الغافلون التَّائبون: هل نرحِّب بهم أم نرفضهم؟!

الغافلون التَّائبون: هل نرحِّب بهم أم نرفضهم؟!

يوجِّه الله تعالى رسولَه (ص) وكلَّ الذين يتَّبعونه في خطِّ الرّسالة إلى طريقة التَّعامل مع المؤمنين الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، ولكنَّهم قد تغلبهم أنفسُهم فيعصون الله، وقد تشتبه عليهم الأمور فينحرفون عن خطِّ الاستقامة، وقد يُسْرِفون على أنفسهم فيمتدّون في معصية الله طويلاً، ثمّ ينتبهون إلى أنفسهم ويحاولون العودة إلى الدّرب المستقيم، فيتوبون إلى الله سبحانه ويعودون إليه.. هؤلاء كيف نقابلُهم؟

يوجِّه الله تعالى نبيَّه إلى طريقة التَّعامل معهم، فيقول سبحانه: {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[الأنعام: 54].

كيف يقابلهم النبيُّ (ص) وخلفاء النبيّ من الأئمّة المعصومين (ع) أو الفقهاء الذين يتحمَّلون مسؤوليّة الولاية في كلِّ مواقعها؛ هل يرفضونهم، لأنَّ تاريخهم يغلبُ عليه السّواد؟ هل يقولون لهم، لا مرحباً، لأنَّكم كنتم تشربون الخمر، وتلعبون القمار، وتتحرّكون في مجتمعات الضّلال؟ أم أنَّ الموقف يتطلَّب من النبيّ (ص) ومن بعده الدّعاة إلى الله، مقابلة هؤلاء بالقلب المفتوح، انطلاقاً من الرّحمة الإلهيّة المفتوحة على كلِّ العباد؟

الآية الكريمة تشير إلى هذا المعنى، وهذا أمرٌ يجب أن ينتبه إليه كلُّ الرّساليّين والعاملين في سبيل الله. فإذا كنت ممّن يدعو إلى الله ويعمل في سبيله ويتحمّل مسؤوليّة رسالته، فقلبك ليس ملكَك، ومزاجُك ليس ملكَك في هذا المجال، لأنَّ قلبك هو قلب الرّسالة، ومزاجك هو مزاج الرّسالة، وإذا كان الله سبحانه فتح للنّاس بابَ الرّحمة، فكيف يمكن أن تغلقه عليهم؟ وإذا كان الله كتب على نفسه الرّحمة، فكيف تكتب على نفسك القسوة، وأنتَ تنطلق باسم الله فيما تدَّعيه لنفسك من موقع؟

ولذلك، قال الله لنبيِّه (ص): {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا}، إذا دخل عليك المؤمنون، سواء كانوا أغنياء أو فقراء، أو كانوا من الطّبقات العليا في المجتمع أو السّفلى، وكيفما كانوا {فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ} بادرهم بالسّلام، وأعطهم كلمة السّلام، وأشعرهم بروحيّة السّلام، وانفتح عليهم من خلال علاقة السّلام، قل لهم: {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ}، ليس بيني وبينكم أيّ علاقة فيها شيءٌ من التعقيد والسلبيّة، لأنّكم جئتم من موقع الإيمان.

كلُّ إنسانٍ يأتي من موقع الإيمان، فعلى المؤمنين أن يرحِّبوا به، ويفتحوا له الباب، إذا أراد أن يدخل بابَ السّلام مع الله والرّسول، ويفتحوا له الآفاق التي تُطِلُّ على مواقع رضى الله سبحانه {فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}، ما دمتم جئتم تطلبون رحمة الله، فمرحباً بالّذين يطلبون رحمته، لا على أساس التّمنّيات، ولكن على أساس أنَّ هناك موقفاً خاطئاً يُرادُ تصحيحُه، وطريقاً منحرفاً يُراد تبديله إلى طريقٍ مستقيم، وما دمتم كذلك، اسمعوا كيف تُطِلُّ رحمة الله على مَنْ يتطلَّبها لتشير إلى خطِّ الرّحمة: {أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ}، بعدم علم أو بطيش وسَفَهٍ، أو بحالة عناد لا تختزن الكفر، ولكنَّها تختزن تأثيرات البيئة التي جعلت منه إنساناً معانداً، غافلاً عمّا تختزنه الغفلة من معنى البُعد عن الله...

{ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} تاب وانطلق في خطِّ التوبة العمليّ من خلال العمل الصالح الذي يؤكّد توبتَه وإيمانَه والخطَّ الجديد السّائر باتّجاه مرضاة الله تعالى.

*من كتاب "من عرفان القرآن".

يوجِّه الله تعالى رسولَه (ص) وكلَّ الذين يتَّبعونه في خطِّ الرّسالة إلى طريقة التَّعامل مع المؤمنين الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر، ولكنَّهم قد تغلبهم أنفسُهم فيعصون الله، وقد تشتبه عليهم الأمور فينحرفون عن خطِّ الاستقامة، وقد يُسْرِفون على أنفسهم فيمتدّون في معصية الله طويلاً، ثمّ ينتبهون إلى أنفسهم ويحاولون العودة إلى الدّرب المستقيم، فيتوبون إلى الله سبحانه ويعودون إليه.. هؤلاء كيف نقابلُهم؟

يوجِّه الله تعالى نبيَّه إلى طريقة التَّعامل معهم، فيقول سبحانه: {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[الأنعام: 54].

كيف يقابلهم النبيُّ (ص) وخلفاء النبيّ من الأئمّة المعصومين (ع) أو الفقهاء الذين يتحمَّلون مسؤوليّة الولاية في كلِّ مواقعها؛ هل يرفضونهم، لأنَّ تاريخهم يغلبُ عليه السّواد؟ هل يقولون لهم، لا مرحباً، لأنَّكم كنتم تشربون الخمر، وتلعبون القمار، وتتحرّكون في مجتمعات الضّلال؟ أم أنَّ الموقف يتطلَّب من النبيّ (ص) ومن بعده الدّعاة إلى الله، مقابلة هؤلاء بالقلب المفتوح، انطلاقاً من الرّحمة الإلهيّة المفتوحة على كلِّ العباد؟

الآية الكريمة تشير إلى هذا المعنى، وهذا أمرٌ يجب أن ينتبه إليه كلُّ الرّساليّين والعاملين في سبيل الله. فإذا كنت ممّن يدعو إلى الله ويعمل في سبيله ويتحمّل مسؤوليّة رسالته، فقلبك ليس ملكَك، ومزاجُك ليس ملكَك في هذا المجال، لأنَّ قلبك هو قلب الرّسالة، ومزاجك هو مزاج الرّسالة، وإذا كان الله سبحانه فتح للنّاس بابَ الرّحمة، فكيف يمكن أن تغلقه عليهم؟ وإذا كان الله كتب على نفسه الرّحمة، فكيف تكتب على نفسك القسوة، وأنتَ تنطلق باسم الله فيما تدَّعيه لنفسك من موقع؟

ولذلك، قال الله لنبيِّه (ص): {وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا}، إذا دخل عليك المؤمنون، سواء كانوا أغنياء أو فقراء، أو كانوا من الطّبقات العليا في المجتمع أو السّفلى، وكيفما كانوا {فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ} بادرهم بالسّلام، وأعطهم كلمة السّلام، وأشعرهم بروحيّة السّلام، وانفتح عليهم من خلال علاقة السّلام، قل لهم: {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ}، ليس بيني وبينكم أيّ علاقة فيها شيءٌ من التعقيد والسلبيّة، لأنّكم جئتم من موقع الإيمان.

كلُّ إنسانٍ يأتي من موقع الإيمان، فعلى المؤمنين أن يرحِّبوا به، ويفتحوا له الباب، إذا أراد أن يدخل بابَ السّلام مع الله والرّسول، ويفتحوا له الآفاق التي تُطِلُّ على مواقع رضى الله سبحانه {فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}، ما دمتم جئتم تطلبون رحمة الله، فمرحباً بالّذين يطلبون رحمته، لا على أساس التّمنّيات، ولكن على أساس أنَّ هناك موقفاً خاطئاً يُرادُ تصحيحُه، وطريقاً منحرفاً يُراد تبديله إلى طريقٍ مستقيم، وما دمتم كذلك، اسمعوا كيف تُطِلُّ رحمة الله على مَنْ يتطلَّبها لتشير إلى خطِّ الرّحمة: {أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ}، بعدم علم أو بطيش وسَفَهٍ، أو بحالة عناد لا تختزن الكفر، ولكنَّها تختزن تأثيرات البيئة التي جعلت منه إنساناً معانداً، غافلاً عمّا تختزنه الغفلة من معنى البُعد عن الله...

{ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} تاب وانطلق في خطِّ التوبة العمليّ من خلال العمل الصالح الذي يؤكّد توبتَه وإيمانَه والخطَّ الجديد السّائر باتّجاه مرضاة الله تعالى.

*من كتاب "من عرفان القرآن".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية