كتابات
08/08/2018

العلاقة بين القائد والرأي العام

العلاقة بين القائد والرأي العام

[إنَّ مسألة العلاقة بين القائد والرّأي العام] تخضع للطبيعة التنظيميّة لحركة القيادة والجماهير، فقد تتمثّل في مبادرة القائد من خلال شخصيّته الساحرة المنفتحة على الجماهير في اجتذابها لأفكارهم وعواطفهم وحركاتهم، من خلال سحر الشخصيّة فيه، أو من خلال الخلفيات الدينية أو التاريخية أو الاجتماعية أو السياسية، التي جعلت منه قائداً، بحيث تتعلّق المسألة بشخصية القائد الفرد.

في هذا المجال، لا بدّ لهذا القائد من أن يطلّ على كل الواقع الذي يحكم حركة الجماهير ويثير اهتماماتهم ويواجه قضاياهم، كما عليه أن يعمل على تحريك الأسلوب النفسي والشعوري الذي يربط الجماهير بالقائد، فقد تكون المسألة التي تمثل الرابط الحركي بين القيادة والجمهور، هي النبوّة أو الإمامة أو الخلافة أو الفقاهة أو البطولة، أو المستوى العلمي أو الجهادي، فلا بدّ من أن تكون هناك قاعدة لهذه العلاقة في الامتداد النفسي والروحي والفكري والواقعي لعلاقة الجماهير بالقائد.

وهذا ما يجب أن يركّزه القائد، بأن يعطي الثقة من نفسه ليزيد ارتباط الجماهير به في المسألة التي تحكم توجُّه الجماهير إليه.. لذلك، فالقضية تتصل بالقائد الفرد الذي لا بدّ له عندما يريد الإخلاص لموقع قيادته في الخط الرسالي، من اعتماد الشورى في كل هذه النقاط التي قد تختلف طبيعتها أو مواقعها أو أجواؤها أو أوضاعها، حتى يستقيم له الخط والأسلوب.. وربما تكون القيادة خاضعةً لتنظيم محوري معيّن، كما في الحركات أو الأحزاب أو التنظيمات الاجتماعية.

إنَّ الجهة التي تُشرف على تحريك وتعبئة القيادة في الجماهير، لا بدّ من أن تخطط تخطيطاً متحركاً يخضع له القائد وتخضع له الجماهير، وتُرتِّب من خلاله الظروف الموضوعيّة لمزيد من ارتباط الجماهير بالقيادة، من خلال المواصفات التي تجتذب الجماهير نحو القائد، وتواكبه في عمليّة توعية وتوجيه وتشاور، من أجل الاستمرار في الانفتاح على العناصر التي تمثّل الواقع النفسي والفكري والعملي للجماهير. لذلك، أن نتحدّث عن طبيعة الرابط بين الجماهير وبين القيادة، هذا أمر يختلف فيه الحال بين القيادة الفرديّة التي تعتمد على الشخصانية في عناوينها الكبيرة، وبين القيادة التي تنطلق من حالة جماعيّة تخطّط للمجتمع من موقع الجماعة في صورة الفرد.

عندما نتحدّث عن الإنسان، فإننا نلاحظ أنّه في كلّ تطوّراته الحضارية، لم يبتعد عن الشخصانيّة في القيادة، بل إنّه في أشدّ المواقع ابتعاداً عن البطولة والشخصانيّة والقداسة في القيادة، أي في الحالة الغربية التي لا مجال فيها للقداسة، لأنها فرغت من تقديس الرجال، حتى إنها عندما تلتفت إلى النبوّات، فإنّ طريقة تعاملها معها لا تقترب من طريقة تعامل الشرقيّين معها ـ فإننا مع ذلك، نلاحظ أن الشخص له القيمة في إطلالة المؤسّسة على الجماهير، فالمؤسّسة تُطلُّ من خلال شخص تتجمع فيه كلّ عناصر القوّة التي يمكن أن تحصل عليها من خلال هذا الشخص في علاقة الجماهير به. وهذا ما نلاحظه في عملية اختيار المرشَّح في الانتخابات الأمريكية أو البريطانية والفرنسية، حيث إنّ الجماهير تعتمد مواصفات معيّنة قد نعتبرها مهمّة أو لا نعتبرها كذلك، بحسب مقاييسنا، ولكنّ هناك سحراً لمسألة تأثير الشخصية وحيويتها وفاعليتها في الجماهير. لذلك، نحن نعتقد أنّ المؤسّسة لا تستطيع أن تحكم كمؤسّسة، بل لا بدّ من شخص يحكمها.

ومن الطبيعي أن الفردانية في القيادة تمثّل خطراً كبيراً، لأنها تخضع للعوامل الذاتيّة في شخصية القائد التي يمكن أن يجتذب في دائرتها أشخاصاً فاشلين، لا قيمة لهم إلا بقدر اتصالهم بالجانب الذاتي للقيادة، مما يعرّض الأمّة للأخطار. لذلك، نحن نعتقد أنّ من الضروري أن تكون هناك مؤسّسة تعيّن القائد وتحيط به، لتكون الجهة التي تثقّف الجماهير في شخصيّة القائد،كما تثقّف القائد من خلال ما تقدّمه له من دراسات ومن مشورة في طريقة تعامله مع الجماهير، وتواكبه في عمليّة مراقبة لاستقامة طريقه أو انحرافه.

إننا نعتقد أنّ هذا القول لا يبتعد عن الضوابط الشرعيّة للمسألة، فيما نواجهه من طروحات على مستوى المسألة الفقهيّة في صورة المرجعية الدينية أو الولاية، لأنّنا نعتقد أن المرجعية لا بدّ من أن تتحوَّل إلى مؤسّسة يقودها المرجع، كما أنّ الولاية لا بدّ من أن تتحول إلى مؤسّسة يقودها الولي، ولا بدّ للخلافة من أن تتحوّل إلى مؤسّسة يقودها الخليفة، لأنّ تطوّرات الواقع وتعقيداته الحضارية في مسألة الحكم وقيادة الجماهير، قد اختلفت كثيراً عما كانت عليه في الماضي، ما يفرض علينا أن نبقي على الرّمز وعلى الجانب البارز من الصورة، ولكن مع إحاطته بالكثير من الاحتياطات التي تمنع سقوط الرّمز واختلال الموقف.

*من كتاب "خطاب الإسلاميّين والمستقبل".

[إنَّ مسألة العلاقة بين القائد والرّأي العام] تخضع للطبيعة التنظيميّة لحركة القيادة والجماهير، فقد تتمثّل في مبادرة القائد من خلال شخصيّته الساحرة المنفتحة على الجماهير في اجتذابها لأفكارهم وعواطفهم وحركاتهم، من خلال سحر الشخصيّة فيه، أو من خلال الخلفيات الدينية أو التاريخية أو الاجتماعية أو السياسية، التي جعلت منه قائداً، بحيث تتعلّق المسألة بشخصية القائد الفرد.

في هذا المجال، لا بدّ لهذا القائد من أن يطلّ على كل الواقع الذي يحكم حركة الجماهير ويثير اهتماماتهم ويواجه قضاياهم، كما عليه أن يعمل على تحريك الأسلوب النفسي والشعوري الذي يربط الجماهير بالقائد، فقد تكون المسألة التي تمثل الرابط الحركي بين القيادة والجمهور، هي النبوّة أو الإمامة أو الخلافة أو الفقاهة أو البطولة، أو المستوى العلمي أو الجهادي، فلا بدّ من أن تكون هناك قاعدة لهذه العلاقة في الامتداد النفسي والروحي والفكري والواقعي لعلاقة الجماهير بالقائد.

وهذا ما يجب أن يركّزه القائد، بأن يعطي الثقة من نفسه ليزيد ارتباط الجماهير به في المسألة التي تحكم توجُّه الجماهير إليه.. لذلك، فالقضية تتصل بالقائد الفرد الذي لا بدّ له عندما يريد الإخلاص لموقع قيادته في الخط الرسالي، من اعتماد الشورى في كل هذه النقاط التي قد تختلف طبيعتها أو مواقعها أو أجواؤها أو أوضاعها، حتى يستقيم له الخط والأسلوب.. وربما تكون القيادة خاضعةً لتنظيم محوري معيّن، كما في الحركات أو الأحزاب أو التنظيمات الاجتماعية.

إنَّ الجهة التي تُشرف على تحريك وتعبئة القيادة في الجماهير، لا بدّ من أن تخطط تخطيطاً متحركاً يخضع له القائد وتخضع له الجماهير، وتُرتِّب من خلاله الظروف الموضوعيّة لمزيد من ارتباط الجماهير بالقيادة، من خلال المواصفات التي تجتذب الجماهير نحو القائد، وتواكبه في عمليّة توعية وتوجيه وتشاور، من أجل الاستمرار في الانفتاح على العناصر التي تمثّل الواقع النفسي والفكري والعملي للجماهير. لذلك، أن نتحدّث عن طبيعة الرابط بين الجماهير وبين القيادة، هذا أمر يختلف فيه الحال بين القيادة الفرديّة التي تعتمد على الشخصانية في عناوينها الكبيرة، وبين القيادة التي تنطلق من حالة جماعيّة تخطّط للمجتمع من موقع الجماعة في صورة الفرد.

عندما نتحدّث عن الإنسان، فإننا نلاحظ أنّه في كلّ تطوّراته الحضارية، لم يبتعد عن الشخصانيّة في القيادة، بل إنّه في أشدّ المواقع ابتعاداً عن البطولة والشخصانيّة والقداسة في القيادة، أي في الحالة الغربية التي لا مجال فيها للقداسة، لأنها فرغت من تقديس الرجال، حتى إنها عندما تلتفت إلى النبوّات، فإنّ طريقة تعاملها معها لا تقترب من طريقة تعامل الشرقيّين معها ـ فإننا مع ذلك، نلاحظ أن الشخص له القيمة في إطلالة المؤسّسة على الجماهير، فالمؤسّسة تُطلُّ من خلال شخص تتجمع فيه كلّ عناصر القوّة التي يمكن أن تحصل عليها من خلال هذا الشخص في علاقة الجماهير به. وهذا ما نلاحظه في عملية اختيار المرشَّح في الانتخابات الأمريكية أو البريطانية والفرنسية، حيث إنّ الجماهير تعتمد مواصفات معيّنة قد نعتبرها مهمّة أو لا نعتبرها كذلك، بحسب مقاييسنا، ولكنّ هناك سحراً لمسألة تأثير الشخصية وحيويتها وفاعليتها في الجماهير. لذلك، نحن نعتقد أنّ المؤسّسة لا تستطيع أن تحكم كمؤسّسة، بل لا بدّ من شخص يحكمها.

ومن الطبيعي أن الفردانية في القيادة تمثّل خطراً كبيراً، لأنها تخضع للعوامل الذاتيّة في شخصية القائد التي يمكن أن يجتذب في دائرتها أشخاصاً فاشلين، لا قيمة لهم إلا بقدر اتصالهم بالجانب الذاتي للقيادة، مما يعرّض الأمّة للأخطار. لذلك، نحن نعتقد أنّ من الضروري أن تكون هناك مؤسّسة تعيّن القائد وتحيط به، لتكون الجهة التي تثقّف الجماهير في شخصيّة القائد،كما تثقّف القائد من خلال ما تقدّمه له من دراسات ومن مشورة في طريقة تعامله مع الجماهير، وتواكبه في عمليّة مراقبة لاستقامة طريقه أو انحرافه.

إننا نعتقد أنّ هذا القول لا يبتعد عن الضوابط الشرعيّة للمسألة، فيما نواجهه من طروحات على مستوى المسألة الفقهيّة في صورة المرجعية الدينية أو الولاية، لأنّنا نعتقد أن المرجعية لا بدّ من أن تتحوَّل إلى مؤسّسة يقودها المرجع، كما أنّ الولاية لا بدّ من أن تتحول إلى مؤسّسة يقودها الولي، ولا بدّ للخلافة من أن تتحوّل إلى مؤسّسة يقودها الخليفة، لأنّ تطوّرات الواقع وتعقيداته الحضارية في مسألة الحكم وقيادة الجماهير، قد اختلفت كثيراً عما كانت عليه في الماضي، ما يفرض علينا أن نبقي على الرّمز وعلى الجانب البارز من الصورة، ولكن مع إحاطته بالكثير من الاحتياطات التي تمنع سقوط الرّمز واختلال الموقف.

*من كتاب "خطاب الإسلاميّين والمستقبل".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية