الله تعالى خلق الأزواج كلّها

الله تعالى خلق الأزواج كلّها

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ}[يس: 36].

تفتتح الآية بتنزيه الله وتسبيحه على قيمومته وقدرته في خلقه العظيم والدّقيق والمتناسق والعجيب في إبداعه ونظامه، بما يدلّ دلالة قاطعة على كمال الله المطلق الّذي لا يتخلّله نقص ولا يدخله عيب، هذا الكمال الذي أبرزه تعالى بخلقه للأزواج من ذكر وأنثى في الناس وفي الحيوانات، وحتى النباتات، وفي بقيّة الأجسام والموجودات، وهذا ما اكتشفه وأكّده العلم الحديث.

أمام هذه الآية، تتحرّك المشاعر الإنسانية والإيمانية، وتقف بخشوع أمام خشية الله والتسليم لعظمته وقدرته، وما تفرضه هذه الخشية على العقول من الانفتاح والتعقل في الآفاق الواسعة، والترفّع عن ضيق النظرة والتفكير، وما تفرضه أيضاً على المشاعر والأحاسيس من الانفتاح على تعظيم الله، بالتقرب إليه بالرّحمة والبرّ وبالخير، بعيداً من العصبيّة وحبّ الذاتيات والأحقاد.

حول هذه الآية المباركة، قال العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):

"{سُبْحَانَ الَّذي خَلَق الأزْوَاجَ كُلَّهَا}، في ما تعنيه كلمة الزوجيّة من الذكورة والأنوثة، أو الجانب الموجب والجانب السالب، في تنوّعها في الشكل والطبيعة والآثار، {مِمَّا تُنبِتُ الأرْضُ} من الثمار والخضروات والورود ونحوها {وَمِنْ أَنفُسِهِمْ} في الرجل والمرأة {وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ} مما خلقه الله من الموجودات التي أودع فيها قانون الزوجيّة، حتى الذرّة التي هي أصغر الأشياء.

إن التطلّع إلى اختلاف الموجودات في أشكالها وعناصرها وصغرها وكبرها، مع ملاحظة وحدتها في هذا القانون الطبيعي الذي تتمثل فيه الوحدة الكونية، لأكبر دليلٍ على عظمة الإبداع في قدرة الخالق وحكمته المطلقة، إذ ترتبط الأشياء ببعضها البعض من خلال حاجة كلّ زوجٍ إلى ما يتّحد معه في حركة الوجود". [تفسير من وحي القرآن، ج 19، ص 147].

وقال الإمام السيّد موسى الصدر حول هذه الآية: "في القرآن الكريم، يلتقي الإنسان بآياتٍ تدهش العقل، لما لها من أفكار ومعان، وحتى معلومات تسبق الزمن... هذه الآية تقول: {مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ}، يعني من كلّ شيء تنبته الأرض، نجد فيه أزواجاً... في جميع النباتات يوجد الزوجان. {وَمِنْ أَنفُسِهِمْ}، إذا كان المقصود بالأنفس البشر، كما هو الظّاهر، فهنا الأمر واضح، {وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} أي من كلّ شيء لا يعلمون أصله، أو تزواجه. وهنا نصل إلى ما اكتشفه العلم حول الذرّة، وما في الذرّة من الطاقات السالبة والموجبة، وتزواج الطاقات السالبة والموجبة هو المكوّن للمادة...

والحقيقة، أنّ معنى الأزواج يتخطّى نطاق الذكورة والأنوثة في الطاقات والموادّ. والقرآن الكريم لا يقف عند كلمة الذكورة والأنوثة، وإنما يتحدّث عن معنى الأزواج. فإن قلنا إن الأزواج ذكر وأنثى، يصحّ أن نقول إنّ الازواج أيضاً سالب وموجب. وعند ذلك، ننتقل إلى المعنويّات الموجودة في العالم، والأحاسيس المتقابلة في البشر الّتي تتجاوز نطاق الذكر والأنثى. فهناك الفاعليّة والانفعاليّة في الأخلاق، وهناك القيادة والانقياد في الموجودات وفي البشر، وهناك العطاء والأخذ في كلّ شيء...

وهنا نقف بخشوع وبإيمان أمام هذه الآية الكريمة، لكي تثبت لنا من جديد أنّ القرآن الكريم كتاب الله، وأنه معجزة من الله، وتوجيه منه..."[أحاديث السّحر].

وقال القرطبي في تفسيره:

"قوله تعالى: {سبحانَ الَّذي خلقَ الأزواجَ كلَّها} نزَّه نفسه سبحانه عن قول الكفّار؛ إذ عبدوا غيره مع ما رأوه من نعمه وآثار قدرته. وفيه تقدير الأمر؛ أي سبّحوه ونزّهوه عمّا لا يليق به. وقيل: فيه معنى التعجّب؛ أي عجباً لهؤلاء في كفرهم مع ما يشاهدونه من هذه الآيات؛ ومن تعجّب من شيء قال: سبحان الله! والأزواج الأنواع والأصناف؛ فكل زوج صنف؛ لأنه مختلف في الألوان والطعوم والأشكال والصغر والكبر، فاختلافها هو ازدواجها. وقال قتادة: يعني الذكر والأنثى. {مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ}، يعني من النبات؛ لأنه أصناف. {وَمِنْ أَنفُسِهِمْ}، يعني وخلق منهم أولاداً أزواجاً ذكوراً وإناثاً. {وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ}، أي من أصناف خلقه في البرّ والبحر والسّماء والأرض. ثم يجوز أن يكون ما يخلقه لا يعلمه البشر وتعلمه الملائكة. ويجوز ألا يعلمه مخلوق. ووجه الاستدلال في هذه الآية، أنه إذا انفرد بالخلق، فلا ينبغي أن يشرَك به". [تفسير القرطبي].

نريد أن نفتح مدارك أجيالنا ومشاعرها على تسبيح الله وتنزيهه من كلّ نقص، وتدبّر آيات عظمته في خلقه للكون والوجود كلّه، وما فيه من إبداع يفوق التصوّر، وأن تتفاعل أجيالنا إيجابيّاً مع الطبيعة والوجود من حولها بالشّكل المطلوب، وبما يؤثّر في أخلاقياتها وتعاملها مع الناس والحق، فتبادر إلى الاستفادة من كلّ وقت وجهد وطاقة، حتى تصحّح هذه العلاقة وتبنيها على أساس العدل والخير والحقّ والمساواة، وأن تكون ساعية نحو الوحدة لا التفريق، ولنبذ الفتن ورفض الظّلم والجهل، وساعية أيضاً إلى التكامل وتأكيد الحقيقة الإيمانية والإنسانية في الواقع مزيداً من التخلق بأخلاق الله تعالى.

قال الله تعالى في كتابه العزيز: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ}[يس: 36].

تفتتح الآية بتنزيه الله وتسبيحه على قيمومته وقدرته في خلقه العظيم والدّقيق والمتناسق والعجيب في إبداعه ونظامه، بما يدلّ دلالة قاطعة على كمال الله المطلق الّذي لا يتخلّله نقص ولا يدخله عيب، هذا الكمال الذي أبرزه تعالى بخلقه للأزواج من ذكر وأنثى في الناس وفي الحيوانات، وحتى النباتات، وفي بقيّة الأجسام والموجودات، وهذا ما اكتشفه وأكّده العلم الحديث.

أمام هذه الآية، تتحرّك المشاعر الإنسانية والإيمانية، وتقف بخشوع أمام خشية الله والتسليم لعظمته وقدرته، وما تفرضه هذه الخشية على العقول من الانفتاح والتعقل في الآفاق الواسعة، والترفّع عن ضيق النظرة والتفكير، وما تفرضه أيضاً على المشاعر والأحاسيس من الانفتاح على تعظيم الله، بالتقرب إليه بالرّحمة والبرّ وبالخير، بعيداً من العصبيّة وحبّ الذاتيات والأحقاد.

حول هذه الآية المباركة، قال العلّامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله(رض):

"{سُبْحَانَ الَّذي خَلَق الأزْوَاجَ كُلَّهَا}، في ما تعنيه كلمة الزوجيّة من الذكورة والأنوثة، أو الجانب الموجب والجانب السالب، في تنوّعها في الشكل والطبيعة والآثار، {مِمَّا تُنبِتُ الأرْضُ} من الثمار والخضروات والورود ونحوها {وَمِنْ أَنفُسِهِمْ} في الرجل والمرأة {وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ} مما خلقه الله من الموجودات التي أودع فيها قانون الزوجيّة، حتى الذرّة التي هي أصغر الأشياء.

إن التطلّع إلى اختلاف الموجودات في أشكالها وعناصرها وصغرها وكبرها، مع ملاحظة وحدتها في هذا القانون الطبيعي الذي تتمثل فيه الوحدة الكونية، لأكبر دليلٍ على عظمة الإبداع في قدرة الخالق وحكمته المطلقة، إذ ترتبط الأشياء ببعضها البعض من خلال حاجة كلّ زوجٍ إلى ما يتّحد معه في حركة الوجود". [تفسير من وحي القرآن، ج 19، ص 147].

وقال الإمام السيّد موسى الصدر حول هذه الآية: "في القرآن الكريم، يلتقي الإنسان بآياتٍ تدهش العقل، لما لها من أفكار ومعان، وحتى معلومات تسبق الزمن... هذه الآية تقول: {مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ}، يعني من كلّ شيء تنبته الأرض، نجد فيه أزواجاً... في جميع النباتات يوجد الزوجان. {وَمِنْ أَنفُسِهِمْ}، إذا كان المقصود بالأنفس البشر، كما هو الظّاهر، فهنا الأمر واضح، {وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} أي من كلّ شيء لا يعلمون أصله، أو تزواجه. وهنا نصل إلى ما اكتشفه العلم حول الذرّة، وما في الذرّة من الطاقات السالبة والموجبة، وتزواج الطاقات السالبة والموجبة هو المكوّن للمادة...

والحقيقة، أنّ معنى الأزواج يتخطّى نطاق الذكورة والأنوثة في الطاقات والموادّ. والقرآن الكريم لا يقف عند كلمة الذكورة والأنوثة، وإنما يتحدّث عن معنى الأزواج. فإن قلنا إن الأزواج ذكر وأنثى، يصحّ أن نقول إنّ الازواج أيضاً سالب وموجب. وعند ذلك، ننتقل إلى المعنويّات الموجودة في العالم، والأحاسيس المتقابلة في البشر الّتي تتجاوز نطاق الذكر والأنثى. فهناك الفاعليّة والانفعاليّة في الأخلاق، وهناك القيادة والانقياد في الموجودات وفي البشر، وهناك العطاء والأخذ في كلّ شيء...

وهنا نقف بخشوع وبإيمان أمام هذه الآية الكريمة، لكي تثبت لنا من جديد أنّ القرآن الكريم كتاب الله، وأنه معجزة من الله، وتوجيه منه..."[أحاديث السّحر].

وقال القرطبي في تفسيره:

"قوله تعالى: {سبحانَ الَّذي خلقَ الأزواجَ كلَّها} نزَّه نفسه سبحانه عن قول الكفّار؛ إذ عبدوا غيره مع ما رأوه من نعمه وآثار قدرته. وفيه تقدير الأمر؛ أي سبّحوه ونزّهوه عمّا لا يليق به. وقيل: فيه معنى التعجّب؛ أي عجباً لهؤلاء في كفرهم مع ما يشاهدونه من هذه الآيات؛ ومن تعجّب من شيء قال: سبحان الله! والأزواج الأنواع والأصناف؛ فكل زوج صنف؛ لأنه مختلف في الألوان والطعوم والأشكال والصغر والكبر، فاختلافها هو ازدواجها. وقال قتادة: يعني الذكر والأنثى. {مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ}، يعني من النبات؛ لأنه أصناف. {وَمِنْ أَنفُسِهِمْ}، يعني وخلق منهم أولاداً أزواجاً ذكوراً وإناثاً. {وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ}، أي من أصناف خلقه في البرّ والبحر والسّماء والأرض. ثم يجوز أن يكون ما يخلقه لا يعلمه البشر وتعلمه الملائكة. ويجوز ألا يعلمه مخلوق. ووجه الاستدلال في هذه الآية، أنه إذا انفرد بالخلق، فلا ينبغي أن يشرَك به". [تفسير القرطبي].

نريد أن نفتح مدارك أجيالنا ومشاعرها على تسبيح الله وتنزيهه من كلّ نقص، وتدبّر آيات عظمته في خلقه للكون والوجود كلّه، وما فيه من إبداع يفوق التصوّر، وأن تتفاعل أجيالنا إيجابيّاً مع الطبيعة والوجود من حولها بالشّكل المطلوب، وبما يؤثّر في أخلاقياتها وتعاملها مع الناس والحق، فتبادر إلى الاستفادة من كلّ وقت وجهد وطاقة، حتى تصحّح هذه العلاقة وتبنيها على أساس العدل والخير والحقّ والمساواة، وأن تكون ساعية نحو الوحدة لا التفريق، ولنبذ الفتن ورفض الظّلم والجهل، وساعية أيضاً إلى التكامل وتأكيد الحقيقة الإيمانية والإنسانية في الواقع مزيداً من التخلق بأخلاق الله تعالى.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية