لطالما وقف الأئمة(ع) والمصلحون موقف الجهاد والتضحية والحكمة والموعظة الحسنة، ولم يوفّروا وسيلة من الوسائل إلا وسلكوها من أجل إثارة عقول النّاس وقلوبهم، كي يأخذوا بأسباب الإيمان، وينفتحوا على الله بما يزيدهم في ذلك حضوراً وأصالة.
ومن بين هذه الأساليب، التّقريع والعتاب لإحداث الانتباهة المطلوبة، وصدم العقول المتحجّرة والقلوب المليئة بالعصبيّة، كي ترفض العناد والعتوّ والنّفور من الحقّ.
وكان من قوم الأنبياء والأئمّة من يتقاعسون عن نصرة الحقّ وإعداد العدَّة للعدوّ والتّخطيط المطلوب لمواجهته، ويتثاقلون في كلِّ ذلك، بالرغم من نداءات الأنبياء والأوصياء ودعوتهم المستمرّة لمن حولهم للوعي واليقظة لما يدبّره العدوّ من مكائد ومؤامرات.
والمشكلة عند هذه الفئة، أنها استكانت إلى الحياة الدنيا وركنت إليها، وسيطرت على حركتها وشخصيّتها المظاهر البرّاقة، واستغرقت في الرخاء والدّعة، حتى نسيت أو تجاهلت ما عليها من دور ومسؤوليّات لجهة البقاء في حالة جهوزيّة معنويّة وماديّة لمواجهة أيّ طارئ يصيب المجتمع ويهدّد أمنه وسلامه ووجوده.
المؤمنون الّذين يحيون روحية الإيمان والإسلام، يعرفون تمام المعرفة أنّ الإنسان لا بدّ له من أن يكون دوماً في حالة استنفار روحي وأخلاقي ومعرفي، بغية بقاء النفس حاضرة تستشعر ما حولها من أخطار وأحداث ومواقف، فتكون جاهزة في تأمّلها وقراءتها واستنتاجاتها لما يدور حولها. وعندما يهدِّدها خطرٌ ما، تكون في حالة جهوزيّة تامّة على مستوى الإعداد المادي، عندها تربح وجودها، ولا تعرّضه للخسارة والذلّ والقهر، بل تظلّ كرامتها محفوظة في كلّ الظروف والأحوال.
فكم من أقوام غزوا في عقر دارهم وذلّوا! فلم ينفعهم ما كانوا فيه من دعة ورخاء، واستسلموا لدنياهم فلم تفدهم في شيء، بل خسروا كلّ شيء من حولهم، والأهمّ، أنهم خسروا أنفسهم. في المقابل، هناك أقوامٌ عرفوا معنى المسؤوليّة، وكانوا في غاية النّباهة والوعي والحنكة، ولم تأسرهم الدّنيا وتصرفهم عن مسؤوليّاتهم، بل انطلقوا فيها بكلّ همّة وتخطيط، وأعدّوا ما يلزم ليوم الفاقة، وانتصروا لذلك لوجودهم وحضورهم وكراماتهم، عبر صدّ العدوان عنهم، وبالتالي حافظوا على كراماتهم وأعراضهم وكيانهم.
وفي سياق ما تقدَّم، يقول سيّدنا أمير المؤمنين عليّ(ع) في خطبةٍ له وهو يتحدَّث عن المتخاذلين: "أفٍّ لكم!! لقد سئمتُ عتابكم! أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عِوَضاً؟ وبالذلّ من العزّ خلفاً؟ إذا دعوتكم إلى جهاد عدوّكم، دارت أعينكم، كأنكم من الموت في غمرةٍ، ومن الذّهول في سكرةٍ، يرتجّ عليكم حواري فتعمهون، وكأنّ قلوبكم مألوسة، فأنتم لا تعقلون. ما أنتم لي بثقةٍ سجيس اللّيالي، وما أنتم بركنٍ يُمالُ بكم، ولا زوافرُ عزٍّ يُفتقرُ إليكم، ما أنتم إلا كإبلٍ ضلّ رعاتها، فكلّما جُمت من جانبٍ انتشرت من آخر. لبئس ـ لعمر الله ـ سُعرُ نار الحرب أنتم، تُكادون ولا تكيدون، وتنتقصُ أطرافكم فلا تمتعضون، لا يُنام عنكم وأنتم في غفلةٍ ساهون، غُلِبَ والله المتخاذِلون".[نهج البلاغة، من خطبة له(ع) في استنفار الناس إلى أهل الشّام].
نتعلّم من هذه الخطبة ألا نستكين ونتخاذل ونستسلم لمظاهر الحياة الدّنيا وزخارفها، وننشدّ إليها بالشّكل الّذي ننسى فيه واجباتنا ومسؤوليّاتنا تجاه تحصين أنفسنا معنويّاً وإيمانيّاً، والتسلّح بمزيدٍ من الحكمة والوعي في لزوم إعداد العدّة لكلّ طارئ، أو تهديد يستهدف وجودنا وعقيدتنا وحاضرنا ومستقبلنا.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

لطالما وقف الأئمة(ع) والمصلحون موقف الجهاد والتضحية والحكمة والموعظة الحسنة، ولم يوفّروا وسيلة من الوسائل إلا وسلكوها من أجل إثارة عقول النّاس وقلوبهم، كي يأخذوا بأسباب الإيمان، وينفتحوا على الله بما يزيدهم في ذلك حضوراً وأصالة.
ومن بين هذه الأساليب، التّقريع والعتاب لإحداث الانتباهة المطلوبة، وصدم العقول المتحجّرة والقلوب المليئة بالعصبيّة، كي ترفض العناد والعتوّ والنّفور من الحقّ.
وكان من قوم الأنبياء والأئمّة من يتقاعسون عن نصرة الحقّ وإعداد العدَّة للعدوّ والتّخطيط المطلوب لمواجهته، ويتثاقلون في كلِّ ذلك، بالرغم من نداءات الأنبياء والأوصياء ودعوتهم المستمرّة لمن حولهم للوعي واليقظة لما يدبّره العدوّ من مكائد ومؤامرات.
والمشكلة عند هذه الفئة، أنها استكانت إلى الحياة الدنيا وركنت إليها، وسيطرت على حركتها وشخصيّتها المظاهر البرّاقة، واستغرقت في الرخاء والدّعة، حتى نسيت أو تجاهلت ما عليها من دور ومسؤوليّات لجهة البقاء في حالة جهوزيّة معنويّة وماديّة لمواجهة أيّ طارئ يصيب المجتمع ويهدّد أمنه وسلامه ووجوده.
المؤمنون الّذين يحيون روحية الإيمان والإسلام، يعرفون تمام المعرفة أنّ الإنسان لا بدّ له من أن يكون دوماً في حالة استنفار روحي وأخلاقي ومعرفي، بغية بقاء النفس حاضرة تستشعر ما حولها من أخطار وأحداث ومواقف، فتكون جاهزة في تأمّلها وقراءتها واستنتاجاتها لما يدور حولها. وعندما يهدِّدها خطرٌ ما، تكون في حالة جهوزيّة تامّة على مستوى الإعداد المادي، عندها تربح وجودها، ولا تعرّضه للخسارة والذلّ والقهر، بل تظلّ كرامتها محفوظة في كلّ الظروف والأحوال.
فكم من أقوام غزوا في عقر دارهم وذلّوا! فلم ينفعهم ما كانوا فيه من دعة ورخاء، واستسلموا لدنياهم فلم تفدهم في شيء، بل خسروا كلّ شيء من حولهم، والأهمّ، أنهم خسروا أنفسهم. في المقابل، هناك أقوامٌ عرفوا معنى المسؤوليّة، وكانوا في غاية النّباهة والوعي والحنكة، ولم تأسرهم الدّنيا وتصرفهم عن مسؤوليّاتهم، بل انطلقوا فيها بكلّ همّة وتخطيط، وأعدّوا ما يلزم ليوم الفاقة، وانتصروا لذلك لوجودهم وحضورهم وكراماتهم، عبر صدّ العدوان عنهم، وبالتالي حافظوا على كراماتهم وأعراضهم وكيانهم.
وفي سياق ما تقدَّم، يقول سيّدنا أمير المؤمنين عليّ(ع) في خطبةٍ له وهو يتحدَّث عن المتخاذلين: "أفٍّ لكم!! لقد سئمتُ عتابكم! أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عِوَضاً؟ وبالذلّ من العزّ خلفاً؟ إذا دعوتكم إلى جهاد عدوّكم، دارت أعينكم، كأنكم من الموت في غمرةٍ، ومن الذّهول في سكرةٍ، يرتجّ عليكم حواري فتعمهون، وكأنّ قلوبكم مألوسة، فأنتم لا تعقلون. ما أنتم لي بثقةٍ سجيس اللّيالي، وما أنتم بركنٍ يُمالُ بكم، ولا زوافرُ عزٍّ يُفتقرُ إليكم، ما أنتم إلا كإبلٍ ضلّ رعاتها، فكلّما جُمت من جانبٍ انتشرت من آخر. لبئس ـ لعمر الله ـ سُعرُ نار الحرب أنتم، تُكادون ولا تكيدون، وتنتقصُ أطرافكم فلا تمتعضون، لا يُنام عنكم وأنتم في غفلةٍ ساهون، غُلِبَ والله المتخاذِلون".[نهج البلاغة، من خطبة له(ع) في استنفار الناس إلى أهل الشّام].
نتعلّم من هذه الخطبة ألا نستكين ونتخاذل ونستسلم لمظاهر الحياة الدّنيا وزخارفها، وننشدّ إليها بالشّكل الّذي ننسى فيه واجباتنا ومسؤوليّاتنا تجاه تحصين أنفسنا معنويّاً وإيمانيّاً، والتسلّح بمزيدٍ من الحكمة والوعي في لزوم إعداد العدّة لكلّ طارئ، أو تهديد يستهدف وجودنا وعقيدتنا وحاضرنا ومستقبلنا.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.