نتابع مع أدعية الصحيفة السجادية للإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)، حيث تسمو الرّوح في آفاق الابتهال والدّعاء إلى الباري تعالى، وتتأدّب بآدابه وتتخلَّق بأخلاقه.
يقول(ع): "اللّهمّ ولي حاجةٌ قد قصّر عنها جهدي، وتقطّعت دونها حيلي، وسوّلت نفسي رفعها إلى من يرفعُ حوائجه إليك، ولا يستغني في طلباته عنك، وهي زلّةٌ من زلل الخاطئين، وعثرةٌ من عثرات المذنبين، ثم انتبهتُ بتذكيرك لي من غفلتي، ونهضتُ بتوفيقك من زلّتي، ونكصتُ بتسديدك عن عثرتي، وقلت: سبحان ربي! كيف يسألُ محتاجٌ محتاجاً، وأنّى يرغبُ مُعدمٌ إلى معدمٍ؟! فقصدتُك ـ يا إلهي ـ بالرّغبةِ، وأوفدتُ عليك رجائي بالثقة بك، وعلمتُ أنّ كثير ما أسألك يسيرٌ في وُجدِكَ، وأنَّ خطير ما أستوهبك حقيرٌ في وُسعِك، وأنَّ كرمك لا يضيقُ عن سؤال أحدٍ، وأنّ يدك بالعطاء أعلى من كلِّ يدٍ".
إنّه ربّ العالمين، إليه مقصد العباد في كلّ الحوائج، ومع أنهم يعيشون الغفلة والذّهول عن الحقيقة، فإنهم يعودون إلى صحوتهم، وينيبون إلى خالقهم، طالبين منه قضاء حوائجهم الّتي عجز الآخرون عن تلبيتها، إنهم المؤمنون في فكرهم وروحهم بأنّ الطلب إلى الله هو المؤمَّل في حصول النتائج الإيجابيّة في كلّ واقعهم، إذ الله الخالق هو المهيمن على الأمر كلّه، وهو وحده المرجع الّذي يعود العباد إليه.
والمؤمنون يعون أنَّ قدرة الله فوق كلّ قدرة، فيبتعدون عن كلّ سطحيّة في التّفكير بأن أحداً غير الله له القدرة المطلقة، وعنده كلّ الرجاء في تحقيق التمنّيات، وفي كلّ ذلك دروس أخلاقيّة لنا، أن نستشعر قوة الله فينا، وأن نستحضره في كل وجداننا وحركتنا في الحياة، وألا نغفل عنه طرفة عين، وأن نقصده في كلّ أوضاعنا، متوكّلين عليه واثقين به، ساعين إليه بكلّ إيمان واطمئنان.
وحول ما تقدّم من فقرات الدعاء، يوضح العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "هذا أنت ـ يا ربّ ـ في سعة قدرتك، ولطف رحمتك، وفيض كرمك، وهذه هي الحقيقة الناصعة في معنى الألوهية في مقامها الأعلى الّذي لا يدنو إليه مقام.. ولكني أنا عبدك المقرّ بذلك كله، المعترف بكل نتائجه، وقعت في التجربة الصعبة، فسقطت في بحار الغفلة والنسيان، فلم أعش أجواء الغيب في روحيّة قدس ذاتك، بل عشت سذاجة الحسّ في الاستغراق في مظاهر القدرة في خلقك.. وهكذا ضغطت عليَّ حاجتي بعد أن عجز عنها كلّ موقع من مواقع القدرة لديَّ.. وكانت غفلة خانقة انتبهتُ منها بتذكيرك لي: أيّها الإنسان اذكر مقام ربّك وارجع إليه، وكانت زلّة خطيرة نهضت منها بتوفيقك، وقلت لي: أيّها الإنسان، انتبه إلى طريقك المستقيم.. وكانت عثرة مؤلمة، رجعت عنها بتسديدك.. وانكشفت لي الحقيقة، وتطلّعت إلى آفاق عظمتك، فاكتشفت حقارة المخلوقين، وعرفت غنى ذاتك، وأدركت فقرهم، ووقفت في نهاية المطاف عند بابك الّذي لا تغلقه عن أحدٍ من خلقك، إلا من أغلق أبواب الرحمة عن نفسه.. إنها ـ يا ربّ ـ إيحاءات الإيمان في قلبي المستمدّة من وحيك، وإشعاعات الأفكار المتطلّعة إلى آفاق النّور السّابحة في بحار نورك".[كتاب: آفاق الروح، ج:1، ص:327-328].
هل لنا أن نتعلّم من فقرات هذا الدّعاء، وأن نعود إلى رشدنا، ونعرف المقصد الحقيقيّ في طلب الحوائج، وأن نطلب من الله بكلّ عزّة وفخار، بعيداً من التذلّل للمخلوقين مهما علا شأنهم؟
إنّ الله تعالى يفتح على الدّوام بابه لنا، ويقول لنا أنا أقرب إليكم من حبل الوريد، فتحلّوا بالإيمان العميق البعيد عن الغفلة والاستغراق في الدّنيا، وتوكّلوا عليَّ، واعملوا بما وهبتكم من قدرات، وادعوني أستجب لكم، وأوفّقكم وأسدِّد خطواتكم وحركتكم في الحياة.
فكم من النّاس مَن خسروا أنفسهم بالتعلُّق والتذلّل للمخلوقين، ونسيان الخالق عبر اللغفلة عنه!

نتابع مع أدعية الصحيفة السجادية للإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)، حيث تسمو الرّوح في آفاق الابتهال والدّعاء إلى الباري تعالى، وتتأدّب بآدابه وتتخلَّق بأخلاقه.
يقول(ع): "اللّهمّ ولي حاجةٌ قد قصّر عنها جهدي، وتقطّعت دونها حيلي، وسوّلت نفسي رفعها إلى من يرفعُ حوائجه إليك، ولا يستغني في طلباته عنك، وهي زلّةٌ من زلل الخاطئين، وعثرةٌ من عثرات المذنبين، ثم انتبهتُ بتذكيرك لي من غفلتي، ونهضتُ بتوفيقك من زلّتي، ونكصتُ بتسديدك عن عثرتي، وقلت: سبحان ربي! كيف يسألُ محتاجٌ محتاجاً، وأنّى يرغبُ مُعدمٌ إلى معدمٍ؟! فقصدتُك ـ يا إلهي ـ بالرّغبةِ، وأوفدتُ عليك رجائي بالثقة بك، وعلمتُ أنّ كثير ما أسألك يسيرٌ في وُجدِكَ، وأنَّ خطير ما أستوهبك حقيرٌ في وُسعِك، وأنَّ كرمك لا يضيقُ عن سؤال أحدٍ، وأنّ يدك بالعطاء أعلى من كلِّ يدٍ".
إنّه ربّ العالمين، إليه مقصد العباد في كلّ الحوائج، ومع أنهم يعيشون الغفلة والذّهول عن الحقيقة، فإنهم يعودون إلى صحوتهم، وينيبون إلى خالقهم، طالبين منه قضاء حوائجهم الّتي عجز الآخرون عن تلبيتها، إنهم المؤمنون في فكرهم وروحهم بأنّ الطلب إلى الله هو المؤمَّل في حصول النتائج الإيجابيّة في كلّ واقعهم، إذ الله الخالق هو المهيمن على الأمر كلّه، وهو وحده المرجع الّذي يعود العباد إليه.
والمؤمنون يعون أنَّ قدرة الله فوق كلّ قدرة، فيبتعدون عن كلّ سطحيّة في التّفكير بأن أحداً غير الله له القدرة المطلقة، وعنده كلّ الرجاء في تحقيق التمنّيات، وفي كلّ ذلك دروس أخلاقيّة لنا، أن نستشعر قوة الله فينا، وأن نستحضره في كل وجداننا وحركتنا في الحياة، وألا نغفل عنه طرفة عين، وأن نقصده في كلّ أوضاعنا، متوكّلين عليه واثقين به، ساعين إليه بكلّ إيمان واطمئنان.
وحول ما تقدّم من فقرات الدعاء، يوضح العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "هذا أنت ـ يا ربّ ـ في سعة قدرتك، ولطف رحمتك، وفيض كرمك، وهذه هي الحقيقة الناصعة في معنى الألوهية في مقامها الأعلى الّذي لا يدنو إليه مقام.. ولكني أنا عبدك المقرّ بذلك كله، المعترف بكل نتائجه، وقعت في التجربة الصعبة، فسقطت في بحار الغفلة والنسيان، فلم أعش أجواء الغيب في روحيّة قدس ذاتك، بل عشت سذاجة الحسّ في الاستغراق في مظاهر القدرة في خلقك.. وهكذا ضغطت عليَّ حاجتي بعد أن عجز عنها كلّ موقع من مواقع القدرة لديَّ.. وكانت غفلة خانقة انتبهتُ منها بتذكيرك لي: أيّها الإنسان اذكر مقام ربّك وارجع إليه، وكانت زلّة خطيرة نهضت منها بتوفيقك، وقلت لي: أيّها الإنسان، انتبه إلى طريقك المستقيم.. وكانت عثرة مؤلمة، رجعت عنها بتسديدك.. وانكشفت لي الحقيقة، وتطلّعت إلى آفاق عظمتك، فاكتشفت حقارة المخلوقين، وعرفت غنى ذاتك، وأدركت فقرهم، ووقفت في نهاية المطاف عند بابك الّذي لا تغلقه عن أحدٍ من خلقك، إلا من أغلق أبواب الرحمة عن نفسه.. إنها ـ يا ربّ ـ إيحاءات الإيمان في قلبي المستمدّة من وحيك، وإشعاعات الأفكار المتطلّعة إلى آفاق النّور السّابحة في بحار نورك".[كتاب: آفاق الروح، ج:1، ص:327-328].
هل لنا أن نتعلّم من فقرات هذا الدّعاء، وأن نعود إلى رشدنا، ونعرف المقصد الحقيقيّ في طلب الحوائج، وأن نطلب من الله بكلّ عزّة وفخار، بعيداً من التذلّل للمخلوقين مهما علا شأنهم؟
إنّ الله تعالى يفتح على الدّوام بابه لنا، ويقول لنا أنا أقرب إليكم من حبل الوريد، فتحلّوا بالإيمان العميق البعيد عن الغفلة والاستغراق في الدّنيا، وتوكّلوا عليَّ، واعملوا بما وهبتكم من قدرات، وادعوني أستجب لكم، وأوفّقكم وأسدِّد خطواتكم وحركتكم في الحياة.
فكم من النّاس مَن خسروا أنفسهم بالتعلُّق والتذلّل للمخلوقين، ونسيان الخالق عبر اللغفلة عنه!