من أراد أن يستعبر من التاريخ ويتعلم من رموزه الدينية والفكرية، فما عليه سوى أن يكون موضوعياً وطالباً للحقيقة، متجرداً من هواه وأنانياته و صبيته لمذهب أو شخص، فما نريده في واقعنا، هو إعادة النظر فيما سبقنا من تجارب مشرقة أراد أئمتنا (عليهم السلام) أن نتعلم منها ونواصل السير في خطها، ونعمل على تأكيدها في حياتنا مزيداً من الانفتاح والإفادة العلمية، بما ينسجم مع دعوة الله تعالى لنا بتعزيز لغة التواصل والتسامح.
من الأمثلة والشواهد التاريخية "أبان بن تغلب الكندي الكوفي"، الذي كان من خواص تلامذة الإمام جعفر الصادق (ع)، وقد أمره الإمام أن يجلس للإفتاء في مسجد المدينة، ولأنه والمستفتين كانوا يختلفون في مذاهبهم ومراجعهم، فقد وجهه الإمام إلى أن لا يقتصر على نقل رأي مذهب أهل البيت أو فتاواهم، بل يفتي السائلين حسب مذاهبهم. يقول له الإمام الصادق (ع) : "انظر ما علمت أنه من قولهم فأخبرهم بذلك".
في قصة مشابهة عن تلميذ آخر للإمام جعفر الصادق (ع)، وهو مسلم بن معاذ الهروي، أنه كان يجلس في المسجد ويفتي الناس بأقوال الأئمة جميعاً، حتى قال له يوما الإمام جعفر الصادق (ع): بلغني أنك تجلس في المسجد وتفتي الناس، أجاب نعم، وكنت أود أن أسألك عن ذلك، إذ يأتيني الرجل فـأعرفه على مذهبكم فأفتيه بأقوالكم، ويأتيني الرجل فأعرفه على غير مذهبكم فأفتيه بأقوال مذهبه، ويأتيني الرجل فلا أعرف مذهبه - فأذكر له أقوال الأئمة وأدخل قولكم بين الأقوال، فأشرق وجه سيدنا الإمام جعفر (رضوان الله) عليه وقال: "أحسنت أحسنت هكذا أنا أفعل".
يشار إلى أن الإمام جعفر الصادق (ع) كان إذا طرحت عليه مسألة، ذكر آراء مختلف العلماء فيها، كما ينقل ذلك بإكبار الإمام أبو حنيفة، يقول: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة، إن الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد، فهيئ له من المسائل الشداد، فهيأت له أربعين مسألة، فجعلت ألقي عليه فيجيبني، فيقول: أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا، فربما تابعهم وربما خالفنا جميعاً، حتى أتيت على الأربعين مسألة، ثم قال أبو حنيفة: ألسنا روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس؟".
هكذا كان يتصرف مولانا الإمام الصادق (ع)، وعلمنا أن نكون على شاكلته، ننفتح بكل تسامح على كل ما لدى المذاهب الأخرى من غنى وتنوع، لنؤكد حسن إيماننا، وأخلاقنا وعمق ارتباطنا بالله تعالى، حيث أراد لنا أن نكون المتحضرين المتواصلين المتسامحين، لا نلجأ إلى كهوف وحشيتنا وعصبياتنا وجهلنا وذاتياتنا، ويقذف بعضنا البعض بالكفر والضلال.
المذاهب قوة دفع للفرد كي يحرك فكره نحو الآخر وألا ينغلق عليه ويخنقه، إنه في وجه من وجوهه بعثٌ للإنسان كي يجدّد روحه وتفكيره.
أين نحن كمجتمع إسلامي من هذه الروحية الإنسانية والثقافية والوحدوية العالية؟ وهل تعلَّم المسلمون من أئمتهم؟
نرى كثيراً ونسمع بأساليب وأشكال من التراشق المذهبي والتضليل والتفسيق، دون أدنى اطلاع لما عند الآخر من إيجابيات في مذهبه أو معتقده، ونحكم عليه مباشرة بالانحراف دونما سعي كي ننفتح عليه ونقربه إلى روح الحوار والجدال بالتي هي أحسن، حتى تكون الحقيقة هي الهدف وليست العصبيات التي تثير فينا كل تخلف وابتعاد عن روح الدين وأخلاقياته وآدابه.

من أراد أن يستعبر من التاريخ ويتعلم من رموزه الدينية والفكرية، فما عليه سوى أن يكون موضوعياً وطالباً للحقيقة، متجرداً من هواه وأنانياته و صبيته لمذهب أو شخص، فما نريده في واقعنا، هو إعادة النظر فيما سبقنا من تجارب مشرقة أراد أئمتنا (عليهم السلام) أن نتعلم منها ونواصل السير في خطها، ونعمل على تأكيدها في حياتنا مزيداً من الانفتاح والإفادة العلمية، بما ينسجم مع دعوة الله تعالى لنا بتعزيز لغة التواصل والتسامح.
من الأمثلة والشواهد التاريخية "أبان بن تغلب الكندي الكوفي"، الذي كان من خواص تلامذة الإمام جعفر الصادق (ع)، وقد أمره الإمام أن يجلس للإفتاء في مسجد المدينة، ولأنه والمستفتين كانوا يختلفون في مذاهبهم ومراجعهم، فقد وجهه الإمام إلى أن لا يقتصر على نقل رأي مذهب أهل البيت أو فتاواهم، بل يفتي السائلين حسب مذاهبهم. يقول له الإمام الصادق (ع) : "انظر ما علمت أنه من قولهم فأخبرهم بذلك".
في قصة مشابهة عن تلميذ آخر للإمام جعفر الصادق (ع)، وهو مسلم بن معاذ الهروي، أنه كان يجلس في المسجد ويفتي الناس بأقوال الأئمة جميعاً، حتى قال له يوما الإمام جعفر الصادق (ع): بلغني أنك تجلس في المسجد وتفتي الناس، أجاب نعم، وكنت أود أن أسألك عن ذلك، إذ يأتيني الرجل فـأعرفه على مذهبكم فأفتيه بأقوالكم، ويأتيني الرجل فأعرفه على غير مذهبكم فأفتيه بأقوال مذهبه، ويأتيني الرجل فلا أعرف مذهبه - فأذكر له أقوال الأئمة وأدخل قولكم بين الأقوال، فأشرق وجه سيدنا الإمام جعفر (رضوان الله) عليه وقال: "أحسنت أحسنت هكذا أنا أفعل".
يشار إلى أن الإمام جعفر الصادق (ع) كان إذا طرحت عليه مسألة، ذكر آراء مختلف العلماء فيها، كما ينقل ذلك بإكبار الإمام أبو حنيفة، يقول: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة، إن الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد، فهيئ له من المسائل الشداد، فهيأت له أربعين مسألة، فجعلت ألقي عليه فيجيبني، فيقول: أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا، فربما تابعهم وربما خالفنا جميعاً، حتى أتيت على الأربعين مسألة، ثم قال أبو حنيفة: ألسنا روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس؟".
هكذا كان يتصرف مولانا الإمام الصادق (ع)، وعلمنا أن نكون على شاكلته، ننفتح بكل تسامح على كل ما لدى المذاهب الأخرى من غنى وتنوع، لنؤكد حسن إيماننا، وأخلاقنا وعمق ارتباطنا بالله تعالى، حيث أراد لنا أن نكون المتحضرين المتواصلين المتسامحين، لا نلجأ إلى كهوف وحشيتنا وعصبياتنا وجهلنا وذاتياتنا، ويقذف بعضنا البعض بالكفر والضلال.
المذاهب قوة دفع للفرد كي يحرك فكره نحو الآخر وألا ينغلق عليه ويخنقه، إنه في وجه من وجوهه بعثٌ للإنسان كي يجدّد روحه وتفكيره.
أين نحن كمجتمع إسلامي من هذه الروحية الإنسانية والثقافية والوحدوية العالية؟ وهل تعلَّم المسلمون من أئمتهم؟
نرى كثيراً ونسمع بأساليب وأشكال من التراشق المذهبي والتضليل والتفسيق، دون أدنى اطلاع لما عند الآخر من إيجابيات في مذهبه أو معتقده، ونحكم عليه مباشرة بالانحراف دونما سعي كي ننفتح عليه ونقربه إلى روح الحوار والجدال بالتي هي أحسن، حتى تكون الحقيقة هي الهدف وليست العصبيات التي تثير فينا كل تخلف وابتعاد عن روح الدين وأخلاقياته وآدابه.