كتابات
27/02/2020

الأساس بقاء أميركا في موقع القيادة للعالم!

الأساس بقاء أميركا في موقع القيادة للعالم!

عندما ندرس الاستراتيجيّة السياسيّة للإدارة الأمريكيّة على مستوى حركة علاقاتها بالعالم، نجد أنّ الأساس الذي يحكم هذه السياسة، هو أن تبقى أميركا في موقع القيادة للعالم، على طريقة الإمبراطوريات التاريخيّة، ولكن في شكل معاصر من حيث طبيعة تطوّر الوسائل التي يتحرّك بها الإمبراطور في تأكيد إمبراطوريته. ولذلك، فإن أميركا التي تتحدّث عن الحرّيات وعن الديمقراطيّة وحقوق الإنسان، ليست جادّةً في تأكيد هذه المبادئ في الواقع العالمي، إلا إذا انسجمت مع مصالحها الاقتصاديّة والأمنيّة والسياسيّة.

وهذا ما لاحظناه في كلّ الإدارات الأميركيّة، التي ربما يستثنى منها إدارة الرّئيس "ويلسون" الّذي كان يحاول أن يركّز مبادئه على قاعدة ثقافية إنسانيّة تؤكّد خطوطه الفكريّة في العالم. أما الإدارات الأخرى التي تعاقبت على حكم أميركا، فإنّها وإن كانت تختلف في الوسائل التي تستخدمها، إلا أنها كانت تحافظ على الإستراتيجية نفسها، وذلك منذ الحرب العالمية الثانية التي حاولت فيها أميركا إيقاف الحرب عبر إلقاء القنبلتين الذرّيتين على هيروشيما وناكازاكي، وأبعدت اليابان عن أن تكون في مواقع القوّة العسكرية، بل جمّدت حركتها في المجال الأمني.

وهكذا رأينا الإدارات المتعاقبة تمارس الإستراتيجية نفسها، وحتى عندما تدخّل أيزنهاور في مسألة قناة السويس ضدّ بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، فإنّه كان في تدخّله يتبع الخطّة الأمريكيّة التي كانت تهدف إلى طرد أوروبا وإنهاء سيطرتها على المنطقة، وتأديب إسرائيل لأنها تحرّكت مع أوروبا وبريطانيا وفرنسا، لأنّ أميركا كانت تعدّ نفسها لتكون البديل في المنطقة.

وهذا ما لاحظناه أيضاً في تجربة الرّؤساء "ريغان" و"كلينتون"، والتجربة الدّامية للرئيس بوش الابن، التي أغرقت المنطقة بالحروب، باعتبار أنّ الحرب كانت بالنّسبة إليه هي الخطّ الاستراتيجي الذي يحاول من خلاله تأكيد سيطرة أميركا في المنطقة، وخصوصاً السيطرة على كل منابع النفط في العالم.

ولا ينبغي أن نغفل في هذا المجال ما اعترف به أحد الضبّاط الأمريكيّين الكبار في العراق، بأن احتلال أمريكا للعراق كان للسّيطرة على نفط العراق، وليس مسألة أسلحة الدَّمار الشّامل، أو مسألة صدّام حسين مثلاً، الذي انتهت مهمّته عند أميركا بعدما أن كان عميلاً لها في كلّ تاريخه.

لذلك، فالإستراتيجية الأميركيّة التي تهدف إلى أن تبقى أمريكا مستمرةً في قيادة العالم، لاتزال هي الأساس في علاقاتها بالدول الأخرى، وخصوصاً بعد انتصارها على الاتحاد السوفيتي الذي حاولت أن تحاصره لتضعفه اقتصادياً، ما جعله يسقط اقتصادياً أمام طموحاته التي كان يحاول من خلالها أن يلاحق أميركا ليتوازن معها، فيما كانت أميركا أقوى منه اقتصادياً، وخصوصاً من خلال تحالفاتها مع أوروبا وغيرها.

لذلك، أعتقد أنّ المشروع الأميركي في قضيّة إسقاط كل دولة وكل حركة ممانعة أو مقاومة تستهدف السياسة الأميركية، أو تضرّ بمصالحها، سوف يبقى من أولويّات السياسة الأمريكيّة التي تعمل على تطبيقها بأكثر من وسيلة تبعاً للظروف.

وهذا ما لاحظناه في الدّعم الأميركي لعدوان إسرائيل على لبنان في كلّ المراحل، وصولاً إلى مرحلة عدوان تموز، باعتبار أنَّ الخطّة كانت إسقاط المقاومة الإسلاميّة في لبنان، لأنهم لا يريدون أن تكون هناك أية ممانعة للسياسة الأميركيّة في لبنان، ومع ذلك، أنا أعتقد أنّ أميركا هزمت تكتيكيّاً في مشروعها؛ مشروع الشّرق الأوسط الكبير، وفي أكثر من موقع من مواقع سياستها...

*من حوار مع صحيفة الوطن العربي، العام 2009.

عندما ندرس الاستراتيجيّة السياسيّة للإدارة الأمريكيّة على مستوى حركة علاقاتها بالعالم، نجد أنّ الأساس الذي يحكم هذه السياسة، هو أن تبقى أميركا في موقع القيادة للعالم، على طريقة الإمبراطوريات التاريخيّة، ولكن في شكل معاصر من حيث طبيعة تطوّر الوسائل التي يتحرّك بها الإمبراطور في تأكيد إمبراطوريته. ولذلك، فإن أميركا التي تتحدّث عن الحرّيات وعن الديمقراطيّة وحقوق الإنسان، ليست جادّةً في تأكيد هذه المبادئ في الواقع العالمي، إلا إذا انسجمت مع مصالحها الاقتصاديّة والأمنيّة والسياسيّة.

وهذا ما لاحظناه في كلّ الإدارات الأميركيّة، التي ربما يستثنى منها إدارة الرّئيس "ويلسون" الّذي كان يحاول أن يركّز مبادئه على قاعدة ثقافية إنسانيّة تؤكّد خطوطه الفكريّة في العالم. أما الإدارات الأخرى التي تعاقبت على حكم أميركا، فإنّها وإن كانت تختلف في الوسائل التي تستخدمها، إلا أنها كانت تحافظ على الإستراتيجية نفسها، وذلك منذ الحرب العالمية الثانية التي حاولت فيها أميركا إيقاف الحرب عبر إلقاء القنبلتين الذرّيتين على هيروشيما وناكازاكي، وأبعدت اليابان عن أن تكون في مواقع القوّة العسكرية، بل جمّدت حركتها في المجال الأمني.

وهكذا رأينا الإدارات المتعاقبة تمارس الإستراتيجية نفسها، وحتى عندما تدخّل أيزنهاور في مسألة قناة السويس ضدّ بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، فإنّه كان في تدخّله يتبع الخطّة الأمريكيّة التي كانت تهدف إلى طرد أوروبا وإنهاء سيطرتها على المنطقة، وتأديب إسرائيل لأنها تحرّكت مع أوروبا وبريطانيا وفرنسا، لأنّ أميركا كانت تعدّ نفسها لتكون البديل في المنطقة.

وهذا ما لاحظناه أيضاً في تجربة الرّؤساء "ريغان" و"كلينتون"، والتجربة الدّامية للرئيس بوش الابن، التي أغرقت المنطقة بالحروب، باعتبار أنّ الحرب كانت بالنّسبة إليه هي الخطّ الاستراتيجي الذي يحاول من خلاله تأكيد سيطرة أميركا في المنطقة، وخصوصاً السيطرة على كل منابع النفط في العالم.

ولا ينبغي أن نغفل في هذا المجال ما اعترف به أحد الضبّاط الأمريكيّين الكبار في العراق، بأن احتلال أمريكا للعراق كان للسّيطرة على نفط العراق، وليس مسألة أسلحة الدَّمار الشّامل، أو مسألة صدّام حسين مثلاً، الذي انتهت مهمّته عند أميركا بعدما أن كان عميلاً لها في كلّ تاريخه.

لذلك، فالإستراتيجية الأميركيّة التي تهدف إلى أن تبقى أمريكا مستمرةً في قيادة العالم، لاتزال هي الأساس في علاقاتها بالدول الأخرى، وخصوصاً بعد انتصارها على الاتحاد السوفيتي الذي حاولت أن تحاصره لتضعفه اقتصادياً، ما جعله يسقط اقتصادياً أمام طموحاته التي كان يحاول من خلالها أن يلاحق أميركا ليتوازن معها، فيما كانت أميركا أقوى منه اقتصادياً، وخصوصاً من خلال تحالفاتها مع أوروبا وغيرها.

لذلك، أعتقد أنّ المشروع الأميركي في قضيّة إسقاط كل دولة وكل حركة ممانعة أو مقاومة تستهدف السياسة الأميركية، أو تضرّ بمصالحها، سوف يبقى من أولويّات السياسة الأمريكيّة التي تعمل على تطبيقها بأكثر من وسيلة تبعاً للظروف.

وهذا ما لاحظناه في الدّعم الأميركي لعدوان إسرائيل على لبنان في كلّ المراحل، وصولاً إلى مرحلة عدوان تموز، باعتبار أنَّ الخطّة كانت إسقاط المقاومة الإسلاميّة في لبنان، لأنهم لا يريدون أن تكون هناك أية ممانعة للسياسة الأميركيّة في لبنان، ومع ذلك، أنا أعتقد أنّ أميركا هزمت تكتيكيّاً في مشروعها؛ مشروع الشّرق الأوسط الكبير، وفي أكثر من موقع من مواقع سياستها...

*من حوار مع صحيفة الوطن العربي، العام 2009.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية