"يَا مَنْ ذِكْرُهُ شَرَفٌ للذّاكِرين، وَيَا مَنْ شُكْرُهُ فَوْزٌ للشّاكِرِينَ،
وَيَا مَنْ طَاعَتُهُ نجاةٌ للْمُطِيعينَ، صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، واشْغَلْ
قُلُوبَنَا بِذِكْرِكَ عَنْ كُلِّ ذِكْرٍ، وألْسِنَتَنا بِشُكْرِكَ عَنْ كُلِّ
شُكْرٍ، وجَوَارِحَنَا بِطاعَتِكَ عَنْ كُلِّ طَاعَةٍ".
* * *
يا ربّ، إننا نتطلّع إلى الانفتاح عليك في مقام ربوبيّتك من موقع عبوديتنا لك،
انفتاح وعي ومحبّة وإقرار وحركة، لأننا نؤمن بأنَّ القرب إليك في عمق الإحساس
بحضورك في قلوبنا، هو الشرف كلّ الشرف، لأن ذلك يمنحنا حالة السموّ الروحيّ
بالارتفاع إليك، والعيش في رحاب قدسك، والاستغراق في آفاق عظمتك، حيث يحتضن القلب
سرّ محبّتك، ويتضاءل الفكر أمام امتداد الغيب في معنى ذاتك، وتعيش الروح حلاوة
معناك.
وهذا ما يجعلنا ندرك سرّ الذكر في معنى الشرف، لأنّ الذكر ليس كلمةً ينطق بها
اللسان، ولكنها فكرة يخفق بها القلب، وينطلق بها العقل، ويهتزّ بها الإحساس. إنه
أنت في عظمة ذاتك، عندما نتحسّسها في كل قطرةٍ من دمائنا، وكلّ عَصَبٍ من أعصابنا،
وكل لفتةٍ من أبصارنا، وكل همسةٍ في أسماعنا، وكل كلمة في شفاهنا، أو إشراقةٍ في
وجوهنا، أو حركةٍ في أعضائنا، وكل حكمة الخلق في كياننا كله.
أن نذكرك، أن نحسّ بوجودنا المستمدّ من وجودك، المتقلّب في تدبيرك، المتحرك في
قدرتك، المتطوّر في لطفك ورحمتك. وهل يستطيع الصدى أن ينفصل عن الصوت، والظل عن
النور؟ وكيف يمكن لوعينا الإنساني الوجود أن يغفل عنك، وأنت سرّ الوجود فيه، ومعنى
القوة في حقيقته؟
"يا من ذكره شرفٌ للذاكرين"، ذكر القلب في كل نبضاته وخفقاته وعمقه وامتداده، أمّا
ذكر اللسان، فقيمته بالمعنى الذي يعيشه القلب في الكلمة التي ينطلق بها، وإلا كان
لغواً، وبذلك كان الحضور الإلهي في الذات هو سرّ الذكر، بحيث نشعر بأنك حاضرٌ في كل
وجودنا، محيط بنا من بين أيدينا وفي داخل كياننا، فلا مجال لأيّ فراغ في حياتنا منك،
لأنك الذي يملأ الوجود كله، حتى كأن الوجود أنت، وكل ما عداك خيال وظلال، وهذا الذي
يجعل من الذكر معنىً في العمل، في انفتاح الوعي على الواقع بحركة ضاغطةٍ وحاسمةٍ
نحو الالتزام والانضباط في خطّ الاستقامة، وهذا ما يوحي به الحديث المرويّ عن رسول
الله(ص): "ذكر الله على كلّ حال، ليس سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر فقط، ولكن إذا ورد عليك شيء أمر الله عزّ وجلّ به أخذت به، أو إذا ورد عليك
شيء نهى الله عزّ وجلّ عنه تركته".
والحديث المرويّ عن الإمام جعفر الصادق(ع): "من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل
الجنة، وإخلاصه أن يحجزه لا إله إلا الله عمّا حرّم الله".
وفي ضوء ذلك، فإن للذكر معنىً في الوعي، بأن يعيش الإنسان سرّ عظمة الله في داخل
الذات، بحيث يهتزّ كيانه بالخشية من الله عند ذكره، كما في الآية الكريمة:
{الذين إذا ذُكر الله وجِلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً}(الأنفال:
2).
وهذا هو طريق البعد عن معصية الله من خلال الخوف من مقامه. إننا ـ يا ربّ ـ نعيش
توق الذوبان فيك، بحيث لا نحسّ بغيرك إلا من خلال الإحساس بك، لأنه بعض خلقك...
ولكننا ـ يا ربّ ـ قد نضعف تحت تأثير وجودنا المادي، فنشغل عقولنا وقلوبنا بالآخرين
الذين يجتذبون نقاط ضعفنا في حركة الحسّ من حولنا، فنغفل عنك، ونندفع إلى الاستغراق
في عظمة هذا أو ذاك من خلقك، الذين لا يملكون أيّ موقع للعظمة إلا من خلالك،
فيبعدنا ذلك عنك وعن مواقع رضاك. إننا نتوسّل إليك أن تمنعنا بذكرك عن كلّ ذكر،
لنتعرّف إلى آفاق الغيب من خلال مقامات الشهود، ونراك في خلقك، بعيداً من أي
استغراق في كل أوضاعهم الخاصة والعامة.
*من كتاب "آفاق الروح"، ج1.
"يَا مَنْ ذِكْرُهُ شَرَفٌ للذّاكِرين، وَيَا مَنْ شُكْرُهُ فَوْزٌ للشّاكِرِينَ،
وَيَا مَنْ طَاعَتُهُ نجاةٌ للْمُطِيعينَ، صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، واشْغَلْ
قُلُوبَنَا بِذِكْرِكَ عَنْ كُلِّ ذِكْرٍ، وألْسِنَتَنا بِشُكْرِكَ عَنْ كُلِّ
شُكْرٍ، وجَوَارِحَنَا بِطاعَتِكَ عَنْ كُلِّ طَاعَةٍ".
* * *
يا ربّ، إننا نتطلّع إلى الانفتاح عليك في مقام ربوبيّتك من موقع عبوديتنا لك،
انفتاح وعي ومحبّة وإقرار وحركة، لأننا نؤمن بأنَّ القرب إليك في عمق الإحساس
بحضورك في قلوبنا، هو الشرف كلّ الشرف، لأن ذلك يمنحنا حالة السموّ الروحيّ
بالارتفاع إليك، والعيش في رحاب قدسك، والاستغراق في آفاق عظمتك، حيث يحتضن القلب
سرّ محبّتك، ويتضاءل الفكر أمام امتداد الغيب في معنى ذاتك، وتعيش الروح حلاوة
معناك.
وهذا ما يجعلنا ندرك سرّ الذكر في معنى الشرف، لأنّ الذكر ليس كلمةً ينطق بها
اللسان، ولكنها فكرة يخفق بها القلب، وينطلق بها العقل، ويهتزّ بها الإحساس. إنه
أنت في عظمة ذاتك، عندما نتحسّسها في كل قطرةٍ من دمائنا، وكلّ عَصَبٍ من أعصابنا،
وكل لفتةٍ من أبصارنا، وكل همسةٍ في أسماعنا، وكل كلمة في شفاهنا، أو إشراقةٍ في
وجوهنا، أو حركةٍ في أعضائنا، وكل حكمة الخلق في كياننا كله.
أن نذكرك، أن نحسّ بوجودنا المستمدّ من وجودك، المتقلّب في تدبيرك، المتحرك في
قدرتك، المتطوّر في لطفك ورحمتك. وهل يستطيع الصدى أن ينفصل عن الصوت، والظل عن
النور؟ وكيف يمكن لوعينا الإنساني الوجود أن يغفل عنك، وأنت سرّ الوجود فيه، ومعنى
القوة في حقيقته؟
"يا من ذكره شرفٌ للذاكرين"، ذكر القلب في كل نبضاته وخفقاته وعمقه وامتداده، أمّا
ذكر اللسان، فقيمته بالمعنى الذي يعيشه القلب في الكلمة التي ينطلق بها، وإلا كان
لغواً، وبذلك كان الحضور الإلهي في الذات هو سرّ الذكر، بحيث نشعر بأنك حاضرٌ في كل
وجودنا، محيط بنا من بين أيدينا وفي داخل كياننا، فلا مجال لأيّ فراغ في حياتنا منك،
لأنك الذي يملأ الوجود كله، حتى كأن الوجود أنت، وكل ما عداك خيال وظلال، وهذا الذي
يجعل من الذكر معنىً في العمل، في انفتاح الوعي على الواقع بحركة ضاغطةٍ وحاسمةٍ
نحو الالتزام والانضباط في خطّ الاستقامة، وهذا ما يوحي به الحديث المرويّ عن رسول
الله(ص): "ذكر الله على كلّ حال، ليس سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر فقط، ولكن إذا ورد عليك شيء أمر الله عزّ وجلّ به أخذت به، أو إذا ورد عليك
شيء نهى الله عزّ وجلّ عنه تركته".
والحديث المرويّ عن الإمام جعفر الصادق(ع): "من قال لا إله إلا الله مخلصاً دخل
الجنة، وإخلاصه أن يحجزه لا إله إلا الله عمّا حرّم الله".
وفي ضوء ذلك، فإن للذكر معنىً في الوعي، بأن يعيش الإنسان سرّ عظمة الله في داخل
الذات، بحيث يهتزّ كيانه بالخشية من الله عند ذكره، كما في الآية الكريمة:
{الذين إذا ذُكر الله وجِلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً}(الأنفال:
2).
وهذا هو طريق البعد عن معصية الله من خلال الخوف من مقامه. إننا ـ يا ربّ ـ نعيش
توق الذوبان فيك، بحيث لا نحسّ بغيرك إلا من خلال الإحساس بك، لأنه بعض خلقك...
ولكننا ـ يا ربّ ـ قد نضعف تحت تأثير وجودنا المادي، فنشغل عقولنا وقلوبنا بالآخرين
الذين يجتذبون نقاط ضعفنا في حركة الحسّ من حولنا، فنغفل عنك، ونندفع إلى الاستغراق
في عظمة هذا أو ذاك من خلقك، الذين لا يملكون أيّ موقع للعظمة إلا من خلالك،
فيبعدنا ذلك عنك وعن مواقع رضاك. إننا نتوسّل إليك أن تمنعنا بذكرك عن كلّ ذكر،
لنتعرّف إلى آفاق الغيب من خلال مقامات الشهود، ونراك في خلقك، بعيداً من أي
استغراق في كل أوضاعهم الخاصة والعامة.
*من كتاب "آفاق الروح"، ج1.