إنّنا نتصوّر أنّ علينا العمل لإيجاد الجسور التي ترتبط بالغرب، لأنّه أصبح حاجة حيويَّة بالنّسبة إلينا من النّواحي الاقتصاديّة والعلميّة والسياسيّة، بحيث لا يمكن أن نفكّر في المستقبل المنظور، في أيّة مرحلة ننفصل فيها عن الغرب كلّية. ولكن لا بُدّ من أن نثير في داخل هذا الجوّ، بعض الضوابط التي يمكن أن تقي الإنسان المسلم من السقوط تحت تأثير كثير من المواقع.
لا شكّ في أنّ الاختلاف بين الغرب والإسلام جوهريّ جداً في الجانب الفكري، لأن الشرق المسلم ينطلق من قواعد دينيّة، بينما ينهض الغرب على قواعد مادية، حتّى إنّه حوّل الدين إلى حالة مادية، وإنْ كنّا نجد في بعض مفردات السلوك الغربي ـ إنْ من خلال احترام الإنسان أو احترام حقوقه، أو من خلال الاهتمام الشّديد بالعلم وتطويره ـ جوانب إسلاميّة قد لا يلتزم بها المسلمون، بفعل عوامل الهيمنة وعناصر التخلّف، على أنّ المطلوب أن نعمّق في وعي الإنسان المسلم، أنّ القاعدة الفكرية التي تنطلق منها الحضارة الغربية، تختلف عن القاعدة التي تنطلق منها الحضارة الإسلامية، وأنّ مجرّد التوافق بين الغرب وبعض فروع الإسلام والخطوط الأخلاقية العملية له، لا تعني اعتبار الغرب مثلاً للإسلام، كما يتحدّث بعض الناس، عندما يقولون إنّهم يجدون في الغرب مسلمين من دون إسلام، وذلك من خلال بعض الجوانب الأخلاقية أو التنظيمية التي تُمثّل الجانب الشخصي. لذلك، نحن نعتقد أنّ المسألة ليست سياسية فقط، ولكنها مسألة فكرية عميقة الجذور أيضاً.
وإذا كان هذا الواقع يجعلنا ندخل الصّراع من الباب الواسع، فإنّ القيمة الّتي نجدها في الغرب في المسألة الثقافية، تبقى بعيدة عن الأوضاع السياسية التي توظّف كثيراً من الحالات لحسابات خطوطها، حيث نجد أنّ الغربيين يتميّزون بامتلاك العقليّة الموضوعيّة التي تسمح لك بمواجهتها، بعيداً عن حالة الانفعال التي نجدها في الواقع الشرقي.
ولذلك، فإنّنا إذا استطعنا امتلاك المستوى الثقافي العميق الجيّد في المسألة الإسلامية، على مستوى المفاهيم والعقيدة أو الشريعة، فإنه يمكننا الدخول إلى الغرب مبشّرين، لإقناع الإنسان الغربي العادي بالمسألة الإسلاميّة، لأنّ عقله ليس خاضعاً للخلفيات الانفعاليّة أو العاطفيّة التي يخضع لها الشرقي لالتزامه بجذوره، فالإنسان الغربي العادي أصبح بعيداً عن الجذور الدينية بشكل أساسي، حتّى إنّه أمام اختلاف الأفكار والتيارات الموجودة لديه، أصبح لا يشعر بوجود مشكلة في أن يبتعد عن تياره الثقافي ويقترب من تيار آخر.
لذلك، فنحن نملك مواجهة الإنسان الغربي بالطريقة التي يمكن إقناعه بها، كما أنه يمكن مواجهة المثقفين الغربيين، ولا سيما أنَّ الجامعات الموجودة في الغرب، مفتوحة للمفكّرين المسلمين، لكي يُعالجوا القضايا الإسلاميّة، سواء من النواحي السياسية أو الاجتماعية أو الأخلاقية أو الفقهية، وهو ما يفسح لنا المجال للدعوة على مستوى الجامعات والمفكّرين.
وإذا كانت الكثير من الظروف مهيّأة لاقتحام المواقع بعقل منفتح وبصيرة نافذة، فإنّ المشكلة التي نواجهها في هذا الإطار، هي أنّ المسلمين ليسوا أمّة واحدة، فهم لا يملكون مرجعيّة تخطّط للجانب الفكري والثقافي، وهم مشغولون بعقد سياسيّة جعلت السياسة هدفاً، بدل أن تكون وسيلة، إضافةً إلى التحدّيات التي تواجههم، فتشغلهم بأنفسهم وتمنعهم من ذلك.
لهذا، لا بُدّ من أن نُحدّق بالغرب كعنوان كبير ثقافي وحضاري وإنساني، دون تغييب الوجه العدواني الآخر، وأن نهيئ أنفسنا للدخول في هذه المعركة الثقافية السياسية، لكي نحصل على ما يهمّنا من الغرب؛ وأن نحفّف تأثير الغرب في الشرق بطريقة أو بأخرى...
[كتاب: تحدّيات المهجر]

إنّنا نتصوّر أنّ علينا العمل لإيجاد الجسور التي ترتبط بالغرب، لأنّه أصبح حاجة حيويَّة بالنّسبة إلينا من النّواحي الاقتصاديّة والعلميّة والسياسيّة، بحيث لا يمكن أن نفكّر في المستقبل المنظور، في أيّة مرحلة ننفصل فيها عن الغرب كلّية. ولكن لا بُدّ من أن نثير في داخل هذا الجوّ، بعض الضوابط التي يمكن أن تقي الإنسان المسلم من السقوط تحت تأثير كثير من المواقع.
لا شكّ في أنّ الاختلاف بين الغرب والإسلام جوهريّ جداً في الجانب الفكري، لأن الشرق المسلم ينطلق من قواعد دينيّة، بينما ينهض الغرب على قواعد مادية، حتّى إنّه حوّل الدين إلى حالة مادية، وإنْ كنّا نجد في بعض مفردات السلوك الغربي ـ إنْ من خلال احترام الإنسان أو احترام حقوقه، أو من خلال الاهتمام الشّديد بالعلم وتطويره ـ جوانب إسلاميّة قد لا يلتزم بها المسلمون، بفعل عوامل الهيمنة وعناصر التخلّف، على أنّ المطلوب أن نعمّق في وعي الإنسان المسلم، أنّ القاعدة الفكرية التي تنطلق منها الحضارة الغربية، تختلف عن القاعدة التي تنطلق منها الحضارة الإسلامية، وأنّ مجرّد التوافق بين الغرب وبعض فروع الإسلام والخطوط الأخلاقية العملية له، لا تعني اعتبار الغرب مثلاً للإسلام، كما يتحدّث بعض الناس، عندما يقولون إنّهم يجدون في الغرب مسلمين من دون إسلام، وذلك من خلال بعض الجوانب الأخلاقية أو التنظيمية التي تُمثّل الجانب الشخصي. لذلك، نحن نعتقد أنّ المسألة ليست سياسية فقط، ولكنها مسألة فكرية عميقة الجذور أيضاً.
وإذا كان هذا الواقع يجعلنا ندخل الصّراع من الباب الواسع، فإنّ القيمة الّتي نجدها في الغرب في المسألة الثقافية، تبقى بعيدة عن الأوضاع السياسية التي توظّف كثيراً من الحالات لحسابات خطوطها، حيث نجد أنّ الغربيين يتميّزون بامتلاك العقليّة الموضوعيّة التي تسمح لك بمواجهتها، بعيداً عن حالة الانفعال التي نجدها في الواقع الشرقي.
ولذلك، فإنّنا إذا استطعنا امتلاك المستوى الثقافي العميق الجيّد في المسألة الإسلامية، على مستوى المفاهيم والعقيدة أو الشريعة، فإنه يمكننا الدخول إلى الغرب مبشّرين، لإقناع الإنسان الغربي العادي بالمسألة الإسلاميّة، لأنّ عقله ليس خاضعاً للخلفيات الانفعاليّة أو العاطفيّة التي يخضع لها الشرقي لالتزامه بجذوره، فالإنسان الغربي العادي أصبح بعيداً عن الجذور الدينية بشكل أساسي، حتّى إنّه أمام اختلاف الأفكار والتيارات الموجودة لديه، أصبح لا يشعر بوجود مشكلة في أن يبتعد عن تياره الثقافي ويقترب من تيار آخر.
لذلك، فنحن نملك مواجهة الإنسان الغربي بالطريقة التي يمكن إقناعه بها، كما أنه يمكن مواجهة المثقفين الغربيين، ولا سيما أنَّ الجامعات الموجودة في الغرب، مفتوحة للمفكّرين المسلمين، لكي يُعالجوا القضايا الإسلاميّة، سواء من النواحي السياسية أو الاجتماعية أو الأخلاقية أو الفقهية، وهو ما يفسح لنا المجال للدعوة على مستوى الجامعات والمفكّرين.
وإذا كانت الكثير من الظروف مهيّأة لاقتحام المواقع بعقل منفتح وبصيرة نافذة، فإنّ المشكلة التي نواجهها في هذا الإطار، هي أنّ المسلمين ليسوا أمّة واحدة، فهم لا يملكون مرجعيّة تخطّط للجانب الفكري والثقافي، وهم مشغولون بعقد سياسيّة جعلت السياسة هدفاً، بدل أن تكون وسيلة، إضافةً إلى التحدّيات التي تواجههم، فتشغلهم بأنفسهم وتمنعهم من ذلك.
لهذا، لا بُدّ من أن نُحدّق بالغرب كعنوان كبير ثقافي وحضاري وإنساني، دون تغييب الوجه العدواني الآخر، وأن نهيئ أنفسنا للدخول في هذه المعركة الثقافية السياسية، لكي نحصل على ما يهمّنا من الغرب؛ وأن نحفّف تأثير الغرب في الشرق بطريقة أو بأخرى...
[كتاب: تحدّيات المهجر]