تمثّل الشورى في الإسلام خضوع قضايا الأمّة للتشاور فيما بين أفرادها، بحيث يكون
المراد هو شورى أهل الحلّ والعقد الذين يملكون الخبرة في شؤون الأمّة، ويحصلون على
الثقة من قبلها، لتكون هذه الثقة نوعاً من أنواع شورى الأمّة في اختيار الجماعة
التي تتولى إدارة شؤون الرأي فيها.
هل الشّورى ملزمة لوليّ الأمر؟
إن المسألة في الشورى تتحرّك على أساس مشاركة الطليعة في الأمّة، التي قد يطلق
عليها "أهل الحلّ والعقد" في إعطاء الأفكار العامّة لحركة الأمّة السياسية أو
الاجتماعية أو الاقتصادية أو ما إلى ذلك، مع وجود اتجاهين في هذا المجال؛ فهناك
اتجاه يقول إنّ الشّورى ملزمة له، وهناك قول بأنّ الشّورى ليست ملزمة لوليّ الأمر،
كما يستوحي ذلك بعض العلماء من قوله تعالى حين يخاطب النبيّ(ص) بصفته وليّ الأمر لا
بصفته نبيّاً: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى
الله}.
لذلك، لك أن تشاور من أجل أن تنضج الفكرة، من خلال أخذ أكثر من رأي في هذا المجال،
ولكنّ القرار في النهاية قرارك، ولك أن تستوحي من الشّورى ما تنسجم به في قرارك مع
نتائج الشّورى، أو أن لا تقبل رأي الشورى، لأنّك تجد أنّ هناك قراراً أفضل، وبذلك
تستعمل قيادتك للتقرير.
هناك عدّة اتجاهات فكرية في مسألة الشّورى، والقضيّة ربما تفتقد عنصر الإلزام فيما
بأيدينا من الأدلة الشرعية في هذا المجال، لأنّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ يقول: {وَأَمْرُهُمْ
شُورَى بَيْنَهُمْ}، يعني أن الأمر ينطلق من خلال الشّورى، ولكنه لم يقل إن هذا
الأمر لا بدّ من أن يكون منسجماً مع الشورى. وهكذا، يمكنهم أن يتشاوروا فيما بينهم،
ولكن يا ترى، عندما تكون المسألة مسألة وليّ الأمر والأمّة التي يتشاور معها، فهل
إنّ الشورى ملزمة أو ليست ملزمة؟ هذا ما لم تنطق الآية به بحسب بعض الاتجاهات
الفكريّة في هذا المجال، وأنا لا أجد أن هناك وضوحاً في أنّ الشّورى ملزمة لوليّ
الأمر.
الإسلام السياسي
قد يطلق الإسلام السياسي ليعبّر عن حركة المسلمين السياسيّة في حياتهم العامّة على
مستوى الذهنيّة الطائفيّة، التي تجعل من المسلمين طائفةً في مقابل المسيحيّين أو أيّ
فريق ديني آخر، وعند ذلك، قد يطلق الإسلام السياسيّ على هذا التجمع الذي يحمل لافتة
الإسلام في عنوانه، من دون أن يكون الإسلام عمقه وهداه وهدفه وحركته، وقد يُطلق هذا
المصطلح إلى جانب الإسلام العبادي والإسلام الجهادي وما إلى ذلك، قد يُطلق لذلك
ليعبّر عن حركة الإسلام في الواقع السياسيّ من خلال قواعده الفكرية، وبذلك يكون
الإسلام السياسيّ عنواناً لكلّ التحرّك الإسلامي في كلّ الخطوط السياسية، بالطريقة
التي تستهدي فيها الفكر الإسلامي في كلّ مواقعه التي ترتبط بهذا الموقف أو ذاك، أو
بهذا الهدف أو ذاك.
*من كتاب "خطاب الإسلاميّين والمستقبل"، ص 33 وص 37.
تمثّل الشورى في الإسلام خضوع قضايا الأمّة للتشاور فيما بين أفرادها، بحيث يكون
المراد هو شورى أهل الحلّ والعقد الذين يملكون الخبرة في شؤون الأمّة، ويحصلون على
الثقة من قبلها، لتكون هذه الثقة نوعاً من أنواع شورى الأمّة في اختيار الجماعة
التي تتولى إدارة شؤون الرأي فيها.
هل الشّورى ملزمة لوليّ الأمر؟
إن المسألة في الشورى تتحرّك على أساس مشاركة الطليعة في الأمّة، التي قد يطلق
عليها "أهل الحلّ والعقد" في إعطاء الأفكار العامّة لحركة الأمّة السياسية أو
الاجتماعية أو الاقتصادية أو ما إلى ذلك، مع وجود اتجاهين في هذا المجال؛ فهناك
اتجاه يقول إنّ الشّورى ملزمة له، وهناك قول بأنّ الشّورى ليست ملزمة لوليّ الأمر،
كما يستوحي ذلك بعض العلماء من قوله تعالى حين يخاطب النبيّ(ص) بصفته وليّ الأمر لا
بصفته نبيّاً: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى
الله}.
لذلك، لك أن تشاور من أجل أن تنضج الفكرة، من خلال أخذ أكثر من رأي في هذا المجال،
ولكنّ القرار في النهاية قرارك، ولك أن تستوحي من الشّورى ما تنسجم به في قرارك مع
نتائج الشّورى، أو أن لا تقبل رأي الشورى، لأنّك تجد أنّ هناك قراراً أفضل، وبذلك
تستعمل قيادتك للتقرير.
هناك عدّة اتجاهات فكرية في مسألة الشّورى، والقضيّة ربما تفتقد عنصر الإلزام فيما
بأيدينا من الأدلة الشرعية في هذا المجال، لأنّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ يقول: {وَأَمْرُهُمْ
شُورَى بَيْنَهُمْ}، يعني أن الأمر ينطلق من خلال الشّورى، ولكنه لم يقل إن هذا
الأمر لا بدّ من أن يكون منسجماً مع الشورى. وهكذا، يمكنهم أن يتشاوروا فيما بينهم،
ولكن يا ترى، عندما تكون المسألة مسألة وليّ الأمر والأمّة التي يتشاور معها، فهل
إنّ الشورى ملزمة أو ليست ملزمة؟ هذا ما لم تنطق الآية به بحسب بعض الاتجاهات
الفكريّة في هذا المجال، وأنا لا أجد أن هناك وضوحاً في أنّ الشّورى ملزمة لوليّ
الأمر.
الإسلام السياسي
قد يطلق الإسلام السياسي ليعبّر عن حركة المسلمين السياسيّة في حياتهم العامّة على
مستوى الذهنيّة الطائفيّة، التي تجعل من المسلمين طائفةً في مقابل المسيحيّين أو أيّ
فريق ديني آخر، وعند ذلك، قد يطلق الإسلام السياسيّ على هذا التجمع الذي يحمل لافتة
الإسلام في عنوانه، من دون أن يكون الإسلام عمقه وهداه وهدفه وحركته، وقد يُطلق هذا
المصطلح إلى جانب الإسلام العبادي والإسلام الجهادي وما إلى ذلك، قد يُطلق لذلك
ليعبّر عن حركة الإسلام في الواقع السياسيّ من خلال قواعده الفكرية، وبذلك يكون
الإسلام السياسيّ عنواناً لكلّ التحرّك الإسلامي في كلّ الخطوط السياسية، بالطريقة
التي تستهدي فيها الفكر الإسلامي في كلّ مواقعه التي ترتبط بهذا الموقف أو ذاك، أو
بهذا الهدف أو ذاك.
*من كتاب "خطاب الإسلاميّين والمستقبل"، ص 33 وص 37.