كتابات
13/09/2016

الفساد وأهله إلى زوال..

الفساد وأهله إلى زوال..

يحدّثنا الله تعالى في سورة النمل المباركة، عن قوم فرعون الذين استعلوا وتكبّروا على أنبياء الله ورسالاتهم، وواجهوها بكلّ عناد وكفر، وأثاروا حولها الكثير من الغوغاء، مع أنّ قلوبهم تعي أحقيّة هذه الرّسالات، لكنّهم أصرّوا على رفضها بألسنتهم وأفعالهم الّتي اتّبعت مصالحهم وأهواءهم، فكانت عاقبتهم الخزي في الحياة الدّنيا والآخرة، وخسران الذّات والفعل والحضور أمام الله والتّاريخ.

يقول سبحانه وتعالى في محكم آياته: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ* وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}[النّمل: 13-14].

في تفسيرها، يقول العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً}، بما تفتحه من حقائق، وما تثيره من أفكار، وتلتقي به من موقع النّور في حقائق الحياة، في علاقة الله بكلّ ما فيها من قوى ومظاهر وأوضاع، {قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}، لأنّ هذه الكلمة هي الّتي يمكن أن تبرّر الموقف المعلن لهم في رفض رسالة موسى ونبوّته أمام الجمهور، {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}، فلم يكن جحودهم الّذي بدر منهم منطلقاً من حالةٍ فكريّة تبرّر لهم ذلك، ممّا يمكن أن يكونوا قد اكتشفوه في هذه الآيات من نقاط ضعف، وما عرضه موسى في رسالته من مواقع رفض، بل كان منطلقاً من مشاعر الظلم العدواني الذي يرفض أن يقف فيه الإنسان عند حدّه وحجمه الطبيعي، ومن طبيعة الاستعلاء الذّاتيّ، أن يمنع الإنسان من القبول بالحقيقة التي يتحدّث بها الناس الذين هم أقلّ منه قدراً وطبقةً، في ما هي الموازين المألوفة لدى المجتمع في تقدير الأفراد تبعاً لقوة المال والجاه والنسب..

وماذا كانت النتيجة؟ هل استطاعوا أن يطمئنّوا إلى كفرهم وجحودهم وكبريائهم في مواقع السّلطة؟ لم يبقَ لهم شيء من ذلك، فأغرقهم الله وأسقط كلّ دورهم الكافر والظّالم، وتمّت كلمة ربّك صدقاً وعدلاً. {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} الّذين أفسدوا حياة النّاس بالكفر، وأوضاعهم بالظّلم والعدوان، واعتبر بذلك لتصل إلى الفكرة القائلة بأنّ الفساد قد يتحرّك ليثبّت أقدامه في الواقع، ولكنّه لن يصل إلى الثّبات في مواقعه وحركته مهما طال الزّمن". [من وحي القرآن، ج:17، ص:190-191].

وهذا القرطبي يقول في تفسير ما تقدّم من آيات: " {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} أي واضحة بيّنة. قال الأخفش: ويجوز مبصرةً وهو مصدر.. {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} أي تيقّنوا أنها من عند الله وأنها ليست سحراً، ولكنهم كفروا بها وتكبّروا أن يؤمنوا بموسى، وهذا يدلّ على أنهم كانوا معاندين، و"ظلماً" و"علواً" منصوبان على نعت مصدر محذوف، أي: وجحدوا بها جحوداً ظلماً وعلوّاً، والباء زائدة أي وجحدوها: قاله أبو عبيدة.

فانظر يا محمّد كيف كانت عاقبة المفسدين، أي آخر أمر الكافر الطّاغين، انظر ذلك بعين قلبك وتدبّر فيه. الخطاب له والمراد غيره".[الجامع لأحكام القرآن/القرطبي].

من هنا، فإنّ المجتمع الإيماني هو الّذي يحافظ على إيمانه من كلّ ما يزعزعه ويضعفه وينحرف به عن الصّراط المستقيم، وهو المجتمع الواعي الّذي يسمع رسالات الله ويتفاعل معها، ويعيش التّواضع في ذاته، فلا يستكبر ولا يعاند ولا يكفر بنعم الله، بل يكون المجتمع المثالي في حفظ حقوق الله، والتّجاوب مع نداء الوحي والسّماء، عبر إحقاق الحقّ، وإقامة العدل، ومواجهة الباطل والظّلم والفساد، إذ يعرف هذا المجتمع الإيماني أنَّ مصير الفساد والمفسدين إلى زوال وإن طال الزّمن...

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

يحدّثنا الله تعالى في سورة النمل المباركة، عن قوم فرعون الذين استعلوا وتكبّروا على أنبياء الله ورسالاتهم، وواجهوها بكلّ عناد وكفر، وأثاروا حولها الكثير من الغوغاء، مع أنّ قلوبهم تعي أحقيّة هذه الرّسالات، لكنّهم أصرّوا على رفضها بألسنتهم وأفعالهم الّتي اتّبعت مصالحهم وأهواءهم، فكانت عاقبتهم الخزي في الحياة الدّنيا والآخرة، وخسران الذّات والفعل والحضور أمام الله والتّاريخ.

يقول سبحانه وتعالى في محكم آياته: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ* وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}[النّمل: 13-14].

في تفسيرها، يقول العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً}، بما تفتحه من حقائق، وما تثيره من أفكار، وتلتقي به من موقع النّور في حقائق الحياة، في علاقة الله بكلّ ما فيها من قوى ومظاهر وأوضاع، {قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}، لأنّ هذه الكلمة هي الّتي يمكن أن تبرّر الموقف المعلن لهم في رفض رسالة موسى ونبوّته أمام الجمهور، {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}، فلم يكن جحودهم الّذي بدر منهم منطلقاً من حالةٍ فكريّة تبرّر لهم ذلك، ممّا يمكن أن يكونوا قد اكتشفوه في هذه الآيات من نقاط ضعف، وما عرضه موسى في رسالته من مواقع رفض، بل كان منطلقاً من مشاعر الظلم العدواني الذي يرفض أن يقف فيه الإنسان عند حدّه وحجمه الطبيعي، ومن طبيعة الاستعلاء الذّاتيّ، أن يمنع الإنسان من القبول بالحقيقة التي يتحدّث بها الناس الذين هم أقلّ منه قدراً وطبقةً، في ما هي الموازين المألوفة لدى المجتمع في تقدير الأفراد تبعاً لقوة المال والجاه والنسب..

وماذا كانت النتيجة؟ هل استطاعوا أن يطمئنّوا إلى كفرهم وجحودهم وكبريائهم في مواقع السّلطة؟ لم يبقَ لهم شيء من ذلك، فأغرقهم الله وأسقط كلّ دورهم الكافر والظّالم، وتمّت كلمة ربّك صدقاً وعدلاً. {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} الّذين أفسدوا حياة النّاس بالكفر، وأوضاعهم بالظّلم والعدوان، واعتبر بذلك لتصل إلى الفكرة القائلة بأنّ الفساد قد يتحرّك ليثبّت أقدامه في الواقع، ولكنّه لن يصل إلى الثّبات في مواقعه وحركته مهما طال الزّمن". [من وحي القرآن، ج:17، ص:190-191].

وهذا القرطبي يقول في تفسير ما تقدّم من آيات: " {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} أي واضحة بيّنة. قال الأخفش: ويجوز مبصرةً وهو مصدر.. {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} أي تيقّنوا أنها من عند الله وأنها ليست سحراً، ولكنهم كفروا بها وتكبّروا أن يؤمنوا بموسى، وهذا يدلّ على أنهم كانوا معاندين، و"ظلماً" و"علواً" منصوبان على نعت مصدر محذوف، أي: وجحدوا بها جحوداً ظلماً وعلوّاً، والباء زائدة أي وجحدوها: قاله أبو عبيدة.

فانظر يا محمّد كيف كانت عاقبة المفسدين، أي آخر أمر الكافر الطّاغين، انظر ذلك بعين قلبك وتدبّر فيه. الخطاب له والمراد غيره".[الجامع لأحكام القرآن/القرطبي].

من هنا، فإنّ المجتمع الإيماني هو الّذي يحافظ على إيمانه من كلّ ما يزعزعه ويضعفه وينحرف به عن الصّراط المستقيم، وهو المجتمع الواعي الّذي يسمع رسالات الله ويتفاعل معها، ويعيش التّواضع في ذاته، فلا يستكبر ولا يعاند ولا يكفر بنعم الله، بل يكون المجتمع المثالي في حفظ حقوق الله، والتّجاوب مع نداء الوحي والسّماء، عبر إحقاق الحقّ، وإقامة العدل، ومواجهة الباطل والظّلم والفساد، إذ يعرف هذا المجتمع الإيماني أنَّ مصير الفساد والمفسدين إلى زوال وإن طال الزّمن...

إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية