كتابات
11/06/2019

كيف نجادل بعضنا بعضاً؟

كيف نجادل بعضنا بعضاً؟

من وصايا الإمام الرّضا (ع) إلى الناس: "وترك الجدال فيما لا يعنيهم"، وهذه وصية حية مهمة رائعة، وهي أنك عندما تدخل في جدال حول أمر تختلف فيه مع الآخر، فكّر في هذا الأمر الذي تثير الجدال فيه؛ هل هو من الأمور التي تتّصل بالخطوط الأساسية للعقيدة، باعتبار أن عقيدتك مسؤولية فكرك الذي تقدّم فيه حسابك إلى الله، أو أنه يتصل بخطّ حيويّ بالشريعة، باعتبار أن الشريعة تمثل حركة حياتك في مسؤولياتك السلبيّة أو الإيجابيّة أمام الله، أو هل يتّصل بشأن من شؤون الحياة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة بما يتعلّق بقضايا المصير؟

أما إذا رأيت أنّ هذا الأمر لا علاقة له بالعقيدة ولا علاقة له بالشّريعة ولا علاقة له بالحياة ولا علاقة له بالمصير، وإنما هو مجرّد شيء تجريديّ، سواء اعتقدته أو لا تعتقده، فإنّه لن يغيّر من الأمر شيئاً، تماماً كما كان أهل قطسنطينية يتنازعون والفاتح يدقّ الأبواب يريد أن يقتحم البلاد، وفلاسفتهم يتناقشون هل إنّ البيضة أصل الدّجاجة أو الدجاجة أصل البيضة، فهذا يقول إنّ البيضة أصل، وذاك يقول إنَّ الدَّجاجة أصل، وهل إن الملائكة ذكور أم إناث، ويختلفون فيما بينهم، ولا يلتفتون إلى المهم، وهو أنّه إذا أنتجت الدجاجة لنا بيضاً، أن نأكل البيض لذيذاً شهياً، أو إذا أنتجت لنا البيضة دجاجة أيضاً، أن نأكل الدجاجة التي أحلّها الله لنا.

أمّا الملائكة، فهم عباد مكرمون، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، فهل نريد أن نزوِّج الملائكة إذا كانوا ذكوراً ونتزوَّج منهم إذا كانوا إناثاً؟ هذا كلام فارغ كالكثير من الكلام الفارغ الذي يدور في القضايا التي ينطلق فيها الناس على أنّه من هو أفضل ذاك أم هذا، وهذه أم تلك، في حين أن الأمور عندما لا تتصل بمسؤوليّتنا أمام الله، ولا بمسؤوليتنا بحركة الحياة، فإنها تمثّل طواحين الهواء التي تطحن وتطحن ويبقى الهواء هواءً، إذ لا يمكن أن يتحوّل الهواء إلى أيّ شيء، ولكن عندما تطحن الحنطة، فإنها تتحوّل إلى دقيق تستطيع أن تعجنه خبزاً، ولكنّ المشكلة هي أننا أناس متخلّفون ـ بكلّ أسف ـ فنحن نحاول أن نصعد بالتخلّف إلى الدرجات العليا من مواقعنا، ولا نلتفت إلى الآثار المؤسفة المترتّبة على هذا التخلّف، ونتنازع ونتكافر ونتضالّ، في حين لا علاقة لقضايا الخلاف والنزاع بالدّنيا ولا علاقة لها بالآخرة.

وهذا ما يقوله الإمام "وترك الجدال فيما لا يعنيهم"، يعني في الأمور التي لا تتصل بمسؤوليّاتهم في الدنيا والآخرة، "وإقبال بعضهم على بعض"، وذلك بأن لا يتقاطعوا، وأن يقبل المؤمن على المؤمن بعقله ليعطي النّصيحة، وبقلبه ليعطي المحبّة، وبحياته ليعطي الطاقة "والمزاورة"، بأن يزور بعضهم بعضاً، "فإنّ ذلك قربة إليّ"، لأنهم بذلك يوحّدون الصفّ، وبذلك يقوى الموقع، "ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً".

في حين أنّ الكثيرين يزورون الإمام الرّضا (ع)، وهم يمزقون بعضهم بعضاً عنده أو قريباً منه أو في أجوائه على كل المستويات، والفئات تمزّق بعضها بعضاً، والمشايخ يمزّقون بعضهم بعضاً، والعوائل والأعراق، كأنهم لا يشعرون بأنّ "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً"، وكأنهم لا يعرفون أنّ "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمّى والسّهر".

*من كتاب "النّدوة"، ج4.

من وصايا الإمام الرّضا (ع) إلى الناس: "وترك الجدال فيما لا يعنيهم"، وهذه وصية حية مهمة رائعة، وهي أنك عندما تدخل في جدال حول أمر تختلف فيه مع الآخر، فكّر في هذا الأمر الذي تثير الجدال فيه؛ هل هو من الأمور التي تتّصل بالخطوط الأساسية للعقيدة، باعتبار أن عقيدتك مسؤولية فكرك الذي تقدّم فيه حسابك إلى الله، أو أنه يتصل بخطّ حيويّ بالشريعة، باعتبار أن الشريعة تمثل حركة حياتك في مسؤولياتك السلبيّة أو الإيجابيّة أمام الله، أو هل يتّصل بشأن من شؤون الحياة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة بما يتعلّق بقضايا المصير؟

أما إذا رأيت أنّ هذا الأمر لا علاقة له بالعقيدة ولا علاقة له بالشّريعة ولا علاقة له بالحياة ولا علاقة له بالمصير، وإنما هو مجرّد شيء تجريديّ، سواء اعتقدته أو لا تعتقده، فإنّه لن يغيّر من الأمر شيئاً، تماماً كما كان أهل قطسنطينية يتنازعون والفاتح يدقّ الأبواب يريد أن يقتحم البلاد، وفلاسفتهم يتناقشون هل إنّ البيضة أصل الدّجاجة أو الدجاجة أصل البيضة، فهذا يقول إنّ البيضة أصل، وذاك يقول إنَّ الدَّجاجة أصل، وهل إن الملائكة ذكور أم إناث، ويختلفون فيما بينهم، ولا يلتفتون إلى المهم، وهو أنّه إذا أنتجت الدجاجة لنا بيضاً، أن نأكل البيض لذيذاً شهياً، أو إذا أنتجت لنا البيضة دجاجة أيضاً، أن نأكل الدجاجة التي أحلّها الله لنا.

أمّا الملائكة، فهم عباد مكرمون، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، فهل نريد أن نزوِّج الملائكة إذا كانوا ذكوراً ونتزوَّج منهم إذا كانوا إناثاً؟ هذا كلام فارغ كالكثير من الكلام الفارغ الذي يدور في القضايا التي ينطلق فيها الناس على أنّه من هو أفضل ذاك أم هذا، وهذه أم تلك، في حين أن الأمور عندما لا تتصل بمسؤوليّتنا أمام الله، ولا بمسؤوليتنا بحركة الحياة، فإنها تمثّل طواحين الهواء التي تطحن وتطحن ويبقى الهواء هواءً، إذ لا يمكن أن يتحوّل الهواء إلى أيّ شيء، ولكن عندما تطحن الحنطة، فإنها تتحوّل إلى دقيق تستطيع أن تعجنه خبزاً، ولكنّ المشكلة هي أننا أناس متخلّفون ـ بكلّ أسف ـ فنحن نحاول أن نصعد بالتخلّف إلى الدرجات العليا من مواقعنا، ولا نلتفت إلى الآثار المؤسفة المترتّبة على هذا التخلّف، ونتنازع ونتكافر ونتضالّ، في حين لا علاقة لقضايا الخلاف والنزاع بالدّنيا ولا علاقة لها بالآخرة.

وهذا ما يقوله الإمام "وترك الجدال فيما لا يعنيهم"، يعني في الأمور التي لا تتصل بمسؤوليّاتهم في الدنيا والآخرة، "وإقبال بعضهم على بعض"، وذلك بأن لا يتقاطعوا، وأن يقبل المؤمن على المؤمن بعقله ليعطي النّصيحة، وبقلبه ليعطي المحبّة، وبحياته ليعطي الطاقة "والمزاورة"، بأن يزور بعضهم بعضاً، "فإنّ ذلك قربة إليّ"، لأنهم بذلك يوحّدون الصفّ، وبذلك يقوى الموقع، "ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً".

في حين أنّ الكثيرين يزورون الإمام الرّضا (ع)، وهم يمزقون بعضهم بعضاً عنده أو قريباً منه أو في أجوائه على كل المستويات، والفئات تمزّق بعضها بعضاً، والمشايخ يمزّقون بعضهم بعضاً، والعوائل والأعراق، كأنهم لا يشعرون بأنّ "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً"، وكأنهم لا يعرفون أنّ "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمّى والسّهر".

*من كتاب "النّدوة"، ج4.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية