أقول لكلِّ أحبّائنا من أبنائنا وإخواننا وأخواتنا في فلسطين: إنَّ الرّهان الإسرائيلي والأمريكي هو أن تسقطوا وأن تسقط إرادتكم في التحرير، وأن تسقط إنسانيّتكم من الانطلاق نحو تأصيل وجودكم الإنساني كشعب يجاهد من أجل أن يشارك في صنع الحضارة والتقدّم الإنساني، ولا سيَّما أنَّ اليهود يعرفون أن الشعب الفلسطيني يمثِّل التحدّي الكبير لمشروعهم في أن يكونوا الشعب المميَّز في المنطقة من الناحية العلميّة، لأنّ من المعلوم لدى الوطن العربي، وامتداداً إلى أكثر من موقع في العالم، أنّ الشعب الفلسطيني يمتاز بأنّه غنيّ بالطلائع العلمية المثقّفة التي تستطيع أن تصنع من هذا التقدّم العلميّ الكثير للمستقبل، بحيث تمثّل الموقع الذي يستطيع أن يخترع ويكتشف ويُبدع ويغني الوطن العربي كلّه، هذا أمر عرفناه منذ الخمسينات، فالشعب الفلسطيني يعتبر من أكثر الشعوب تقدّماً في الوطن العربي.
لذلك، فإنَّ صمودكم منذ الثلاثينات وحتى الآن، سواء في داخل فلسطين أو في العالم، إنما يتمثّل في أن تبقى كلمة فلسطين تتوارثها الأجيال، وكلمة القدس في البال، وهي التحدّي الكبير الذي يمثّل أكثر من صاروخ ينطلق ليقتل كثيراً من العنفوان الإسرائيلي.
لذلك، ليس لديكم ما تخسرونه إلا قيود الأسر، وقد يسقط الكثير من الشّهداء كما سقط الآلاف منذ الانتفاضة وقبلها، وقد يجرح الكثيرون، وقد تدمَّر البيوت، ولكنَّنا نعتقد أنّ الأجيال القادمة سوف تصنع من جديد شعباً مجاهداً منفتحاً، وسوف تزرع الأرض وتعمِّر البيوت وتنطلق الحريّة.
*من أرشيف حوارات سياسية، العام 2004.