الإيمانُ الثَّابتُ في حالتي الشدَّةِ والرَّخاءِ

الإيمانُ الثَّابتُ في حالتي الشدَّةِ والرَّخاءِ

إحدى الصور التي يكرّر القرآن استعراضها، هي صورة البلاء الذي يلاقيه الإنسان عندما يركب البحر، أو يكون في الجوّ..

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ}، بحسب ما سهَّل الله لهذه السفن، وألهم الإنسان المعرفة التي يستطيع من خلالها أن ينظّم حركتها، بمعرفة طبيعة الأمواج، وعناصر القوّة التي يمكن أن تسير بها السفينة.

{لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ}. فالإنسان عندما يبحر، فإنَّه يرى الكثير من آيات الله، وذلك في طبيعة البحر، وعلوّ الأمواج وانخفاضها، وما في البحر من كنوزٍ وحيواناتٍ مائيةٍ وأثمارٍ بحريّةٍ، وما إلى ذلك.

{إِنَّ فِي ذَلِكَ}، أي فيما يعيشه الإنسان من نَظَرٍ إلى آيات الله في البحر، من خلال إبحاره على ظهر السفن {لَآيَاتٍ} على وجود الله وعظمته وتدبيره ورحمته وحكمته {لِّكُلِّ صَبَّارٍ}، لأنَّ السير في البحر يحتاج إلى صبر لفهم نعمة الله وعظمته، والإنسان بحاجة لأن يصبر على ما أراد الله له أن يصبر فيه من خلال بلائه، أو من خلال فهم أسرار عظمته {شَكُورٍ}[لقمان: 31]. فالإنسان الذي يشكر الله، هو الذي ينفتح على نِعَمِ الله وأسرار عظمته سبحانه.

وهؤلاء الذين يكونون على ظهر السّفن {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ}، كانوا في السّفينة، وانطلقت الأمواج كالجبال، وشكَّلت ما يُشبه المظلّة الضّخمة التي تغطّي السّفينة كلَّها، ومن جميع جوانبها، وبدأت تترنَّح بسبب قوَّة الأمواج، فتأخذها يميناً ويساراً، وتكاد أن تنقلب {دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، فليس هناك من ملجأ ولا منجى، ولا أحد يمكن أن ينقذهم من ورطتهم.

ويختصر القرآن المسألة {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ} عادت الأمواج إلى طبيعتها، وسكنت ثورة البحر، ووصلوا إلى الشّاطئ الآمن، واستقبلهم الناس يهنّئونهم على نجاتهم {فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ} يسير في خطِّ الاعتدال {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ}[لقمان: 32]. فالذي يجحد بآيات الله هو الّذي يركب رأسه وينسى ما عاهد الله عليه، فيغدر بكلمته وميثاقه، ويكفر بنعمة الله.

وهذه نقطة يجب أن نفهمها، حتّى نجاهد من أجل تنمية إيماننا، لأنَّ الإيمان على قسمين؛ إيمان مستودَع، وإيمان مستقرّ. فالإيمان المستقرّ هو الذي يجري في كيانك كما يجري الدم في عروقك، وهناك إيمانٌ يعيش في قلبك كما تكون الوديعة في خزانة بيتك، تخرجها عندما تحتاج إليها فقط. فالإيمان المستودَع يزول نتيجة أيّ هزّة تطرأ على حياة الإنسان، لأنّه لم يرسخ ولم يثبت في العقل والقلب.

*من كتاب "من عرفان القرآن".

إحدى الصور التي يكرّر القرآن استعراضها، هي صورة البلاء الذي يلاقيه الإنسان عندما يركب البحر، أو يكون في الجوّ..

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ}، بحسب ما سهَّل الله لهذه السفن، وألهم الإنسان المعرفة التي يستطيع من خلالها أن ينظّم حركتها، بمعرفة طبيعة الأمواج، وعناصر القوّة التي يمكن أن تسير بها السفينة.

{لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ}. فالإنسان عندما يبحر، فإنَّه يرى الكثير من آيات الله، وذلك في طبيعة البحر، وعلوّ الأمواج وانخفاضها، وما في البحر من كنوزٍ وحيواناتٍ مائيةٍ وأثمارٍ بحريّةٍ، وما إلى ذلك.

{إِنَّ فِي ذَلِكَ}، أي فيما يعيشه الإنسان من نَظَرٍ إلى آيات الله في البحر، من خلال إبحاره على ظهر السفن {لَآيَاتٍ} على وجود الله وعظمته وتدبيره ورحمته وحكمته {لِّكُلِّ صَبَّارٍ}، لأنَّ السير في البحر يحتاج إلى صبر لفهم نعمة الله وعظمته، والإنسان بحاجة لأن يصبر على ما أراد الله له أن يصبر فيه من خلال بلائه، أو من خلال فهم أسرار عظمته {شَكُورٍ}[لقمان: 31]. فالإنسان الذي يشكر الله، هو الذي ينفتح على نِعَمِ الله وأسرار عظمته سبحانه.

وهؤلاء الذين يكونون على ظهر السّفن {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ}، كانوا في السّفينة، وانطلقت الأمواج كالجبال، وشكَّلت ما يُشبه المظلّة الضّخمة التي تغطّي السّفينة كلَّها، ومن جميع جوانبها، وبدأت تترنَّح بسبب قوَّة الأمواج، فتأخذها يميناً ويساراً، وتكاد أن تنقلب {دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، فليس هناك من ملجأ ولا منجى، ولا أحد يمكن أن ينقذهم من ورطتهم.

ويختصر القرآن المسألة {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ} عادت الأمواج إلى طبيعتها، وسكنت ثورة البحر، ووصلوا إلى الشّاطئ الآمن، واستقبلهم الناس يهنّئونهم على نجاتهم {فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ} يسير في خطِّ الاعتدال {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ}[لقمان: 32]. فالذي يجحد بآيات الله هو الّذي يركب رأسه وينسى ما عاهد الله عليه، فيغدر بكلمته وميثاقه، ويكفر بنعمة الله.

وهذه نقطة يجب أن نفهمها، حتّى نجاهد من أجل تنمية إيماننا، لأنَّ الإيمان على قسمين؛ إيمان مستودَع، وإيمان مستقرّ. فالإيمان المستقرّ هو الذي يجري في كيانك كما يجري الدم في عروقك، وهناك إيمانٌ يعيش في قلبك كما تكون الوديعة في خزانة بيتك، تخرجها عندما تحتاج إليها فقط. فالإيمان المستودَع يزول نتيجة أيّ هزّة تطرأ على حياة الإنسان، لأنّه لم يرسخ ولم يثبت في العقل والقلب.

*من كتاب "من عرفان القرآن".

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية