مصير الّذين يجعلون لله شركاء

مصير الّذين يجعلون لله شركاء

ونأتي إلى مَنْ يتركون اللهَ ويلجأون إلى غيره، هؤلاء الذين وُضعوا في منصب الشرّكاء لله تعالى.

ومسألة الشركاء قديمة قِدَم التّاريخ، ففي الماضي، صنعوا آلهةً من أحجار وخشب، ورضخوا لآلهةٍ تمثّل ما هو موجودٌ في الظّواهر الكونيّة والطبيعيّة، فكانوا يعبدون مثلاً إلَهَ النّور وإلَه الجمال وإلَه الظّلمة والنّور وما إلى هناك، كما في أساطير الأوّلين من اليونان والإغريق وغيرهم، وعندما جاء الأنبياء برسالات الله لِيُسقِطوا كلَّ هذه الآلهة، ويوجِّهوا النّاسَ لعبادة الله تعالى، استنكروا وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص: 5].

 وما تزال مسألة الشركاء لله قائمة حتّى اليوم، وهي متنوّعة، فمن النّاس مَنْ يتّخذ لنفسه رمزاً يطيعه من دون الله، فينتمي إلى حزبٍ كافر بعقيدته ونهجه وخطِّه، وينكر رسالة الأنبياء واليوم الآخر، ويعتبر أنَّ ذلك من الخرافات، وأنَّ محمّداً (ص) مجرّد مصلح. وهذه الطاعة للحزب تدفعه لأنْ يلتزم بأوامر المشرفين على هذا الحزب، ولا ينطلق من أوامر الله ونواهيه، وهؤلاء ينطلقون من أهوائهم، فيطيعهم في ذلك، ويصبح الحزب هنا شريكاً لله، لأنَّ الله يقول له افعل، والحزب يقول لا تفعل، الحزب يقول اقتل، والله تعالى يقول لا تقتل. وإذا ما سُئِلَ، فيجيب بأنَّه مجبرٌ على الالتزام بأوامر الحزب، لأنَّ له الولاية عليه، والله سبحانه يقول: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ}[الكهف: 44]. هو تعالى وليُّ الكون كلِّه، وقد ميَّز بين النّاس {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}[البقرة: 257]. فإذا كان الطّاغوت وليّاً لهذا الإنسان، فهو مُلْحَقٌ بالكافرين {إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}[النساء : 140]ـ

ومن النّاس أيضاً مَنْ يتّخذ عشيرتَه شريكاً لله، فتقاليد العشيرة تفرض عليه أن يلتزم بما تأمره، وبما يراه الآباءُ والأجداد {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}[البقرة: 170] وينطلق من القاعدة السيّئة {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}[الزّخرف: 22]، ويُقِرُّ بأنَّ الشّريعة تأمر بأمرٍ ما، ولكنَّ العشيرة تخالف ذلك، فهو يُنفِّذ أمرَ العشيرة. ولكن عندما يأمر الله، ويترك أمرَه ليرضخ لقرار العشيرة، فقد جعل العشيرة شريكاً لله تعالى.

والبعض قد تكون زوجته شريكاً لله، أو يكون زوجها شريكاً لله، فالله يأمرها بالحجاب، وزوجها يرفض ذلك، فتطيع زوجها، والله ينهاه عن فعلٍ ما، وزوجته تأمره بمخالفته، فيطيع زوجته، هنا يصبح الزوج والزوجة شريكين لله. ولا تعني الشّراكة في كلِّ ذلك الدّخولَ مع الله في عمليّات ماليّة أو تجاريّة، بل تعني أن نطيعَ الله ونطيع غيرَه في الوقت عينه.

وهكذا، نجد بعض النّاس يرتبط بالزّعامات الإقطاعيّة والاجتماعيّة، وينفّذ تعليماتها وأوامرها على خلاف ما أمر الله، فيتجسَّس، ويقتل، ويوالي، ويعادي، حسب ما يحبّون ويشتهون، فهو بذلك يجعلهم شركاء لله تعالى.

وتنتهي الحياة، ونُقدِم جميعاً على الله، ويُنادى علينا {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطفّفين: 6]، {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للهِ} [الانفطار: 19]، {وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً}[طه: 108]، {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً}[طه : 111] ويُنادى على كلِّ هؤلاء الذي اتّخذوا لله شركاء في الحياة الدّنيا {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}[القصص: 62] أين هؤلاء الذين كنتم تعبدونهم من دوني وتطيعونهم وتخضعون لهم؟ {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} جاء زعماء الأحزاب والعشائر، جاء الأزواج والزوجات، كلُّهم اجتمعوا، بماذا أجابوا {رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}[القصص: 63]، نحن لا نتحمَّل المسؤوليّة، لم نقل أنْ يتّخذونا شركاء لك، ولم نعتبر أنفسنا آلهةً يعبدوننا من دونك...

ويقف الجميع أذلاّء {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} نادوهم ليخلّصوكم ويساعدوكم {وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ}[القصص: 64]، ووجهاً لوجه أمام العذاب ينطلق التمنّي، لو أنَّهم اهتدوا منذ البداية من خلال عقلهم ووعيهم {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}[القصص: 65] أرسلتُ لكم الرُّسلَ ومعهم التعليمات الموجَّهة من قِبَلي إليكم، فماذا أجبتموهم؟ {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ}[القصص: 66] نسوا كلَّ شيء ولا يسأل بعضهم بعضاً شيئاً.

* من كتاب "من عرفان القرآن".

ونأتي إلى مَنْ يتركون اللهَ ويلجأون إلى غيره، هؤلاء الذين وُضعوا في منصب الشرّكاء لله تعالى.

ومسألة الشركاء قديمة قِدَم التّاريخ، ففي الماضي، صنعوا آلهةً من أحجار وخشب، ورضخوا لآلهةٍ تمثّل ما هو موجودٌ في الظّواهر الكونيّة والطبيعيّة، فكانوا يعبدون مثلاً إلَهَ النّور وإلَه الجمال وإلَه الظّلمة والنّور وما إلى هناك، كما في أساطير الأوّلين من اليونان والإغريق وغيرهم، وعندما جاء الأنبياء برسالات الله لِيُسقِطوا كلَّ هذه الآلهة، ويوجِّهوا النّاسَ لعبادة الله تعالى، استنكروا وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص: 5].

 وما تزال مسألة الشركاء لله قائمة حتّى اليوم، وهي متنوّعة، فمن النّاس مَنْ يتّخذ لنفسه رمزاً يطيعه من دون الله، فينتمي إلى حزبٍ كافر بعقيدته ونهجه وخطِّه، وينكر رسالة الأنبياء واليوم الآخر، ويعتبر أنَّ ذلك من الخرافات، وأنَّ محمّداً (ص) مجرّد مصلح. وهذه الطاعة للحزب تدفعه لأنْ يلتزم بأوامر المشرفين على هذا الحزب، ولا ينطلق من أوامر الله ونواهيه، وهؤلاء ينطلقون من أهوائهم، فيطيعهم في ذلك، ويصبح الحزب هنا شريكاً لله، لأنَّ الله يقول له افعل، والحزب يقول لا تفعل، الحزب يقول اقتل، والله تعالى يقول لا تقتل. وإذا ما سُئِلَ، فيجيب بأنَّه مجبرٌ على الالتزام بأوامر الحزب، لأنَّ له الولاية عليه، والله سبحانه يقول: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ}[الكهف: 44]. هو تعالى وليُّ الكون كلِّه، وقد ميَّز بين النّاس {اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}[البقرة: 257]. فإذا كان الطّاغوت وليّاً لهذا الإنسان، فهو مُلْحَقٌ بالكافرين {إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}[النساء : 140]ـ

ومن النّاس أيضاً مَنْ يتّخذ عشيرتَه شريكاً لله، فتقاليد العشيرة تفرض عليه أن يلتزم بما تأمره، وبما يراه الآباءُ والأجداد {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}[البقرة: 170] وينطلق من القاعدة السيّئة {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}[الزّخرف: 22]، ويُقِرُّ بأنَّ الشّريعة تأمر بأمرٍ ما، ولكنَّ العشيرة تخالف ذلك، فهو يُنفِّذ أمرَ العشيرة. ولكن عندما يأمر الله، ويترك أمرَه ليرضخ لقرار العشيرة، فقد جعل العشيرة شريكاً لله تعالى.

والبعض قد تكون زوجته شريكاً لله، أو يكون زوجها شريكاً لله، فالله يأمرها بالحجاب، وزوجها يرفض ذلك، فتطيع زوجها، والله ينهاه عن فعلٍ ما، وزوجته تأمره بمخالفته، فيطيع زوجته، هنا يصبح الزوج والزوجة شريكين لله. ولا تعني الشّراكة في كلِّ ذلك الدّخولَ مع الله في عمليّات ماليّة أو تجاريّة، بل تعني أن نطيعَ الله ونطيع غيرَه في الوقت عينه.

وهكذا، نجد بعض النّاس يرتبط بالزّعامات الإقطاعيّة والاجتماعيّة، وينفّذ تعليماتها وأوامرها على خلاف ما أمر الله، فيتجسَّس، ويقتل، ويوالي، ويعادي، حسب ما يحبّون ويشتهون، فهو بذلك يجعلهم شركاء لله تعالى.

وتنتهي الحياة، ونُقدِم جميعاً على الله، ويُنادى علينا {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطفّفين: 6]، {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ للهِ} [الانفطار: 19]، {وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً}[طه: 108]، {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً}[طه : 111] ويُنادى على كلِّ هؤلاء الذي اتّخذوا لله شركاء في الحياة الدّنيا {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}[القصص: 62] أين هؤلاء الذين كنتم تعبدونهم من دوني وتطيعونهم وتخضعون لهم؟ {قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} جاء زعماء الأحزاب والعشائر، جاء الأزواج والزوجات، كلُّهم اجتمعوا، بماذا أجابوا {رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ}[القصص: 63]، نحن لا نتحمَّل المسؤوليّة، لم نقل أنْ يتّخذونا شركاء لك، ولم نعتبر أنفسنا آلهةً يعبدوننا من دونك...

ويقف الجميع أذلاّء {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} نادوهم ليخلّصوكم ويساعدوكم {وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ}[القصص: 64]، ووجهاً لوجه أمام العذاب ينطلق التمنّي، لو أنَّهم اهتدوا منذ البداية من خلال عقلهم ووعيهم {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}[القصص: 65] أرسلتُ لكم الرُّسلَ ومعهم التعليمات الموجَّهة من قِبَلي إليكم، فماذا أجبتموهم؟ {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنبَاء يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءلُونَ}[القصص: 66] نسوا كلَّ شيء ولا يسأل بعضهم بعضاً شيئاً.

* من كتاب "من عرفان القرآن".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية