كتابات
21/03/2016

مصلحة الإسلام والمسلمين هي الأهمّ

مصلحة الإسلام والمسلمين هي الأهمّ

ونبقى في رحاب نهج البلاغة، حيث درر الحِكَم ومفاخر الكلام لسيّدنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع)، الَّذي كان ولا يزال منارةً للأجيال، تستضيء بنور علمه وهدي كلماته.

يقول(ع) في إحدى خطبه:

"أَيُّهَا اَلنَّاسُ، شُقُّوا أَمْوَاجَ اَلْفِتَنِ بِسُفُنِ اَلنَّجَاةِ، وَعَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ اَلْمُنَافَرَةِ، وَضَعُوا تِيجَانَ اَلْمُفَاخَرَةِ، أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ اِسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ، هَذَا مَاءٌ آجِنٌ، وَلُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا، وَمُجْتَنِي اَلثَّمَرَةِ لِغَيْرِ وَقْتِ إِينَاعِهَا، كَالزَّارِعِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ، فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى اَلْمُلْكِ، وَإِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا جَزِعَ مِنَ اَلْمَوْتِ، هَيْهَاتَ بَعْدَ اَللَّتَيَّا وَاَلَّتِي، وَاَللَّهِ لاَبْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ اَلطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ، بَلِ اِنْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لاَضْطَرَبْتُمْ اِضْطِرَابَ اَلْأَرْشِيَةِ فِي اَلطَّوِيِّ اَلْبَعِيدَة".

"أَيُّهَا اَلنَّاسُ، شُقُّوا أَمْوَاجَ اَلْفِتَنِ بِسُفُنِ اَلنَّجَاةِ، وَعَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ اَلْمُنَافَرَةِ، وَضَعُوا تِيجَانَ اَلْمُفَاخَرَةِ".

في هذا الكلام إشارة إلى الأحداث الّتي أعقبت بيعة السَّقيفة، ومحاولة البعض إثارة الفتن والفوضى بين المسلمين، فقد نصح الإمام(ع) المسلمين باتّباع سبُل النَّجاة، وعدم الانزلاق إلى الفتنة والغرق في الصّراعات والمصالح، وتقديم مصلحة الإسلام على ما عداها.

"أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ، أَوِ اِسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ"، فالمفلحون هم من تمسّكوا بالحقّ، وعملوا بكلِّ طاقتهم على نصرته، ومن عجز، فلينتهز الفرصة ويصبر إلى حين يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

"هَذَا مَاءٌ آجِنٌ، وَلُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا، وَمُجْتَنِي اَلثَّمَرَةِ لِغَيْرِ وَقْتِ إِينَاعِهَا كَالزَّارِعِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ"، يشير الإمام(ع) هنا إلى أهميَّة التحلّي بالمسؤوليّة والحكمة في التعاطي مع الأحداث، وهنا الإشارة إلى مسألة الخلافة، حيث لم تكن الظّروف مؤاتية، وكان من الحُمْق الدّخول في منازعاتٍ على حساب مصلحة الإسلام، فهي بالنِّسبة إليه كالماء الَّذي لا يُستساغ شُربه، واللّقمة يغصّ بها الآكل، والثّمرة المقطوعة قبل النّضوج. ومن قطف الثمرة قبل الأوان، لا ينتفع بها، كما أنَّ من زرع في غير أرضه لا ينتفع بما زرع.

"فَإِنْ أَقُلْ ـ أي أطلب الخلافة ـ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى اَلْمُلْكِ، وَإِنْ أَسْكُتْ، يَقُولُوا جَزِعَ مِنَ اَلْمَوْتِ"، وهنا الإشارة إلى حال النّاس المنافقين المتذبذين، الّذين لا يستقرّون على رأي، ويساهمون في خذلان الحقّ وأهله، إذ لم يكن الدّين في نفوسهم متيناً، ولم يكن الإيمان سليماً.

"هَيْهَاتَ بَعْدَ اَللَّتَيَّا وَاَلَّتِي"، وهنا الإشارة إلى مآثر عليّ(ع) الخالدة الّتي سجّلها التاريخ في بدر وخيبر وأُحُد والأحزاب، إنَّ الحقائق تكشف زيف هؤلاء الجاهلين المتعامين عن الحقّ وأهله، فعليّ(ع) سيرته ناصعة وشاهدة مدى الدَّهر على شجاعته وحكمته، ولا يحتاج إلى شهادة من أحد.

"وَاَللهِ لاَبْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ اَلطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ"، وكلّ من يعرف من هو عليّ(ع)، يقسم معه هذا القسم، كما يقول العلامة السيِّد محمّد جواد مغنيَّة(رض)...

"بَلِ اِنْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لاَضْطَرَبْتُمْ اِضْطِرَابَ اَلْأَرْشِيَةِ فِي اَلطَّوِيِّ اَلْبَعِيدَة"، فالقاصي والدَّاني يعرف علم عليٍّ(ع) وفضله ونبوغه، وهنا يشير الإمام(ع) إلى كونه موضع أسرار علوم النبيّ(ص) ومؤتمن هذه الأسرار، ولو تعلمون أيّها النّاس ما في صدر عليّ(ع) من علوم، لاضطربتم لعظمتها وما فيها!

نتعلَّم من عليّ(ع) التّضحية في سبيل مصلحة الإسلام، والصَّبر على الشَّدائد، والحكمة في إدارة شؤوننا العامَّة والخاصَّة، والتمسّك بالحقّ ونصرته، مهما كانت التحدّيات... فأين نحن اليوم من حكمة عليّ، وفضل عليّ، وزهد عليّ، وتضحية عليّ!

وإنَّ واقعنا المضطرب اليوم يحتاج إلى استلهام خطب الإمام عليّ(ع)، الدّاعي إلى النّجاة بكلّ السُبُل، وعدم الانجرار إلى الانحرافات والغرق في مستنقع الحسابات والمصالح على حساب الإسلام والمسلمين.

*إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

ونبقى في رحاب نهج البلاغة، حيث درر الحِكَم ومفاخر الكلام لسيّدنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع)، الَّذي كان ولا يزال منارةً للأجيال، تستضيء بنور علمه وهدي كلماته.

يقول(ع) في إحدى خطبه:

"أَيُّهَا اَلنَّاسُ، شُقُّوا أَمْوَاجَ اَلْفِتَنِ بِسُفُنِ اَلنَّجَاةِ، وَعَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ اَلْمُنَافَرَةِ، وَضَعُوا تِيجَانَ اَلْمُفَاخَرَةِ، أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ اِسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ، هَذَا مَاءٌ آجِنٌ، وَلُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا، وَمُجْتَنِي اَلثَّمَرَةِ لِغَيْرِ وَقْتِ إِينَاعِهَا، كَالزَّارِعِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ، فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى اَلْمُلْكِ، وَإِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا جَزِعَ مِنَ اَلْمَوْتِ، هَيْهَاتَ بَعْدَ اَللَّتَيَّا وَاَلَّتِي، وَاَللَّهِ لاَبْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ اَلطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ، بَلِ اِنْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لاَضْطَرَبْتُمْ اِضْطِرَابَ اَلْأَرْشِيَةِ فِي اَلطَّوِيِّ اَلْبَعِيدَة".

"أَيُّهَا اَلنَّاسُ، شُقُّوا أَمْوَاجَ اَلْفِتَنِ بِسُفُنِ اَلنَّجَاةِ، وَعَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ اَلْمُنَافَرَةِ، وَضَعُوا تِيجَانَ اَلْمُفَاخَرَةِ".

في هذا الكلام إشارة إلى الأحداث الّتي أعقبت بيعة السَّقيفة، ومحاولة البعض إثارة الفتن والفوضى بين المسلمين، فقد نصح الإمام(ع) المسلمين باتّباع سبُل النَّجاة، وعدم الانزلاق إلى الفتنة والغرق في الصّراعات والمصالح، وتقديم مصلحة الإسلام على ما عداها.

"أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ، أَوِ اِسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ"، فالمفلحون هم من تمسّكوا بالحقّ، وعملوا بكلِّ طاقتهم على نصرته، ومن عجز، فلينتهز الفرصة ويصبر إلى حين يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

"هَذَا مَاءٌ آجِنٌ، وَلُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا، وَمُجْتَنِي اَلثَّمَرَةِ لِغَيْرِ وَقْتِ إِينَاعِهَا كَالزَّارِعِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ"، يشير الإمام(ع) هنا إلى أهميَّة التحلّي بالمسؤوليّة والحكمة في التعاطي مع الأحداث، وهنا الإشارة إلى مسألة الخلافة، حيث لم تكن الظّروف مؤاتية، وكان من الحُمْق الدّخول في منازعاتٍ على حساب مصلحة الإسلام، فهي بالنِّسبة إليه كالماء الَّذي لا يُستساغ شُربه، واللّقمة يغصّ بها الآكل، والثّمرة المقطوعة قبل النّضوج. ومن قطف الثمرة قبل الأوان، لا ينتفع بها، كما أنَّ من زرع في غير أرضه لا ينتفع بما زرع.

"فَإِنْ أَقُلْ ـ أي أطلب الخلافة ـ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى اَلْمُلْكِ، وَإِنْ أَسْكُتْ، يَقُولُوا جَزِعَ مِنَ اَلْمَوْتِ"، وهنا الإشارة إلى حال النّاس المنافقين المتذبذين، الّذين لا يستقرّون على رأي، ويساهمون في خذلان الحقّ وأهله، إذ لم يكن الدّين في نفوسهم متيناً، ولم يكن الإيمان سليماً.

"هَيْهَاتَ بَعْدَ اَللَّتَيَّا وَاَلَّتِي"، وهنا الإشارة إلى مآثر عليّ(ع) الخالدة الّتي سجّلها التاريخ في بدر وخيبر وأُحُد والأحزاب، إنَّ الحقائق تكشف زيف هؤلاء الجاهلين المتعامين عن الحقّ وأهله، فعليّ(ع) سيرته ناصعة وشاهدة مدى الدَّهر على شجاعته وحكمته، ولا يحتاج إلى شهادة من أحد.

"وَاَللهِ لاَبْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ اَلطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ"، وكلّ من يعرف من هو عليّ(ع)، يقسم معه هذا القسم، كما يقول العلامة السيِّد محمّد جواد مغنيَّة(رض)...

"بَلِ اِنْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لاَضْطَرَبْتُمْ اِضْطِرَابَ اَلْأَرْشِيَةِ فِي اَلطَّوِيِّ اَلْبَعِيدَة"، فالقاصي والدَّاني يعرف علم عليٍّ(ع) وفضله ونبوغه، وهنا يشير الإمام(ع) إلى كونه موضع أسرار علوم النبيّ(ص) ومؤتمن هذه الأسرار، ولو تعلمون أيّها النّاس ما في صدر عليّ(ع) من علوم، لاضطربتم لعظمتها وما فيها!

نتعلَّم من عليّ(ع) التّضحية في سبيل مصلحة الإسلام، والصَّبر على الشَّدائد، والحكمة في إدارة شؤوننا العامَّة والخاصَّة، والتمسّك بالحقّ ونصرته، مهما كانت التحدّيات... فأين نحن اليوم من حكمة عليّ، وفضل عليّ، وزهد عليّ، وتضحية عليّ!

وإنَّ واقعنا المضطرب اليوم يحتاج إلى استلهام خطب الإمام عليّ(ع)، الدّاعي إلى النّجاة بكلّ السُبُل، وعدم الانجرار إلى الانحرافات والغرق في مستنقع الحسابات والمصالح على حساب الإسلام والمسلمين.

*إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية