قال تعالى : { قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ الله قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [الرّعد: 16].
استدلّ جمعٌ من أتباع مدرسة الجبر، أنَّ جملة {اللهُ خالقُ كلِّ شيءٍ} في الآية أعلاه، لها من السّعة بحيث تشمل حتّى عمل الأفراد، فالله خالق أعمالنا، ونحن غير مختارين.
يمكن أن نجيب عن هذا القول بطريقين:
أوّلاً: الجمل الأُخرى للآية تنفي هذا الكلام، لأنّها تلوم المشركين بشكل أكيد، فإذا كانت أعمالنا غير اختياريّة، فلماذا هذا التوبيخ؟! وإذا كانت إرادة الله أن نكون مشركين، فلماذا يلومنا؟! ولماذا يسعى بالأدلّة العقليّة لتغيير مسيرتهم من الضَّلالة إلى الهداية؟ كلّ هذا دليل على أنَّ الناس أحرار في انتخاب طريقهم.
ثانياً: إنّ الخالقيّة بالذات من مختصّات الله تعالى، ولا يتنافى مع اختيارنا في الأفعال، لأنّ ما نمتلكه من القدرة والعقل والشعور، وحتّى الاختيار والحرية، كلّها من عند الله. وعلى هذا، فمن جهة هو الخالق (بالنسبة إلى كلّ شيء وحتّى أفعالنا)، ومن جهة أُخرى، نحن نفعل باختيارنا، فهما في طول واحد وليس في عرض وأفق واحد، فهو الخالق لكلّ وسائل الأفعال، ونحن نستفيد منها في طريق الخير أو الشرّ.
فمثلاً، الذي يؤسّس معملاً لتوليد الكهرباء أو لإنتاج أنابيب المياه، يصنعها ويضعها تحت تصرّفنا، فلا يمكن أن نستفيد من هذه الأشياء إلاّ بمساعدته، ولكن بالنتيجة، يكون التصميم النهائي لنا، فيمكن أن نستفيد من الكهرباء لإمداد غرفة عمليات جراحية وإنقاذ مريض مشرف على الموت، أو نستخدمها في مجالس اللّهو والفساد، ويمكن أن نروي بالماء عطش إنسان ونسقي ورداً جميلاً، أو نستخدم الماء في إغراق دور الناس وتخريبها.
*تفسير الأمثل، ج6، ص417-418.
قال تعالى : { قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ الله قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [الرّعد: 16].
استدلّ جمعٌ من أتباع مدرسة الجبر، أنَّ جملة {اللهُ خالقُ كلِّ شيءٍ} في الآية أعلاه، لها من السّعة بحيث تشمل حتّى عمل الأفراد، فالله خالق أعمالنا، ونحن غير مختارين.
يمكن أن نجيب عن هذا القول بطريقين:
أوّلاً: الجمل الأُخرى للآية تنفي هذا الكلام، لأنّها تلوم المشركين بشكل أكيد، فإذا كانت أعمالنا غير اختياريّة، فلماذا هذا التوبيخ؟! وإذا كانت إرادة الله أن نكون مشركين، فلماذا يلومنا؟! ولماذا يسعى بالأدلّة العقليّة لتغيير مسيرتهم من الضَّلالة إلى الهداية؟ كلّ هذا دليل على أنَّ الناس أحرار في انتخاب طريقهم.
ثانياً: إنّ الخالقيّة بالذات من مختصّات الله تعالى، ولا يتنافى مع اختيارنا في الأفعال، لأنّ ما نمتلكه من القدرة والعقل والشعور، وحتّى الاختيار والحرية، كلّها من عند الله. وعلى هذا، فمن جهة هو الخالق (بالنسبة إلى كلّ شيء وحتّى أفعالنا)، ومن جهة أُخرى، نحن نفعل باختيارنا، فهما في طول واحد وليس في عرض وأفق واحد، فهو الخالق لكلّ وسائل الأفعال، ونحن نستفيد منها في طريق الخير أو الشرّ.
فمثلاً، الذي يؤسّس معملاً لتوليد الكهرباء أو لإنتاج أنابيب المياه، يصنعها ويضعها تحت تصرّفنا، فلا يمكن أن نستفيد من هذه الأشياء إلاّ بمساعدته، ولكن بالنتيجة، يكون التصميم النهائي لنا، فيمكن أن نستفيد من الكهرباء لإمداد غرفة عمليات جراحية وإنقاذ مريض مشرف على الموت، أو نستخدمها في مجالس اللّهو والفساد، ويمكن أن نروي بالماء عطش إنسان ونسقي ورداً جميلاً، أو نستخدم الماء في إغراق دور الناس وتخريبها.
*تفسير الأمثل، ج6، ص417-418.