في أجواء ولادة سيّدنا المسيح عيسى بن مريم (عليهما السّلام)، نستحضر تلك المواعظ البليغة الّتي تستثير النفوس المنفتحة على الله، والمعتبرة من كلّ أوضاعها ووجودها، هذه المواعظ التي تحمل الكثير من المدلولات والإشارة والتّنبيهات التي تعمل على تصويب حركة الإنسان في تفاعله مع نفسه وخالقه والآفاق الواسعة من حوله، بما يعيده إلى أصالته وممارسة دوره ومسؤوليّاته بكلّ وعي وحكمة ونضج.
فمن جميل ما قاله المسيح(ع)، وأراد لنا التوقّف عنده والتأمّل فيه، قوله: "يابن آدم الضّعيف، اتّقِ الله حيثما كنت، وكُن في الدّنيا ضيفاً، واتّخذ المساجد بيتاً، وعلِّم عينك البكاء، وجسدك الصّبر، وقلبك التفكُّر، ولا تهتمّ برزق غد، فإنها خطيئة، كما أنّه لا يستطيع أحدكم أن يتّخذ على موج البحر داراً، فلا يتّخذ الدّنيا قراراً، لا يستقيم حبُّ الدّنيا وحبّ الآخرة في قلب مؤمن، كما لا يستقيم الماء والنّار في إناء، طالب الدّنيا مثل شارب ماء البحر، كلّما ازداد شرباً ازداد عطشاً، حتى يقتله".
يخاطب السيّد المسيح(ع) هذا المخلوق الآدميّ الضّعيف الذي لا حول له ولا قوّة، طالباً منه التزام تقوى الله في كلّ زمان ومكان، وفي السرّ والعلانية، وأن يعتبر نفسه ضيفاً عما قليل سيغادر الدّنيا، وأن يعكف على المساجد، فيعمرها بالإيمان والعبادة النّافعة، وأن يعيش النّدم والتوبة والخشية من الله، والصّبر في كلّ الحالات والأوضاع، وأن يجعل قلبه وعاءً للتفكّر في وجوده وعظمة ربّه، وألا يكترث ويحيا الهمّ في تحصيل الرّزق، ويقنط من رحمة الله، وألا يركن إلى الدنيا وزينتها لأنها دار فناءٍ وزوال..
فقلب المؤمن يستحيل أن يجتمع فيه حبّ الدّنيا، بمعنى الاستغراق السلبي فيها، مع حبّ الآخرة والعمل لأجلها، تماماً لا يجتمع الماء والنّار في إناء لأنهما عنصران متضاداّن.. ويشبّه السيّد المسيح(ع) الدنيا مثل شارب ماء البحر الّذي لا يرتوي منه، بل يقتله.
ويتابع نبيّنا عيسى(ع) موعظته البليغة بقوله: "إنّ الشيطان مع الدّنيا، ومكره مع المال، وتزيينه مع الهوى، واستكماله عند الشّهوات. طوبى لمن قرأ كتاب الله وأتبعه، طوبى لمن بكى من ذكر خطيئته، وحفظ لسانه، ووسعه بيته. طوبى لعين نامت، ولم تحدّث نفسها بالمعصية، وانتبهت إلى غير إثم. يا معشر الحواريّين، ارضوا بدني الدّنيا مع سلامة الدّين، كما رضي أهل الدّنيا بدنيّ الدّين مع سلامة الدنيا. لا تكثروا الحديث بغير ذكر الله، فتقسو قلوبكم، فإنّ القلب القاسي بعيد من الله، ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنّكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنّكم عبيد، فإنّ الناس: معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية".
فالشّيطان يسكن في زخارف الدّنيا، يزيّنها للعباد أصحاب النّفوس المريضة والضّعيفة، يزيّن لهم التّكالب على المال والنّساء والشّهوات، وكلّ الفضل والنّعمة لمن تمعّن في قراءة كتاب الله وفهمه واتّبع سبيله عن تدبّر وحُسنِ تمثُّل، وكلّ الفضل والنّعمة لمن راجع نفسه وبكى على خطاياه بكاء النَّادمين التّائبين بحقّ، والّذي حفظ لسانه أيضاً من الغيبة وكلام السّوء والأذى، والّذي نامت عيناه على رضىً، بعيداً من اجتراح المعاصي، وانتبهت من دون آثام.
فالقناعة بما تيسّر من أمر الدّنيا، بما يحتاجه المرء من ضروريات الحياة، مع حفظ الدين سالماً، خيرٌ من قليل من الدّين، مع كثير إقبالٍ وشرهٍ على مظاهر الدّنيا.
ويتابع السيّد المسيح(ع) موعظته، بأنّ الحديث النافع هو ذكر الله الدّائم الّذي يؤثّر إيجاباً في القلوب والعقول الطّاهرة النّظيفة، فيما القلوب القاسية خالية من ذكر الله، والحذر، كلّ الحذر، من التركيز والنّظر في ذنوب العباد، كأنّنا أربابهم ونريد محاسبتهم، فيما المطلوب نصحهم وتذكيرهم.. فالنّاس صنفان؛ إما معافى بقلبه وعقله عبر انفتاحه على الحقّ، وإمّا مُبتلى بانغلاق القلب والعقل عن الحقّ، والحمد كلّ الحمد لله على جعلنا من أهل النّعمة والعافية.
نتعرّف من خلال ما ذكرناه من كلام بليغ لسيّدنا المسيح(ع)، إلى كثيرٍ من الوصايا الروحيّة والأخلاقيّة والدينيّة العالية التي تهمّنا في كلّ آن، وتحفّزنا على حسن التمثّل في واقعنا، فكم نحتاج إلى مثل هذه الوصايا، لنهذّب نفوسنا، ونربي مشاعرنا على كلّ خير ورحمة ومحبّة.. فسلام الله على رسول المحبّة سيّدنا المسيح(ع)، يوم وُلِد، ويوم رفعه الله إليه، ويوم يُبعث حيّاً.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.

في أجواء ولادة سيّدنا المسيح عيسى بن مريم (عليهما السّلام)، نستحضر تلك المواعظ البليغة الّتي تستثير النفوس المنفتحة على الله، والمعتبرة من كلّ أوضاعها ووجودها، هذه المواعظ التي تحمل الكثير من المدلولات والإشارة والتّنبيهات التي تعمل على تصويب حركة الإنسان في تفاعله مع نفسه وخالقه والآفاق الواسعة من حوله، بما يعيده إلى أصالته وممارسة دوره ومسؤوليّاته بكلّ وعي وحكمة ونضج.
فمن جميل ما قاله المسيح(ع)، وأراد لنا التوقّف عنده والتأمّل فيه، قوله: "يابن آدم الضّعيف، اتّقِ الله حيثما كنت، وكُن في الدّنيا ضيفاً، واتّخذ المساجد بيتاً، وعلِّم عينك البكاء، وجسدك الصّبر، وقلبك التفكُّر، ولا تهتمّ برزق غد، فإنها خطيئة، كما أنّه لا يستطيع أحدكم أن يتّخذ على موج البحر داراً، فلا يتّخذ الدّنيا قراراً، لا يستقيم حبُّ الدّنيا وحبّ الآخرة في قلب مؤمن، كما لا يستقيم الماء والنّار في إناء، طالب الدّنيا مثل شارب ماء البحر، كلّما ازداد شرباً ازداد عطشاً، حتى يقتله".
يخاطب السيّد المسيح(ع) هذا المخلوق الآدميّ الضّعيف الذي لا حول له ولا قوّة، طالباً منه التزام تقوى الله في كلّ زمان ومكان، وفي السرّ والعلانية، وأن يعتبر نفسه ضيفاً عما قليل سيغادر الدّنيا، وأن يعكف على المساجد، فيعمرها بالإيمان والعبادة النّافعة، وأن يعيش النّدم والتوبة والخشية من الله، والصّبر في كلّ الحالات والأوضاع، وأن يجعل قلبه وعاءً للتفكّر في وجوده وعظمة ربّه، وألا يكترث ويحيا الهمّ في تحصيل الرّزق، ويقنط من رحمة الله، وألا يركن إلى الدنيا وزينتها لأنها دار فناءٍ وزوال..
فقلب المؤمن يستحيل أن يجتمع فيه حبّ الدّنيا، بمعنى الاستغراق السلبي فيها، مع حبّ الآخرة والعمل لأجلها، تماماً لا يجتمع الماء والنّار في إناء لأنهما عنصران متضاداّن.. ويشبّه السيّد المسيح(ع) الدنيا مثل شارب ماء البحر الّذي لا يرتوي منه، بل يقتله.
ويتابع نبيّنا عيسى(ع) موعظته البليغة بقوله: "إنّ الشيطان مع الدّنيا، ومكره مع المال، وتزيينه مع الهوى، واستكماله عند الشّهوات. طوبى لمن قرأ كتاب الله وأتبعه، طوبى لمن بكى من ذكر خطيئته، وحفظ لسانه، ووسعه بيته. طوبى لعين نامت، ولم تحدّث نفسها بالمعصية، وانتبهت إلى غير إثم. يا معشر الحواريّين، ارضوا بدني الدّنيا مع سلامة الدّين، كما رضي أهل الدّنيا بدنيّ الدّين مع سلامة الدنيا. لا تكثروا الحديث بغير ذكر الله، فتقسو قلوبكم، فإنّ القلب القاسي بعيد من الله، ولكن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنّكم أرباب، وانظروا في ذنوبكم كأنّكم عبيد، فإنّ الناس: معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء، واحمدوا الله على العافية".
فالشّيطان يسكن في زخارف الدّنيا، يزيّنها للعباد أصحاب النّفوس المريضة والضّعيفة، يزيّن لهم التّكالب على المال والنّساء والشّهوات، وكلّ الفضل والنّعمة لمن تمعّن في قراءة كتاب الله وفهمه واتّبع سبيله عن تدبّر وحُسنِ تمثُّل، وكلّ الفضل والنّعمة لمن راجع نفسه وبكى على خطاياه بكاء النَّادمين التّائبين بحقّ، والّذي حفظ لسانه أيضاً من الغيبة وكلام السّوء والأذى، والّذي نامت عيناه على رضىً، بعيداً من اجتراح المعاصي، وانتبهت من دون آثام.
فالقناعة بما تيسّر من أمر الدّنيا، بما يحتاجه المرء من ضروريات الحياة، مع حفظ الدين سالماً، خيرٌ من قليل من الدّين، مع كثير إقبالٍ وشرهٍ على مظاهر الدّنيا.
ويتابع السيّد المسيح(ع) موعظته، بأنّ الحديث النافع هو ذكر الله الدّائم الّذي يؤثّر إيجاباً في القلوب والعقول الطّاهرة النّظيفة، فيما القلوب القاسية خالية من ذكر الله، والحذر، كلّ الحذر، من التركيز والنّظر في ذنوب العباد، كأنّنا أربابهم ونريد محاسبتهم، فيما المطلوب نصحهم وتذكيرهم.. فالنّاس صنفان؛ إما معافى بقلبه وعقله عبر انفتاحه على الحقّ، وإمّا مُبتلى بانغلاق القلب والعقل عن الحقّ، والحمد كلّ الحمد لله على جعلنا من أهل النّعمة والعافية.
نتعرّف من خلال ما ذكرناه من كلام بليغ لسيّدنا المسيح(ع)، إلى كثيرٍ من الوصايا الروحيّة والأخلاقيّة والدينيّة العالية التي تهمّنا في كلّ آن، وتحفّزنا على حسن التمثّل في واقعنا، فكم نحتاج إلى مثل هذه الوصايا، لنهذّب نفوسنا، ونربي مشاعرنا على كلّ خير ورحمة ومحبّة.. فسلام الله على رسول المحبّة سيّدنا المسيح(ع)، يوم وُلِد، ويوم رفعه الله إليه، ويوم يُبعث حيّاً.
إنّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.