كثيراً ما نسمع أو نناقش أو نتكلَّم عن قضيَّة الوحدة الإسلاميَّة وما تعنيه، والتي ربّما يفهم منها البعض تذويب المذاهب وجعلها مذهباً واحداً، أو جعل الإسلام في نطاق فهمٍ مذهبيّ واحد. وقبل ذلك، قد يظنّ البعض أنَّ المذهبيَّة شيء سلبيّ، وهذا غير سليم، لأنَّ المذهبيَّة حركة فكر واجتهاد معيّنة في قراءتها وتعاملها مع النّصوص القرآنيّة والسنّة الشريفة، وهذا من طبيعة الإنسان وفطرته إن جعل حركته المذهبيّة حركةً للانفتاح والاستفادة من الآخر في ساحة الحياة على أساس التّعاون والتواصل.
لكنَّ المذهبيّة البغيضة تتكوَّن عندما نحوّل مذهبيَّتنا إلى حالة تعصّب أعمى، وإلى حالة نفسيّة مريضة، تنطلق لتلغي الآخر وتقمعه وتدمّره وتحقد عليه، عندها تفقد المذهبيّة دورها في إنتاج حركة اجتهاديّة تغني الحياة والإنسان، وتتحوَّل إلى طاقة للهدم والقتل والتدمير المعنويّ والماديّ، وهذا بعيد كلّ البعد عن عمق الإسلام ومفاهيمه ومنظومته المعرفيّة والوحدويّة القائمة على التنوّع المنتج والمنفتح والهادف.
وروعة الإسلام إنّما تكمن في قيمة ما يساهم به أبناؤه من إبداعاتٍ ومساهماتٍ جادّة وحضاريّة في دفع حركة المذاهب إلى مستوى المسؤوليّة المطلوبة في فهم الإسلام ومقاربته بشكلٍ قيميّ متعدّد الجوانب والحضور.
ومشكلة المسلمين كانت ولا تزال في إثارة روح العصبيّة المذهبيَّة في نفوسهم بشكلٍ خانقٍ يمنعهم من رؤية الأمور كما هي، وبحيث تدفعهم انفعالاتهم المذهبيّة الضيّقة إلى الاستغراق في المحدوديّة وإثارة المشاكل، وهذا بعيد كلّ البعد عن الشّخصيّة الإسلاميّة الإيمانيَّة والرّساليّة.
والوحدة لا تعني إسلاماً بلا مذاهب، هذا ما يوضحه المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) بقوله: "إنَّ الوحدة الإسلاميّة ليست في أنَّنا نطلق شعار إسلام بلا مذاهب، إسلام لا لون له ولا طعم ولا رائحة، لأنه لا يمكن أن يكون هناك إسلام بلا مذاهب، لا لأنَّ المذهبيّة أساسيَّة في الكيان أو في شخصيَّة الإسلام، ولكن لأنَّ المذهبيَّة انطلقت من أنَّ إنساناً ما يفهم القرآن بطريقة معيَّنة، أو يفهم السنّة بطريقة معيَّنة، أو يفهم حركة التاريخ المرتبطة بالسنّة أيضاً بطريقة معيَّنة، وأنَّ إنساناً آخر يفهم المسألة بطريقة أخرى، فهل يمكن أن تلغي هذا الفهم أو ذاك؟... إنَّ المذهبيّة الفكريَّة انطلقت من خلال حركة الاجتهاد...
لذلك، ليس الحلّ أن نلغي المذهبيّات، بل الحلّ أن تحوّل المذهبيّات إلى حركة فكريّة في ساحة الصّراع في فهم الإسلام، لأننا إذا عشنا المذهبية الفكريّة، فإن ذلك يغني اجتهاداتنا الإسلامية، بينما إذا عشنا المذهبيّة العشائريّة والمذهبيّة الطائفيّة والمذهبيّة المعقّدة والمذهبيّة المتعصّبة، فإنّ ذلك سوف يؤدّي إلى المزيد من الأحقاد.. ومشكلة المسلمين هي أنهم لا يعيشون المذهبيّة الفكريّة، بل يعيشون المذهبيّة المختنقة المتعصّبة، غير المستعدّة لأن تنفتح على الآخر...".[كتاب: النّدوة، ج5، ص 292، 293].
أن ننادي بالوحدة، وأن نكون مسلمين وحدويّين، يعني أن نعرف ما عند الآخر، وأن نتعرّف إلى فهمه واجتهاده المذهبيّ، لا أن نتعامل مع بعضنا البعض من منطلق العصبيّات والأنانيّات وضيق الأفق، التي لا تخدم الإسلام والمسلمين، بل تضرّهم إلى أقصى الحدود...
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

كثيراً ما نسمع أو نناقش أو نتكلَّم عن قضيَّة الوحدة الإسلاميَّة وما تعنيه، والتي ربّما يفهم منها البعض تذويب المذاهب وجعلها مذهباً واحداً، أو جعل الإسلام في نطاق فهمٍ مذهبيّ واحد. وقبل ذلك، قد يظنّ البعض أنَّ المذهبيَّة شيء سلبيّ، وهذا غير سليم، لأنَّ المذهبيَّة حركة فكر واجتهاد معيّنة في قراءتها وتعاملها مع النّصوص القرآنيّة والسنّة الشريفة، وهذا من طبيعة الإنسان وفطرته إن جعل حركته المذهبيّة حركةً للانفتاح والاستفادة من الآخر في ساحة الحياة على أساس التّعاون والتواصل.
لكنَّ المذهبيّة البغيضة تتكوَّن عندما نحوّل مذهبيَّتنا إلى حالة تعصّب أعمى، وإلى حالة نفسيّة مريضة، تنطلق لتلغي الآخر وتقمعه وتدمّره وتحقد عليه، عندها تفقد المذهبيّة دورها في إنتاج حركة اجتهاديّة تغني الحياة والإنسان، وتتحوَّل إلى طاقة للهدم والقتل والتدمير المعنويّ والماديّ، وهذا بعيد كلّ البعد عن عمق الإسلام ومفاهيمه ومنظومته المعرفيّة والوحدويّة القائمة على التنوّع المنتج والمنفتح والهادف.
وروعة الإسلام إنّما تكمن في قيمة ما يساهم به أبناؤه من إبداعاتٍ ومساهماتٍ جادّة وحضاريّة في دفع حركة المذاهب إلى مستوى المسؤوليّة المطلوبة في فهم الإسلام ومقاربته بشكلٍ قيميّ متعدّد الجوانب والحضور.
ومشكلة المسلمين كانت ولا تزال في إثارة روح العصبيّة المذهبيَّة في نفوسهم بشكلٍ خانقٍ يمنعهم من رؤية الأمور كما هي، وبحيث تدفعهم انفعالاتهم المذهبيّة الضيّقة إلى الاستغراق في المحدوديّة وإثارة المشاكل، وهذا بعيد كلّ البعد عن الشّخصيّة الإسلاميّة الإيمانيَّة والرّساليّة.
والوحدة لا تعني إسلاماً بلا مذاهب، هذا ما يوضحه المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض) بقوله: "إنَّ الوحدة الإسلاميّة ليست في أنَّنا نطلق شعار إسلام بلا مذاهب، إسلام لا لون له ولا طعم ولا رائحة، لأنه لا يمكن أن يكون هناك إسلام بلا مذاهب، لا لأنَّ المذهبيّة أساسيَّة في الكيان أو في شخصيَّة الإسلام، ولكن لأنَّ المذهبيَّة انطلقت من أنَّ إنساناً ما يفهم القرآن بطريقة معيَّنة، أو يفهم السنّة بطريقة معيَّنة، أو يفهم حركة التاريخ المرتبطة بالسنّة أيضاً بطريقة معيَّنة، وأنَّ إنساناً آخر يفهم المسألة بطريقة أخرى، فهل يمكن أن تلغي هذا الفهم أو ذاك؟... إنَّ المذهبيّة الفكريَّة انطلقت من خلال حركة الاجتهاد...
لذلك، ليس الحلّ أن نلغي المذهبيّات، بل الحلّ أن تحوّل المذهبيّات إلى حركة فكريّة في ساحة الصّراع في فهم الإسلام، لأننا إذا عشنا المذهبية الفكريّة، فإن ذلك يغني اجتهاداتنا الإسلامية، بينما إذا عشنا المذهبيّة العشائريّة والمذهبيّة الطائفيّة والمذهبيّة المعقّدة والمذهبيّة المتعصّبة، فإنّ ذلك سوف يؤدّي إلى المزيد من الأحقاد.. ومشكلة المسلمين هي أنهم لا يعيشون المذهبيّة الفكريّة، بل يعيشون المذهبيّة المختنقة المتعصّبة، غير المستعدّة لأن تنفتح على الآخر...".[كتاب: النّدوة، ج5، ص 292، 293].
أن ننادي بالوحدة، وأن نكون مسلمين وحدويّين، يعني أن نعرف ما عند الآخر، وأن نتعرّف إلى فهمه واجتهاده المذهبيّ، لا أن نتعامل مع بعضنا البعض من منطلق العصبيّات والأنانيّات وضيق الأفق، التي لا تخدم الإسلام والمسلمين، بل تضرّهم إلى أقصى الحدود...
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.