مختارات
07/07/2015

الصَّوم الكبير

الصَّوم الكبير

يفرض شهر رمضان أجواءه المميَّزة في المجتمع، حيث يختلف إيقاع الحياة فيه عن الأيَّام الأخرى الرّتيبة، وتفرغ الشّوارع من المارّة في أوقات الإفطار، وتعجّ بالنّاس ليلاً، كما تصدح المآذن بالدّعاء، وتنتشر الزّينة في الأحياء، كلّ ذلك تعبيراً عن تعظيم هذا الشّهر المبارك.

كما يشكّل هذا الشّهر موسماً للتعبّد، حيث يحرص النّاس على الصّلاة وتلاوة القرآن والقيام بالعبادات وقراءة الأدعية المأثورة، سواء خلال النّهار أو في فترة السّحر، حتى إنّ كثيراً من غير الملتزمين دينياً، يغيّرون منهجهم خلال هذا الشّهر، فيؤدّون الفرائض، ويبتعدون عن المحرَّمات، شعوراً منهم بحرمة هذا الشّهر، وانسجاًما مع أجوائه العامّة، وعندما تنقضي أيّام هذا الشّهر، يعود الكثير من النّاس إلى سيرتهم الأولى، حتى كأنّ رمضان بات جزءاً من الطقوس والعادات الّتي يستهلكها المجتمع.

إنَّ التركيز على الأعمال العباديّة في شهر رمضان، هو أمر مستحبّ ومطلوب، لأنَّ هذا الشَّهر هو موسمٌ للعبادة والأجواء الروحيَّة والانفتاح على الله، لكن يجب أن يرتبط ذلك كلّه بالعمل لتحقيق غاية الصَّوم الّتي حدَّدها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، وهي التّقوى: من خلال قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 183]، بما يؤكِّد أنَّ التّقوى هي غايةٌ للصّوم أو نتيجةٌ له، نظراً إلى ما يثيره في داخل الإنسان من الرّقابة الذاتيّة الداخليّة الّتي تمنعه من ممارسة الكثير من عاداته وملذّاته وشهواته، انطلاقاً من شعوره برقابة الله وعظمة هذا الشّهر، لأنّه إن لم يلتفت إلى هذا الهدف، فلن يكون لصيامه أيّ معنى أو فائدة.

وهذا ما يسمّيه المرجع السيّد محمد حسين فضل الله بالصّوم الكبير، حيث يعتبر أنّ التقوى تمثّل بالنّسبة إلى الانسان المسلم "الانضباط أمام ما يريده الله منه وما لا يريده، وذلك بأن لا يفقده الله حيث يريده، ولا يجده حيث ينهاه. وبذلك يكون هذا الصّوم الصّغير مقدِّمةً للصّوم الكبير".

فالتقوى هي الّتي تقرّب الانسان من الله تعالى، والّتي تمثّل إرادته في ترك المعاصي، وليس مجرّد أداء الفرائض دون أن يتعمّق في معانيها ويفهم أبعادها. يقول المرجع فضل الله: "أراد الله سبحانه وتعالى لهذا الشّهر أن يكون شهر التّقوى، وأن يرتفع الإنسان فيه إلى الله ليكون قريباً منه، ولتكون إرادته إرادة الخير والحقّ والعدل، وليقف بين يدي الله سبحانه في إرادة حرّةٍ ينطلق فيها من خلال إيمانه وإسلامه، ومن خلال خوفه من ربّه، ومن خلال اتّباعه لرسوله، فالقضيّة ليست فقط أن تكون لك الإرادة، بل لا بدّ من أن تكون لك الإرادة الخيّرة والمؤمنة والعادلة، حتى تكون الإنسان الّذي يتحرّك في الحياة ليكون خيراً لنفسه ولعياله ولأهله، وخيراً للنّاس من حوله، وخيراً للحياة كلّها".

لقد أراد الله للإنسان في هذا الشَّهر أن يغيّر نفسه، وأن يكون فرصةً له ليدرس نقاط الضَّعف ونقاط القوَّة في داخله، فيعرف السلبيَّات والإيجابيَّات، ويعمل حينها على أن يدرِّب نفسه على الخير والحقّ والعدل، وأن يبتعد في المقابل عن الشّرّ والظّلم والباطل، وأن يصوم عن كلّ المعاصي التي تبعده عن الله وتهوي به في درك الخسران المبين في الدّنيا والآخرة، فبذلك يكون صيامه تامّاً وكاملاً، ويكون قد أدّى ما عليه من الصّوم الصّغير والصّوم الكبير، حتى تكون حياته دائماً في خطِّ مرضاة الله.

* إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

يفرض شهر رمضان أجواءه المميَّزة في المجتمع، حيث يختلف إيقاع الحياة فيه عن الأيَّام الأخرى الرّتيبة، وتفرغ الشّوارع من المارّة في أوقات الإفطار، وتعجّ بالنّاس ليلاً، كما تصدح المآذن بالدّعاء، وتنتشر الزّينة في الأحياء، كلّ ذلك تعبيراً عن تعظيم هذا الشّهر المبارك.

كما يشكّل هذا الشّهر موسماً للتعبّد، حيث يحرص النّاس على الصّلاة وتلاوة القرآن والقيام بالعبادات وقراءة الأدعية المأثورة، سواء خلال النّهار أو في فترة السّحر، حتى إنّ كثيراً من غير الملتزمين دينياً، يغيّرون منهجهم خلال هذا الشّهر، فيؤدّون الفرائض، ويبتعدون عن المحرَّمات، شعوراً منهم بحرمة هذا الشّهر، وانسجاًما مع أجوائه العامّة، وعندما تنقضي أيّام هذا الشّهر، يعود الكثير من النّاس إلى سيرتهم الأولى، حتى كأنّ رمضان بات جزءاً من الطقوس والعادات الّتي يستهلكها المجتمع.

إنَّ التركيز على الأعمال العباديّة في شهر رمضان، هو أمر مستحبّ ومطلوب، لأنَّ هذا الشَّهر هو موسمٌ للعبادة والأجواء الروحيَّة والانفتاح على الله، لكن يجب أن يرتبط ذلك كلّه بالعمل لتحقيق غاية الصَّوم الّتي حدَّدها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، وهي التّقوى: من خلال قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 183]، بما يؤكِّد أنَّ التّقوى هي غايةٌ للصّوم أو نتيجةٌ له، نظراً إلى ما يثيره في داخل الإنسان من الرّقابة الذاتيّة الداخليّة الّتي تمنعه من ممارسة الكثير من عاداته وملذّاته وشهواته، انطلاقاً من شعوره برقابة الله وعظمة هذا الشّهر، لأنّه إن لم يلتفت إلى هذا الهدف، فلن يكون لصيامه أيّ معنى أو فائدة.

وهذا ما يسمّيه المرجع السيّد محمد حسين فضل الله بالصّوم الكبير، حيث يعتبر أنّ التقوى تمثّل بالنّسبة إلى الانسان المسلم "الانضباط أمام ما يريده الله منه وما لا يريده، وذلك بأن لا يفقده الله حيث يريده، ولا يجده حيث ينهاه. وبذلك يكون هذا الصّوم الصّغير مقدِّمةً للصّوم الكبير".

فالتقوى هي الّتي تقرّب الانسان من الله تعالى، والّتي تمثّل إرادته في ترك المعاصي، وليس مجرّد أداء الفرائض دون أن يتعمّق في معانيها ويفهم أبعادها. يقول المرجع فضل الله: "أراد الله سبحانه وتعالى لهذا الشّهر أن يكون شهر التّقوى، وأن يرتفع الإنسان فيه إلى الله ليكون قريباً منه، ولتكون إرادته إرادة الخير والحقّ والعدل، وليقف بين يدي الله سبحانه في إرادة حرّةٍ ينطلق فيها من خلال إيمانه وإسلامه، ومن خلال خوفه من ربّه، ومن خلال اتّباعه لرسوله، فالقضيّة ليست فقط أن تكون لك الإرادة، بل لا بدّ من أن تكون لك الإرادة الخيّرة والمؤمنة والعادلة، حتى تكون الإنسان الّذي يتحرّك في الحياة ليكون خيراً لنفسه ولعياله ولأهله، وخيراً للنّاس من حوله، وخيراً للحياة كلّها".

لقد أراد الله للإنسان في هذا الشَّهر أن يغيّر نفسه، وأن يكون فرصةً له ليدرس نقاط الضَّعف ونقاط القوَّة في داخله، فيعرف السلبيَّات والإيجابيَّات، ويعمل حينها على أن يدرِّب نفسه على الخير والحقّ والعدل، وأن يبتعد في المقابل عن الشّرّ والظّلم والباطل، وأن يصوم عن كلّ المعاصي التي تبعده عن الله وتهوي به في درك الخسران المبين في الدّنيا والآخرة، فبذلك يكون صيامه تامّاً وكاملاً، ويكون قد أدّى ما عليه من الصّوم الصّغير والصّوم الكبير، حتى تكون حياته دائماً في خطِّ مرضاة الله.

* إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبِّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية