كتابات
02/04/2018

المذهبيّة تبعدنا عن بعضنا البعض

المذهبيّة تبعدنا عن بعضنا البعض

إنَّ من بين مشاكل المسلمين ـــ في ذهنيّتهم الثقافيّة ـــ أنَّ التربية العامَّة والخاصَّة تؤكِّد على الشخصيّة المذهبيّة في انتماءاتها، قبل التّأكيد على الشخصيّة الإسلاميّة العامّة. فالمسلم السنّي يولَد سنيّاً في طفولته وشبابه، ويعيش مفردات المذهب المليئة بالحساسيّات والتعقيدات، المختنقة بالزّوايا المغلقة للتاريخ الغارق في عصبيَّاته، وبذلك ينطلق في علاقته بالمسلم الآخر ونظرته إليه من كلّ هذه الأجواء السلبيّة التي تفرضها التربية العامَّة والخاصَّة. والمسلم الشيعيّ يتحرّك في الخطّ نفسه، ولكن في اتّجاهٍ آخر.

الواقع المذهبيّ

وهكذا، يساهم هذا الواقع المذهبيّ للشخصية في إبعاد المسلمين عن الانفتاح على الإسلام في الأُفق الواسع والساحة الممتدّة، سواء في أفكاره وأهدافه، أو في قيمه الأخلاقية وحركته الشاملة في العالَم كلّه، وفي أساليبه الحوارية الوحدوية التي تنفتح على غير المسلمين بالموضوعية والعقلانية القائمة على الحجّة والبرهان، كما تنفتح على المسلمين فيما يتنازعون فيه أو يختلفون عليه.

ويتحوَّل هذا المسار بفعل الحالة الشعوريّة الحادّة، والاستذكار التاريخي الدّائم للمشاكل المتنوّعة بين المذاهب المثيرة للجدل في خصوصيّاتها ومفرداتها، والممارسة اليوميّة للانفعالات القاسية، إلى تراكمات عقليّة ونفسيّة، وتعقيدات عمليّة، تؤدّي إلى أنْ يتحوَّل المذهب إلى دين مميَّز بالمستوى الذي قد يتخفَّف فيه الإنسان المنتمي إليه من المشاعر المعقَّدة ضدّ الأديان الأخرى، ليعيش فيه ثقل الشّعور العدواني ضدّ الدين ـــ المذهب ـــ بحيث يجد في وعيه الذهني والشعوري العذر للّقاء بأتباع الأديان الأخرى في مواقع اللّقاء، بما لا يجد العذر فيه للّقاء بأتباع المذاهب الأخرى في دائرة الإسلام.

وهذا ما لاحظناه في بعض المواقع المذهبيّة الحادَّة التي تُلحق بعض المسلمين بالمشركين والكافرين، فلا ترى لهم حرمةً في دمٍ أو مالٍ أو عرض، ولا تفتي بجواز الزّواج منهم أو تزويجهم، بينما ترى ذلك في علاقتهم بأهل الكتاب، لأنَّهم أهل ذمَّة، بينما لا يملك المسلمون ـــ في هذا المذهب أو ذاك ـــ حقّ الذمّة، بعد أن فقدوا في رأيهم الانتماء الحقيقي إلى الإسلام، في الوقت الذي لا يملكون صفة أهل الكتاب.

غياب المنهج القرآني الحواريّ

وقد نلاحظ في هذا المجال، أنَّ هؤلاء المسلمين، وفي ظلِّ غياب الشعور بالخطّ الإسلامي العام لديهم، لا يتبعون المنهج القرآنيّ في الحوار مع المسلمين من المذهب الآخر من خلال العناوين العامَّة في التّخاطب والجدال ومواجهة المشاكل في ساحة الخلاف، فيما جاءت به الآيات الكريمة: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً}[الإسراء: 53]، {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النّحل: 125]، {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصّلت: 34].

وهكذا نجد الأسلوب القرآنيّ يتعاظم ويسمو في إنسانيّته وموضوعيّته في الآية الكريمة في قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[سبأ: 24]. وقد بلغ هذا الأسلوب الذّروة في الإيحاء بأنَّ مسألة الخلاف الفكريّ بين خطّ الهدى وخطّ الضّلال، يفترض أن يبتعد عن الأحكام الحاسمة السّابقة، وعن الجوانب الذاتيّة، ليتحوّل إلى حوارٍ بين فكرٍ وفكر، من دون أن يكون للواقع الانتمائيّ إلى هذا أو ذاك دور في حركة الحوار.

مواجهة منطق السّباب والعدوان

فإذا اقتربنا إلى الأساليب العدوانيّة في الشتم والسبّ والاتّهامات غير المدروسة وغير الخاضعة للدقّة والحساب، فإنَّنا نجد أنَّ القرآن يتّخذ موقفاً حاسماً رافضاً لكلِّ هذه الأساليب، من خلال دراسة الواقع النفسي في عناصر الإثارة والانفعال، بما يبتعد بالمسألة عن التوازن، ويدفع بها إلى المواقع العدوانيّة في عمليات ردّ الفعل السّلبي، الناتج من إحساس الإنسان بصوابية موقفه دون مواقف غيره، وهذا ما نراه حين يشتم المسلمون بعضهم بعضاً في رموزهم الكبيرة التي يحترمونها ويعظّمونها، بسبب الخلاف حول مسألة تقويم دورها بين السّلب والإيجاب، ما يجعل بعض المسلمين يصعدون بها القمَّة، بينما يتحفَّظ الآخرون منهم حولها ليضعوها في موقع عاديّ، أو لينزلوا بها إلى الأسفل، فيكون السباب هو الأسلوب التعبيري عن الانطباعات الحادّة حول هذا الرمز أو ذاك، فيؤدّي إلى مقابلة السّباب بمثله، والموقف العدوانيّ بموقف عدوانيّ مماثل.

إنَّ القرآن يؤكّد رفض هذا الأسلوب في مواجهة الكافرين، فيما يختلف فيه الكفر عن الإسلام، ما يوحي بأنَّ القضية تتَّجه إلى خطورة أكبر، عندما تتحرَّك التجربة في الواقع الإسلاميّ في خلافات المسلمين الاجتهادية في علم الكلام أو الفقه أو نحو ذلك، وهذا هو ما جاء قوله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ...}[الأنعام: 108].

فإذا كانت القضيّة المطروحة قضيّة خلاف بين الشِّرك والتّوحيد، فلا ينبغي أن يكون السّباب هو أسلوب التّعبير عن الرفض، أو وسيلة المواجهة في الصّراع، بل لا بدَّ من أن تنطلق الأساليب في دائرة الحجّة والبرهان، من أجل تكوين القناعات على أساس ثابت، لأنَّ المسألة لن تؤدّي إلى أيّة نتيجة حاسمة، بل إنّها تزيد الأمور تعقيداً، ما قد يفسح المجال للمزيد من الخصومات والحروب السّاخنة.

وقد عالَجَ الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) هذه المسألة في الدائرة الإسلاميّة، بالطريقة التي تجعل للخصوصيَّة الإسلاميَّة ـــ في خلافات المسلمين ـــ معنىً روحيّاً عميقاً عالياً لا يغيب عن وعي المسلم مهما كانت درجة الخلاف، حتّى في حالة الحرب. ففي حرب صفّين، وحين سمع الإمام قوماً من أهل العراق يسبُّون أهل الشّام، قال: "إنّي أكره لكم أنْ تكونوا سبّابين، ولكنَّكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبِّكم إيّاهم: اللَّهمَّ احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتّى يعرف الحقَّ من جَهِله، ويرعوي عن الغيِّ والعدوان من لهج به".

وهذه هي الطريقة الإسلاميّة التي ترى في خلافات المسلمين، مهما كانت قسوتها، حالة طارئة، لا تلغي الإحساس العميق بالوحدة الإسلاميّة الشّعورية المنفتحة على الواقع، دون أنْ تتجاوز خطوط الضّلال التي قد تنفذ إلى الفكر الإسلاميّ، أو إلى واقع المسلمين، فالانفتاح يجب أن ينصبّ على مستقبل الحلّ الذي يعيد إلى المسلمين وحدتهم على أساس الحقّ، وعلى دراسة مواقع الخلاف بموضوعيَّة، ليرتكز الموقف باتّجاه الصَّواب، ويُؤسِّس اللّقاء على قاعدة العذر.

*من كتاب "أحاديث في قضايا الاختلاف والوحدة"، ص 41-44.

إنَّ من بين مشاكل المسلمين ـــ في ذهنيّتهم الثقافيّة ـــ أنَّ التربية العامَّة والخاصَّة تؤكِّد على الشخصيّة المذهبيّة في انتماءاتها، قبل التّأكيد على الشخصيّة الإسلاميّة العامّة. فالمسلم السنّي يولَد سنيّاً في طفولته وشبابه، ويعيش مفردات المذهب المليئة بالحساسيّات والتعقيدات، المختنقة بالزّوايا المغلقة للتاريخ الغارق في عصبيَّاته، وبذلك ينطلق في علاقته بالمسلم الآخر ونظرته إليه من كلّ هذه الأجواء السلبيّة التي تفرضها التربية العامَّة والخاصَّة. والمسلم الشيعيّ يتحرّك في الخطّ نفسه، ولكن في اتّجاهٍ آخر.

الواقع المذهبيّ

وهكذا، يساهم هذا الواقع المذهبيّ للشخصية في إبعاد المسلمين عن الانفتاح على الإسلام في الأُفق الواسع والساحة الممتدّة، سواء في أفكاره وأهدافه، أو في قيمه الأخلاقية وحركته الشاملة في العالَم كلّه، وفي أساليبه الحوارية الوحدوية التي تنفتح على غير المسلمين بالموضوعية والعقلانية القائمة على الحجّة والبرهان، كما تنفتح على المسلمين فيما يتنازعون فيه أو يختلفون عليه.

ويتحوَّل هذا المسار بفعل الحالة الشعوريّة الحادّة، والاستذكار التاريخي الدّائم للمشاكل المتنوّعة بين المذاهب المثيرة للجدل في خصوصيّاتها ومفرداتها، والممارسة اليوميّة للانفعالات القاسية، إلى تراكمات عقليّة ونفسيّة، وتعقيدات عمليّة، تؤدّي إلى أنْ يتحوَّل المذهب إلى دين مميَّز بالمستوى الذي قد يتخفَّف فيه الإنسان المنتمي إليه من المشاعر المعقَّدة ضدّ الأديان الأخرى، ليعيش فيه ثقل الشّعور العدواني ضدّ الدين ـــ المذهب ـــ بحيث يجد في وعيه الذهني والشعوري العذر للّقاء بأتباع الأديان الأخرى في مواقع اللّقاء، بما لا يجد العذر فيه للّقاء بأتباع المذاهب الأخرى في دائرة الإسلام.

وهذا ما لاحظناه في بعض المواقع المذهبيّة الحادَّة التي تُلحق بعض المسلمين بالمشركين والكافرين، فلا ترى لهم حرمةً في دمٍ أو مالٍ أو عرض، ولا تفتي بجواز الزّواج منهم أو تزويجهم، بينما ترى ذلك في علاقتهم بأهل الكتاب، لأنَّهم أهل ذمَّة، بينما لا يملك المسلمون ـــ في هذا المذهب أو ذاك ـــ حقّ الذمّة، بعد أن فقدوا في رأيهم الانتماء الحقيقي إلى الإسلام، في الوقت الذي لا يملكون صفة أهل الكتاب.

غياب المنهج القرآني الحواريّ

وقد نلاحظ في هذا المجال، أنَّ هؤلاء المسلمين، وفي ظلِّ غياب الشعور بالخطّ الإسلامي العام لديهم، لا يتبعون المنهج القرآنيّ في الحوار مع المسلمين من المذهب الآخر من خلال العناوين العامَّة في التّخاطب والجدال ومواجهة المشاكل في ساحة الخلاف، فيما جاءت به الآيات الكريمة: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً}[الإسراء: 53]، {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النّحل: 125]، {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصّلت: 34].

وهكذا نجد الأسلوب القرآنيّ يتعاظم ويسمو في إنسانيّته وموضوعيّته في الآية الكريمة في قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[سبأ: 24]. وقد بلغ هذا الأسلوب الذّروة في الإيحاء بأنَّ مسألة الخلاف الفكريّ بين خطّ الهدى وخطّ الضّلال، يفترض أن يبتعد عن الأحكام الحاسمة السّابقة، وعن الجوانب الذاتيّة، ليتحوّل إلى حوارٍ بين فكرٍ وفكر، من دون أن يكون للواقع الانتمائيّ إلى هذا أو ذاك دور في حركة الحوار.

مواجهة منطق السّباب والعدوان

فإذا اقتربنا إلى الأساليب العدوانيّة في الشتم والسبّ والاتّهامات غير المدروسة وغير الخاضعة للدقّة والحساب، فإنَّنا نجد أنَّ القرآن يتّخذ موقفاً حاسماً رافضاً لكلِّ هذه الأساليب، من خلال دراسة الواقع النفسي في عناصر الإثارة والانفعال، بما يبتعد بالمسألة عن التوازن، ويدفع بها إلى المواقع العدوانيّة في عمليات ردّ الفعل السّلبي، الناتج من إحساس الإنسان بصوابية موقفه دون مواقف غيره، وهذا ما نراه حين يشتم المسلمون بعضهم بعضاً في رموزهم الكبيرة التي يحترمونها ويعظّمونها، بسبب الخلاف حول مسألة تقويم دورها بين السّلب والإيجاب، ما يجعل بعض المسلمين يصعدون بها القمَّة، بينما يتحفَّظ الآخرون منهم حولها ليضعوها في موقع عاديّ، أو لينزلوا بها إلى الأسفل، فيكون السباب هو الأسلوب التعبيري عن الانطباعات الحادّة حول هذا الرمز أو ذاك، فيؤدّي إلى مقابلة السّباب بمثله، والموقف العدوانيّ بموقف عدوانيّ مماثل.

إنَّ القرآن يؤكّد رفض هذا الأسلوب في مواجهة الكافرين، فيما يختلف فيه الكفر عن الإسلام، ما يوحي بأنَّ القضية تتَّجه إلى خطورة أكبر، عندما تتحرَّك التجربة في الواقع الإسلاميّ في خلافات المسلمين الاجتهادية في علم الكلام أو الفقه أو نحو ذلك، وهذا هو ما جاء قوله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ...}[الأنعام: 108].

فإذا كانت القضيّة المطروحة قضيّة خلاف بين الشِّرك والتّوحيد، فلا ينبغي أن يكون السّباب هو أسلوب التّعبير عن الرفض، أو وسيلة المواجهة في الصّراع، بل لا بدَّ من أن تنطلق الأساليب في دائرة الحجّة والبرهان، من أجل تكوين القناعات على أساس ثابت، لأنَّ المسألة لن تؤدّي إلى أيّة نتيجة حاسمة، بل إنّها تزيد الأمور تعقيداً، ما قد يفسح المجال للمزيد من الخصومات والحروب السّاخنة.

وقد عالَجَ الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) هذه المسألة في الدائرة الإسلاميّة، بالطريقة التي تجعل للخصوصيَّة الإسلاميَّة ـــ في خلافات المسلمين ـــ معنىً روحيّاً عميقاً عالياً لا يغيب عن وعي المسلم مهما كانت درجة الخلاف، حتّى في حالة الحرب. ففي حرب صفّين، وحين سمع الإمام قوماً من أهل العراق يسبُّون أهل الشّام، قال: "إنّي أكره لكم أنْ تكونوا سبّابين، ولكنَّكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبِّكم إيّاهم: اللَّهمَّ احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتّى يعرف الحقَّ من جَهِله، ويرعوي عن الغيِّ والعدوان من لهج به".

وهذه هي الطريقة الإسلاميّة التي ترى في خلافات المسلمين، مهما كانت قسوتها، حالة طارئة، لا تلغي الإحساس العميق بالوحدة الإسلاميّة الشّعورية المنفتحة على الواقع، دون أنْ تتجاوز خطوط الضّلال التي قد تنفذ إلى الفكر الإسلاميّ، أو إلى واقع المسلمين، فالانفتاح يجب أن ينصبّ على مستقبل الحلّ الذي يعيد إلى المسلمين وحدتهم على أساس الحقّ، وعلى دراسة مواقع الخلاف بموضوعيَّة، ليرتكز الموقف باتّجاه الصَّواب، ويُؤسِّس اللّقاء على قاعدة العذر.

*من كتاب "أحاديث في قضايا الاختلاف والوحدة"، ص 41-44.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية