يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[الأنعام: 54]. وقال تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَالْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: 56].
يريد الله تعالى في هاتين الآيتين، أن يؤكّد أنّ العنوان الأساس الّذي ينبغي أن يتصوّر الإنسان به ربَّه هو عنوان الرّحمة، فهو الرّحمن الرّحيم الّذي كان الوجود كلّه مظهراً من مظاهر رحمته، ليشعر الإنسان ـ دائماً ـ بقربه من الله، من خلال حركة الرّحمة التي وسعت كلّ شيء، وبأنَّ رحمة الله قريبةٌ من جراحه لتضمّدها، ومن آلامه لتخفّفها، ومن همومه لتكشفها، ومن جوعه لتُشبعه، ومن عطشه لترويه، ومن ذنوبه لتغفرها، ومن طموحاته لتحقّقها، ومن خطواته لتسدّدها، ومن مسيرته لتصوّبها، ومن كلّ مصيره لتفتحه على مواقع الرّضوان في الدّنيا والآخرة.
وهكذا تقترب رحمة الله من صلاة الإنسان لترفعها، ومن دعائه لتسمعه وتجيبه، ومن عمله لتتقبّله، بما يشعر معه الإنسان بأنّه لا يستقلّ بعملٍ من دون رحمة الله تعالى، كما قال رسول الله (ص): «أما إنّه لا ينجي إلا عملٌ مع رحمة». وعنه (ص): «ما خلق الله من شيء إلا وقد خلق له ما يغلبه، وخلق رحمته تغلبُ غضبه»
وهكذا كانت الرّحمة هي العنوان الّذي أراده الله تعالى لنبيّه (ص)، فقال عزّ وجلّ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: 128]، وهو الّذي امتدَّت رحمته لتتوجّه إلى الإنسان كلّه، فقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 107].
وهكذا أيّها الأحبّة، نستوحي من كلّ ذلك، أنّ على المسلم أن يعيش أفق الرّحمة في حياته للنّاس من حوله، وهي التي تمثّل الوصيّة التي يتواصى بها المجتمع الإسلامي، وهذا ما نقرأه في قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ}[البلد: 17]. وهو ما أكّده رسول الله (ص)، لمّا قال له رجل: أحبّ أن يرحمني ربّي، فقال له النبيّ (ص): «ارحم نفسك وارحم خلق الله يرحمْك الله». وعن عليّ (ع): «من لم يرحم الناس، منعه الله رحمته».
وهكذا ينطلق الإنسان المسلم في حياته بالرحمة، ويتحرّك معها بالحكمة التي تضع الرّحمة في مواضعها؛ لأنّ في الناس من يضرّهم اللّين، فتكون الرّحمة بهم أن نقسو عليهم ليستقيموا، وأن نشتدّ عليهم ليرجعوا، وهذا ما أشار إليه عليّ (ع) بقوله: «رحمة من لا يرحم تمنع الرّحمة، واستبقاء من لا يُبقي يُهلك الأمّة».
*من أرشيف خطب الجمعة الدينية - 2010.

يقول الله تعالى في كتابه المجيد: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[الأنعام: 54]. وقال تعالى: {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَالْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: 56].
يريد الله تعالى في هاتين الآيتين، أن يؤكّد أنّ العنوان الأساس الّذي ينبغي أن يتصوّر الإنسان به ربَّه هو عنوان الرّحمة، فهو الرّحمن الرّحيم الّذي كان الوجود كلّه مظهراً من مظاهر رحمته، ليشعر الإنسان ـ دائماً ـ بقربه من الله، من خلال حركة الرّحمة التي وسعت كلّ شيء، وبأنَّ رحمة الله قريبةٌ من جراحه لتضمّدها، ومن آلامه لتخفّفها، ومن همومه لتكشفها، ومن جوعه لتُشبعه، ومن عطشه لترويه، ومن ذنوبه لتغفرها، ومن طموحاته لتحقّقها، ومن خطواته لتسدّدها، ومن مسيرته لتصوّبها، ومن كلّ مصيره لتفتحه على مواقع الرّضوان في الدّنيا والآخرة.
وهكذا تقترب رحمة الله من صلاة الإنسان لترفعها، ومن دعائه لتسمعه وتجيبه، ومن عمله لتتقبّله، بما يشعر معه الإنسان بأنّه لا يستقلّ بعملٍ من دون رحمة الله تعالى، كما قال رسول الله (ص): «أما إنّه لا ينجي إلا عملٌ مع رحمة». وعنه (ص): «ما خلق الله من شيء إلا وقد خلق له ما يغلبه، وخلق رحمته تغلبُ غضبه»
وهكذا كانت الرّحمة هي العنوان الّذي أراده الله تعالى لنبيّه (ص)، فقال عزّ وجلّ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: 128]، وهو الّذي امتدَّت رحمته لتتوجّه إلى الإنسان كلّه، فقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: 107].
وهكذا أيّها الأحبّة، نستوحي من كلّ ذلك، أنّ على المسلم أن يعيش أفق الرّحمة في حياته للنّاس من حوله، وهي التي تمثّل الوصيّة التي يتواصى بها المجتمع الإسلامي، وهذا ما نقرأه في قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ}[البلد: 17]. وهو ما أكّده رسول الله (ص)، لمّا قال له رجل: أحبّ أن يرحمني ربّي، فقال له النبيّ (ص): «ارحم نفسك وارحم خلق الله يرحمْك الله». وعن عليّ (ع): «من لم يرحم الناس، منعه الله رحمته».
وهكذا ينطلق الإنسان المسلم في حياته بالرحمة، ويتحرّك معها بالحكمة التي تضع الرّحمة في مواضعها؛ لأنّ في الناس من يضرّهم اللّين، فتكون الرّحمة بهم أن نقسو عليهم ليستقيموا، وأن نشتدّ عليهم ليرجعوا، وهذا ما أشار إليه عليّ (ع) بقوله: «رحمة من لا يرحم تمنع الرّحمة، واستبقاء من لا يُبقي يُهلك الأمّة».
*من أرشيف خطب الجمعة الدينية - 2010.