كتابات
03/08/2015

الموقف من التّحدّيات المضادّة

الموقف من التّحدّيات المضادّة

الإنسان المؤمن المسلم لله تعالى، هو صاحب القناعة الرَّاسخة والإرادة القويّة الّتي تبرز أصالة شخصيَّته، مهما اشتدَّت حوله الإغراءات وزادت الضّغوطات من هنا وهناك، فهو في انتمائه إلى الله، يؤكِّد متانة هذه العلاقة وقوّتها، من خلال عقله المنفتح على الحقّ، وقلبه المنفتح على الخير، ومشاعره التي تتحسَّس الله في كلّ الحركات والسَّكنات.

يقف المسلم ليقول لكلّ الّذين يحاولون محاصرته ومصادرة قراره وحريته، ها أنا ذا أقف بكلّ مسؤوليّة ووعي، ثابت الخطى، واثق الحركة والموقف، أسعى عن قناعةٍ وفكرٍ كي أحصل على رضوان الله، لا أخاف في الله لومة لائم. ويقول لكلِّ الّذين يحاولون جذبه إلى خياراتهم المنحرفة: أنا صاحب القناعة الّتي تعمَّقت في مواطن نِعَم الله، والّذي عرفته بعمق مشاعري ووجداني، وبصفاء فطرتي وعقلي، فوحَّدته وأخلصت إليه، إذ أشعر بحضوره في كلّ مفصل من مفاصل حياتي.

المؤمن هو المقتنع بأمر الله والمنفتح عليه بكليّته، فلا ينازع اللهَ في قلبه وعقله أحدٌ سواه.. كثيرون يحاولون فرض إملاءاتهم كي ينجذب الجهلة إلى خطّهم المنحرف، ويستعملون لذلك الوسائل الكثيرة والمتنوّعة وغير المشروعة، بغية ثني البعض عن إيمانهم، وتزييف الحقائق، واستعمال أساليب الباطل.

هنا تأتي إرادة المؤمن الحرّة والمتحرّرة من كلِّ القيود والإغراءات، لتأكيد موقف الحقّ والتّحدّي في وجه الباطل، وزرع روح الوعي والمسؤوليّة في الأمّة، كي تعبِّر بصدق وأمانة عن حقيقة الانتماء إلى الله تعالى، وما يفرضه هذا الانتماء من مسؤوليَّة أمام الله في التزام حدوده وتعاليمه ونشر دعوته ورسالته، دون خوفٍ أو تراجع أو انكسار أو استسلام.

المؤمن هو من يتحمَّل حقيقة انتمائه في حركته في قلب الواقع، من أجل تحصين الحاضر والانطلاق بقوّة نحو المستقبل.

وحول ما تقدَّم، وفي السّياق ذاته، يقول المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "هناك نقطة مهمّة في موقف الإنسان المسلم في حركيّة انتمائه إلى الإسلام، في مواجهة التحدّيات المضادّة من جهة، والإغراءات المحيطة به من جهةٍ أخرى.

كيف يقف المسلم في إسلامه أمام المجتمع الّذي يتحرّك بعيداً عن الإسلام، سواء كان ذلك من خلال الانتماء أو من خلال السّلوك؟! هناك آيات في القرآن يحدّث فيها الله سبحانه وتعالى نبيّه كيف يخاطب الناس الّذين يقفون في الموقف المضادّ من الإسلام، ويريدون له أن ينحرف معهم، وأن يقدِّم التّنازلات من فكره أو من سلوكه.

فالله يريد له أن يواجه المسألة ليوحي للآخرين بأنَّها لا تتناول إرادته ليمكن لهم أن يجتذبوا إرادته إليهم، أو أن يجلبوه إليهم، بل إنَّ القضيّة أعلى وأسمى من ذلك، فهو ـ أي المسلم ـ لا يملك خياراً أن يبتعد عن خطّه، وذلك بتأكيد أنَّ هذه الحركيَّة في الانتماء إلى الإسلام منطلقة من أمر الله الّذي اقتنع به، وإذا كانت المسألة أمر الله، فلا مجال لخيار فيما يضادّ أمر الله.

كيف نفهم المسألة من خلال القرآن؟ {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ}[الزّمر: 11]. ولكنّي في انفتاحي على الله الّذي عرفته بعمق وجداني وبصفاء فطرتي، الّذي انفتح عقلي عليه، وانفتح قلبي عليه، فكان أمره ينطلق من وجدانٍ يحتضنه، ومن سلطةٍ عليا أستشعر قوتها عليَّ.. هذا منطق الدّاعية إلى الله الّذي يدعو النّاس إلى الله، ثم يؤكِّد موقفه ليركِّز الفواصل الواضحة المعلنة بين موقفه وموقف الآخرين، فلا تجعل موقفك الذي تلتزمه ضبابيّاً، ولا تجعله مائعاً.. استعمل كلَّ الأساليب الّتي تجلب الآخرين إليك. لا بدَّ لنا من أن نعيش الانتماء بقوّة، وأن نعلن للنّاس أنّنا نتحمَّل مسؤوليَّة انتمائنا، لأنَّ من لم يعلن انتماءه، هو إنسانٌ لا يريد أن يتحمَّل مسؤوليَّته وقوَّة الانتماء في حركيَّته في الحاضر وفي المستقبل وفي ساحة الصِّراع.. قوّة الانتماء هي أن يتحمَّل أعباءه كلّ أتباعه وكلّ القائمين عليه والسّائرين في خطّه مسؤوليّتهم، {قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ}[الزّمر: 14ـ 15]". [النّدوة، ج 1، ص 81 ـ 84].

واليوم، نحتاج في غمرة التحدّيات المضادّة الّتي تعترض مسيرتنا، إلى أن نكون أحراراً وأصحاب وعيٍ وإرادة وعزيمة وقناعة منفتحة على الحقّ وعلى خطّ الله، وما يعنيه ذلك من مسؤوليّات تستوجب منّا الوضوح والجرأة في الانتماء والتحدّي وإبراز العلاقة الصّافية والصّادقة مع الله تعالى، لا أن نكون من أصحاب الدّنيا والمنتفعين والمتذبذبين.

إنَّ المؤمن هو الّذي يكون على بيّنةٍ من أمره، لا يسقط ولا يهِن ولا يضعف مهما كانت الإغراءات والتحدّيات، فهو في علانيته كما في باطنه، واحدٌ في القول والحركة والعمل.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

الإنسان المؤمن المسلم لله تعالى، هو صاحب القناعة الرَّاسخة والإرادة القويّة الّتي تبرز أصالة شخصيَّته، مهما اشتدَّت حوله الإغراءات وزادت الضّغوطات من هنا وهناك، فهو في انتمائه إلى الله، يؤكِّد متانة هذه العلاقة وقوّتها، من خلال عقله المنفتح على الحقّ، وقلبه المنفتح على الخير، ومشاعره التي تتحسَّس الله في كلّ الحركات والسَّكنات.

يقف المسلم ليقول لكلّ الّذين يحاولون محاصرته ومصادرة قراره وحريته، ها أنا ذا أقف بكلّ مسؤوليّة ووعي، ثابت الخطى، واثق الحركة والموقف، أسعى عن قناعةٍ وفكرٍ كي أحصل على رضوان الله، لا أخاف في الله لومة لائم. ويقول لكلِّ الّذين يحاولون جذبه إلى خياراتهم المنحرفة: أنا صاحب القناعة الّتي تعمَّقت في مواطن نِعَم الله، والّذي عرفته بعمق مشاعري ووجداني، وبصفاء فطرتي وعقلي، فوحَّدته وأخلصت إليه، إذ أشعر بحضوره في كلّ مفصل من مفاصل حياتي.

المؤمن هو المقتنع بأمر الله والمنفتح عليه بكليّته، فلا ينازع اللهَ في قلبه وعقله أحدٌ سواه.. كثيرون يحاولون فرض إملاءاتهم كي ينجذب الجهلة إلى خطّهم المنحرف، ويستعملون لذلك الوسائل الكثيرة والمتنوّعة وغير المشروعة، بغية ثني البعض عن إيمانهم، وتزييف الحقائق، واستعمال أساليب الباطل.

هنا تأتي إرادة المؤمن الحرّة والمتحرّرة من كلِّ القيود والإغراءات، لتأكيد موقف الحقّ والتّحدّي في وجه الباطل، وزرع روح الوعي والمسؤوليّة في الأمّة، كي تعبِّر بصدق وأمانة عن حقيقة الانتماء إلى الله تعالى، وما يفرضه هذا الانتماء من مسؤوليَّة أمام الله في التزام حدوده وتعاليمه ونشر دعوته ورسالته، دون خوفٍ أو تراجع أو انكسار أو استسلام.

المؤمن هو من يتحمَّل حقيقة انتمائه في حركته في قلب الواقع، من أجل تحصين الحاضر والانطلاق بقوّة نحو المستقبل.

وحول ما تقدَّم، وفي السّياق ذاته، يقول المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "هناك نقطة مهمّة في موقف الإنسان المسلم في حركيّة انتمائه إلى الإسلام، في مواجهة التحدّيات المضادّة من جهة، والإغراءات المحيطة به من جهةٍ أخرى.

كيف يقف المسلم في إسلامه أمام المجتمع الّذي يتحرّك بعيداً عن الإسلام، سواء كان ذلك من خلال الانتماء أو من خلال السّلوك؟! هناك آيات في القرآن يحدّث فيها الله سبحانه وتعالى نبيّه كيف يخاطب الناس الّذين يقفون في الموقف المضادّ من الإسلام، ويريدون له أن ينحرف معهم، وأن يقدِّم التّنازلات من فكره أو من سلوكه.

فالله يريد له أن يواجه المسألة ليوحي للآخرين بأنَّها لا تتناول إرادته ليمكن لهم أن يجتذبوا إرادته إليهم، أو أن يجلبوه إليهم، بل إنَّ القضيّة أعلى وأسمى من ذلك، فهو ـ أي المسلم ـ لا يملك خياراً أن يبتعد عن خطّه، وذلك بتأكيد أنَّ هذه الحركيَّة في الانتماء إلى الإسلام منطلقة من أمر الله الّذي اقتنع به، وإذا كانت المسألة أمر الله، فلا مجال لخيار فيما يضادّ أمر الله.

كيف نفهم المسألة من خلال القرآن؟ {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ}[الزّمر: 11]. ولكنّي في انفتاحي على الله الّذي عرفته بعمق وجداني وبصفاء فطرتي، الّذي انفتح عقلي عليه، وانفتح قلبي عليه، فكان أمره ينطلق من وجدانٍ يحتضنه، ومن سلطةٍ عليا أستشعر قوتها عليَّ.. هذا منطق الدّاعية إلى الله الّذي يدعو النّاس إلى الله، ثم يؤكِّد موقفه ليركِّز الفواصل الواضحة المعلنة بين موقفه وموقف الآخرين، فلا تجعل موقفك الذي تلتزمه ضبابيّاً، ولا تجعله مائعاً.. استعمل كلَّ الأساليب الّتي تجلب الآخرين إليك. لا بدَّ لنا من أن نعيش الانتماء بقوّة، وأن نعلن للنّاس أنّنا نتحمَّل مسؤوليَّة انتمائنا، لأنَّ من لم يعلن انتماءه، هو إنسانٌ لا يريد أن يتحمَّل مسؤوليَّته وقوَّة الانتماء في حركيَّته في الحاضر وفي المستقبل وفي ساحة الصِّراع.. قوّة الانتماء هي أن يتحمَّل أعباءه كلّ أتباعه وكلّ القائمين عليه والسّائرين في خطّه مسؤوليّتهم، {قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ}[الزّمر: 14ـ 15]". [النّدوة، ج 1، ص 81 ـ 84].

واليوم، نحتاج في غمرة التحدّيات المضادّة الّتي تعترض مسيرتنا، إلى أن نكون أحراراً وأصحاب وعيٍ وإرادة وعزيمة وقناعة منفتحة على الحقّ وعلى خطّ الله، وما يعنيه ذلك من مسؤوليّات تستوجب منّا الوضوح والجرأة في الانتماء والتحدّي وإبراز العلاقة الصّافية والصّادقة مع الله تعالى، لا أن نكون من أصحاب الدّنيا والمنتفعين والمتذبذبين.

إنَّ المؤمن هو الّذي يكون على بيّنةٍ من أمره، لا يسقط ولا يهِن ولا يضعف مهما كانت الإغراءات والتحدّيات، فهو في علانيته كما في باطنه، واحدٌ في القول والحركة والعمل.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية