ شيوع الانحلال

فإذا تركنا المدرسة إلى الواقع الذي يعيش الشاب في آفاقه، نجد أمامنا السينما والراديو والتلفزيون والصحف الخليعة، التي تخاطب غرائز الشباب، وتدفعهم إلى تقديس تلك الغرائز، ما يساعد كثيراً على إشاعة الروح الانحلالية والتميّع في نفوسهم.

4 ـ طبيعة الأنظمة الحاكمة

وإذا حاولنا أن نبعد كثيراً، نجد أمامنا الحكم الذي يسيطر على مجتمعاتنا الإسلاميّة، ويتصرف بمقدّراتها بطريقة تتعمد الإساءة إلى القيم والمفاهيم الإسلاميّة، وتحاول أن تبعد الإسلام عن حياة المسلمين، بما تشرّعه من قوانين ونظم تتناقض وصراحة القرآن الكريم والسنّة المطهّرة.

نتائج حتميّة

ومن الطبيعيّ أن يحدث مثل هذا الواقع في نفوس الناشئة تأثيراً كبيراً، يشعرهم بأنَّ الإسلام لا يتّصل بحياتهم في قليل أو كثير، فإنَّ من العبث أن يشغلوا أنفسهم بمعرفته ودراسته.

وهنا، تكون المقاومة مفقودة بفعل هذه الأساليب المسمومة، ويتجسّم الشّعور بالفراغ أمامهم، فهم بحاجة إلى أن يعيشوا حياتهم في اتجاه محدّد، وإلى أن يندمجوا في الأجواء المختلفة التي تهيّئها لهم الحضارة الحديثة.

وهنا، تمتدّ الأيدي الكثيرة لتتلقّف هذه المشاعر القلقة، لتحوّل هذا القلق إلى اطمئنان إلى الحلول التي تقدّمها، والأفكار الّتي تدعو لها، في الوقت الّذي تحوّلها عن أيّ حلٍّ آخر، أو فكرة أخرى.

وهكذا قدّر لها أن تندفع مع التيّار بجنون وقوّة، وهكذا تبرز النتيجة المفزعة أمامنا، عندما تنفض الناشئة أيديها من الدِّين، بحجّة أنَّه لم يعد يمثّل مشكلة في حياتنا الحاضرة، لأنها لا تحتاجه من قريب أو بعيد.

هذه بعض العوامل الّتي شاركت مشاركة فعّالة في تنمية هذا الفراغ وتوسيعه وتعميقه في نفوس الجيل المسلم الحاضر، وقد كان للاستعمار في تكوينها وفي تسهيل مهمّتها، حصّة الأسد.

بقي علينا أن نفكّر في الحلول العمليّة الّتي تساعدنا على إنقاذ جيلنا الطّالع من هذا الفراغ العقائدي المدمّر...

 [قضايانا على ضوء الإسلام]


من مشاكلنا الرّئيسة الّتي نعيشها بمرارة وألم، ونعانيها في وعي ويقظة، مشكلة الفراغ العقائدي. ونعني بهذا الفراغ الّذي يشيع في حياتنا العامّة كمسلمين، فراغ الإنسان المسلم من الإيمان بإسلامه، كعقيدة تملأ جوانب نفسه، وتسيطر على وجوده، ونظامٍ يدفعه إلى العمل والكفاح في سبيل احتلال مركزه القيادي في حياتنا العملية بشتّى مراحلها وألوانها.

إنه لا يعي إسلامه إلا على شكل صور مبهمة مطموسة الألوان، وكليات لا يعرف كيف تطبّق، وأين تطبّق، وأين تنطبق، الأمر الذي سهَّل مهمّة أعداء الإسلام في الوصول إلى هدفهم في عزل الإسلام عن المركز القيادي في حياة العالم الإنساني، فتمّ لهم ما أرادوا بسبب هذا الفراغ والضّياع اللّذين عانتهما الشّخصيّة الإسلاميّة مدّة غير قليلة من الزّمن.

تجلّيات ومظاهر

بدأت الدّعوة إلى فصل الدِّين عن الدّولة تأخذ مكانها من تفكيرنا الحديث، كدعوة إصلاحيّة تقدّميّة، وبدأ الكثيرون من شبابنا يعارضون وقوف علماء الدِّين أمام بعض التيّارات الحديثة المادّيّة، بدعوى أنهم لا يفهمون وجه معارضتها للدِّين، بعد أن كانت تفسح في المجال لحريّة العبادة، ولا تمنع الإنسان من أن يعتقد بما يريد، في ما بينه وبين نفسه، ما دامت تلك العقيدة لا تمنعه من أن يكون مواطناً صالحاً.

ويضيفون بعد ذلك قولهم: وماذا تريدون غير هذا؟ وهل الدِّين إلا الصّلة الروحيّة بين الإنسان وربّه؟ وأيّ صلة له بالأنظمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة الحديثة؟

ثُمَّ تطوّرت المسألة، فبدأنا نسمع الكثيرين ـ ممن استهوتهم التيارات الحديثة، فاندفعوا وراءها بدون وعي ـ يقولون إنَّ الإسلام مثّل دوره التطويريّ لحياة الإنسان ـ مشكوراً ـ في مرحلة من مراحل التاريخ، وانتهى بانتهاء تلك المرحلة، ليفسح في المجال أمام الدّعوات الأخرى الّتي تخضع لمتطلّبات التطوّر أكثر منه، بسبب أنها عاشت في صميم واقع المرحلة التاريخية التي عاشها الإنسان بعد ظهور الإسلام، والّتي لم يعد الإسلام يستجيب لها، ويقدّم الحلول لمشاكلها الكثيرة، نظراً إلى اتساع تلك المشاكل واختلافها عمّا كانت عليه في الدور الذي حكم فيه الإسلام.

هذا هو بعض ما يعتبره الكثيرون من شبابنا من "القضايا المسلّمة"، أو "القضايا الّتي قياساتها معها" ـ حسب التعبير المنطقي ـ بوحي ما درسوه وقرأوه من الدّروس والقراءات، الّتي أراد لهم المستعمر الكافر أن يدرسوها ويقرأوها، على أساس أنها تمثّل الفكر التقدّمي المتحرّر، الّذي يهدم الواقع الفكريّ المتأخّر الّذي نعيشه في خمول واستكانة، كما يقول.

وليس ذلك إلا لأنهم لم يكونوا قد عاشوا إسلامهم بوعي، ولا انفتحوا على الحياة التي يحاول الإسلام أن يبنيها ويشيدها للإنسان في هذه الدّنيا، وعلى الحلول الّتي وضعها الإسلام لمشاكل الإنسان الآنيّة والمستقبلة، ومدى ما تحمله هذه الحلول من مرونة وواقعية وأصالة.

أسباب ومسؤوليّات

أمّا السؤال الّذي يدور في أذهاننا، ويلحُّ علينا، فهو من هو المسؤول عن هذا الفراغ، وما الّذي نستطيع صنعه لمجابهته ومجابهة الغزو الفكريّ أو العقائديّ الّذي وجد في هذا الفراغ مجالاً رحباً لبثّ سمومه وأفكاره، فبدأ يدفع كثيراً من شبابنا الطّالع إلى أحضانه، ليعتنقوا مبادئه، وليسيروا في حياتهم في ضوء تفكيره؟!

إنَّنا نعتقد أنَّ المسؤوليّة في تكوين هذا الفراغ، لا تقع على عاتق فرد أو هيئة خاصّة، بل إنَّ هناك عوامل وظروفاً وملابسات كثيرة شاركت في تكوينه، وغذّاها أعداء الإسلام.

1 ـ أسباب سياسيّة

وفي مقدّم هذه العوامل، الشّكل الّذي عاشه الحكم الإسلاميّ في بعض مراحله التاريخيّة، والّذي لم يكن يمثّل طبيعة الروح الإسلاميّ النقيّ في خطواته وأعماله، الأمر الذي جعل الكثيرين يتصوّرون أنَّ معنى عودة الإسلام إلى الحكم، هو عودة "السلطنة" والطغيان والتأخّر والانحطاط، إلى حياتنا الحاضرة.

ولم يلتفتوا ـ أو لم يحاولوا ذلك ـ إلى أنَّ الإسلام لا يتحمّل مسؤوليّة الأعمال التي يقوم بها بعض المنتسبين إليه، ممن لا يلتزم بحدوده وأهدافه.

2 ـ أسباب تربويّة

ومن العوامل الّتي شاركت في تكوين هذا الفراغ، فقدان التربية الدّينيّة بالشّكل الواقعي للدِّين.

أمّا في البيت، فإذا كان الأبوان يشعران بالمسؤوليّة تجاه ولدهما، فلن يلقّناه غالباً ـ بحكم جهلهما بحقيقة الإسلام ـ إلا الأمور العباديّة فحسب، وهذا ما يركّز في نفس الطّفل ـ بطريقة لا شعوريّة ـ اقتصار الدِّين على النواحي العباديّة.

وإلى جانب ذلك، نجد الأساليب الخاطئة الّتي يتبعها كثير من الآباء تجاه أبنائهم في طريقة تعليمهم الدِّين، ما يخلق في نفوس هؤلاء الأبناء عقدة نفسيّة تجاه الدِّين، ربما تترك في المستقبل أثرها في حسّهم الدّيني.

أمّا في المدرسة، فإنَّ نظرة واحدة إلى كتب الدّروس الدّينيّة، تكفينا لنعرف كيف يلقَّن الطلاب الدِّين في دور العلم؛ فليس هو إلا عبارة عن طقوس معيّنة وأخلاق مثاليّة، وهذا كلّ ما في الأمر.

وإلى جانب ذلك، فإنَّ المدرسة تشعر الطّالب ـ بوحي الطريقة الّتي تتبعها في دروس الدِّين ـ بأنَّ هذه الدّروس لا تملك من الأهميّة ما لبقيّة الدّروس، الأمر الذي يبعث في نفسه فقدان الاهتمام بالدِّين، ويضعف الحسّ الدّيني في أعماقه، ويبعده تماماً عن المطالعات الدّينيّة، وعن الكتب الّتي تتحدّث عن الدِّين، وعن نظامه، وأسلوبه العملي في الحياة.

3 ـ شيوع الانحلال

فإذا تركنا المدرسة إلى الواقع الذي يعيش الشاب في آفاقه، نجد أمامنا السينما والراديو والتلفزيون والصحف الخليعة، التي تخاطب غرائز الشباب، وتدفعهم إلى تقديس تلك الغرائز، ما يساعد كثيراً على إشاعة الروح الانحلالية والتميّع في نفوسهم.

4 ـ طبيعة الأنظمة الحاكمة

وإذا حاولنا أن نبعد كثيراً، نجد أمامنا الحكم الذي يسيطر على مجتمعاتنا الإسلاميّة، ويتصرف بمقدّراتها بطريقة تتعمد الإساءة إلى القيم والمفاهيم الإسلاميّة، وتحاول أن تبعد الإسلام عن حياة المسلمين، بما تشرّعه من قوانين ونظم تتناقض وصراحة القرآن الكريم والسنّة المطهّرة.

نتائج حتميّة

ومن الطبيعيّ أن يحدث مثل هذا الواقع في نفوس الناشئة تأثيراً كبيراً، يشعرهم بأنَّ الإسلام لا يتّصل بحياتهم في قليل أو كثير، فإنَّ من العبث أن يشغلوا أنفسهم بمعرفته ودراسته.

وهنا، تكون المقاومة مفقودة بفعل هذه الأساليب المسمومة، ويتجسّم الشّعور بالفراغ أمامهم، فهم بحاجة إلى أن يعيشوا حياتهم في اتجاه محدّد، وإلى أن يندمجوا في الأجواء المختلفة التي تهيّئها لهم الحضارة الحديثة.

وهنا، تمتدّ الأيدي الكثيرة لتتلقّف هذه المشاعر القلقة، لتحوّل هذا القلق إلى اطمئنان إلى الحلول التي تقدّمها، والأفكار الّتي تدعو لها، في الوقت الّذي تحوّلها عن أيّ حلٍّ آخر، أو فكرة أخرى.

وهكذا قدّر لها أن تندفع مع التيّار بجنون وقوّة، وهكذا تبرز النتيجة المفزعة أمامنا، عندما تنفض الناشئة أيديها من الدِّين، بحجّة أنَّه لم يعد يمثّل مشكلة في حياتنا الحاضرة، لأنها لا تحتاجه من قريب أو بعيد.

هذه بعض العوامل الّتي شاركت مشاركة فعّالة في تنمية هذا الفراغ وتوسيعه وتعميقه في نفوس الجيل المسلم الحاضر، وقد كان للاستعمار في تكوينها وفي تسهيل مهمّتها، حصّة الأسد.

بقي علينا أن نفكّر في الحلول العمليّة الّتي تساعدنا على إنقاذ جيلنا الطّالع من هذا الفراغ العقائدي المدمّر...

 [قضايانا على ضوء الإسلام]

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية