كتابات
02/09/2019

حركة الحسين (ع) امتداد لحركة جدِّه (ص)

حركة الحسين (ع) امتداد لحركة جدِّه (ص)

إنَّ الحسين (ع) عاش المأساة، ولكن في خطّ حركة القضيّة، فالحسين (ع) لم يخرج كما يتصوّر الكثيرون ليموت أو ليكون الموت مزاجه ولتكون الشهادة هي عنوان حركته، ولكنه انطلق من أجل الرسالة التي تكون الشهادة نتيجة فيها للحركة، لا نتيجة فيها للمزاج، لأنّ الشهادة لا يمكن أن تكون شهادة إذا كانت مجرّد مزاج ذاتي يحبّ فيها الإنسان أن يموت، ولكن الشهادة إنما تكون شهادة إذا كانت حركة في مواجهة التحدي، وكانت رسالة في خط الواقع الإنساني، وكانت إخلاصاً لله سبحانه وتعالى، بحيث إن الرّسالة في تحدّياتها تفرض الشهادة، لا أن الشهادة تتحرّك بطريقة ذاتية تتبع المزاجية.

كما أن تصوير قضية الإمام الحسين (ع) على أنها مسألة استشهادية، قد لا يكون دقيقاً، لأن الحسين (ع) لم يخرج استشهادياً فحسب، بل خرج مصلحاً مغيّراً للواقع في ساحة يمكن أن تطلّ على الشهادة بحسب طبيعة العناصر الموجودة في الواقع، كما خرج رسول الله (ص)، فإنّ رسول الله (ص) انطلق بالرسالة في ساحة تحاصرها كلّ الأخطار، وكان يتحرك في الطريق التي يمكن أن تنتهي بالشهادة، وكان (ص) الشهيد الحي، فلقد كان يقول: "ما أوذِيَ نبيّ مثل ما أوذيت"، وقد استشهد الكثير من الصحابة معه من أهل بيته ومن غيرهم، لكنه كان صاحب رسالة، وكانت الرسالة كلّ همّه، وكان النّاس همّه وشغله الشاغل، لأنهم ساحة الرسالة.

ولذلك، عندما ندرس حركة الإمام الحسين، نجد أنه أطلق الخطّ وحدّث عن الواقع وانطلق في حركة الفعل الثّورة، ففي هذا النصّ الذي نقرأه في موقعين من مواقف الإمام الحسين، تتبين حقيقة ذلك، ففي رسالته إلى أشراف أهل الكوفة، يقول: "أيّها الناس، إن رسول الله (ص) قال: من رأى منكم سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً بعهده، مخالفاً لسنَّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثم لم يغيّر عليه، كان حقيقاً على الله أن يدخله مدخله".

ففي هذا النّصّ، أعطى للنّاس شروط الثورة على الحاكم الجائر، وبيّن ما هي صفة ذلك الحاكم التي ينبغي للمسلمين أن يثوروا عليه إذا تحقّقت في واقعهم، فالحاكم الجائر هو الذي يظلم الناس ولا يعطي أحداً حقّه ويستحلّ حرم الله، كلّ الحرمات التي جعلها الله للناس في قضاياهم الخاصّة والعامّة، فإذا كان هذا ممن يستحلّ حرمات الله، "ناكثاً بعهده"، يعطي العهد وينقضه وينكث ولا يفي به، "مخالفاً لسنّة رسول الله (ص)" فيما شرّعه، فلا يتبع شريعة الإسلام، "يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان"، أي أنّه يتحرّك في سيرته مع الناس بمعصية الله وبالعدوان عليهم في كلّ قضاياهم، إذا كان الحاكم بهذه الصّورة، فإنّ النبيّ (ص) ـ حسب هذه الرواية ـ يقول إنّه يجب على الأمّة أن تثور عليه، ومن لم يثُر عليه ولم يتحرّك في خطّ التغيير على مستوى المواجهة، فإنّ الله سوف يدخله مدخله.

ثم إنّ الإمام الحسين (ع) بعدما رسم الخطّ، تحدّث عن الواقع؛ فأين هو هذا السلطان الجائر؟ أين هو الواقع الذي تنطبق عليه كلمة رسول الله (ص): "إنّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرّحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله"؟ هناك كان الخطّ العام وهنا الخطّ الحركي التفصيلي، فبعد أن حدد صفات الحاكم الجائر، حدّد الموقف منه وقال أنا لن أقف ساكتاً ولن أقف حياديّاً، فأنا أملك الموقع الشرعي الذي يمنحني شرعيّة التحرّك في تغيير هذا الواقع، وفي إسقاط السلطان الذي يحكم المسلمين، "وأنا أحقّ من غيّر". لماذا هو أحقّ من غيّر؟ لأنّه هو إمام الشرعيّة الإسلاميّة، وهو إمام الإسلام الذي يملك الشرعيّة.

ولذلك، انطلق الإمام الحسين (ع) من حيث انطلق رسول الله (ص) في خطّ تغيير الواقع، على أساس فكر الإسلام، وعلى أساس الخطّ الحركيّ للإسلام.

لهذا، كان عند الإمام الحسين (ع) مشروع، وهو ليس مشروعاً خاصّاً، فنحن لا يجوز أن نتحدّث عن مشروع سياسيّ فقط، فالحسين هو إمام الإسلام، وهو يتحرّك من خلال كلّ الإسلام، ولهذا كان في كلّ حركته يعظ، وكان ينقد واقع الناس، وكان يتحدّث عن الواقع الذي يعيشه المسلمون.

*من كتاب النّدوة، ج 4.

إنَّ الحسين (ع) عاش المأساة، ولكن في خطّ حركة القضيّة، فالحسين (ع) لم يخرج كما يتصوّر الكثيرون ليموت أو ليكون الموت مزاجه ولتكون الشهادة هي عنوان حركته، ولكنه انطلق من أجل الرسالة التي تكون الشهادة نتيجة فيها للحركة، لا نتيجة فيها للمزاج، لأنّ الشهادة لا يمكن أن تكون شهادة إذا كانت مجرّد مزاج ذاتي يحبّ فيها الإنسان أن يموت، ولكن الشهادة إنما تكون شهادة إذا كانت حركة في مواجهة التحدي، وكانت رسالة في خط الواقع الإنساني، وكانت إخلاصاً لله سبحانه وتعالى، بحيث إن الرّسالة في تحدّياتها تفرض الشهادة، لا أن الشهادة تتحرّك بطريقة ذاتية تتبع المزاجية.

كما أن تصوير قضية الإمام الحسين (ع) على أنها مسألة استشهادية، قد لا يكون دقيقاً، لأن الحسين (ع) لم يخرج استشهادياً فحسب، بل خرج مصلحاً مغيّراً للواقع في ساحة يمكن أن تطلّ على الشهادة بحسب طبيعة العناصر الموجودة في الواقع، كما خرج رسول الله (ص)، فإنّ رسول الله (ص) انطلق بالرسالة في ساحة تحاصرها كلّ الأخطار، وكان يتحرك في الطريق التي يمكن أن تنتهي بالشهادة، وكان (ص) الشهيد الحي، فلقد كان يقول: "ما أوذِيَ نبيّ مثل ما أوذيت"، وقد استشهد الكثير من الصحابة معه من أهل بيته ومن غيرهم، لكنه كان صاحب رسالة، وكانت الرسالة كلّ همّه، وكان النّاس همّه وشغله الشاغل، لأنهم ساحة الرسالة.

ولذلك، عندما ندرس حركة الإمام الحسين، نجد أنه أطلق الخطّ وحدّث عن الواقع وانطلق في حركة الفعل الثّورة، ففي هذا النصّ الذي نقرأه في موقعين من مواقف الإمام الحسين، تتبين حقيقة ذلك، ففي رسالته إلى أشراف أهل الكوفة، يقول: "أيّها الناس، إن رسول الله (ص) قال: من رأى منكم سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً بعهده، مخالفاً لسنَّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثم لم يغيّر عليه، كان حقيقاً على الله أن يدخله مدخله".

ففي هذا النّصّ، أعطى للنّاس شروط الثورة على الحاكم الجائر، وبيّن ما هي صفة ذلك الحاكم التي ينبغي للمسلمين أن يثوروا عليه إذا تحقّقت في واقعهم، فالحاكم الجائر هو الذي يظلم الناس ولا يعطي أحداً حقّه ويستحلّ حرم الله، كلّ الحرمات التي جعلها الله للناس في قضاياهم الخاصّة والعامّة، فإذا كان هذا ممن يستحلّ حرمات الله، "ناكثاً بعهده"، يعطي العهد وينقضه وينكث ولا يفي به، "مخالفاً لسنّة رسول الله (ص)" فيما شرّعه، فلا يتبع شريعة الإسلام، "يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان"، أي أنّه يتحرّك في سيرته مع الناس بمعصية الله وبالعدوان عليهم في كلّ قضاياهم، إذا كان الحاكم بهذه الصّورة، فإنّ النبيّ (ص) ـ حسب هذه الرواية ـ يقول إنّه يجب على الأمّة أن تثور عليه، ومن لم يثُر عليه ولم يتحرّك في خطّ التغيير على مستوى المواجهة، فإنّ الله سوف يدخله مدخله.

ثم إنّ الإمام الحسين (ع) بعدما رسم الخطّ، تحدّث عن الواقع؛ فأين هو هذا السلطان الجائر؟ أين هو الواقع الذي تنطبق عليه كلمة رسول الله (ص): "إنّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرّحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله"؟ هناك كان الخطّ العام وهنا الخطّ الحركي التفصيلي، فبعد أن حدد صفات الحاكم الجائر، حدّد الموقف منه وقال أنا لن أقف ساكتاً ولن أقف حياديّاً، فأنا أملك الموقع الشرعي الذي يمنحني شرعيّة التحرّك في تغيير هذا الواقع، وفي إسقاط السلطان الذي يحكم المسلمين، "وأنا أحقّ من غيّر". لماذا هو أحقّ من غيّر؟ لأنّه هو إمام الشرعيّة الإسلاميّة، وهو إمام الإسلام الذي يملك الشرعيّة.

ولذلك، انطلق الإمام الحسين (ع) من حيث انطلق رسول الله (ص) في خطّ تغيير الواقع، على أساس فكر الإسلام، وعلى أساس الخطّ الحركيّ للإسلام.

لهذا، كان عند الإمام الحسين (ع) مشروع، وهو ليس مشروعاً خاصّاً، فنحن لا يجوز أن نتحدّث عن مشروع سياسيّ فقط، فالحسين هو إمام الإسلام، وهو يتحرّك من خلال كلّ الإسلام، ولهذا كان في كلّ حركته يعظ، وكان ينقد واقع الناس، وكان يتحدّث عن الواقع الذي يعيشه المسلمون.

*من كتاب النّدوة، ج 4.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية