كتابات
05/03/2020

متفجّرة بئر العبد بلسان المرجع فضل الله (رض)

متفجّرة بئر العبد بلسان المرجع فضل الله (رض)

كان من المفروض أن أصل إلى مكان وقوف السيارة في اللّحظة نفسها التي انفجرت فيها، ولكنّ ألطاف الله سبحانه وتعالى اقتضت إفشال عمليّتهم الحاقدة، لأنّه حدث في تلك اللّحظة أن جاءت إليّ امرأة مؤمنة، بعد فراغي من صلاة الجماعة للنّساء في يوم الجمعة، وكنت متعباً، فخطر لهذه المرأة بعد أن استخارت الله سبحانه وتعالى، بالطّريقة المعروفة عندنا في الاستخارة، أن تصعد إلى الجامع بعد أن كانت نزلت منه، كي تشاورني في بعض المسائل الشرعيَّة، ولتكلّمني في بعض مشاكلها الخاصَّة، فرفضت في البداية أن أستمع إليها، لأنّني كنت مرهقاً بعد نشاط استمرّ أكثر من خمس ساعات، وطلبت منها أن تأتي إلى منزلي، ولكنَّها أصرَّت إصراراً فوق العادة، فخضعت لذلك وبدأت حديثها.

ولم أكن أعلم أنّ هذه هي مشيئة الله سبحانه وتعالى، وصادف في ذلك الوقت أنّ سيّارة مشابهة لسيارتي جاءت إلى حيث يقع منزلي، وهنا اعتقد الحاقدون الّذين يشرفون على عمليَّة التّفجير، أنّ عمليّة رصدهم قد أعطت مفعولها بدقّة، وأنّ سيّارتي هي التي وصلت في الوقت المحدَّد، وبذلك أطلقوا إشارة التّفجير آنذاك، وكنت لحظتها لاأزال أستمع إلى المرأة في المسجد، ولولا أن جاءت هذه المرأة للكلام معي، لكنت وقت الانفجار في مكانه.

لذلك، فإنّ بعض الإذاعات اللّبنانية المحليّة، أعلنت بعد خمس دقائق من حصول الانفجار أنّني أصبحت تحت الأنقاض، ما يدلّ على أنّ العمليَّة كانت من العمليّات التي خُطّط لها إعلاميّاً كما خطِّط لها أمنياً.

ولاحظت يومذاك أنّ حشداً كبيراً من وسائل الإعلام الغربيَّة والمحليَّة، جاءت تطلب مني أيّ حديث، حتى إنّ التلفزيون الفرنسي طلب حديثاً ولو لمدَّة دقيقة واحدة قبل الحادث، ولاحظت أيضاً أنَّ وسائل الإعلام هذه لاحقتني إلى داخل المسجد لتصوِّر الموقف الّذي سأقوله حسب العادة، وكأنَّ تلك الوسائل الإعلاميَّة أرادت يومذاك تصوير خطبة الجمعة لي، كي تقول للنّاس بعد ذلك، إنَّ هذا آخر ما تحدّثت به، وإنّ هذه آخر صورة لي، باعتبار أنّ المسألة كانت مخطَّطة بشكل دقيق جداً.

لكنّ خطّتهم فشلت بعد أن حصدت مئات الشّهداء والجرحى، حيث بلغ يومذاك عدد شهداء هذا الانفجار المجرم، أكثر من ثمانين شهيداً بين امرأة وشيخ وطفل وجنين، ممن كانوا على أيدي أمّهاتهم وفي بطونهم، إضافةً إلى حوالى مائتي جريح تحوّل البعض منهم إلى معاقين، ولا سيَّما أنّ المنطقة الّتي حصل فيها الانفجار كانت ضيّقة ومزدحمة، في وقت يعود العمال إلى بيوتهم.

وأختم بالكلمة المأثورة عن الإمام عليّ (ع): "كفى بالأجل حارساً"، ونحن عندما اخترنا السّير في هذا الخطّ مع المسلمين المجاهدين، ومع المستضعفين المظلومين، فإنّنا حسبنا كلّ هذه الحسابات في طريق ذات الشّوكة، لأنّنا نعرف أنّ الّذي يقف في مواجهة هذه القوى الّتي تملك كلّ عناصر القوّة الأمنيّة والعسكريّة والاقتصاديّة، فإنّه من الطبيعيّ أن يكون مستعدّاً لأكثر من عمليّة تفجير أو اغتيال أو خطف. ولذلك فإنّنا لسنا معقّدين من ذلك كلّه، ولم يحدث في أيّ حالة أن خلق ذلك في داخلنا الخوف، بل كنّا نزداد نشاطاً وتحدّياً كلّما ازداد المستكبرون عدواناً ووحشيَّة...

*من كتاب "العلامة فضل الله وتحدّي الممنوع".

كان من المفروض أن أصل إلى مكان وقوف السيارة في اللّحظة نفسها التي انفجرت فيها، ولكنّ ألطاف الله سبحانه وتعالى اقتضت إفشال عمليّتهم الحاقدة، لأنّه حدث في تلك اللّحظة أن جاءت إليّ امرأة مؤمنة، بعد فراغي من صلاة الجماعة للنّساء في يوم الجمعة، وكنت متعباً، فخطر لهذه المرأة بعد أن استخارت الله سبحانه وتعالى، بالطّريقة المعروفة عندنا في الاستخارة، أن تصعد إلى الجامع بعد أن كانت نزلت منه، كي تشاورني في بعض المسائل الشرعيَّة، ولتكلّمني في بعض مشاكلها الخاصَّة، فرفضت في البداية أن أستمع إليها، لأنّني كنت مرهقاً بعد نشاط استمرّ أكثر من خمس ساعات، وطلبت منها أن تأتي إلى منزلي، ولكنَّها أصرَّت إصراراً فوق العادة، فخضعت لذلك وبدأت حديثها.

ولم أكن أعلم أنّ هذه هي مشيئة الله سبحانه وتعالى، وصادف في ذلك الوقت أنّ سيّارة مشابهة لسيارتي جاءت إلى حيث يقع منزلي، وهنا اعتقد الحاقدون الّذين يشرفون على عمليَّة التّفجير، أنّ عمليّة رصدهم قد أعطت مفعولها بدقّة، وأنّ سيّارتي هي التي وصلت في الوقت المحدَّد، وبذلك أطلقوا إشارة التّفجير آنذاك، وكنت لحظتها لاأزال أستمع إلى المرأة في المسجد، ولولا أن جاءت هذه المرأة للكلام معي، لكنت وقت الانفجار في مكانه.

لذلك، فإنّ بعض الإذاعات اللّبنانية المحليّة، أعلنت بعد خمس دقائق من حصول الانفجار أنّني أصبحت تحت الأنقاض، ما يدلّ على أنّ العمليَّة كانت من العمليّات التي خُطّط لها إعلاميّاً كما خطِّط لها أمنياً.

ولاحظت يومذاك أنّ حشداً كبيراً من وسائل الإعلام الغربيَّة والمحليَّة، جاءت تطلب مني أيّ حديث، حتى إنّ التلفزيون الفرنسي طلب حديثاً ولو لمدَّة دقيقة واحدة قبل الحادث، ولاحظت أيضاً أنَّ وسائل الإعلام هذه لاحقتني إلى داخل المسجد لتصوِّر الموقف الّذي سأقوله حسب العادة، وكأنَّ تلك الوسائل الإعلاميَّة أرادت يومذاك تصوير خطبة الجمعة لي، كي تقول للنّاس بعد ذلك، إنَّ هذا آخر ما تحدّثت به، وإنّ هذه آخر صورة لي، باعتبار أنّ المسألة كانت مخطَّطة بشكل دقيق جداً.

لكنّ خطّتهم فشلت بعد أن حصدت مئات الشّهداء والجرحى، حيث بلغ يومذاك عدد شهداء هذا الانفجار المجرم، أكثر من ثمانين شهيداً بين امرأة وشيخ وطفل وجنين، ممن كانوا على أيدي أمّهاتهم وفي بطونهم، إضافةً إلى حوالى مائتي جريح تحوّل البعض منهم إلى معاقين، ولا سيَّما أنّ المنطقة الّتي حصل فيها الانفجار كانت ضيّقة ومزدحمة، في وقت يعود العمال إلى بيوتهم.

وأختم بالكلمة المأثورة عن الإمام عليّ (ع): "كفى بالأجل حارساً"، ونحن عندما اخترنا السّير في هذا الخطّ مع المسلمين المجاهدين، ومع المستضعفين المظلومين، فإنّنا حسبنا كلّ هذه الحسابات في طريق ذات الشّوكة، لأنّنا نعرف أنّ الّذي يقف في مواجهة هذه القوى الّتي تملك كلّ عناصر القوّة الأمنيّة والعسكريّة والاقتصاديّة، فإنّه من الطبيعيّ أن يكون مستعدّاً لأكثر من عمليّة تفجير أو اغتيال أو خطف. ولذلك فإنّنا لسنا معقّدين من ذلك كلّه، ولم يحدث في أيّ حالة أن خلق ذلك في داخلنا الخوف، بل كنّا نزداد نشاطاً وتحدّياً كلّما ازداد المستكبرون عدواناً ووحشيَّة...

*من كتاب "العلامة فضل الله وتحدّي الممنوع".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية