الضّحك يعبِّر عن الحالة النفسية التي تنفتح على الفرح، أضحك للأمور التي تجعلني أشعر بالسرور، ومنها القضايا التي تنسجم مع مشاعري وعواطفي، أو الأشياء التي تنسجم مع حركتي الفكرية عندما أشعر بأنها حركة تنفع المجتمع وتنفع الناس، كما أنني أضحك للنكتة التي يطلقها الآخرون، وأضحك للشّمس التي تشرق، وأضحك للنّور الهادئ الوديع، للقمر في ليالي البدر، وأيضاً لزقزقة العصافير والطّيور والشلالات التي تندفع من الجبال لتملأ الإنسان الإحساس بالجمال، وقد عبّرت عن ذلك في بيت شعر قلت فيه:
فأنا أخلق وحدي جنّتـي فأرى اللذّة في أعماق حزني
يعني أنني أحاول أن أنفذ إلى الحزن لأجد فيه بعض ما يبعث على الفرح، لأنني لا أعتبر أن الحياة حزنٌ كلها، بل أرى أنّ الحزن يختزن الفرح، وأنّ الفرح يختزن الحزن في بعض الحالات.
عندما أعيش مع أولادي وأحفادي، أشعر بالرّوح التي انطلقت مني إلى كلّ مشاعرهم وكلّ حياتهم، ولذا أنا أضحك لأني أفرح بحركاتهم، سواء كانت حركات طفولية أو حركات عادية، ولا سيما أنني أعيش الفرح عندما أعيش مع الطفولة، وأهدهد لأطفالي وألعب معهم، لأني أجد أنّ الإخلاص للأبوّة هو أن يعيش الإنسان مع أطفاله حالةً طفوليةً.
هناك حديث عن النبي محمد (ص) يقول: "من كان له صبي فليتصابَ له"، أي فليحاول أن يتقمّص أو يمثل شخصيّة الصبي في لغته ولعبه ولهوه. وقد كان النبيّ محمد (ص) يحمل طفلي ابنته على ظهره وهو في موقع النبوّة، حتى إنه ذات يوم كان ساجداً لله وأطال سجوده، وعندما فرغ من صلاته، سُئِلَ عن السبب، فقال (ص): إن ولدي هذا ركب على ظهري، فأحببت أن لا أزعجه. وينقل عنه (ص) أنه عندما كان يحملهما على ظهره، وكان يقول عن نفسه: "نِعْمَ الجمل جملُكُما، ونِعْمَ العدلان أنتما"، فقد كان ـ وهو النبي ـ يعيش معاني الطفولة مع الأطفال.
هوايتي غالباً ثقافية، أنا أكتب في الأدب وفي الاجتماع وفي السياسة، وأدخل في الحوار السياسي على المستوى العالمي، كما أدخل في الحوار مع الأطفال، فأحدثهم بلهجة طفولية، ولا أعتقد أن هناك أيّ موضوع سلبي بالنسبة إليَّ، وأكتب في الغزل أيضاً، لأنني أعتقد أنّ رجل الدين لا يمكن أن يحصر نفسه في داخل الإطار الديني، بل يمكن أن ينفتح على الحياة كلّها، وقد كنت أتحدث عن حبّ الإنسان للإنسان، وأرى أنه إذا كنا نحب الله، فعلينا أن نحبّ الله بمحبة الإنسان، وأنا أؤمن بأنّ علينا أن نعيش إنسانيّتنا في إنسانية الآخر، ولا أعتقد أنّ اختلافنا في الدين أو في السياسة يجعلنا نقاطع بعضنا بعضاً، بل علينا أن نجعل الخلاف وسيلةً من وسائل الغنى الثقافي الّذي يدعو إلى الحوار، لأنني أؤمن بضرورة الحوار الديني ـ الديني، والحوار العلماني ـ الديني، وحوار الإنسان مع الإنسان، وحوار الغرب مع الشرق، وأرى حتى داخل الأسرة بين الزوج والزوجة، أنّه لا يجوز أن يضطهد الزوج زوجته أو يتكبَّر عليها، أو أن تضطهد الزوجة زوجها إذا كانت أكثر منه ثقافةً، أو كانت في موقع اجتماعي متقدّم، بل لا بدَّ من أن يتحاورا في كلّ شيء.
أنا غالباً أبكي بين يدي الله تعالى، لأنّني أحبّ الله، ولذلك أبكي بكاء الحبّ لا بكاء الخوف، فأنا أحبّ الله حباً روحياً، تماماً كما يحبّ شخص شخصاً آخر، لأنّني أشعر بمحبة الله لي وللخلق كلّهم وللحياة كلّها، ولذلك فإنني أعتقد أنّه ليس هناك حبّ أصفى وأوسع من أن يحبّ الإنسان الله، لأنّه الحبّ الذي ينفتح على الإنسان وعلى الحياة دون مقابل، بينما حبّ الإنسان للإنسان يتحرّك من خلال أنّ المحبّ يريد من الحبيب شيئاً، والحبيب يريد من المحبّ شيئاً آخر، وأنا أجرّب أن أحبّ الله لذاته ولعظمته، لا أن أحبّه من أجل أن أحصل على الجنّة أو النار، وفي بعض أشعاري أقول:
أنا أهواكَ لا لنعماك تستهوي كياني ولا لجنّة عدنِ
يعني أنا أحبّك للجمال الطبيعي الذي يعيش في الكون كلّه؛ في الشمس التي تشرق، وفي القمر الذي يهلّ، وفي النّهر والشّلال، وفي كلّ مظاهر الجمال، وأنت جميل تحبّ الجمال.
*من حوار لسماحته مع الباحث والكاتب الكندي "تيد ديكر"، بتاريخ 19/5/2008.
الضّحك يعبِّر عن الحالة النفسية التي تنفتح على الفرح، أضحك للأمور التي تجعلني أشعر بالسرور، ومنها القضايا التي تنسجم مع مشاعري وعواطفي، أو الأشياء التي تنسجم مع حركتي الفكرية عندما أشعر بأنها حركة تنفع المجتمع وتنفع الناس، كما أنني أضحك للنكتة التي يطلقها الآخرون، وأضحك للشّمس التي تشرق، وأضحك للنّور الهادئ الوديع، للقمر في ليالي البدر، وأيضاً لزقزقة العصافير والطّيور والشلالات التي تندفع من الجبال لتملأ الإنسان الإحساس بالجمال، وقد عبّرت عن ذلك في بيت شعر قلت فيه:
فأنا أخلق وحدي جنّتـي فأرى اللذّة في أعماق حزني
يعني أنني أحاول أن أنفذ إلى الحزن لأجد فيه بعض ما يبعث على الفرح، لأنني لا أعتبر أن الحياة حزنٌ كلها، بل أرى أنّ الحزن يختزن الفرح، وأنّ الفرح يختزن الحزن في بعض الحالات.
عندما أعيش مع أولادي وأحفادي، أشعر بالرّوح التي انطلقت مني إلى كلّ مشاعرهم وكلّ حياتهم، ولذا أنا أضحك لأني أفرح بحركاتهم، سواء كانت حركات طفولية أو حركات عادية، ولا سيما أنني أعيش الفرح عندما أعيش مع الطفولة، وأهدهد لأطفالي وألعب معهم، لأني أجد أنّ الإخلاص للأبوّة هو أن يعيش الإنسان مع أطفاله حالةً طفوليةً.
هناك حديث عن النبي محمد (ص) يقول: "من كان له صبي فليتصابَ له"، أي فليحاول أن يتقمّص أو يمثل شخصيّة الصبي في لغته ولعبه ولهوه. وقد كان النبيّ محمد (ص) يحمل طفلي ابنته على ظهره وهو في موقع النبوّة، حتى إنه ذات يوم كان ساجداً لله وأطال سجوده، وعندما فرغ من صلاته، سُئِلَ عن السبب، فقال (ص): إن ولدي هذا ركب على ظهري، فأحببت أن لا أزعجه. وينقل عنه (ص) أنه عندما كان يحملهما على ظهره، وكان يقول عن نفسه: "نِعْمَ الجمل جملُكُما، ونِعْمَ العدلان أنتما"، فقد كان ـ وهو النبي ـ يعيش معاني الطفولة مع الأطفال.
هوايتي غالباً ثقافية، أنا أكتب في الأدب وفي الاجتماع وفي السياسة، وأدخل في الحوار السياسي على المستوى العالمي، كما أدخل في الحوار مع الأطفال، فأحدثهم بلهجة طفولية، ولا أعتقد أن هناك أيّ موضوع سلبي بالنسبة إليَّ، وأكتب في الغزل أيضاً، لأنني أعتقد أنّ رجل الدين لا يمكن أن يحصر نفسه في داخل الإطار الديني، بل يمكن أن ينفتح على الحياة كلّها، وقد كنت أتحدث عن حبّ الإنسان للإنسان، وأرى أنه إذا كنا نحب الله، فعلينا أن نحبّ الله بمحبة الإنسان، وأنا أؤمن بأنّ علينا أن نعيش إنسانيّتنا في إنسانية الآخر، ولا أعتقد أنّ اختلافنا في الدين أو في السياسة يجعلنا نقاطع بعضنا بعضاً، بل علينا أن نجعل الخلاف وسيلةً من وسائل الغنى الثقافي الّذي يدعو إلى الحوار، لأنني أؤمن بضرورة الحوار الديني ـ الديني، والحوار العلماني ـ الديني، وحوار الإنسان مع الإنسان، وحوار الغرب مع الشرق، وأرى حتى داخل الأسرة بين الزوج والزوجة، أنّه لا يجوز أن يضطهد الزوج زوجته أو يتكبَّر عليها، أو أن تضطهد الزوجة زوجها إذا كانت أكثر منه ثقافةً، أو كانت في موقع اجتماعي متقدّم، بل لا بدَّ من أن يتحاورا في كلّ شيء.
أنا غالباً أبكي بين يدي الله تعالى، لأنّني أحبّ الله، ولذلك أبكي بكاء الحبّ لا بكاء الخوف، فأنا أحبّ الله حباً روحياً، تماماً كما يحبّ شخص شخصاً آخر، لأنّني أشعر بمحبة الله لي وللخلق كلّهم وللحياة كلّها، ولذلك فإنني أعتقد أنّه ليس هناك حبّ أصفى وأوسع من أن يحبّ الإنسان الله، لأنّه الحبّ الذي ينفتح على الإنسان وعلى الحياة دون مقابل، بينما حبّ الإنسان للإنسان يتحرّك من خلال أنّ المحبّ يريد من الحبيب شيئاً، والحبيب يريد من المحبّ شيئاً آخر، وأنا أجرّب أن أحبّ الله لذاته ولعظمته، لا أن أحبّه من أجل أن أحصل على الجنّة أو النار، وفي بعض أشعاري أقول:
أنا أهواكَ لا لنعماك تستهوي كياني ولا لجنّة عدنِ
يعني أنا أحبّك للجمال الطبيعي الذي يعيش في الكون كلّه؛ في الشمس التي تشرق، وفي القمر الذي يهلّ، وفي النّهر والشّلال، وفي كلّ مظاهر الجمال، وأنت جميل تحبّ الجمال.
*من حوار لسماحته مع الباحث والكاتب الكندي "تيد ديكر"، بتاريخ 19/5/2008.