ما من شيءٍ في هذا الكون الّذي نعلمه، وما يغيب عن حواسِّنا، إلّا ويؤدّي وظيفة الحمد والسّجود والتّسبيح للخالق تعالى، من باب الخشوع والخضوع لعظمة القدرة الإلهيّة، هذا التّسبيح الذي ينزّهه تعالى عن كلّ الصّغائر والمحدوديّات وأفهام البشر، وإذا ما جئنا إلى الفرق بين السجود والتسبيح والحمد، فواضح.
أمّا السّجود، فهو الخضوع أمام كماله المطلق، أو الخضوع أمام نعمه التي لا تعدّ ولا تحصى، وأمَّا الفرق بين الحمد والتّسبيح، فيتلخَّص في أنَّ الحمد تمجيدٌ لله وثناءٌ عليه بالجميل الاختياري، في حين أنَّ التّسبيح هو أنّ موجودات هذا العالم بأجمعها منزّهه عن أي نقص وعيب.
قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: "الحمد لله: الثناء عليه بالفضيلة، وهو أخص من المدح، وأعمّ من الشّكر، فإنّ المدح يقال فيما يكون من الإنسان باختياره وغيره، فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه، كما يمدح ببذل ماله وسخائه وعلمه. والحمد يصبح في الثّاني دون الأوّل، والشّكر لا يقال إلّا في مقابلة نعمة، فكلّ شكر حمد، وليس كلّ حمد شكراً، وكلّ حمد مدح، وليس كلّ مدح حمداً".
تسبيحه وحمده والسّجود له، تعبير واضح وجليّ عن أن كل الموجودات تشترك فيما بينها بهذه الخاصيات التي تتناغم مع توحيد الله وتنزيهه والخضوع له طوعاً أو كرهاً.
فالموجودات الكونية كلّها تؤدي الخضوع والسجود، كما يشير القرآن الكريم إلى ذلك في العديد من الشواهد القرآنيّة، ويعلق عليها العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض) بقوله:
{وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} والتسبيح تعبيرٌ عن الإحساس بالعظمة، وتنزيهه عن كلّ نقص. وبذلك أمكن لكلّ شيءٍ أن يسبّح بحمده بمختلف الوسائل، سواء كان بالكلمة، أو بالصّورة، أو بمظهر العظمة، أو بروعة الإبداع، أو بسرّ المعنى الكبير الكامن فيه. إنه الفرق بين الكلمة التي تسبّح بمدلولها ومعناها، وبين الوجود الذي يسبِّح بحضور الحقيقة فيه.. وهكذا يجد الإنسان في كلّ شيء تجسيداً لتسبيح الله والثناء عليه، بما يدلّ عليه من معاني العظمة والتّنزيه له...
{وَللهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَـواتِ وَالأرْضِ}، بما يمثِّله السّجود من الخضوع المطلق لله على مستوى المظهر في تعفير الجبهة في الأرض، أو في الانقياد الإراديّ لأوامر الله ونواهيه، أو في استجابة الموجودات للنظام الكوني الذي يحكمها في الأرض أو في السّماء. إنّه السّجود الذي ينطلق من مبدأ الخضوع، ولكنّه يتنوّع في مظاهره وأشكاله. {طَوْعًا وَكَرْهًا} لدى المخلوقات التي تملك إرادة تتحرك من خلالها في الحياة، أو لدى الموجودات التي لا تملك الحسّ والعقل والإرادة، فتسير طبقاً للسنن الكونية التي أودعها الله فيها بحكمته". (تفسير من وحي القرآن، ج 13، ص 31- 34).
وفي موضع آخر يقول سماحته:
"{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَـوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}. «سبحانه» كلمةٌ ومضمونٌ تنطق بهما الموجودات كلها، ممن تملك الوعي والإدراك والنطق، وممن لا تملكه، فكل موجود يفصح عن ذلك بمظاهر وجوده وخصائصه الدالة على عظمته وتنزيهه عن كل شريك، ما يوحي بانفراده بكل عناصر العظمة في ذاته. وهذا ما يستوحيه الإنسان عندما يتطلّع إلى السماوات، فيجد فيها تلك العوالم الشاسعة الكبيرة المشتملة على أسرار الإبداع، أو يتطلع إلى الأرض، فيجد فيها الجبال والصحارى والبحار والأنهار، والموجودات الكامنة فيها، والمتحركة على صعيدها أو في أجوائها في ما لا يعرفه الإنسان من الموجودات الخفية... إنه يحس بوجدانه وبفكره كيف تنطق هذه الأكوان والموجودات بعظمة الله، فلا يملك إلا أن يخشع أمام العظمة المطلقة اللامتناهية، ويعترف بأنّ الله ـ هو وحده ـ خالق ذلك كلّه، ولكنّه لا يستطيع أن يدرك عمق هذه التسبيحات الكونية بما تختزنه من أسرار وما تثيره من أفكار، لأننا لم ندرك من ذلك إلّا القليل القليل".(تفسير من وحي القرآن، ج 14، ص 129).
تسبيح الموجودات الكونيّة إشارة قويّة لنا حتى تخشع قلوبنا لذكر الله، وتتمثّل عظمته، فتحمل في داخلها كلّ نبضات الخير والرّحمة والمحبّة، وحتى تخشع عقولنا لله، فلا تقبل إلا الحقّ والفكر السّليم، وحتى تخشع حركتنا ومواقفنا، فلا نلتزم إلّا ما يحفظ الحقوق والمصالح للنّاس كما يرضى تعالى. إنّ تسبيح الله بمعنى تنزيهه عن النّقائص والعيوب، لا بدّ وأن يقابله سموٌّ في نفوسنا عن كلّ الرّذائل والصّغائر والفتن والمفاسد والانحرافات التي تحجنبا عن الله، وأداء شكر أفضاله الّتي لا تحصى علينا.
ما من شيءٍ في هذا الكون الّذي نعلمه، وما يغيب عن حواسِّنا، إلّا ويؤدّي وظيفة الحمد والسّجود والتّسبيح للخالق تعالى، من باب الخشوع والخضوع لعظمة القدرة الإلهيّة، هذا التّسبيح الذي ينزّهه تعالى عن كلّ الصّغائر والمحدوديّات وأفهام البشر، وإذا ما جئنا إلى الفرق بين السجود والتسبيح والحمد، فواضح.
أمّا السّجود، فهو الخضوع أمام كماله المطلق، أو الخضوع أمام نعمه التي لا تعدّ ولا تحصى، وأمَّا الفرق بين الحمد والتّسبيح، فيتلخَّص في أنَّ الحمد تمجيدٌ لله وثناءٌ عليه بالجميل الاختياري، في حين أنَّ التّسبيح هو أنّ موجودات هذا العالم بأجمعها منزّهه عن أي نقص وعيب.
قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: "الحمد لله: الثناء عليه بالفضيلة، وهو أخص من المدح، وأعمّ من الشّكر، فإنّ المدح يقال فيما يكون من الإنسان باختياره وغيره، فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه، كما يمدح ببذل ماله وسخائه وعلمه. والحمد يصبح في الثّاني دون الأوّل، والشّكر لا يقال إلّا في مقابلة نعمة، فكلّ شكر حمد، وليس كلّ حمد شكراً، وكلّ حمد مدح، وليس كلّ مدح حمداً".
تسبيحه وحمده والسّجود له، تعبير واضح وجليّ عن أن كل الموجودات تشترك فيما بينها بهذه الخاصيات التي تتناغم مع توحيد الله وتنزيهه والخضوع له طوعاً أو كرهاً.
فالموجودات الكونية كلّها تؤدي الخضوع والسجود، كما يشير القرآن الكريم إلى ذلك في العديد من الشواهد القرآنيّة، ويعلق عليها العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رض) بقوله:
{وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} والتسبيح تعبيرٌ عن الإحساس بالعظمة، وتنزيهه عن كلّ نقص. وبذلك أمكن لكلّ شيءٍ أن يسبّح بحمده بمختلف الوسائل، سواء كان بالكلمة، أو بالصّورة، أو بمظهر العظمة، أو بروعة الإبداع، أو بسرّ المعنى الكبير الكامن فيه. إنه الفرق بين الكلمة التي تسبّح بمدلولها ومعناها، وبين الوجود الذي يسبِّح بحضور الحقيقة فيه.. وهكذا يجد الإنسان في كلّ شيء تجسيداً لتسبيح الله والثناء عليه، بما يدلّ عليه من معاني العظمة والتّنزيه له...
{وَللهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَـواتِ وَالأرْضِ}، بما يمثِّله السّجود من الخضوع المطلق لله على مستوى المظهر في تعفير الجبهة في الأرض، أو في الانقياد الإراديّ لأوامر الله ونواهيه، أو في استجابة الموجودات للنظام الكوني الذي يحكمها في الأرض أو في السّماء. إنّه السّجود الذي ينطلق من مبدأ الخضوع، ولكنّه يتنوّع في مظاهره وأشكاله. {طَوْعًا وَكَرْهًا} لدى المخلوقات التي تملك إرادة تتحرك من خلالها في الحياة، أو لدى الموجودات التي لا تملك الحسّ والعقل والإرادة، فتسير طبقاً للسنن الكونية التي أودعها الله فيها بحكمته". (تفسير من وحي القرآن، ج 13، ص 31- 34).
وفي موضع آخر يقول سماحته:
"{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَـوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}. «سبحانه» كلمةٌ ومضمونٌ تنطق بهما الموجودات كلها، ممن تملك الوعي والإدراك والنطق، وممن لا تملكه، فكل موجود يفصح عن ذلك بمظاهر وجوده وخصائصه الدالة على عظمته وتنزيهه عن كل شريك، ما يوحي بانفراده بكل عناصر العظمة في ذاته. وهذا ما يستوحيه الإنسان عندما يتطلّع إلى السماوات، فيجد فيها تلك العوالم الشاسعة الكبيرة المشتملة على أسرار الإبداع، أو يتطلع إلى الأرض، فيجد فيها الجبال والصحارى والبحار والأنهار، والموجودات الكامنة فيها، والمتحركة على صعيدها أو في أجوائها في ما لا يعرفه الإنسان من الموجودات الخفية... إنه يحس بوجدانه وبفكره كيف تنطق هذه الأكوان والموجودات بعظمة الله، فلا يملك إلا أن يخشع أمام العظمة المطلقة اللامتناهية، ويعترف بأنّ الله ـ هو وحده ـ خالق ذلك كلّه، ولكنّه لا يستطيع أن يدرك عمق هذه التسبيحات الكونية بما تختزنه من أسرار وما تثيره من أفكار، لأننا لم ندرك من ذلك إلّا القليل القليل".(تفسير من وحي القرآن، ج 14، ص 129).
تسبيح الموجودات الكونيّة إشارة قويّة لنا حتى تخشع قلوبنا لذكر الله، وتتمثّل عظمته، فتحمل في داخلها كلّ نبضات الخير والرّحمة والمحبّة، وحتى تخشع عقولنا لله، فلا تقبل إلا الحقّ والفكر السّليم، وحتى تخشع حركتنا ومواقفنا، فلا نلتزم إلّا ما يحفظ الحقوق والمصالح للنّاس كما يرضى تعالى. إنّ تسبيح الله بمعنى تنزيهه عن النّقائص والعيوب، لا بدّ وأن يقابله سموٌّ في نفوسنا عن كلّ الرّذائل والصّغائر والفتن والمفاسد والانحرافات التي تحجنبا عن الله، وأداء شكر أفضاله الّتي لا تحصى علينا.