فمثلُهُ كمثل صفوانٍ عليه ترابٌ..

فمثلُهُ كمثل صفوانٍ عليه ترابٌ..

يتحدّث الله تعالى عن إبطال الصّدقات بالمنّ والأذى، فالإنفاق والعطاء في سبيل الله، يبرز الصّفة الإيمانيّة الّتي من المفترض أن تكون حيّةً ومتجذّرة وعفويّة في نفس المؤمن، وأن يسير بها إلى غاياتها النهائيّة في تقوية مناعة المجتمع، من خلال التّكامل مع الآخرين، ومدّ يد العون إليهم فيما يحتاجونه من أمورٍ ماديّة ومعنويّة تحمي أسس المجتمع من الاهتزاز، وتمنحه المزيد من الثّبات والقوّة.

يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى}. وفي تفسيرها، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "إنَّ الفكرة تتحوّل إلى نداء إلهيّ يستثير صفة الإيمان في نفوس المؤمنين، ليعرّفهم أنّ المنّ والأذى لا يتناسب مع طبيعة هذه الصفة الّتي توحي للمؤمن بأن يحفظ لعمله روحانيّته ومعناه، ويصون لأخيه المؤمن كرامته، ويحذّرهم بأنَّ ذلك يبصل صدقاتهم في ما يريدونه من ثواب".

ويتابع السيّد فضل الله(رض) شرحه: "{كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}، يصف الله هؤلاء المتصدّقين المنّانين المرائين، بأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، لأنّ الإيمان ليس مجرّد كلمة يقولها، أو عمل يعمله، بل هو موقف يستمدّ حركته من الإيمان بالله، كحقيقةٍ تحرِّك كيانه بالدّوافع الروحيّة، وتدفع خطواته إلى الآفاق الرّحبة في مجالات القرب من الله...".

ويضيف: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[البقرة: 264].. إنَّ الله يضرب لهؤلاء المثل، ليعمِّق الفكرة من خلال الصّورة الحسيَّة الّتي توحي بالعمل المتعب الّذي يفقد نتائجه بسرعة في نهاية المطاف... لنضع أمامنا صخراً أملس ينزلق عند الماء بسهولة، ونضع فوقه طبقة رقيقة من التراب. ثم نلقي البذور فيه ونتابعها بالرّعاية والخدمة حتى تنمو.. ثم يهطل المطر الغزير.. ويهطل، فيجرف التربة الّتي تحمل الزرع، فلا يبقى لزارعها شيء مهما بذل من جهد، لأنّ الزرع لا يملك عمقاً له في التربة.. فإنها تقف على الصّخر الأملس الذي لا عمق له مما ينفذ فيه الزرع والماء، إنّ ذلك هو مثل الكافرين الذين يسيرون في خطّ الضّلال، فلا يفسحون المجال لأعمالهم أن تنبت في الأعماق...". [تفسير من وحي القرآن، ج:5، ص:92-94].

وفي تفسير ما تقدَّم من آيات، يقول العلامة الشَّيخ محمد جواد مغنيَّة(رض):

"{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى}. إنَّ اسم الصَّدقة لا يطلَق على بذل المال إلا مع النيّة الخالصة لوجه الله، وما من شكٍّ في أنَّ المنَّ والأذى لا يجتمعان مع الإخلاص في النيّة {كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ}، وهو المنافق الّذي يُبطن غير ما يظهر، {وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ} كي يبذل لوجه الله {وَالْيَوْمِ الآخِرِ}، كي يرجو الأجر والثّواب، {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} حجر أملس {عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} مطر غزير، {فَتَرَكَهُ صَلْداً}، أجرد لا ينبت عليه شيء {لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ} لا ينتفعون شيئاً مما أنفقوا". [التفسير المبين].

وفي تفسير الجلاليْن: "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم}، أي أجورها {بالمنّ والأذى} إبطالاً {كَالَّذِي} أي كإبطال نفقة الّذي {يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ} مرائياً لهم {وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} هو المنافق، {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} حجر أملس {عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} مطر شديد {فَتَرَكَهُ صَلْداً} صلباً أملس لا شيء عليه {لاَّ يَقْدِرُونَ} استئناف لبيان مثل المنافق المُنفق رئاء النّاس، وجمع الضّمير باعتبار معنى الّذي {عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ} عملوا، أي لا يجدون له ثواباً في الآخرة، كما لا يوجد على الصّفوان شيء من التراب الّذي كان عليه لإذهاب المطر {وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}. [تفسير الجلالين، جلال الدّين السيوطي].

من كتاب الله تعالى، نتعلّم روحيّة الإنفاق والعطاء المتجذّرة في العمق، من دون حسابات ومصالح ضيّقة تُفقد أعمالنا قيمتها ومضمونها، بل تتثبَّت في الواقع، وتثمر بركاتٍ على المجتمع برمّته، من خلال الإنفاق المعنويّ بنشر الفضائل والمعارف الحقّة، والإنفاق المادّي للمحتاجين، لتكريس التكافل والتراحم بين الناس.

كما ونتعلّم من السّلف الصّالح من الأنبياء والأولياء والعلماء الربّانيّين، كيف جاهدوا وعملوا وأعطوا كلّ ما لديهم من بركات للجميع من دون حساب، وكانوا يقصدون بذلك وجه الله الكريم.

فلنكن من المنفقين الزّارعين للخير بكلّ عفويّة وبساطة وطهارة، كي نحصد ما زرعناه قرباً ورضًى من الله تعالى.

يتحدّث الله تعالى عن إبطال الصّدقات بالمنّ والأذى، فالإنفاق والعطاء في سبيل الله، يبرز الصّفة الإيمانيّة الّتي من المفترض أن تكون حيّةً ومتجذّرة وعفويّة في نفس المؤمن، وأن يسير بها إلى غاياتها النهائيّة في تقوية مناعة المجتمع، من خلال التّكامل مع الآخرين، ومدّ يد العون إليهم فيما يحتاجونه من أمورٍ ماديّة ومعنويّة تحمي أسس المجتمع من الاهتزاز، وتمنحه المزيد من الثّبات والقوّة.

يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى}. وفي تفسيرها، يقول سماحة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض): "إنَّ الفكرة تتحوّل إلى نداء إلهيّ يستثير صفة الإيمان في نفوس المؤمنين، ليعرّفهم أنّ المنّ والأذى لا يتناسب مع طبيعة هذه الصفة الّتي توحي للمؤمن بأن يحفظ لعمله روحانيّته ومعناه، ويصون لأخيه المؤمن كرامته، ويحذّرهم بأنَّ ذلك يبصل صدقاتهم في ما يريدونه من ثواب".

ويتابع السيّد فضل الله(رض) شرحه: "{كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}، يصف الله هؤلاء المتصدّقين المنّانين المرائين، بأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، لأنّ الإيمان ليس مجرّد كلمة يقولها، أو عمل يعمله، بل هو موقف يستمدّ حركته من الإيمان بالله، كحقيقةٍ تحرِّك كيانه بالدّوافع الروحيّة، وتدفع خطواته إلى الآفاق الرّحبة في مجالات القرب من الله...".

ويضيف: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[البقرة: 264].. إنَّ الله يضرب لهؤلاء المثل، ليعمِّق الفكرة من خلال الصّورة الحسيَّة الّتي توحي بالعمل المتعب الّذي يفقد نتائجه بسرعة في نهاية المطاف... لنضع أمامنا صخراً أملس ينزلق عند الماء بسهولة، ونضع فوقه طبقة رقيقة من التراب. ثم نلقي البذور فيه ونتابعها بالرّعاية والخدمة حتى تنمو.. ثم يهطل المطر الغزير.. ويهطل، فيجرف التربة الّتي تحمل الزرع، فلا يبقى لزارعها شيء مهما بذل من جهد، لأنّ الزرع لا يملك عمقاً له في التربة.. فإنها تقف على الصّخر الأملس الذي لا عمق له مما ينفذ فيه الزرع والماء، إنّ ذلك هو مثل الكافرين الذين يسيرون في خطّ الضّلال، فلا يفسحون المجال لأعمالهم أن تنبت في الأعماق...". [تفسير من وحي القرآن، ج:5، ص:92-94].

وفي تفسير ما تقدَّم من آيات، يقول العلامة الشَّيخ محمد جواد مغنيَّة(رض):

"{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى}. إنَّ اسم الصَّدقة لا يطلَق على بذل المال إلا مع النيّة الخالصة لوجه الله، وما من شكٍّ في أنَّ المنَّ والأذى لا يجتمعان مع الإخلاص في النيّة {كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ}، وهو المنافق الّذي يُبطن غير ما يظهر، {وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ} كي يبذل لوجه الله {وَالْيَوْمِ الآخِرِ}، كي يرجو الأجر والثّواب، {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} حجر أملس {عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} مطر غزير، {فَتَرَكَهُ صَلْداً}، أجرد لا ينبت عليه شيء {لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ} لا ينتفعون شيئاً مما أنفقوا". [التفسير المبين].

وفي تفسير الجلاليْن: "{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم}، أي أجورها {بالمنّ والأذى} إبطالاً {كَالَّذِي} أي كإبطال نفقة الّذي {يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ} مرائياً لهم {وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} هو المنافق، {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} حجر أملس {عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} مطر شديد {فَتَرَكَهُ صَلْداً} صلباً أملس لا شيء عليه {لاَّ يَقْدِرُونَ} استئناف لبيان مثل المنافق المُنفق رئاء النّاس، وجمع الضّمير باعتبار معنى الّذي {عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ} عملوا، أي لا يجدون له ثواباً في الآخرة، كما لا يوجد على الصّفوان شيء من التراب الّذي كان عليه لإذهاب المطر {وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}. [تفسير الجلالين، جلال الدّين السيوطي].

من كتاب الله تعالى، نتعلّم روحيّة الإنفاق والعطاء المتجذّرة في العمق، من دون حسابات ومصالح ضيّقة تُفقد أعمالنا قيمتها ومضمونها، بل تتثبَّت في الواقع، وتثمر بركاتٍ على المجتمع برمّته، من خلال الإنفاق المعنويّ بنشر الفضائل والمعارف الحقّة، والإنفاق المادّي للمحتاجين، لتكريس التكافل والتراحم بين الناس.

كما ونتعلّم من السّلف الصّالح من الأنبياء والأولياء والعلماء الربّانيّين، كيف جاهدوا وعملوا وأعطوا كلّ ما لديهم من بركات للجميع من دون حساب، وكانوا يقصدون بذلك وجه الله الكريم.

فلنكن من المنفقين الزّارعين للخير بكلّ عفويّة وبساطة وطهارة، كي نحصد ما زرعناه قرباً ورضًى من الله تعالى.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية