نبقى مع نهج البلاغة وخطبه ومواعظه الّتي تأخذنا إلى مناسبات وأحداث غنيّة، عبّر عنها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) في أدقّ تعبير وصورة، واصفاً الحال، ومقدِّماً خلاصة الحكمة والعبرة للحاضر والمستقبل.
يقول عليّ(ع) في خطبة له: "أيها النّاس المجتمعةُ أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصمّ الصّلاب، وفعلكم يُطمِع فيكم الأعداء، تقولون في المجالس كيْتَ وكيْتَ، فإذا جاء القتال قلتُم: حيدي حياد، ما عزّت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلبُ من قاساكم، أعاليلُ بأضاليل، وسألتموني التّطويل، دفاع ذي الدّينِ المطُولِ، لا يمنعُ الضّيمَ الذّليلُ، ولا يُدرَكُ الحقُّ إلا بالجدِّ!"...
يتحدّث أمير المؤمنين علي(ع) عن القوم الذين تظنّهم في اجتماع أبدانهم وصورهم مع توزّع ميولهم ورغباتهم، أقوياء شجعاناً في أقوالهم وظاهر حالهم، ولكنّهم في الواقع وحقيقة الأمر ضعفاء هزال في قلوبهم المشتَّتة، وأفعالهم الّتي تخالف ظاهرهم، والدّليل عندما تأتي الحرب، تراهم يتخاذلون ويجبنون عنها: ولسان حالهم "تقولون في المجالس، كيْتَ وكيْتَ، فإذا جاء القتال قلتُم: حيدي حَياد!".
لذا فإنّ فعلهم في النهاية يخالف قولهم، وذلك ما يكشفهم على حقيقتهم.
"ما عزَّت دعوة من دعاكم"، أي لا تجيبون داعياً يدعوكم، ولا تقفون إلى جانب أحدٍ يستغيثكم.
"ولا استراح قلتُ من قاساكم". يشير الأمير(ع) إلى حال هؤلاء الّذين لا يكتفون بالتَّخاذل، بل وصل الأمر بهم إلى الخروج عن الطّاعة، والوقوف إلى جانب الأعداء، في حال قسا عليهم الإمام(ع) في كلامه، وحثَّهم على الجهاد، فحالهم غير مستقرّة على حال، فهم سريعو التقلُّب والمزاج.
"أعاليل بأضاليل" أي يعلّلون قعودهم عن الجهاد بعلل مضلّلة واهية، وينافقون في قلوبهم وفعلهم.
"وسألتموني التّطويل، دفاع ذي الدّيْنِ المطُول"، أي سألوا الإمام(ع) تأخير موعد الجهاد تسويغاً ومماطلةً، لا لشيء إلا للتهرّب من المسؤوليّات والواجبات، فحالهم حال الّذي يماطل في تسديد الدَّين لا لعذر.
"لا يمنع الضّيمُ الذّليل"، في إشارةٍ إلى تفضيل هؤلاء الذّلّ والهوان على العزّة والكرامة.
"ولا يُدرَكُ الحقُّ إلا بالجدّ"، فكما طلب العلم يحتاج إلى الجهد والتّعب والتّضحية، كذلك الجهاد يحتاج إلى إخلاص وإيمان وتضحية بالأنفس والأموال في سبيل الله تعالى وذوداً عن الحقّ.
نتعلّم من أمير المؤمنين(ع) هنا، ألا نكون من المتخاذلين الرّاضين بالذلّ والهوان، بل المنطلقين بكلّ مسؤوليّة، والمضحّين والمجاهدين في سبيل الله، عبر موافقة الظّاهر للباطن، والقول للعمل، كي نرسم طريق الحاضر والمستقبل على أساس العزّة والكرامة.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

نبقى مع نهج البلاغة وخطبه ومواعظه الّتي تأخذنا إلى مناسبات وأحداث غنيّة، عبّر عنها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(ع) في أدقّ تعبير وصورة، واصفاً الحال، ومقدِّماً خلاصة الحكمة والعبرة للحاضر والمستقبل.
يقول عليّ(ع) في خطبة له: "أيها النّاس المجتمعةُ أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصمّ الصّلاب، وفعلكم يُطمِع فيكم الأعداء، تقولون في المجالس كيْتَ وكيْتَ، فإذا جاء القتال قلتُم: حيدي حياد، ما عزّت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلبُ من قاساكم، أعاليلُ بأضاليل، وسألتموني التّطويل، دفاع ذي الدّينِ المطُولِ، لا يمنعُ الضّيمَ الذّليلُ، ولا يُدرَكُ الحقُّ إلا بالجدِّ!"...
يتحدّث أمير المؤمنين علي(ع) عن القوم الذين تظنّهم في اجتماع أبدانهم وصورهم مع توزّع ميولهم ورغباتهم، أقوياء شجعاناً في أقوالهم وظاهر حالهم، ولكنّهم في الواقع وحقيقة الأمر ضعفاء هزال في قلوبهم المشتَّتة، وأفعالهم الّتي تخالف ظاهرهم، والدّليل عندما تأتي الحرب، تراهم يتخاذلون ويجبنون عنها: ولسان حالهم "تقولون في المجالس، كيْتَ وكيْتَ، فإذا جاء القتال قلتُم: حيدي حَياد!".
لذا فإنّ فعلهم في النهاية يخالف قولهم، وذلك ما يكشفهم على حقيقتهم.
"ما عزَّت دعوة من دعاكم"، أي لا تجيبون داعياً يدعوكم، ولا تقفون إلى جانب أحدٍ يستغيثكم.
"ولا استراح قلتُ من قاساكم". يشير الأمير(ع) إلى حال هؤلاء الّذين لا يكتفون بالتَّخاذل، بل وصل الأمر بهم إلى الخروج عن الطّاعة، والوقوف إلى جانب الأعداء، في حال قسا عليهم الإمام(ع) في كلامه، وحثَّهم على الجهاد، فحالهم غير مستقرّة على حال، فهم سريعو التقلُّب والمزاج.
"أعاليل بأضاليل" أي يعلّلون قعودهم عن الجهاد بعلل مضلّلة واهية، وينافقون في قلوبهم وفعلهم.
"وسألتموني التّطويل، دفاع ذي الدّيْنِ المطُول"، أي سألوا الإمام(ع) تأخير موعد الجهاد تسويغاً ومماطلةً، لا لشيء إلا للتهرّب من المسؤوليّات والواجبات، فحالهم حال الّذي يماطل في تسديد الدَّين لا لعذر.
"لا يمنع الضّيمُ الذّليل"، في إشارةٍ إلى تفضيل هؤلاء الذّلّ والهوان على العزّة والكرامة.
"ولا يُدرَكُ الحقُّ إلا بالجدّ"، فكما طلب العلم يحتاج إلى الجهد والتّعب والتّضحية، كذلك الجهاد يحتاج إلى إخلاص وإيمان وتضحية بالأنفس والأموال في سبيل الله تعالى وذوداً عن الحقّ.
نتعلّم من أمير المؤمنين(ع) هنا، ألا نكون من المتخاذلين الرّاضين بالذلّ والهوان، بل المنطلقين بكلّ مسؤوليّة، والمضحّين والمجاهدين في سبيل الله، عبر موافقة الظّاهر للباطن، والقول للعمل، كي نرسم طريق الحاضر والمستقبل على أساس العزّة والكرامة.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.