"لا راحة لحسود".
بهذه الكلمات القليلة، شخَّص أمير البلاغة والكلام، الإمام عليّ بن أبي طالب(ع)، حالة الإنسان الحسود، الّذي يقضي عمره متعباً، وهو يحمل عبء المشاعر المثقلة بالغضب والنّقمة على كلّ صاحب نعمة.
ولمن يفقه باللّغة، فإنَّ "لا" هنا هي النّافية للجنس، الّتي تنفي الخبر نفياً مطلقاً، أي أنَّ الإمام(ع) يبيّن بلغة الخبير العارف الجازم، أنَّ مثل هؤلاء الأشخاص لا يدركون الرّاحة في حياتهم، ويعيشون بعيداً منها ومن الاستقرار النّفسيّ والعافية الرّوحيّة، طالما تستمرّ هذه المشاعر في السّيطرة عليهم والتحكّم بهم.
وهم بمرضهم هذا وبتخبّطهم النّفسيّ، يؤذون أنفسهم قبل أن يؤذوا الآخرين، ويقضون العمر مضطربين حانقين، يبحثون عمّا يشفي غليلهم، مفترضين أنَّ سعادتهم تكمن في نزع السّعادة والنّعمة عن الآخرين، بدلاً من أن يبحثوا عن مكامن سعادتهم، ويركّزوا على ما وهبهم الله إيّاه من نعمٍ كثيرة، ومن سبل الحصول على نعم جديدة. ولذلك قال الإمام الحسن(ع): "ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد".
ولو قضى الحسود الوقت الّذي ينشغل فيه بالحنق على الآخرين وتمنّي زوال نعمتهم، بالتَّفكير في حياته وسبل سعادته والرّضا بما أعطاه الله، لوجد أنَّ الله يسهِّل له حياته، وقد يدركه من النِّعم الّتي يحسد الآخرين عليها الكثير، ولشعر بالأمن والسَّكينة، وبلذَّة المؤازرة الإنسانيَّة والحبّ، وجمال تمنّي الخير للنَّاس، والشّعور بالعمق الإنسانيّ في داخله، ولتمنّى لكلّ النّاس دوام نعمهم، ليديم الله له نعمه، أو ليعطيه ممّا أعطاهم.
ثمّ، فيما يتعلَّق بالمؤمنين؛ أليس الحسد يناقض الإيمان ويخالفه؟ {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ}. إنَّ المؤمن هو الّذي يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه، ويكره له ما يكره لها، هو الّذي يتمنّى لأخوانه كلّ الخير الّذي يتمنّاه لنفسه، وبغير ذلك، يُنتقَص من إيمانه، وقد قالها رسول الله(ص): "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب".
أمَّا المحسود، فعلى الرّغم من مشاعر الكرب والضّيق التي يشعر بها وعيون الحسود تلاحقه، ومشاعره تتمنّى زوال النّعمة عنه، إلّا أنّ أحسن ما يمكن أن يقوم به، هو تجاهله وتجاهل ما يحمله من نظرات الحسد، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وأن يضع عينه بعين الله، ويتذكَّر كلام الشَّاعر:
اصبرْ على مضضِ الحسو دِ فإنَّ صبرَكَ قاتلُه
فالنّارُ تأكلُ بعضَها إن لم تجدْ ما تأكلُه
وليردِّد دائماً قول الله سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِن شَرِّ مَا خَلَقَ* وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ* وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ* وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.
"لا راحة لحسود".
بهذه الكلمات القليلة، شخَّص أمير البلاغة والكلام، الإمام عليّ بن أبي طالب(ع)، حالة الإنسان الحسود، الّذي يقضي عمره متعباً، وهو يحمل عبء المشاعر المثقلة بالغضب والنّقمة على كلّ صاحب نعمة.
ولمن يفقه باللّغة، فإنَّ "لا" هنا هي النّافية للجنس، الّتي تنفي الخبر نفياً مطلقاً، أي أنَّ الإمام(ع) يبيّن بلغة الخبير العارف الجازم، أنَّ مثل هؤلاء الأشخاص لا يدركون الرّاحة في حياتهم، ويعيشون بعيداً منها ومن الاستقرار النّفسيّ والعافية الرّوحيّة، طالما تستمرّ هذه المشاعر في السّيطرة عليهم والتحكّم بهم.
وهم بمرضهم هذا وبتخبّطهم النّفسيّ، يؤذون أنفسهم قبل أن يؤذوا الآخرين، ويقضون العمر مضطربين حانقين، يبحثون عمّا يشفي غليلهم، مفترضين أنَّ سعادتهم تكمن في نزع السّعادة والنّعمة عن الآخرين، بدلاً من أن يبحثوا عن مكامن سعادتهم، ويركّزوا على ما وهبهم الله إيّاه من نعمٍ كثيرة، ومن سبل الحصول على نعم جديدة. ولذلك قال الإمام الحسن(ع): "ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد".
ولو قضى الحسود الوقت الّذي ينشغل فيه بالحنق على الآخرين وتمنّي زوال نعمتهم، بالتَّفكير في حياته وسبل سعادته والرّضا بما أعطاه الله، لوجد أنَّ الله يسهِّل له حياته، وقد يدركه من النِّعم الّتي يحسد الآخرين عليها الكثير، ولشعر بالأمن والسَّكينة، وبلذَّة المؤازرة الإنسانيَّة والحبّ، وجمال تمنّي الخير للنَّاس، والشّعور بالعمق الإنسانيّ في داخله، ولتمنّى لكلّ النّاس دوام نعمهم، ليديم الله له نعمه، أو ليعطيه ممّا أعطاهم.
ثمّ، فيما يتعلَّق بالمؤمنين؛ أليس الحسد يناقض الإيمان ويخالفه؟ {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ}. إنَّ المؤمن هو الّذي يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه، ويكره له ما يكره لها، هو الّذي يتمنّى لأخوانه كلّ الخير الّذي يتمنّاه لنفسه، وبغير ذلك، يُنتقَص من إيمانه، وقد قالها رسول الله(ص): "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب".
أمَّا المحسود، فعلى الرّغم من مشاعر الكرب والضّيق التي يشعر بها وعيون الحسود تلاحقه، ومشاعره تتمنّى زوال النّعمة عنه، إلّا أنّ أحسن ما يمكن أن يقوم به، هو تجاهله وتجاهل ما يحمله من نظرات الحسد، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وأن يضع عينه بعين الله، ويتذكَّر كلام الشَّاعر:
اصبرْ على مضضِ الحسو دِ فإنَّ صبرَكَ قاتلُه
فالنّارُ تأكلُ بعضَها إن لم تجدْ ما تأكلُه
وليردِّد دائماً قول الله سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِن شَرِّ مَا خَلَقَ* وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ* وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ* وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.
إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي الموقع، وإنّما عن وجهة نظر صاحبها.