يتابع الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع) كلامه ودعاءه بالصَّلاة على أتباع الرسل المخلصين والعاملين والمجاهدين في سبيل الله، الَّذين صدّقوا برسالات الله ورسوله، وواجهوا المعاندين والكفّار، وثبتوا على إيمانهم، وجاهدوا في الله حقَّ الجهاد، وقدَّموا في سبيله كلّ ما يملكون ويستطيعون، ولم يهادنوا على الحقّ.
يقول(ع): "اللهمَّ وأَتْبَاعُ الرُّسُلِ ومُصَدِّقُوهُمْ من أَهْلِ الْأَرْضِ بِالْغَيْبِ، عِنْدَ مُعَارَضَةِ الْمُعَانِدِينَ لَهُمْ بِالتَّكْذِيبِ، والِاشْتِيَاقِ إِلَى الْمُرْسَلِينَ بِحَقَائِقِ الْإيمَانِ فِي كُلِّ دَهْرٍ وزَمَانٍ أَرْسَلْتَ فِيهِ رَسُولًا، وأَقَمْتَ لِأَهْلِهِ دَلِيلًا من لَدُنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ من أَئِمَّةِ الْهُدَى وقَادَةِ أَهْلِ التُّقَى، عَلَى جَمِيعِهِمُ السَّلَامُ، فَاذْكُرْهُمْ مِنْك بِمَغْفِرَةٍ ورِضْوَانٍ.
اللّهمَّ وأَصْحَابُ مُحَمَّدٍ، خَاصَّةً الَّذِينَ أحسنوا الصَّحَابَةَ، والَّذِينَ أَبْلَوُا الْبَلَاءَ الْحَسَنَ فِي نَصْرِهِ، وكَانَفُوهُ، وأَسْرَعُوا إِلَى وِفَادَتِهِ، وسَابَقُوا إِلَى دَعْوَتِهِ، واسْتَجَابُوا لَهُ حَيْثُ أَسْمَعَهُمْ حُجَّةَ رِسَالَاتِهِ، وفَارَقُوا الْأَزْوَاجَ والْأَوْلَادَ فِي إِظْهَارِ كَلِمَتِهِ، وقَاتَلُوا الآْبَاءَ والْأَبْنَاءَ فِي تَثْبِيتِ نُبُوَّتِهِ، وانْتَصَرُوا به، ومن كَانُوا مُنْطَوِينَ عَلَى مَحَبَّتِهِ يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ فِي مَوَدَّتِهِ، والَّذِينَ هَجَرَتْهُمْ الْعَشَائِرُ إِذْ تَعَلَّقُوا بِعُرْوَتِهِ، وانْتَفَتْ مِنْهُمُ الْقَرَابَاتُ إِذْ سَكَنُوا فِي ظِلِّ قَرَابَتِهِ، فَلَا تَنْسَ لَهُمُ اللّهمَّ ما تَرَكُوا لَكَ وفِيكَ، وأَرْضِهِمْ من رِضْوَانِكَ، وبِمَا حَاشُوا الْخَلْقَ عَلَيْكَ، وكَانُوا مَعَ رَسُولِكَ دُعَاةً لَكَ إِلَيْكَ، واشْكُرْهُمْ عَلَى هَجْرِهِمْ فِيكَ دِيَارَ قَوْمِهِمْ، وخُرُوجِهِمْ من سَعَةِ الْمَعَاشِ إِلَى ضِيقِهِ، ومن كَثَّرْتَ فِي إِعْزَازِ دِينِكَ من مَظْلُومِهِمْ".
في هذا الدّعاء، يذكر الإمام السّجّاد(ع) أتباع الرّسل وحقّهم علينا في الدّعاء لهم، لما أخلصوا لله في تثبيت دعوته وتوضيح معالم دينه، وبخاصَّة صحابة رسول الله(ص) المخلصين الموحّدين، حيث كانت قلوبهم عامرةً بالشّوق لله ومحبّته، وكانوا يمثّلون طليعة النّاس في حكمتهم ووعيهم، فأبرزوا أصالة الرّسالة في مواقفهم ومواعظهم وتعاملهم مع الأحداث، فكانوا قدوةً للأجيال في التزامهم بخطِّ الرّسالة، من خلال ارتباطهم الحيّ والفاعل مع الباري تعالى.
فكان المقياس في حركتهم رضا الله والتقيّد بحدوده، فسارعوا إلى إقامة دعائم الدّين بما بذلوه من جهدٍ وقدَّموه من مساهمات كبيرة، حتى تجذَّرت الرّسالة في المجتمع، وُوضعت على سكَّة الحياة.
وحول هذا الدّعاء، يقول سماحة المرجع السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض): "وهذا دعاء يستذكر فيه أتباع الرّسل الّذين اتّبعوهم في المواقف الصّعبة والتّحدّيات الشّديدة والأوضاع القاسية، فوقفوا معهم بعد أن ابتعد عنهم النّاس، ونصروهم بعد أن خذلهم الأقرباء، وصدَّقوهم وانفتحوا على رسالتهم الإلهيَّة، وآمنوا بهم من خلال إيمانهم بالغيب.. فكانت قلوبهم مشتاقةً إلى هؤلاء المرسلين بالحقائق الإيمانيّة.. هؤلاء الّذين نتمثّلهم هم طليعة النّاس في كلّ دهر وزمان، ومن بين هؤلاء أصحاب محمّد(ص)، الّذين عاشوا الصّحبة مسؤوليّة في خطّ الدّعوة والجهاد، فكانت صحبة الرَّسول في خطّ الرّسالة لا في خطّ الذّات..
وهكذا نجد الإمام(ع) يؤكِّد الصّحبة المخلصة كقيمة إيمانيَّة ترتفع بالإنسان، لأنّ هؤلاء الَّذين التزموا بها وأخلصوا لها، هم الّذين قامت الرّسالة على أكتافهم، وقويت من خلال قوّتهم، وثبتت من مواقع ثباتهم، فكانوا جنود الرّسالة في قيادة الرسول، وكانوا الدّعاة في صوت الداعي.. وبهذا يكون استذكارهم استذكاراً للقدوة، واستعادة تاريخهم تأكيداً للتاريخ الحيّ الّذي يمثّل الجذور الضّاربة في الزمن في حياة الأمّة، كما يكون الدّعاء لهم بالمغفرة والرّضوان والتوسّل إلى الله أن يرضيهم برضوانه، جزاءً لما بذلوه في اجتذابهم النّاس إليه ودعوتهم له"... [كتاب: آفاق الروح، ج 1، ص 98 ـ 100].
وهكذا، نتعلّم في مدرسة صحابة الرسول(ص) وأتباع الرّسل جميعاً معنى الإيمان والإخلاص، والجهاد الحيّ والحركيّ في سبيل رفع كلمة الله، وإحقاق الحقّ، والسَّير في طريق العدل، وتأكيد عزّة الإنسان وانفتاحه على سبل الخير والعطاء والالتزام بهدي الله تعالى.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

يتابع الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع) كلامه ودعاءه بالصَّلاة على أتباع الرسل المخلصين والعاملين والمجاهدين في سبيل الله، الَّذين صدّقوا برسالات الله ورسوله، وواجهوا المعاندين والكفّار، وثبتوا على إيمانهم، وجاهدوا في الله حقَّ الجهاد، وقدَّموا في سبيله كلّ ما يملكون ويستطيعون، ولم يهادنوا على الحقّ.
يقول(ع): "اللهمَّ وأَتْبَاعُ الرُّسُلِ ومُصَدِّقُوهُمْ من أَهْلِ الْأَرْضِ بِالْغَيْبِ، عِنْدَ مُعَارَضَةِ الْمُعَانِدِينَ لَهُمْ بِالتَّكْذِيبِ، والِاشْتِيَاقِ إِلَى الْمُرْسَلِينَ بِحَقَائِقِ الْإيمَانِ فِي كُلِّ دَهْرٍ وزَمَانٍ أَرْسَلْتَ فِيهِ رَسُولًا، وأَقَمْتَ لِأَهْلِهِ دَلِيلًا من لَدُنْ آدَمَ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ من أَئِمَّةِ الْهُدَى وقَادَةِ أَهْلِ التُّقَى، عَلَى جَمِيعِهِمُ السَّلَامُ، فَاذْكُرْهُمْ مِنْك بِمَغْفِرَةٍ ورِضْوَانٍ.
اللّهمَّ وأَصْحَابُ مُحَمَّدٍ، خَاصَّةً الَّذِينَ أحسنوا الصَّحَابَةَ، والَّذِينَ أَبْلَوُا الْبَلَاءَ الْحَسَنَ فِي نَصْرِهِ، وكَانَفُوهُ، وأَسْرَعُوا إِلَى وِفَادَتِهِ، وسَابَقُوا إِلَى دَعْوَتِهِ، واسْتَجَابُوا لَهُ حَيْثُ أَسْمَعَهُمْ حُجَّةَ رِسَالَاتِهِ، وفَارَقُوا الْأَزْوَاجَ والْأَوْلَادَ فِي إِظْهَارِ كَلِمَتِهِ، وقَاتَلُوا الآْبَاءَ والْأَبْنَاءَ فِي تَثْبِيتِ نُبُوَّتِهِ، وانْتَصَرُوا به، ومن كَانُوا مُنْطَوِينَ عَلَى مَحَبَّتِهِ يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ فِي مَوَدَّتِهِ، والَّذِينَ هَجَرَتْهُمْ الْعَشَائِرُ إِذْ تَعَلَّقُوا بِعُرْوَتِهِ، وانْتَفَتْ مِنْهُمُ الْقَرَابَاتُ إِذْ سَكَنُوا فِي ظِلِّ قَرَابَتِهِ، فَلَا تَنْسَ لَهُمُ اللّهمَّ ما تَرَكُوا لَكَ وفِيكَ، وأَرْضِهِمْ من رِضْوَانِكَ، وبِمَا حَاشُوا الْخَلْقَ عَلَيْكَ، وكَانُوا مَعَ رَسُولِكَ دُعَاةً لَكَ إِلَيْكَ، واشْكُرْهُمْ عَلَى هَجْرِهِمْ فِيكَ دِيَارَ قَوْمِهِمْ، وخُرُوجِهِمْ من سَعَةِ الْمَعَاشِ إِلَى ضِيقِهِ، ومن كَثَّرْتَ فِي إِعْزَازِ دِينِكَ من مَظْلُومِهِمْ".
في هذا الدّعاء، يذكر الإمام السّجّاد(ع) أتباع الرّسل وحقّهم علينا في الدّعاء لهم، لما أخلصوا لله في تثبيت دعوته وتوضيح معالم دينه، وبخاصَّة صحابة رسول الله(ص) المخلصين الموحّدين، حيث كانت قلوبهم عامرةً بالشّوق لله ومحبّته، وكانوا يمثّلون طليعة النّاس في حكمتهم ووعيهم، فأبرزوا أصالة الرّسالة في مواقفهم ومواعظهم وتعاملهم مع الأحداث، فكانوا قدوةً للأجيال في التزامهم بخطِّ الرّسالة، من خلال ارتباطهم الحيّ والفاعل مع الباري تعالى.
فكان المقياس في حركتهم رضا الله والتقيّد بحدوده، فسارعوا إلى إقامة دعائم الدّين بما بذلوه من جهدٍ وقدَّموه من مساهمات كبيرة، حتى تجذَّرت الرّسالة في المجتمع، وُوضعت على سكَّة الحياة.
وحول هذا الدّعاء، يقول سماحة المرجع السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض): "وهذا دعاء يستذكر فيه أتباع الرّسل الّذين اتّبعوهم في المواقف الصّعبة والتّحدّيات الشّديدة والأوضاع القاسية، فوقفوا معهم بعد أن ابتعد عنهم النّاس، ونصروهم بعد أن خذلهم الأقرباء، وصدَّقوهم وانفتحوا على رسالتهم الإلهيَّة، وآمنوا بهم من خلال إيمانهم بالغيب.. فكانت قلوبهم مشتاقةً إلى هؤلاء المرسلين بالحقائق الإيمانيّة.. هؤلاء الّذين نتمثّلهم هم طليعة النّاس في كلّ دهر وزمان، ومن بين هؤلاء أصحاب محمّد(ص)، الّذين عاشوا الصّحبة مسؤوليّة في خطّ الدّعوة والجهاد، فكانت صحبة الرَّسول في خطّ الرّسالة لا في خطّ الذّات..
وهكذا نجد الإمام(ع) يؤكِّد الصّحبة المخلصة كقيمة إيمانيَّة ترتفع بالإنسان، لأنّ هؤلاء الَّذين التزموا بها وأخلصوا لها، هم الّذين قامت الرّسالة على أكتافهم، وقويت من خلال قوّتهم، وثبتت من مواقع ثباتهم، فكانوا جنود الرّسالة في قيادة الرسول، وكانوا الدّعاة في صوت الداعي.. وبهذا يكون استذكارهم استذكاراً للقدوة، واستعادة تاريخهم تأكيداً للتاريخ الحيّ الّذي يمثّل الجذور الضّاربة في الزمن في حياة الأمّة، كما يكون الدّعاء لهم بالمغفرة والرّضوان والتوسّل إلى الله أن يرضيهم برضوانه، جزاءً لما بذلوه في اجتذابهم النّاس إليه ودعوتهم له"... [كتاب: آفاق الروح، ج 1، ص 98 ـ 100].
وهكذا، نتعلّم في مدرسة صحابة الرسول(ص) وأتباع الرّسل جميعاً معنى الإيمان والإخلاص، والجهاد الحيّ والحركيّ في سبيل رفع كلمة الله، وإحقاق الحقّ، والسَّير في طريق العدل، وتأكيد عزّة الإنسان وانفتاحه على سبل الخير والعطاء والالتزام بهدي الله تعالى.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.