[والله يدعونا إلى اختيار أسلوب اللّين وقول الّتي هي أحسن] في الحياة
الاجتماعيّة الأكثر تعقيداً من الحياة العائليّة، لأنَّ فيها عشائر وطوائف ومذاهب
واتجاهات، ونحن نعرف أنَّ المجتمع عندما يكون متنوّعاً، وخصوصاً إذا تحوّلت
التنوعات إلى عصبيّات، فإنّ الكلمات قد تترك تأثيرها السلبي إذا كانت تنطلق بشكل
خشن. لذلك على الإنسان في المجتمع عندما يعظ أو يخطب، وفي السّهرات أو في حالات
الشدّة، أن يختار كلماته، لأنّ الكلمة في المجتمع المتوتر والمتعصّب مثل عود الثقاب،
عندما تلقيه في البيدر وقت الحصاد، فإنّ البيدر يشتعل، وهكذا عندما تلقيها في مجتمع
الحرائق والتعصّب، فإنها تثير حريقاً سياسياً واجتماعياً ودينياً أو مذهبياً.
وعلى هذا الأساس، علينا أن لا نأخذ حرّيتنا عندما نتكلم، حتى لو كان ما نتكلم به هو
مما نؤمن به ولكنه ضدّ الآخر، وهناك مجتمعات فيها سنّة وشيعة، وفيها أحزاب وفيها
طوائف إسلاميّة ومسيحيّة، وللشيعة وجهة نظر في بعض من يقدِّسهم السنّة، وهكذا
بالنّسبة إلى السنّة، وكذلك بين المسلمين والمسيحيّين، فلا يجوز لأحد أن يتكلّم
كيفما يريد ويأخذ حرّيته في الكلام، لأننا عادةً في الأسابيع وفي كثير من المناسبات،
يتكلّم بعض الخطباء كلاماً يحرق الأخضر واليابس، وكون الأسبوع أو الحفلة أو
التلفزيون أو الإذاعة لك، لا يعني أنّك حرّ في أن تخلق فتنة مذهبيّة أو طائفيّة،
ولذلك لا بدَّ أن نختار الأشخاص الذين يتكلمون، سواء كانوا مشايخ أو مثقّفين، على
أساس أن لا يثير مشكلة أو فتنة، لأنّ مجتمعنا يعيش على كفّ عفريت نتيجة فوضى
الخطابات التي لا يملك أصحابها ثقافة الأمّة والمجتمع، فلا تسمحوا أن يعتلي المنبر
إلا من يملك مسؤولية المنبر، ومعنى ذلك مسؤوليَّة الأمَّة، لأنّه يكفينا ما عشناه
من فتن بين السنَّة والشّيعة..
أيّها الإخوة، نحن متعبون أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، فلماذا نحن
مولعون بأن نتعب أنفسنا أكثر؟! هذا على مستوى الدنيا، ونتيجتها في الآخرة أقسى، لأن
كل كلمة قالها أحد، فسفك من خلالها الدم، أو أثيرت من خلالها مشكلة، فإنه يتحمّل
مسؤوليّتها. لذلك، علينا أن نعيش همّ المجتمع كما كان النبيّ (ص) يعيشه: {لَقَدْ
جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ
عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.
فلنحرص على بعضنا البعض، ولنتألم لآلام بعضنا البعض، ونحن في شدّة على المستوى
العالمي والإقليمي والمحلّي، وعلينا أن لا نضيف شدّة إلى شدائدنا، فكّروا في الله
قبل أن تفكّروا في عصبيّاتكم وطائفيّاتكم وحزبيّاتكم وأنانيّاتكم، لأنّ الكلّ سوف
يقف أمام الله ليجادل كلّ واحد عن نفسه، فلنستغلّ هذه الفرصة المتبقّية في حياتنا.
عباد الله.. اتقوا الله في نظم أمركم وصلاح ذات بينكم، وتحملوا مسؤوليّتكم في كل ما
تقولون وتفعلون، وخططوا لما تقبلون عليه ولا ترتجلوا المواقف ولا تزرعوا الحقد في
المجتمع، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا، لأنّ الأمم الكافرة والمستكبرة قد
تداعت عليكم من كلّ جانب، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، وعلينا أن نقف في مواجهة
ذلك كلّه كالبنيان المرصوص، ونحن نتلقّى في كلّ يوم تهديداً من هنا وهناك، وتهويلاً
في كلّ قضايانا من خلال الدّول المستكبرة، ولذلك لا بدَّ أن نكون واعين لما عندنا
وحولنا ولما نواجهه من تحدّيات...
*من أرشيف خطب الجمعة العام 2002.
[والله يدعونا إلى اختيار أسلوب اللّين وقول الّتي هي أحسن] في الحياة
الاجتماعيّة الأكثر تعقيداً من الحياة العائليّة، لأنَّ فيها عشائر وطوائف ومذاهب
واتجاهات، ونحن نعرف أنَّ المجتمع عندما يكون متنوّعاً، وخصوصاً إذا تحوّلت
التنوعات إلى عصبيّات، فإنّ الكلمات قد تترك تأثيرها السلبي إذا كانت تنطلق بشكل
خشن. لذلك على الإنسان في المجتمع عندما يعظ أو يخطب، وفي السّهرات أو في حالات
الشدّة، أن يختار كلماته، لأنّ الكلمة في المجتمع المتوتر والمتعصّب مثل عود الثقاب،
عندما تلقيه في البيدر وقت الحصاد، فإنّ البيدر يشتعل، وهكذا عندما تلقيها في مجتمع
الحرائق والتعصّب، فإنها تثير حريقاً سياسياً واجتماعياً ودينياً أو مذهبياً.
وعلى هذا الأساس، علينا أن لا نأخذ حرّيتنا عندما نتكلم، حتى لو كان ما نتكلم به هو
مما نؤمن به ولكنه ضدّ الآخر، وهناك مجتمعات فيها سنّة وشيعة، وفيها أحزاب وفيها
طوائف إسلاميّة ومسيحيّة، وللشيعة وجهة نظر في بعض من يقدِّسهم السنّة، وهكذا
بالنّسبة إلى السنّة، وكذلك بين المسلمين والمسيحيّين، فلا يجوز لأحد أن يتكلّم
كيفما يريد ويأخذ حرّيته في الكلام، لأننا عادةً في الأسابيع وفي كثير من المناسبات،
يتكلّم بعض الخطباء كلاماً يحرق الأخضر واليابس، وكون الأسبوع أو الحفلة أو
التلفزيون أو الإذاعة لك، لا يعني أنّك حرّ في أن تخلق فتنة مذهبيّة أو طائفيّة،
ولذلك لا بدَّ أن نختار الأشخاص الذين يتكلمون، سواء كانوا مشايخ أو مثقّفين، على
أساس أن لا يثير مشكلة أو فتنة، لأنّ مجتمعنا يعيش على كفّ عفريت نتيجة فوضى
الخطابات التي لا يملك أصحابها ثقافة الأمّة والمجتمع، فلا تسمحوا أن يعتلي المنبر
إلا من يملك مسؤولية المنبر، ومعنى ذلك مسؤوليَّة الأمَّة، لأنّه يكفينا ما عشناه
من فتن بين السنَّة والشّيعة..
أيّها الإخوة، نحن متعبون أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، فلماذا نحن
مولعون بأن نتعب أنفسنا أكثر؟! هذا على مستوى الدنيا، ونتيجتها في الآخرة أقسى، لأن
كل كلمة قالها أحد، فسفك من خلالها الدم، أو أثيرت من خلالها مشكلة، فإنه يتحمّل
مسؤوليّتها. لذلك، علينا أن نعيش همّ المجتمع كما كان النبيّ (ص) يعيشه: {لَقَدْ
جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ
عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.
فلنحرص على بعضنا البعض، ولنتألم لآلام بعضنا البعض، ونحن في شدّة على المستوى
العالمي والإقليمي والمحلّي، وعلينا أن لا نضيف شدّة إلى شدائدنا، فكّروا في الله
قبل أن تفكّروا في عصبيّاتكم وطائفيّاتكم وحزبيّاتكم وأنانيّاتكم، لأنّ الكلّ سوف
يقف أمام الله ليجادل كلّ واحد عن نفسه، فلنستغلّ هذه الفرصة المتبقّية في حياتنا.
عباد الله.. اتقوا الله في نظم أمركم وصلاح ذات بينكم، وتحملوا مسؤوليّتكم في كل ما
تقولون وتفعلون، وخططوا لما تقبلون عليه ولا ترتجلوا المواقف ولا تزرعوا الحقد في
المجتمع، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا، لأنّ الأمم الكافرة والمستكبرة قد
تداعت عليكم من كلّ جانب، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، وعلينا أن نقف في مواجهة
ذلك كلّه كالبنيان المرصوص، ونحن نتلقّى في كلّ يوم تهديداً من هنا وهناك، وتهويلاً
في كلّ قضايانا من خلال الدّول المستكبرة، ولذلك لا بدَّ أن نكون واعين لما عندنا
وحولنا ولما نواجهه من تحدّيات...
*من أرشيف خطب الجمعة العام 2002.