جاء في الذكر الحكيم: {
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللّه هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّه عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّه وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[البقرة: 231].
في هذه الآية، نداء للأزواج الَّذين يستغلون الحقّ في الرجوع في العدّة، كوسيلةٍ من وسائل الإضرار بالزوجة... فهو لا يريد أن يرجع إليها ليساكنها ويعاشرها بالمعروف، كما يعيش الزوج مع زوجته بالطريقة الإنسانيَّة السّمحة، بل يحاول أن يضارّها ليجعلها في ما يشبه السّجن من الحياة الزوجيَّة المضغوطة بضغوط العدوان والحقد، وليمنعها من أن تجد لنفسها السَّبيل في حياة جديدة، في تجربة أخرى مع زوج آخر..
وهكذا يتصرّف لينفّس عمّا يحمله في داخله من عوامل الحقد. إنَّ الله يخاطب من يفعل ذلك، بأنه ممن ظلم نفسه بمعصيته ربه؛ لأنَّ في ذلك إثماً وانحرافاً عن خطّ الله، واستهزاءً بآيات الله من ناحية عمليَّة، وإن لم يكن كذلك من ناحية شكليَّة، فإنه لا فرق بين من لا يحترم آيات الله بالكلمة، ومن لا يحترمها بالعمل.
ثُمَّ يذكّرهم الله بنعمته عليهم في ما أولاهم إياه من ضروب النعم، ويثير أمامهم التفكير الواعي في ما أنزله الله عليهم ـ بواسطة أنبيائه ـ من الكتاب الَّذي يهدي الإنسان السَّبيل إلى النّور ويبعده عن الظلمة، ومن الحكمة الَّتي تخلق للإنسان الرؤية الواضحة والفهم المستقيم والوقوف عند العلامات الثابتة للأشياء... ففي ذلك كلّه الموعظة، كلّ الموعظة، الّتي تدعو إلى التقوى، وتدفع إلى النجاة، وتبعث على الشّعور العميق بالرقابة الشاملة الواعية من قبل الله الذي لا بُدَّ للعباد من أن يعلموا أنَّه عليم بكلّ شيء؛ فهو الَّذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السَّماء. وقد يكون في هذا التّأكيد، في ترديد الكلمات الَّتي تعبّر عن ضرورة الالتزام من الوجه الإيجابي والسّلبي، والدَّعوة إلى التَّجاوب مع موعظة الله للإنسان في ذلك كلّه، والدّعوة إلى التقوى واستشعار أثر النعمة في نفسه وفي ما أنزله الله عليه... قد يكون في هذا التأكيد إشارة إلى أنَّ مثل هذه الأمور الَّتي تدخل في النوازع النفسيَّة المعقّدة الَّتي تلتقي بالقيم المنحطّة للإنسان، قد تحتاج إلى جهدٍ كبير في أساليب المعالجة والإصلاح لقوّة تأثيرها في النفس الإنسانية بالمستوى الكبير.
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}، أي وصلن إلى نهايته، فلم يبقَ منه إلاَّ القليل الذي انتهى، وخرجت المرأة من العدّة، {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وذلك بالرجوع إليهن من أجل العودة إلى الرابطة الزوجيَّة، بعد هذه الفترة الَّتي كانت فترة تأمّل ودرس للإيجابيات والسّلبيات واكتشاف الخطأ في الطلاق، لتكون العودة منطلقة من القناعة في ضرورة الدخول في تجربة جديدة مع الزوجة؛ فيعاشرها بالمعروف الَّذي يعبّر عن الأخلاق الحسنة، والرعاية الطيّبة، والعاطفة الحميمة، والرحمة الكريمة، والمودة الروحية... {أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وأطلقوا لها حريتها، الَّتي تتحرّك من خلالها في حياتها، بعيداً عن قيود الزواج ومسؤولياته، لتعود كما كانت قبل الزواج إنسانة حرة في نفسها أو أمام الآخرين. وليكن ذلك بالأسلوب الإنساني الَّذي يمثّل الإحسان في المعاملة، الَّذي يجعل للطّلاق ذكرى طيّبة، كما يحدث ذلك في مشروع الزواج.
{وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا}، أي قصد الإضرار بهن من أجل ابتزازهن مالياً أو الضَّغط عليهن عاطفياً، لمنعهن من الارتباط بعد الطلاق بشخص آخر، أو لتحويل الزواج إلى سجن دائم، أو غير ذلك مما ينطلق من موقع العقدة الذاتية العدوانية... {لِّتَعْتَدُوا} لأنَّ ذلك يمثّل الاعتداء على حريَّة المرأة وكرامتها وإنسانيتها... وهذا مما لا يرضاه اللّه للإنسان؛ فلم يسلّط الإنسان على الإنسان إلاّ بالحقّ.
{وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}، لأنَّه يدفع بها إلى الكثير من التّعقيدات الَّتي قد تعقّد له حياته. فإنَّ الكثير من الحالات الَّتي يوجّه فيها الإنسان الضَّرر للآخرين، قد تنقلب لتؤدي إلى الإضرار به، على طريقة "من حفر بئراً لأخيه أوقعه الله فيها"؛ ولأنَّه يعرّضها لغضب اللّه. {وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللّه هُزُوًا} في الابتعاد عن روحها ومضمونها الإنساني، وحركتها في تحقيق السَّلام للحياة الزوجيَّة، لتحولوها إلى وسائل للإضرار بالآخرين، باستغلال الأشكال القانونيَّة الَّتي تمنحهم الشرعيَّة لما يريدون الوصول إليه، كما لو كان الوضع طبيعياً جدّياً، لا مجال فيه لأيَّة مسؤوليَّة سلبيَّة ضدّهم؛ تماماً كما لو كانوا في مقام الاستهزاء، وذلك بالإيحاء بأنهم منسجمون مع شريعة الله، في الوقت الذي يسقطون كلّ مضمونها الروحي وبعدها الإنساني.
{وَاذْكُرُواْ نِعْمَة اللّه عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ} الَّذي يمثّل الإسلام في الخطّ الفطري والبُعد التطبيقي، فيؤدي بالإنسان إلى الارتفاع إلى المستوى الأعلى في روحيَّته وإنسانيَّته، وفي سعادته في توفير الاستقرار في حياته الفرديَّة والاجتماعيَّة في داخل الحياة الزوجيَّة أو الحياة العامّة، وتحقيق الخير والرفاه والسّلام له... {يَعِظُكُم بِهِ} في الالتزام بأوامره ونواهيه ووصاياه ونصائحه ومناهجه في كلّ قضاياكم العامة أو الخاصة.
{وَاتَّقُواْ اللّه وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}؛ فهو العالم بالغيب، المطّلع على السّرائر، الَّذي يعرف ما تخفي الصّدور، مما قد يفكّر فيه الإنسان بالطَّريقة الَّتي يختلف فيه الباطن عن الظاهر، فيكون ظاهره الأخذ بأسباب الشَّريعة وباطنه الإضرار بالمرأة ـ الزوجة. فليكن لكم الحسّ الإيماني، الَّذي تلتفتون فيه إلى حضور الله معكم ورقابته عليكم، لتتوازنوا في خطواتكم في الدنيا، ولتربحوا جنّة اللّه في الآخرة. [المصدر تفسير من وحي القرآن].
جاء في الذكر الحكيم: {
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللّه هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّه عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّه وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[البقرة: 231].
في هذه الآية، نداء للأزواج الَّذين يستغلون الحقّ في الرجوع في العدّة، كوسيلةٍ من وسائل الإضرار بالزوجة... فهو لا يريد أن يرجع إليها ليساكنها ويعاشرها بالمعروف، كما يعيش الزوج مع زوجته بالطريقة الإنسانيَّة السّمحة، بل يحاول أن يضارّها ليجعلها في ما يشبه السّجن من الحياة الزوجيَّة المضغوطة بضغوط العدوان والحقد، وليمنعها من أن تجد لنفسها السَّبيل في حياة جديدة، في تجربة أخرى مع زوج آخر..
وهكذا يتصرّف لينفّس عمّا يحمله في داخله من عوامل الحقد. إنَّ الله يخاطب من يفعل ذلك، بأنه ممن ظلم نفسه بمعصيته ربه؛ لأنَّ في ذلك إثماً وانحرافاً عن خطّ الله، واستهزاءً بآيات الله من ناحية عمليَّة، وإن لم يكن كذلك من ناحية شكليَّة، فإنه لا فرق بين من لا يحترم آيات الله بالكلمة، ومن لا يحترمها بالعمل.
ثُمَّ يذكّرهم الله بنعمته عليهم في ما أولاهم إياه من ضروب النعم، ويثير أمامهم التفكير الواعي في ما أنزله الله عليهم ـ بواسطة أنبيائه ـ من الكتاب الَّذي يهدي الإنسان السَّبيل إلى النّور ويبعده عن الظلمة، ومن الحكمة الَّتي تخلق للإنسان الرؤية الواضحة والفهم المستقيم والوقوف عند العلامات الثابتة للأشياء... ففي ذلك كلّه الموعظة، كلّ الموعظة، الّتي تدعو إلى التقوى، وتدفع إلى النجاة، وتبعث على الشّعور العميق بالرقابة الشاملة الواعية من قبل الله الذي لا بُدَّ للعباد من أن يعلموا أنَّه عليم بكلّ شيء؛ فهو الَّذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السَّماء. وقد يكون في هذا التّأكيد، في ترديد الكلمات الَّتي تعبّر عن ضرورة الالتزام من الوجه الإيجابي والسّلبي، والدَّعوة إلى التَّجاوب مع موعظة الله للإنسان في ذلك كلّه، والدّعوة إلى التقوى واستشعار أثر النعمة في نفسه وفي ما أنزله الله عليه... قد يكون في هذا التأكيد إشارة إلى أنَّ مثل هذه الأمور الَّتي تدخل في النوازع النفسيَّة المعقّدة الَّتي تلتقي بالقيم المنحطّة للإنسان، قد تحتاج إلى جهدٍ كبير في أساليب المعالجة والإصلاح لقوّة تأثيرها في النفس الإنسانية بالمستوى الكبير.
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}، أي وصلن إلى نهايته، فلم يبقَ منه إلاَّ القليل الذي انتهى، وخرجت المرأة من العدّة، {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وذلك بالرجوع إليهن من أجل العودة إلى الرابطة الزوجيَّة، بعد هذه الفترة الَّتي كانت فترة تأمّل ودرس للإيجابيات والسّلبيات واكتشاف الخطأ في الطلاق، لتكون العودة منطلقة من القناعة في ضرورة الدخول في تجربة جديدة مع الزوجة؛ فيعاشرها بالمعروف الَّذي يعبّر عن الأخلاق الحسنة، والرعاية الطيّبة، والعاطفة الحميمة، والرحمة الكريمة، والمودة الروحية... {أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} وأطلقوا لها حريتها، الَّتي تتحرّك من خلالها في حياتها، بعيداً عن قيود الزواج ومسؤولياته، لتعود كما كانت قبل الزواج إنسانة حرة في نفسها أو أمام الآخرين. وليكن ذلك بالأسلوب الإنساني الَّذي يمثّل الإحسان في المعاملة، الَّذي يجعل للطّلاق ذكرى طيّبة، كما يحدث ذلك في مشروع الزواج.
{وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا}، أي قصد الإضرار بهن من أجل ابتزازهن مالياً أو الضَّغط عليهن عاطفياً، لمنعهن من الارتباط بعد الطلاق بشخص آخر، أو لتحويل الزواج إلى سجن دائم، أو غير ذلك مما ينطلق من موقع العقدة الذاتية العدوانية... {لِّتَعْتَدُوا} لأنَّ ذلك يمثّل الاعتداء على حريَّة المرأة وكرامتها وإنسانيتها... وهذا مما لا يرضاه اللّه للإنسان؛ فلم يسلّط الإنسان على الإنسان إلاّ بالحقّ.
{وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}، لأنَّه يدفع بها إلى الكثير من التّعقيدات الَّتي قد تعقّد له حياته. فإنَّ الكثير من الحالات الَّتي يوجّه فيها الإنسان الضَّرر للآخرين، قد تنقلب لتؤدي إلى الإضرار به، على طريقة "من حفر بئراً لأخيه أوقعه الله فيها"؛ ولأنَّه يعرّضها لغضب اللّه. {وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللّه هُزُوًا} في الابتعاد عن روحها ومضمونها الإنساني، وحركتها في تحقيق السَّلام للحياة الزوجيَّة، لتحولوها إلى وسائل للإضرار بالآخرين، باستغلال الأشكال القانونيَّة الَّتي تمنحهم الشرعيَّة لما يريدون الوصول إليه، كما لو كان الوضع طبيعياً جدّياً، لا مجال فيه لأيَّة مسؤوليَّة سلبيَّة ضدّهم؛ تماماً كما لو كانوا في مقام الاستهزاء، وذلك بالإيحاء بأنهم منسجمون مع شريعة الله، في الوقت الذي يسقطون كلّ مضمونها الروحي وبعدها الإنساني.
{وَاذْكُرُواْ نِعْمَة اللّه عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ} الَّذي يمثّل الإسلام في الخطّ الفطري والبُعد التطبيقي، فيؤدي بالإنسان إلى الارتفاع إلى المستوى الأعلى في روحيَّته وإنسانيَّته، وفي سعادته في توفير الاستقرار في حياته الفرديَّة والاجتماعيَّة في داخل الحياة الزوجيَّة أو الحياة العامّة، وتحقيق الخير والرفاه والسّلام له... {يَعِظُكُم بِهِ} في الالتزام بأوامره ونواهيه ووصاياه ونصائحه ومناهجه في كلّ قضاياكم العامة أو الخاصة.
{وَاتَّقُواْ اللّه وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}؛ فهو العالم بالغيب، المطّلع على السّرائر، الَّذي يعرف ما تخفي الصّدور، مما قد يفكّر فيه الإنسان بالطَّريقة الَّتي يختلف فيه الباطن عن الظاهر، فيكون ظاهره الأخذ بأسباب الشَّريعة وباطنه الإضرار بالمرأة ـ الزوجة. فليكن لكم الحسّ الإيماني، الَّذي تلتفتون فيه إلى حضور الله معكم ورقابته عليكم، لتتوازنوا في خطواتكم في الدنيا، ولتربحوا جنّة اللّه في الآخرة. [المصدر تفسير من وحي القرآن].