لا تُجَاملْ أحداً على حِسَابِ دينِكَ وآخرتِكَ

لا تُجَاملْ أحداً على حِسَابِ دينِكَ وآخرتِكَ

في [القرآن] تأكيد أنَّ المسؤوليَّة فرديَّة أمام الله، فالإنسان عندما يقف أمام الله، فإنَّ عليه أن يحسب أن لا أحد معه حتى الأقرب، وأيّ قربى أقرب من قربى الأب لولده والولد لأبيه، حتى إنّ مسألة القرابات والصَّداقات قد يلمّ بها الإنسان في حياته لتحكم حركة علاقاته، فيما يريد الله للإنسان أن يتحرَّك به في هذه العلاقات.

ولكن عندما تكون أنت نفسك مؤمناً أو كافراً في فكرك وفي عملك وكلامك من عملك، فيما يتحرَّك في خطِ الاستقامة أو الانحراف، فأنت وحدك في لقائك بالله يوم القيامة، وهو وحده.

يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئً}(لقمان: 33)، فإنَّ هناك تقطّعاً في صلات القربى عندما تتعلَّق المسألة بالمسؤوليَّة، ولقد عبَّر القرآن عن هذا المعنى بأكثر من آية، ومنها قوله تعالى: {فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}(المؤمنون: 101)، وقوله تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}(عبس: 34 - 37)، وقوله: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدً}(مريم: 95)، وقوله: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَ}(النّحل: 111)، وقوله: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ* وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى}(النّجم: 39 - 40)، وقوله عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(فاطر: 18).

إنَّ حقيقة هذا المعنى أو هذه الفكرة هي حقيقة إيمانيَّة، ولكن ما هي إيحاءاتها في حركتنا في الواقع؟

إنَّ إيحاءات هذه الفكرة الإيمانيَّة تلخِّص في أن لا تجامل أحداً في الدين، سواء كان هذا الإنسان أباك أو أخاك أو صديقك.

ولربما تفرض عليك هذه العلاقات أن تقدِّم تنازلاً من مالك، أو تقدِّم تنازلاً من مزاجك، أو تقدِّم تنازلاً من بعض أوضاعك، أو تقدِّم تنازلاً من دينك، فتشهد لمصلحة من لا حقّ له لأنّه قريبك، أو تشهد على إنسان له الحقّ لمصلحة صديقك، أو تتَّخذ موقفاً مؤيِّداً لمشروع سياسيّ أو اجتماعيّ أو اقتصاديّ، لأنَّ صاحب المشروع يتَّصل بك بصلة القربى أو بصلة الصَّداقة، فإنَّ هذه الآية تقول لك عندما تتحرَّك في الحياة، فعليك دائماً أن تراقب في حركتك موقفك ذلك اليوم، فلا تنظر إلى الواقع الاجتماعيّ من حولك كيف تراقبه وكيف تجامله، ولكن راقب موقفك وأنت في اللا مجتمع، فحتى المجتمع في يوم القيامة - والله يحشر النَّاس كلهم هناك - يفقد صفته الاجتماعيَّة هناك، لأنَّ المسألة هي أنَّ كلّ واحد يعيش فرديته في حساب المسؤوليَّة، وهذا ما عبّرت عنه الآيات: {فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ}.

وهكذا عندما يحدِّثنا الله عن أجواء القيامة، فإنَّنا نستوحي من ذلك وجود مجتمع متضامن تبقى علاقاته التي كانت في الدّنيا لتمتدّ إلى الآخرة، وهو مجتمع المتَّقين، لأنّ العلاقة في الدنيا قد انطلقت من خلال الآخرة، ولأنها ارتكزت على أساس العلاقة بالله {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}[الزّخرف: 67]. فالمتّقون يتلاقون ويعيشون في جوّ متضامن، إذا صحَّ التعبير عن العلاقة آنذاك، لأنّ الحبّ كان في الله، ولأنَّ البغض كان في الله، ولم تكن الصَّداقة صداقة ذات تبحث عن علاقة مع الذّات، ولكنَّها كانت علاقة إيمانٍ يبحث عن إيمانٍ يتكامل معه ويقوى به ويقويه.

لذلك - أيّها الأحبّة - إنَّ علينا أن نفكّر في هدي هذه الآية، ذلك أنّ قضيّة أن يجامل الوالد ولده في معصية الله، أو أن يجامل الولد والده في معصية الله، فهذه قضيّة ليست واردة في الحساب...

*من كتاب "النّدوة"، ج 4.

في [القرآن] تأكيد أنَّ المسؤوليَّة فرديَّة أمام الله، فالإنسان عندما يقف أمام الله، فإنَّ عليه أن يحسب أن لا أحد معه حتى الأقرب، وأيّ قربى أقرب من قربى الأب لولده والولد لأبيه، حتى إنّ مسألة القرابات والصَّداقات قد يلمّ بها الإنسان في حياته لتحكم حركة علاقاته، فيما يريد الله للإنسان أن يتحرَّك به في هذه العلاقات.

ولكن عندما تكون أنت نفسك مؤمناً أو كافراً في فكرك وفي عملك وكلامك من عملك، فيما يتحرَّك في خطِ الاستقامة أو الانحراف، فأنت وحدك في لقائك بالله يوم القيامة، وهو وحده.

يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئً}(لقمان: 33)، فإنَّ هناك تقطّعاً في صلات القربى عندما تتعلَّق المسألة بالمسؤوليَّة، ولقد عبَّر القرآن عن هذا المعنى بأكثر من آية، ومنها قوله تعالى: {فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}(المؤمنون: 101)، وقوله تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}(عبس: 34 - 37)، وقوله: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدً}(مريم: 95)، وقوله: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَ}(النّحل: 111)، وقوله: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ* وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى}(النّجم: 39 - 40)، وقوله عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(فاطر: 18).

إنَّ حقيقة هذا المعنى أو هذه الفكرة هي حقيقة إيمانيَّة، ولكن ما هي إيحاءاتها في حركتنا في الواقع؟

إنَّ إيحاءات هذه الفكرة الإيمانيَّة تلخِّص في أن لا تجامل أحداً في الدين، سواء كان هذا الإنسان أباك أو أخاك أو صديقك.

ولربما تفرض عليك هذه العلاقات أن تقدِّم تنازلاً من مالك، أو تقدِّم تنازلاً من مزاجك، أو تقدِّم تنازلاً من بعض أوضاعك، أو تقدِّم تنازلاً من دينك، فتشهد لمصلحة من لا حقّ له لأنّه قريبك، أو تشهد على إنسان له الحقّ لمصلحة صديقك، أو تتَّخذ موقفاً مؤيِّداً لمشروع سياسيّ أو اجتماعيّ أو اقتصاديّ، لأنَّ صاحب المشروع يتَّصل بك بصلة القربى أو بصلة الصَّداقة، فإنَّ هذه الآية تقول لك عندما تتحرَّك في الحياة، فعليك دائماً أن تراقب في حركتك موقفك ذلك اليوم، فلا تنظر إلى الواقع الاجتماعيّ من حولك كيف تراقبه وكيف تجامله، ولكن راقب موقفك وأنت في اللا مجتمع، فحتى المجتمع في يوم القيامة - والله يحشر النَّاس كلهم هناك - يفقد صفته الاجتماعيَّة هناك، لأنَّ المسألة هي أنَّ كلّ واحد يعيش فرديته في حساب المسؤوليَّة، وهذا ما عبّرت عنه الآيات: {فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ}.

وهكذا عندما يحدِّثنا الله عن أجواء القيامة، فإنَّنا نستوحي من ذلك وجود مجتمع متضامن تبقى علاقاته التي كانت في الدّنيا لتمتدّ إلى الآخرة، وهو مجتمع المتَّقين، لأنّ العلاقة في الدنيا قد انطلقت من خلال الآخرة، ولأنها ارتكزت على أساس العلاقة بالله {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}[الزّخرف: 67]. فالمتّقون يتلاقون ويعيشون في جوّ متضامن، إذا صحَّ التعبير عن العلاقة آنذاك، لأنّ الحبّ كان في الله، ولأنَّ البغض كان في الله، ولم تكن الصَّداقة صداقة ذات تبحث عن علاقة مع الذّات، ولكنَّها كانت علاقة إيمانٍ يبحث عن إيمانٍ يتكامل معه ويقوى به ويقويه.

لذلك - أيّها الأحبّة - إنَّ علينا أن نفكّر في هدي هذه الآية، ذلك أنّ قضيّة أن يجامل الوالد ولده في معصية الله، أو أن يجامل الولد والده في معصية الله، فهذه قضيّة ليست واردة في الحساب...

*من كتاب "النّدوة"، ج 4.

اقرأ المزيد
نسخ الآية نُسِخ!
تفسير الآية