يبكي علي السيّد بألمٍ لأنَّ مجموعته لم تنل المرتبة الأولى في تحكيم مباراة المشاريع العلميَّة المدرسيّة 2016. تنهمر الدّموع على خدّيه، وهو ينظر إلى زملائه من غير مجموعات، وقد اعتلوا المنصَّة لتسلّم ميداليّتهم. تسارع المعلّمة للتَّخفيف عن علي. يؤكِّد أنّه عمل جيّداً مع مجموعته على مشروع "مخارج الحروف" لذوي الصّعوبات التعلميّة. تجيب المعلّمة، بعد أن تطبع قبلةً على خدّه: "مشروعك ناجح، لكنّه لم ينل درجة التفوّق". يغمض علي عينيه للحظة، ويجيب: "رح ركّز أكثر في المشروع الثّاني حتى أحصل على التفوّق".
بهذا الإصرار للتفوّق، عمل نحو 120 تلميذاً من تلامذة "مؤسّسة الهادي للإعاقة السمعيّة والبصريّة واضطرابات اللّغة والتواصل"، [إحدى مؤسَّسات جمعية المبرات الخيريّة التي أسَّسها المجدّد الفقيه السيّد محمد حسين فضل الله(رض)]، على مشاريع علميَّة، لمناسبة العشريّة الأولى لمعرض المشاريع، وقدَّموا 39 مشروعاً بإشراف نحو أربعين معلّماً ومعلّمة، بعنوان "عشرة على عشرة".
عرض التّلامذة مشاريعهم أمام لجنة التّحكيم، وتمّ اختيار الفائزين بالمرتبة الأولى، برعاية الأمينة العامة لـ "اللّجنة الوطنيّة للأونيسكو"، البروفيسورة زهيدة درويش جبّور، وبحضور ماري الحاج ممثّلةً وزارة الشؤون الاجتماعيّة، وإلهام قماطي ممثّلةً وزارة التربية والتّعليم العالي، ومدير مؤسَّسة الهادي إسماعيل الزين.
تنتظر التلميذة الكفيفة نور إسماعيل دورها، تقف أمام مشروعها بكلّ ثقة لاستقبال الزائرين. لم تكن نور تعلم أنَّ مشروعها نال مرتبة التفوّق. نور ابنة الصّفّ الثاني ابتدائي، عملت مع مجموعة على مشروع يعرّف الكفيف إلى الكلمات من خلال المربّعات. تشرح نور سهولة الكتابة والإملاء من خلال مشروعها، تتعجَّب درويش لقدرة هذه الفتاة الصّغيرة على التعبير والتكلّم بجرأة، وباللغة الإنكليزيَّة، من دون أن ترتبك.
يحرص مدير المؤسَّسة إسماعيل الزّين على توجيه التّحيّة إلى جميع المشاركين، وسؤالهم عن معنويّاتهم، وتأتي الإجابة موحَّدة، وكأنّهم في صفٍّ واحد: "جاهزين ومعنويّاتنا عالية".
يصرّ علي يونس على جذب انتباه جميع الحضور إلى مشروعه حول فرز النّفايات بواسطة الصّوت والضّوء، معرفاً أنّه في الصّف السّابع أساسيّ، وعمل مع زملائه على المشروع لكشف النفايات العضويّة من النفايات الصّلبة وكيفيّة فرزها.
وعملت مجموعة أخرى من ذوي الحالات الخاصَّة، على جهازٍ لقياس كميّة المتساقطات من الأمطار، وأخرى على "حديقة منمَّطة" تهدي الكفيف.
قُدِّم في المعرض فيلم وثائقيّ عن مشاركة تلامذة "الهادي" في المعارض طوال عشر سنوات، ونيلهم عشرات الجوائز العربيّة والأجنبيّة.
تبدي درويش دهشتها من قدرة هؤلاء التلامذة على تقديم إبداعات، بعدما أنعم الله عليهم بالقدرة والتفوّق على الذات والثّقة بالنّفس، وعلى تميّز الأسرة التّعليميّة بالقدرة على المحبّة والعطاء.
يؤكّد عضو لجنة التحكيم أحمد يونس، أنَّ اللّجنة تشدَّدت كثيراً في اختيار المشاريع، وتمّ التركيز على: "مصادر المعلومات وتعدّدها، تحديد المشكلة، هل طبِّقت الحلول أم لا، الفريق إبداعيّ أم لا، والتّكلفة".
يلفت منسّق المشاريع العلميَّة، سميح جابر، إلى أنَّ الهدف من المشاريع الدّاخليّة، هو التّحضير لمباراة العلوم السنويّة، ولمباراة "الجامعة الأميركيَّة"، ونركّز على كيفيّة شرح التّلميذ الكفيف لموضوعه.
وبعد توزيع الميداليّات الذهبيّة على المتفوّقين، والبرونزيّة على باقي المشاريع، تمَّ تكريم درويش والحاج وقماطي.
*جريدة السَّفير اللّبنانيّة
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبِّر بالضَّرورة عن رأي الموقع، وإنَّما عن وجهة نظر صاحبها.