نحن نقول للآباء دائماً: تذكّروا أنفسكم عندما كنتم أبناءً، وكيف كانت مشاعركم
تجاه آبائكم عندما يضطهدونكم وعندما يصادرون إنسانيّتكم وعندما يضعفون شخصيّتكم
ويسقطون معنويّاتكم، وكيف كانت مشاعركم تجاههم، وتصرّفوا مع أبنائكم كما كنتم
تحبّون أن يتصرّف معكم آباؤكم، ولكن إذا كانت المسألة تمثّل خطراً على الولد بشكلٍ
فوق العادة، يمكن لكم أن تتدخلوا، ولكن بالطريقة التي تقنعون أولادكم بها، أو
بممارسة الضّغوط التي لا تسقط شخصياتهم لتضعفهم ولتعقّدهم، لأنَّكم تكونون قد
أصلحتم شيئاً في جانب، وأفسدتـم شيئاً في جانب آخر ربَّما يكون أكثر خطورةً.
حيثُ إنَّني أرى أنَّ طريقة العنف كقاعدة لتصرّف الآباء مع الأبناء، هي طريقة غير
عمليّة وغير واقعيّة، كما أنَّها لا تخلو من الإشكالات الشرعيّة، ولا سيّما إذا كان
الولد بالغاً عاقلاً رشيداً، لأنَّ ذلك سوف يضطرّه إلى أن يتصرّف بطريقة مزدوجة،
بحيث يكون منافقاً مع أبيه، أو أنَّه يتحوَّل إلى إنسان معقّد ضدَّ أبيه، ما يجعل
هذه العقدة تنفجر في المستقبل لتهدِّم كلّ البناء الذي أراد له أبوه أن يبنيه في
استقامة شخصيّته، وما إلى ذلك.
ولذلك، فإنَّني أدعو الآباء إلى أن يُمارسوا دورهم في إصلاح أولادهم، وفي إنقاذهم
من الأخطار، بطريقة الرفق التي يمكن أن تقنعهم بالفكرة، أو يمكن أن تغريهم بالطاعة،
ما يفرض على الأب أن ينطلق في أسلوبه هذا بالفكرة من جهة، وبالعاطفة من جهة أخرى،
وبالاحتضان المادي من جهة ثالثة، وبالإغراءات لبعض ما يحبّه الولد من جهة رابعة،
وهكذا.
لكن إذا كان الموقف يصل إلى درجة الخطورة على دين الولد وعلى أخلاقه، بحيث يكون
العنف بطريقة معيّنة موجباً لإنقاذه من ذلك، ومن دون أن يخلّف نتائج سلبيّة أعظم،
فيجوز للأب أن يتصرَّف من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تماماً كما يتصرَّف
بالنّسبة إلى غير ولده لو توقّف إنقاذه من المنكر ومن الضّلال على ذلك.
إنَّني لا أريد أن أشجّع الأولاد على أن يأخذوا بحرّيتهم المطلقة تجاه آبائهم، بحيث
يتمرّدون عليهم، ولكنَّني أريد أن أقول للآباء، إنَّ مسألة العنف والرفق والتربية
هي من المسائل التي نريد أن نصل بها إلى نتيجة عملية. ومن هنا، فإنَّ هذه الضغوط
القاسية قد توصلنا إلى عكس النتيجة.
إنَّ مشكلة البعض هي أنَّه يفكّر في البدايات، وأنا أفكّر في النهايات، وقد ورد عن
الرسول (ص) قوله لذلك الشابّ الذي قال له: «أوصني يا رسول الله، فقال الرسول (ص):
هل أنت مستوصٍ إن أنا أوصيتك؟! حتّى قال له ذلك ثلاثاً، وفي كلّها يقول الرّجل: نعم
يا رسول الله، فقال له رسول الله (ص): "فإنّي أوصيك إذا أنت هممت بأمر فتدبّر
عاقبته، فإن يكُ رشداً فأمضه، وإن يكُ غيّاً فانتهِ عنه". إنَّني أفكّر في المسألة
لا على أساس الشكل، بل على أساس المضمون. ولكن المشكلة أنَّ البعض يحاولون الحفاظ
على الشكل بقطع النّظر عن النتائج.
إنَّ هناك بعض النَّاس ممن لا يفكّرون في خطورة النتائج، فيغفلون عنها، ويتصرّفون
كما لو كانت النتائج حاسمة في ما يفعلونه. وهناك نقطة لا بُدَّ من أن نثيرها أمام
الآباء، وهي أنَّ بعض الأساليب قد تخلّف عُقَداً لدى الأبناء، بحيث تقلب حياتهم
رأساً على عقب، وتؤثّر تأثيراً سلبياً في واقعهم النفسي وفي علاقتهم بالنَّاس، ما
يجعلهم يشعرون بعقدة الاضطهاد التي قد تترك تأثيرها السلبي على مجمل حياتهم. ولذلك،
فإنَّ مسألة تربية الأب للابن من الطفولة، لا بُدَّ أن تكون منطلقة من تفكير الأب،
بأنَّ هذا ليس مجرّد جسد ماديّ يريد أن يخضعه، بل إنَّ هذا الولد روح وعقل وفكر
وإحساس وشعور، فلا بُدَّ أن يحسب حساب ذلك كلّه في اختيار الأسلوب الأمثل الذي
يستعمله تجاه هذا الولد أو ذاك.
*من كتاب "فقه الحياة"
نحن نقول للآباء دائماً: تذكّروا أنفسكم عندما كنتم أبناءً، وكيف كانت مشاعركم
تجاه آبائكم عندما يضطهدونكم وعندما يصادرون إنسانيّتكم وعندما يضعفون شخصيّتكم
ويسقطون معنويّاتكم، وكيف كانت مشاعركم تجاههم، وتصرّفوا مع أبنائكم كما كنتم
تحبّون أن يتصرّف معكم آباؤكم، ولكن إذا كانت المسألة تمثّل خطراً على الولد بشكلٍ
فوق العادة، يمكن لكم أن تتدخلوا، ولكن بالطريقة التي تقنعون أولادكم بها، أو
بممارسة الضّغوط التي لا تسقط شخصياتهم لتضعفهم ولتعقّدهم، لأنَّكم تكونون قد
أصلحتم شيئاً في جانب، وأفسدتـم شيئاً في جانب آخر ربَّما يكون أكثر خطورةً.
حيثُ إنَّني أرى أنَّ طريقة العنف كقاعدة لتصرّف الآباء مع الأبناء، هي طريقة غير
عمليّة وغير واقعيّة، كما أنَّها لا تخلو من الإشكالات الشرعيّة، ولا سيّما إذا كان
الولد بالغاً عاقلاً رشيداً، لأنَّ ذلك سوف يضطرّه إلى أن يتصرّف بطريقة مزدوجة،
بحيث يكون منافقاً مع أبيه، أو أنَّه يتحوَّل إلى إنسان معقّد ضدَّ أبيه، ما يجعل
هذه العقدة تنفجر في المستقبل لتهدِّم كلّ البناء الذي أراد له أبوه أن يبنيه في
استقامة شخصيّته، وما إلى ذلك.
ولذلك، فإنَّني أدعو الآباء إلى أن يُمارسوا دورهم في إصلاح أولادهم، وفي إنقاذهم
من الأخطار، بطريقة الرفق التي يمكن أن تقنعهم بالفكرة، أو يمكن أن تغريهم بالطاعة،
ما يفرض على الأب أن ينطلق في أسلوبه هذا بالفكرة من جهة، وبالعاطفة من جهة أخرى،
وبالاحتضان المادي من جهة ثالثة، وبالإغراءات لبعض ما يحبّه الولد من جهة رابعة،
وهكذا.
لكن إذا كان الموقف يصل إلى درجة الخطورة على دين الولد وعلى أخلاقه، بحيث يكون
العنف بطريقة معيّنة موجباً لإنقاذه من ذلك، ومن دون أن يخلّف نتائج سلبيّة أعظم،
فيجوز للأب أن يتصرَّف من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تماماً كما يتصرَّف
بالنّسبة إلى غير ولده لو توقّف إنقاذه من المنكر ومن الضّلال على ذلك.
إنَّني لا أريد أن أشجّع الأولاد على أن يأخذوا بحرّيتهم المطلقة تجاه آبائهم، بحيث
يتمرّدون عليهم، ولكنَّني أريد أن أقول للآباء، إنَّ مسألة العنف والرفق والتربية
هي من المسائل التي نريد أن نصل بها إلى نتيجة عملية. ومن هنا، فإنَّ هذه الضغوط
القاسية قد توصلنا إلى عكس النتيجة.
إنَّ مشكلة البعض هي أنَّه يفكّر في البدايات، وأنا أفكّر في النهايات، وقد ورد عن
الرسول (ص) قوله لذلك الشابّ الذي قال له: «أوصني يا رسول الله، فقال الرسول (ص):
هل أنت مستوصٍ إن أنا أوصيتك؟! حتّى قال له ذلك ثلاثاً، وفي كلّها يقول الرّجل: نعم
يا رسول الله، فقال له رسول الله (ص): "فإنّي أوصيك إذا أنت هممت بأمر فتدبّر
عاقبته، فإن يكُ رشداً فأمضه، وإن يكُ غيّاً فانتهِ عنه". إنَّني أفكّر في المسألة
لا على أساس الشكل، بل على أساس المضمون. ولكن المشكلة أنَّ البعض يحاولون الحفاظ
على الشكل بقطع النّظر عن النتائج.
إنَّ هناك بعض النَّاس ممن لا يفكّرون في خطورة النتائج، فيغفلون عنها، ويتصرّفون
كما لو كانت النتائج حاسمة في ما يفعلونه. وهناك نقطة لا بُدَّ من أن نثيرها أمام
الآباء، وهي أنَّ بعض الأساليب قد تخلّف عُقَداً لدى الأبناء، بحيث تقلب حياتهم
رأساً على عقب، وتؤثّر تأثيراً سلبياً في واقعهم النفسي وفي علاقتهم بالنَّاس، ما
يجعلهم يشعرون بعقدة الاضطهاد التي قد تترك تأثيرها السلبي على مجمل حياتهم. ولذلك،
فإنَّ مسألة تربية الأب للابن من الطفولة، لا بُدَّ أن تكون منطلقة من تفكير الأب،
بأنَّ هذا ليس مجرّد جسد ماديّ يريد أن يخضعه، بل إنَّ هذا الولد روح وعقل وفكر
وإحساس وشعور، فلا بُدَّ أن يحسب حساب ذلك كلّه في اختيار الأسلوب الأمثل الذي
يستعمله تجاه هذا الولد أو ذاك.
*من كتاب "فقه الحياة"